Print this page

مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي .. عهد إستراتيجي جديد نحو التكامل. Featured

أيار 18, 2016 8317

أكدت صحيفة "الرياض" السعودية ان الاتفاق بين دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين الشقيقين يأتي في ظل الانسجام التام والتنسيق العالي وتطابق الرؤى على جميع المستويات والصعد.

وقال الدكتور علي القحيص مدير مكتب صحيفة "الرياض" السعودية في الإمارات - في مقال له بعنوان " مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي ..

عهد إستراتيجي جديد نحو التكامل " نشرته الصحيفة بعددها اليوم - لابد لنا من التوقف بتأمل عند العلاقات الأخوية القوية المتميزة التي تربط بين الإمارات والمملكة التي تعد واسطة العقد في مجلس التعاون الخليجي بما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي وديني كبير استطاع أن يجمع حوله ملايين المسلمين والعرب والحديث عن العلاقات بين المملكة ودول الخليج العربية الأخرى يشبه الحديث عن علاقة الأشقاء الحميمة بما تحتويه هذه العلاقة من ألوان الحياة ودفئها وانسجامها والتقاء المصالح بين الدول والشعوب التي هي أيضا تنسجم مع بعضها والتي تنصهر في النهاية في لون واحد ونسيج واحد هو الصدق بالتعامل والمحبة والمسؤولية معا نحو الأهداف السامية بما يخدم مصلحة الشعوب .

وأكد ان هذه الحالة الصحية هي في الواقع حال العلاقات بين المملكة والإمارات الآن وهما ينسجمان مع الكيان الخليجي الموحد في بيت الأسرة الخليجية الواحد لاسيما وان دولة الإمارات الفتية المتطورة ارتبطت منذ قيامها بعلاقات أخوية مع المملكة لا تشوبها شائبة أبدا وطدتها باتفاقيات هامة كثيرة وكبيرة ومستمرة منها هذا الاتفاق الإستراتيجي المهم بالإضافة إلى العلاقات الأخوية ذات الطابع الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي حيث أن هناك تطابقا في مواقف البلدين المتسقة تجاه ما تتعرض له المنطقة العربية من أخطار كبيرة تفرضها التطورات الدراماتيكية في المنطقة والعالم ويأتي في مقدمتها كما هو معروف خطر التطرف والإرهاب والغلو وتأجيج الصراع المذهبي والطائفي ويعمل البلدان معا من أجل بناء إستراتيجية واحدة لمواجهة عربية مشتركة وفاعلة وقوية لهذه الأخطار من منطلق وعيهما بالمسؤولية التاريخية الملقاة عليهما وما تنتظره منهمـا الشعوب العربية من دور فاعل ومؤثر ومهم وحيوي في التصدي لما يعترض المنطقة من تهديدات تستهدف أمنها واستقرارها ووحدة مصيرها.

وقال انه يمكن وصف العلاقات السعودية الإماراتية بأنها إستراتيجية بامتياز بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وأبعاد حيث يبدو جليا تناغم وإنسجام وتوافق الرؤى وتطابق المواقف الصلبة تجاه القضايا الإقليمية والدولية والوعي بخطورة التهديدات والمخاطر والتحديات المصيرية المحيطة بالمنطقة الخليجية والعربية والتي من شأنها أن تدفع بدولها إلى التماس انجح السبل للتعاون والتكامل فيما بينها من اجل تشكيل سد منيع وحصين يستطيع الوقوف أمام التيارات الجارفة الخطيرة التي تهدد المنطقة على أكثر من صعيد وجهة ومكان وخصوصا في هذه المرحلة الحرجة وما تقوم فيه البلدين من تشاور دائم و مستمر واتفاق واضح ومعلن وصريح خصوصا في التحالف العربي بقيادة المملكة الذي يقوم هذا التحالف بإعادة الشرعية لليمن العربي الشقيق الذي تعرض إلى هزة قوية في تركيبته وكيانه بعد سلب إرادته وسلطته بالقوة من قبل ميليشات طائفية عميلة تدعم من الخارج.

واوضح انه من يتتبع سير العلاقات بين البلدين الشقيقين "الرياض وابوظبي" يلاحظ بسهولة كيف تشهد هذه العلاقة المتينة تطورا سريعا نوعيا في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة والسبل والأهداف وان هذه العلاقات لم تكن في الواقع إلا ترجمة حقيقية لتاريخ طويل من التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين الذين أدركا مبكراً وبفطنة وحنكة قيادتهما أهمية التنسيق والتعاون بين الدول العربية عامة ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة لتقوية اللحمة الخليجية وتعزيز قدراتها والتنسيق مابين الأشقاء لحماية الأوطان والشعوب من مخاطر محدقة قريبة من أطراف حدودنا الخليجية تريد أن تعبث بأمن بلادنا وتنهش وتنخر باللحمة الخليجية بأهداف تخريبية تغذى من أطراف حاقدة وحاسدة.

واكد انه وإزاء ما تتعرض لها المنطقة العربية من تجاذبات تفرضها المصالح الإقليمية والدولية يبدو أن الرهان الحقيقي سيكون مبنياً في المستقبل على التعاون "السعودي الإماراتي" القوي من اجل حماية المنطقة والدفاع عنها والتنبيه واليقظة لحماية البلدين ودول الخليج العربي وسعيا للاستقرار والأمان والسلام فيها لاسيما وان ما يربط البلدين من علاقات تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية يجعلهما اقرب إلى التآلف والتحالف والانسجام والتناغم والتعاضد أكثر من أي زمن مضى خاصة وان الثقل الذي تمثله المملكة من شأنه أن يدفع إلى النجاح أي تعاون ثنائي بين دول الخليج العربية التي تعد تجربتها السياسية في إطار مجلس التعاون الخليجي من أكثر التجارب حضورا ونجاحاً على الساحة العربية والإقليمية أيضا وكذلك المهارات الإدارية والفنية والتكنولوجية التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال إن مجلس التعاون الخليجي يبدو حتى الآن رغم كل الإشكالات التي برزت في تاريخه يبقى المؤسسة الأكثر تأثيرا وصلابة وقوة في هذه المنطقة بما يمثل من تقارب سياسي واقتصادي واجتماعي بين دوله الأمر الذي يجعل منه مركز أمل حقيقي ليس لمنطقة الخليج بل للمنطقة العربية برمتها ولذلك يأتي التنسيق السعودي الإماراتي اليوم والتعاون المشترك بين كل من المملكة والإمارات ليعزز هذه العلاقة وليشكل بجدارة عنوان المرحلة الجديدة في العالم العربي لاسيما وان هذا التنسيق الرفيع والتعاون المثمر القوي بعد هذا الاتفاق يرتكز في الواقع إلى جذور تاريخية وثقافية عميقة يزيد من متانتها البعد الإسلامي أيضا ويظهر ذلك جليا من خلال علاقات الود والمحبة والإخاء والتعاون بين الشعبين الشقيقين الذي هو مرتبط في عادات وتقاليد وبيئة واحدة وهو أمر ساهم في إيجاد صيغة جلية لتعاون إستراتيجي وعسكري وأمني واقتصادي أيضا تجلى في وجود الكثير من الاتفاقيات السعودية الإماراتية التي وجدت ترحيبا من قبل الخبراء وصناع القرار ووسائل الإعلام التي أشادت بهذا الاتفاق.

وأضاف " حيث أن دولة الإمارات أصبحت مصدر جذب ومناخ صحي للكثير من الشركات والمؤسسات بالإضافة إلى وجود أكثر من 3 آلاف طالب يدرسون في الجامعات الإماراتية المرموقة تماماً كما وجدت بعض الشركات والمؤسسات التجارية الإماراتية في المملكة مساحة مهمة لنشاطاتها ضمن الاتفاق بين الأشقاء وهذا الواقع لابد أن يسجل لمصلحة البلدين الشقيقين ويقوي من وشائج العلاقة بينهما وبالتأكيد أن تداخل المصالح والعلاقات الشعبية بين هذين البلدين العربيين يجعلهما حريصين جدا على استمرار العلاقات الأخوية بينهما وهو ما شاهدناه من تبادل الزيارات الرسمية المتكررة مع وجود اللجنة العليا المشتركة للبلدين لهدف تحويل هذه العلاقة إلى علاقات اقتصادية مؤسساتية تشمل مختلف جوانب الحياة من اقتصادية واجتماعية وثقافية وإذا رجعنا إلى التاريخ قليلا نستطيع أن نتلمس تلك الروح الأخوية المنسجمة في المواقف والرؤى التي كانت تربط الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" بالمملكة مثلما تربط هذه الروح أيضا القيادتين في الوقت الراهن مابين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "حفظه الله ورعاه" وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله ورعاه" وحكومتهما في ابوظبي والرياض نظرا لإيمانهما العميق بالجذور التاريخية المتأصلة العميقة لهكذا علاقة أخوية قوية ومتميزة وراسخة كرسوخ ثبات مواقف هذه البلدان نحو الأهداف السامية وأهمية تعزيزها من اجل البلدين معاً والمنطقة كافة والحقيقة التي لابد من التوقف عندها هي ان الإمارات كانت على الدوام السباقة لتفهم ومساندة الخطوات والآراء والمواقف الحكيمة للقيادة السعودية الرشيدة ولاسيما فيما يتعلق منها بأمن منطقة الخليج والعالم ومن هنا تأتي مساندتها ودعم التحالف العربي وإطلاق عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن الشقيق حيث أن دولة الإمارات فقدت أكثر من 70 شهيدا من مختلف قطاعاتها العسكرية في هذه المعركة العادلة، من اجل عالم أكثر أمانا وسلاما والاحترام الذي تحظى به قيادة المملكة في الإمارات وقربهم من المملكة باعتبارها الشقيق الخليجي الأكبر ومن هنا كان دعم الإمارات القوي للمواقف السعودية في محاربة التطرف والإرهاب والتشجيع على الحوار بين الحضارات والثقافات وتبادل الزيارات المتكررة والتشاور مابين القياديين على حماية المنطقة واستقرار شعوبها".

وقال " هنا لابد من التذكير بان الفرص الموجودة في العلاقات السعودية الإماراتية كبيرة ومثمرة وواعدة وتبقى قوية ومتينة نظرا لثقل الدولتين الشقيقتين في الأسرة الخليجية وتقارب وجهتي نظرهما إزاء الكثير من القضايا المصيرية للخليج والعرب بشكل عام وما شهدته من توقيع لاتفاقيات إستراتيجية مهمة منها هذا الاتفاق الإستراتيجي الذي يأتي من رغبة القيادتين في البلديين من ضمن إطار المنظومة الخليجية الواحدة بالإضافة إلى أن العلاقات القوية والإستراتيجية بين الإمارات والسعودية تصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها فإنها تمثل ركنا أساسيا من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ناحية والأمن القومي العربي من ناحية أخرى حيث يبدو مهمة اثر التنسيق بين البلدين في استباق أي خطر يحدق بالمنطقة من خلال مواجهته بخطوات متأنية ومدروسة وبعيدة عن التشنج والتسرع والتهور من خلال هذا التنسيق عالي المستوى".

Related items