إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاتفاق النووي.. خطة أم ورطة؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاتفاق النووي.. خطة أم ورطة؟

    نازلات إيران حيال برنامجها النووي، وإن كانت موقتة، ستشجعها في الغالب على مزيد من التدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، فجميع أذرع طهران تنتظر حصتها من المئة مليار دولار التي سيتم الإفراج عنها

    بعد 18 يوما من المفاوضات المتواصلة وأربع حالات لتمديدها تم الإعلان رسميا يوم الثلاثاء الماضي عن التوصل لاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 بشأن البرنامج النووي الإيراني. الاتفاق يحتاج إلى قرابة ستة أشهر ليتم تنفيذه على أرض الواقع، كما ينص الاتفاق على إعادة العقوبات خلال 65 يوما إن لم تلتزم إيران بالاتفاق ويحق لأي دولة من الأعضاء في المفاوضات إعادة العقوبات متى ما رأت أن طهران قد خرقت بنود الاتفاق.
    سيكون هناك اتفاق منفصل بشأن موقع "بارتشين" في إيران، وهذا يعني أن إيران قد تراجعت عن بعض خطوطها الحمراء المتمثلة في عدم السماح بتفتيش المواقع العسكرية. كذلك يحق للوكالة الدولية مقابلة من تشاء متى وكيفما أرادت وسيتم تفتيش جميع المواقع النووية الإيرانية ولكن ليس بشكل مفاجئ، بل باتفاق بين الطرفين على وقت التفتيش بحيث يتم خلال أربعة عشر يوما من تقديم الطلب، وإذا ما تم مقارنة هذا بالتصريحات السابقة من الجانبين الإيراني والغربي فإن هذا يعني "الالتقاء منتصف الطريق".
    وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وصف الاتفاق بأنه "ليس مثاليا ولكنه يفتح صفحة جديدة في العلاقات" والأمر ذاته تكرر في كلمة الرئيس روحاني، وهذا صحيح فنحن نشهد تحولا تاريخيا في العلاقات الدولية خاصة بين طهران والعالم. أما فيما يتعلق بالشارع الإيراني فإنه سيحتفل خلال الأشهر القادمة بالتوصل لاتفاق ولكن هذا الاحتفال ليس بسبب الحقوق النووية أو تفاصيل البرنامج النووي الإيراني التي يروج لها النظام، بل لأنه يأمل حقيقة في تحسن وضعهم المعيشي والحصول على وظيفة وانخفاض نسب التضخم في الأسعار وتدني الأجور..إلخ، ولا شك أن الشعب الإيراني يستحق العيش في ظروف أفضل إلا أن النظام السياسي، ومع الأسف الشديد، لن يكترث كثيرا بطموحات هذا الشعب وتطلعاته ولن ينعكس رفع العقوبات ووصول الأموال المجمدة إلى الخزينة الإيرانية على حياة المواطنين، وبالتالي قد يجد المواطن البسيط أنه كما يقول المثل الشامي "خرج من المولد بلا حمص". يقول أحد الإيرانيين لمراسل "نيويورك تايمز" الأميركية في طهران: "تفاصيل الاتفاق لا تهمني كثيرا، الأهم أن أملك بطاقة صراف بنكية يمكنني استخدامها خارج إيران". هذا التصريح يعكس حقيقة تطلعات الشارع الإيراني. وهذا ربما يعبر بوضوح عن آمال الإيرانيين من فترة ما بعد الاتفاق.
    على الساحة السياسية الإيرانية سيبدأ الصراع الأيديولوجي والسياسي سريعا بعد هدوء العاصفة وسنشهد كثيرا من الانتقادات للاتفاق في الداخل الإيراني، فهناك قوى في الداخل الإيراني لها ثقلها بل تعد أقوى من الحكومة الإيرانية الراهنة ستخسر الكثير وبالتالي ترى الانفتاح على الغرب يشكل خطرا حقيقيا على صورة النظام وثوابته وأسسه الثورية وربما استمراريته، كذلك سيكون الحرس الثوري أشد المتضررين لخسارة أهم موارده المالية المتمثلة في تهريب النفط والبضائع من وإلى إيران.
    وعلى الجانب الأميركي، تتجه الأنظار إلى موقف الكونجرس من الاتفاق وهل سيؤيد ذلك أو يقول كلمته في هذا الخصوص، خاصة أن الحزب الجمهوري لا يؤيد الطريقة التي تتعامل بها إدارة أوباما مع الحالة الإيرانية وترى في ذلك اندفاعا أميركيا غير مبرر نحو إيران. الرئيس أوباما كان صريحا في كلمته بعد إعلان الاتفاق بأنه سيستخدم حق النقض ضد أي محاولات من الكونجرس لرفض الاتفاق، بينما نجد وزير خارجيته متفائلا بشأن موقف إيجابي من الكونجرس.
    وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق الاتفاق بشكل دقيق، ستواجه الوكالة الدولية للطاقة الذرية صعوبات كبيرة في مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية نظرا لمساحة البلاد الشاسعة وتمرس النظام الإيراني في خرق الاتفاقات والمواثيق الدولية والتملص منها. نعم يقول الرئيس الأميركي إننا ملتزمون بمراقبة النشاط الإيراني وإن جميع الخيارات ستكون على الطاولة في حال خرقت إيران هذا الاتفاق وتحدث عن تجريد إيران من 98% مما تملكه من اليورانيوم المخصب وكذلك وضع قيود قاسية على المنشآت النووية الإيرانية كتجميد تخصيب اليورانيوم في موقع "فوردو" النووي لمدة 15 عاما، وكذلك حصر التخصيب في موقع "نطنز" بنسبة 3.6% للمدة ذاتها، وكذلك قصر التخصيب على أجهزة الطرد المركزي من نوع IR1 وهي قديمة جدا. كذلك تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي بواقع الثلثين طيلة مدة الاتفاق. هذه التفاصيل تؤكد على أن هدف الإدارة الأميركية تجميد الأنشطة النووية الإيرانية التي قد تسهم في الوصول إلى إنتاج السلاح النووي لمدة 15 عاما، وبعد ذلك يكون الطريق مفتوحا أمام إيران لاستئناف مشروعها نحو إنتاج السلاح المحظور. من المكاسب المهمة التي ستنجح إيران في تحقيقها عند تنفيذ الاتفاق إلغاء العقوبات الصادرة ضدها من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، تحت الفصل السابع، وهي بالتالي تراهن على صعوبة إعادة فرضها مجددا حتى وإن قامت بخرق الاتفاق، نظرا للظروف السياسية التي يشهدها العالم والتوتر في العلاقة بين موسكو وواشنطن، ما قد يقود في المستقبل إلى استخدام روسيا وربما الصين أيضا حق النقض "فيتو" ضد أي مشروع غربي لفرض عقوبات على إيران تحت البند السابع.
    الخلاصة الأهم، في نظري، ليست بنود الاتفاق التي تم نشرها على الإنترنت والتي في الواقع تؤكد تجميد البرنامج النووي الإيراني بشكل أو بآخر، ولكن ما لم ينشر وربما لن ينشر مطلقا من تفاصيل حقيقة الاتفاق التي ستكون الأيام القادمة كفيلة بإبرازها على الواقع. الاتفاق قد يكون فرصة حقيقية لمستقبل أفضل في المنطقة، خاصة إذا ما ضمن سلمية البرنامج النووي وتحول النظام في طهران من سلوك الثورة إلى نمط الدولة الطبيعية، إلا أن المؤشرات تقود إلى واقع أن تنازلات إيران حيال برنامجها النووي، وإن كانت موقتة، ستشجعها في الغالب على مزيد من التدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وستزيد من دعمها المالي للنظام السوري وحزب الله وغيرها، فجميع أذرع إيران في المنطقة تنتظر حصتها من المئة مليار دولار التي سيتم الإفراج عنها، ولا بد على دول المنطقة التفكير جديا في التصدي لأي تهور إيراني محتمل في المستقبل القريب، ومع ذلك كله قد تقود النشوة الإيرانية إلى كثير من المصاعب على المستوى الداخلي، خاصة إذا ما كان هناك انفتاح كبير على العالم الغربي، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.

    المصدر/ جريدة الوطن

ما الذي يحدث

تقليص

المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

أكبر تواجد بالمنتدى كان 182,482, 05-21-2024 الساعة 06:44.

من نحن

الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا... 

تواصلوا معنا

للتواصل مع ادارة موقع الامن الوطني العربي

editor@nsaforum.com

لاعلاناتكم

لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

editor@nsaforum.com

يعمل...
X