آثار وتداعيات حالة «خسارة – خسارة» الناجمة عن المفاوضات النووية

[ضيف]

آثار وتداعيات حالة «خسارة – خسارة» الناجمة عن المفاوضات النووية

قد مضى حوالي 40يوما من الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق النووي بين النظام الإيراني ومجموعة 5+1 .
وإن هذا الاتفاق أو بالأحرى كأس السم النووي قد أثار أجواء صاخبة متأزمة في داخل نظام الملالي حيث نقرأ ونشهد في كل يوم أنباء عن تكالب قادة زمرتي النظام الإيراني بعضهم على بعض أثناء إفاداتهم في برلمان النظام الإيراني والصحف التابعة له .ونرى أيضا موقعا مماثلا في أمريكا .ومنذ اليوم الأول من الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق النووي، اندلع صراع سياسي شديد بين مؤيدي ومعارضي الاتفاق النووي (خطة برجام) في أمريكا وخاصة بين إدارة أوباما والكونغرس الأمريكي مما تمخض عن أزمة لم يسبق لها مثيل في التأريخ الأمريكي المعاصر بحسب المحللين .وقد زادت عن حدة الأزمة بعد أن تم تسريب اتفاق سري بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والنظام الإيراني .وقد أعلنت قبل أيام قناة «فوكس نيوز» أنها قد حصلت على نسخة مما وصفوه بالاتفاق النووي الجانبي بين الرئيس الأمريكي أوباما والنظام الإيراني مما أثار حفيظة معارضي ومنتقدي الاتفاق النووي .
وتبين الوثيقة بوضوح أن الاتفاق يسمح للنظام الإيراني بالقيام بعمليات تفتيش من قبل مفتشين إيرانيين لإحدى منشآته التي ترتبط مباشرة مع مشروعه النووي .وتظهر الوثيقة التي تسمى بـ«الترتيبات الفرعية- الرقم الـ2» أن النظام الإيراني يوفر للوكالة الدولية للطاقة الذرية صورا وأفلاما ونماذج بيئية لمواقع انتقائية في بارشين .وقد أثار تسريب الوثيقة من قبل وكالة أنباء آسوشيتدبرس، عاصفة سياسية في أمريكا بحيث اتخذ «اد رويس» رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي فور انتشار الخبر موقفا حياله وقال: «بعث 350 نائبا في مجلس النواب الأمريكي كتابا إلى الحكومة مؤكدين فيه أن دراسة مسألة التزام النظام الإيراني بهذا الاتفاق منوطة بأنهم يضفون الشفافية على نشاطاتهم السابقة من أجل إنتاج القنبلة... وآخر مسألة أود أن أؤكد عليها هي أنه هناك 1000 وثيقة تظهر أن النظام الإيراني يعمل على إنتاج القنبلة في موقع يقع في عمق جبل. وإذا كان الأمر صحيحا فإن هذا الاتفاق ليس إلا أضحوكة. فما لبث أن نعود إلى الكونغرس، نقيم جلسة استماع بشأن الموضوع لأنهم لم يقدموا لنا الوثائق». (قناة فوكس نيوز- 20آب/أغسطس 2015)وعقب إماطة اللثام عن هذه الوثائق، ضم عدد آخر من أعضاء الكونغرس الأمريكي صوتهم إلى صوت معارضي الاتفاق مما أضعف خندق الحكومة والمدافعين عن الاتفاق النووي.وأفادت وكالة أنباء آسوشيتدبرس أن «كوين مك كارتي» زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي قد أكد قائلا: «هذه المسألة غير مقبولة تماما ومروعة جدا لأن أعضاء الكونغرس قد أصبحوا على بصيرة من الموضوع عبر الآسوشيتدبرس.وهذا أمر من الصعب تصديقه وغير معقول لأن النظام الإيراني قد عمل منذ سنوات على نشاطات سرية من أجل توسيع قابليته النووية لكنه قد أنكر ذلك. والآن نحن نريد أن يحتفظ هذا النظام بمنشآته!»...ولا تقتصر المعارضة على أعضاء الكونغرس الأمريكي وإنما انعكس الموضوع اهتماما بالغا لدى المجتمع الأمريكي والجماهير بحيث أن أكثرية المواطنين قد انضموا إلى صفوف معارضي الاتفاق.وأفادت قناة سي.ان.ان أن غالبية متنامية للمواطنين الأمريكان يعارضون الاتفاق النووي مع النظام الإيراني. ووفق استطلاع جديد للرأي أجرته سي.ان.ان و او.آر.سي أن 56بالمائة من المواطنين يعتقدون أنه يجب على الكونغرس أن يرفض الاتفاق النووي. وجدير بالذكر أن هذه النسبة لم تكن تتجاوز 52بالمائة قبل شهر فقط.( سي.ان.ان – 21آب/أغسطس 2015)وأرغمت مواقف المعارضة المتزايدة هذه أوباما على أن يتكلم بشأن النظام الإيراني بلهجة مهاجمة بحيث أنه قد تحدث عن الخيار العسكري فيما أنه لم يكن يتكلم عن الموضوع منذ زمن بعيد. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر في 21آب/أغسطس 2015 أن الرئيس الأمريكي قد أكد في رسالته الموجهة إلى الكونغرس الأمريكي قائلا: «الولايات المتحدة الأمريكية تواصل ضغوطا اقتصادية واستخدام الخيار العسكري بمثابة ضرورة تحيل دون أعمال عدوانية يرتكبها النظام الإيراني».ونوهت نيويورك تايمز إلى أن محاولات أوباما تركز حتى الآن على المشرعين الديمقراطيين الذين يترددون في اتخاذ المواقف بشأن الاتفاق النووي.وتجدر الإشارة إلى أن تصاعد مواقف المعارضة حيال الاتفاق النووي لا يدل على انتصار للنظام الإيراني الذي يتخوف بوضوح من تصعيد الأزمات في أمريكا وآفاق عدم التصويت على الاتفاق النووي لأنه إذا رفض الكونغرس الأمريكي الاتفاق النووي ولم يتمكن الرئيس الأمريكي من استخدامه حق الفيتو فإن هذا الأمر يعتبر كأس سم مضاعفا يصب في بلعوم النظام الإيراني الذي أصبح كالحادي بلا بعير! وهذا قد أثبت وجهة النظر الصائبة للمقاومة الإيرانية على محك النظر حينما وصفت اتفاق فيينا بحالة «خسارة – خسارة».