Print this page

المجموعة الأخيرة التي دعمتها أميركا لمواجهة “داعش” تائهة في صحراء سوريا بلا سلاح

أيار 28, 2016 8088

من بين المجموعات السورية المسلحة التي كلّفت خزانة البنتاغون 500 مليون دولار لتدريبها و تجهيزها لمواجهة تنظيم داعش لم تصمد سوى جماعة واحدة فقط.

وقد استكملت هذه الجماعة التدريب الأميركي، ثم تسللت إلى سوريا في مارس/آذار الماضي، بدون إعلان أو إحداث أي جلبة، لتسيطر بعد ذلك على مساحة صغيرة من الأراضي من المسلحين عند نقطة التنف الحدودية البعيدة بين سوريا والعراق، التي تقع في أقصى الجنوب الشرقي لمحافظة حمص السورية.

وقد تمكنت تلك المجموعة من تثبيت أقدامها على الأراضي التي سيطرت عليها دون أن يقوم أفرادها بالانشقاق أو يتعرضوا للخطف، مثلما حدث مع بقية المسلحين الذين خضعوا لذات البرامج التدريبية، والذين تسببت الحوادث التي تعرضوا لها في الدعوة إلى إيقاف مؤقت للبرنامج خلال العام الماضي.

ضربة موجعة

بيد أن ذلك النجاح الطفيف يواجه خطراً في الوقت الراهن، بعد الهجوم الانتحاري الذي نفذه تنظيم داعش هذا الشهر. فقد تمكنت سيارة مصفحة تحمل براميل متفجرة من الدخول إلى قاعدة المجموعة المسلحة قبل فجر السابع من مايو/أيار الجاري لتتسبب في قتل عدد منهم، وذلك حسبما أفاد المقدم محمد طلة، الضابط السوري المنشق عن جيش النظام الذي يقود المجموعة.

ولم يتطرق طلة لذكر عدد الضحايا الذين سقطوا جرّاء الهجوم، أو عدد المسلحين الموجودين بالقاعدة العسكرية، وذلك خوفاً من تعرّض باقي أفراد المجموعة للخطر. لكنه قال إن الهجوم كان ضربة قاصمة تعرضت لها المجموعة التي كانت تعاني في الأساس من نقص في التسليح والمعدات التي صرّح طلة أنهم وُعدوا بالحصول عليها لكنها لم تُسلّم إليهم بعد.

وأوضح طلة في مقابلة صحفية بالقرب من مدينة الريحانية التركية الجنوبية، أن الذين نجوا من ذلك الهجوم يتسائلون إن كان مطلوباً منهم أن يبقوا في أماكنهم في تلك النقطة الصحراوية غير المحصنة لينتظروا هجمات جديدة.

وقال طلة: “أنا لا أقول إن الأميركيين تخلّوا عنا، ولكن ثمّة تقصير في الواجبات، فهم لا يفعلون ما يستطيعون القيام به. ونحن لا نريد أن يستهتر الأميركيون بأرواح رجالنا”.

نقص في الأسلحة

مقاتلو المجموعة المسلحة رأوا الانتحاري يندفع عبر الصحراء عندما كانت مركبته تبعد عن قاعدتهم مسافة ميلين، و أطلقوا عليه النار بكل الأسلحة التي كانوا يحملونها، لكن الرصاص والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون لم تضر المصفحة روسية الصنع التي أضيفت إليها طبقات أخرى لزيادة حمايتها. وعلى الرغم من أنهم طلبوا مساعدة الغارات الجوية، إلا أن الطائرة لم تصل إلا بعد أن نُفذت العملية الانتحارية، مما تسبب في اهتزاز الثقة بالتزام الولايات المتحدة بدعم المجموعة المسلحة والشعور بالضعف وأنه تم التخلي عنهم في قاعدتهم المنعزلة، بتلك البقعة النائية التي تفصلها أميالٌ من الصحراء عن أي مدينة رئيسية.

المجموعة سوف تنجو

وقال ستيف وارن المتحدث العسكري الأميركي إن الطائرات استجابت لنداء الاستغاثة عندما تعرضت تلك القاعدة العسكرية للهجوم، لكنها لم تصل في الوقت المناسب لأن الهجوم حدث بسرعة، وأوضح أن عدداً من الغارات الجوية نُفذت ضد تنظيم داعش وأن المجموعة تسلمت احتياجاتها من التسليح، كما صرح بأن الجيش الأميركي يعتقد أن المجموعة سوف تنجو.

وأضاف وارن: “لا يزالون يسيطرون على التنف، حيث يتم إمدادهم بما يحتاجون، ونحن نعتقد أنهم يستطيعون الصمود، و أن لديهم ما يكفي من الأسلحة النارية، كما أننا نمدهم بالدعم من خلال الغارات الجوية كلما أتيح ذلك”.

إفساد الخطة الأميركية

الهجوم الإرهابي كشف عن العجز والأخطاء التي تسببت منذ البداية في إفساد المحاولات الأميركية لبناء قوة تتكون من سوريين لديهم القدرة على مجاراة تنظيم داعش قتالياً . وكان برنامج البنتاغون الذي يبلغ تمويله 500 مليون دولار، و الذي وضعه الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ عامين، قد استهل استهلالة بطيئة، حيث لم يبدأ خوض التدريبات إلا في الربيع الماضي. لكنه توقف بعد شهور نتيجة اختطاف أول دفعة من المتدربين على يد جبهة النصرة فضلاً عن انشقاق الدفعة الثانية، ليسلموا أسلحتهم إلى النصرة التي تعد فرع تنظيم القاعدة في سوريا.

وقد عاد البرنامج مرة أخرى في مارس/آذار الماضي، ولكن بأهداف أقل طموحاً تتمثل في العمل مع المجموعات المسلحة الموجودة في محافظة حلب شمال سوريا، حيث تقاتل تلك المجموعات لكي تنجو من مقاتلي تنظيم داعش الذين يتقدمون نحو المنطقة المحيطة بمدينة “أعزاز” الواقعة بالقرب من الحدود التركية.

وفي الوقت ذاته، قام البنتاغون بتكوين تحالف مع “وحدات حماية الشعب” الكردية (YPG) التي تعتبرها العديد من المجموعات المسلحة العربية الجنسية منافساً لها أو ربما أسوأ من ذلك.

فوحدات حماية الشعب تسيطر تقريباً على كل الأراضي التي حازتها من تنظيم داعش في سوريا، كما أن التنسيق القريب بينها وبين الجيش الأميركي تسبب في اعتراض عميق بين أوساط المجموعات المسلحة الأخرى في سوريا.

كما لم تتمكن عملية دمج وحدات حماية الشعب مع مجموعات عربية مسلحة، ضمن تحالف جديد يحمل اسم “قوات سوريا الديمقراطية” من تحقيق مراده، حيث لم ينضم إليه سوى أعداد قليلة من العرب حتى الآن.

المصدر : واشنطن بوست 

Last modified on الأحد, 29 أيار 2016 19:58

Related items