أمريكا تصر على أن نواجهها؟!
يتندر الأشقاء اليمانيون بطرفة تروى عن آخر أئمة الزيدية الذين حكموا اليمن: أحمد حميد الدين الذي حَكم بلادهم (1948-1962م)، أنه طرح على وزرائه مشكلة التدهور الشديد في الموارد المالية للدولة، وفوجئ الجميع بأحدهم عندما قال: ليس أمامنا حل سوى إعلان الحرب على أمريكا فتحتل اليمن وتضطر إلى الإنفاق عليه.لكن الصدمة جاءت عن لسان وزير آخر-يبدو أن تأثير تخزين القات عليه كان أكبر منه لدى زميله- فقد قال بكل ثقة: وإذا ربحنا الحرب على أمريكا فكيف ننفق عليها ونحن عاجزون عن القيام بأمورنا أصلاً؟
الخضوع لخامنئي
أستهل مقالي بهذه الطرفة المعبِّرة منعاً لأي لبس قد يقع عن حسن نية، ممن قد يحمل كلامي على أنه دعوة إلى خوض مغامرة عسكرية حمقاء مع الولايات المتحدة، وربما يجري تحريفه لدى المغرضين ليبدو كفكرة صبيانية تشبه هذيان القذافي.
شتان بين حرب عبثية لا تتوفر مقوماتها، وبين مواجهة غير عسكرية تفرضها واشنطن علينا ولا تدع لنا خياراً آخر، غير الاستسلام لسفاهتها التي تبدو لأكثر الناس مباغتة وغير متوقعة، والحقيقة الشديدة المرارة أن أمريكا تريد منا الخضوع لإملاءات وكيلها الأصغر في المنطقة : علي خامنئي!
ومن كان عنده شك فليشرح لنا لماذا أصر أوباما منذ انطلاق الثورة السورية على إبقاء الاعتراف بسفراء طاغية الشام في واشنطن وفي الأمم المتحدة؟ ولماذا منع كل سلاح نوعي-دفاعي محض100%- عن جميع مناهضيه؟
ولماذا اشترط على حفنة عملاء دربتهم مخابراته ألا يوجهوا سلاحهم إلى السفَّاح وشركائه من مرتزقة فِرق القتل المجوسية المستوردة؟ وكيف زعم في البداية أن الجزار فاقد للشرعية، ثم يمارس وزير خارجيته في الأيام الأخيرة ضغوطاً هائلة على المعارضة السورية للقبول بجنيف 3 وفقاً لإملاءات موسكو وطهران، مع علمه بأنهم الطرف الخاسر الوحيد، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية –وليست السعودية أو التركية أو القطرية مثلاً-؟ والرابحون كثر: تل أبيب روسيا إيران برعاية أمريكية حاقدة فبوتن يطمئن نتنياهو على استمرار احتلاله للجولان مجاناً وإيران تتمدد من دون أن يهيج اليهود على غرار تمثيليات زمن التقية .
ولا يدري المرء أيبكي أم يضحك من مهازل الأمم المتحدة التي تتحدث عن جرائم التجويع وتميعها بتعميم وزرها لتساوي بين الجلاد وضحاياه، ثم تداهن الضغوط الأمريكية لتفرض على المعارضة الكف عن مطالبها بتنفيذ قرار مجلس العفن الدولي 2139 الصادر قبل سنتين بالتمام والكمال : رفع الحصار ووقف التجويع والبراميل بينما يجدد السفاح قصف معضمية الشام قرب دمشق بالكيميائي-خط أوباما الأحمر سابقاً-والغزاة الروس يقصفون جيش الإسلام وألوف المدنيين في الغوطة، ولا تخفي دولة العدو الصهيوني أنها تلقت " تطمينات "من روسيا بدعم احتلالها لهضبة الجولان السورية!!
فقد قال المسؤول في وزارة الخارجية الصهيونية الجنرال دور جولد إن روسيا تعتبر بقاء الجولان السوري في قبضة المحتل حاجة أمنية.
هدايا الشيطان الأكبر لشريكه الأصغر
ومن كانت لديه ذاكرة سَمَكِيّة فلا بد من تذكيره بما صدع به شيخ الدبلوماسية السعودية الراحل الأمير سعود الفيصل، عندما قال: إن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت العراق على طبق من فضة إلى نظام ملالي قم!!
فهل كان ذلك عبثاً؟ وهل تتصرف دولة كأمريكا تصرفاً يعف عنه عملاؤها من طواغيت العالم الثالث؟
ولهذا التذكير وظيفة أخرى تتلخص في إيقاظ الغافلين الذين يزعمون أن كل رزايا الأمريكيين ومؤامراتهم علينا، تسبب بها تردد أوباما-كما يشيع التغريبيون- متناسين أن أوباما لم يتردد لحظة واحدة في مؤازرة الخونة الكرد، كما لم يتلكأ في فرض إرادته على تركيا فلم تجرؤ على إقامة منطقة عازلة لحماية المهجرين السوريين، ولا على تزويد الجيش السوري الحر بصواريخ توقف غربان الطاغية!!
في الوقت نفسه، أمامنا شاهد قوي وملموس على ضرورة التمرد على سياسات واشنطن التي باتت تعادينا صراحة من دون إعلان فقط، هو عاصفة الحزم في اليمن.فلو أن السعودية اهتمت بموقف البيت الأبيض ولم تبادر إلى الذود عن أمنها، لكان الوضع مختلفاً 180 درجة عنه الآن.
ومؤخراً، تمكنت الرياض من فرض رؤيتها على التيس المستعار بوتن، فاضطر إلى القبول بمشاركة جيش الإسلام وحركة أحرار الشام في هيئة المفاوضات ضمن المعارضة السورية.
وعندما أقدمت الرياض على تنفيذ أحكام القصاص بعدد كبير من الإرهابيين، لم تكترث بما تعلم أنه سيقع من هستيريا صفوية، وتناغم أمريكي مع تلك الهستيريا المتعمدة لحشد القطعان المأمورة!!
وها هو الكاتب الأمريكي، ميل جورتوف، يؤكد أن السعودية فاجأت الولايات المتحدة بقدرتها على الانحياز لمصالحها في عدد من القضايا دون النظر لمواقف "واشنطن" أو حتى الرجوع إليها.
وأشار الكاتب، في مقال له بموقع (Huntington news ) الأمريكي، إلى أن ذلك الاتجاه أصاب الإدارة الأمريكية بالذعر.
وأردف "أن المملكة تكشف عن مفاجأة لواشنطن، تكمن في أن لديها مصالحها الخاصة والتي تشمل مواجهة إيران، والتدخل في اليمن وفي سوريا".
التصدي لم يعد خياراً
نشر موقع دبيكا الاستخباري الصهيوني تسريبات عن التسوية التي سيفرضها الأمريكان في جنيف 3 على السوريين، تطابق تماماً بلطجة بوتن واستعلاء خامنئي، والضحية الأولى لذلك بعد السوريين هي تركيا، التي بدأت تداري على حساب أمنها مؤخراً، وكأنها تفرط بالجملة بكل ما أنجزته بالقطعة على مدى سنوات.
إن ما تسعى أمريكا إلى تمريره في سوريا شديد الخطورة على الأمن القومي لدول مجلس التعاون وتركيا، لأن من شأنه قلب المشهد الإقليمي ومحاصرة هذه الدول بقطعان من القتلة الأغبياء الذين يساقون إلى الموت ومعهم "مفاتيح الجنة" وجوازات سفر لدخولها!!
إن أمريكا تريد منح المجوس ما عجز عنه الأكاسرة في ذروة تمددهم، بحيث تتصل إمبراطورية حقدها من قم إلى البحر المتوسط، وبعدها ستركز على منطقة الخليج العربي مباشرة.وأحقادها معلنة، وصبيانها ينشرون أحلام يقظتهم على رؤوس الأشهاد.
وإذا تكرر في الشام الخطأ القاتل في العراق، فإن الثمن يصبح باهظاً، ومعالجته أشد صعوبة، إن لم تصبح متعذرة لأنها تأتي بعد فوات الأوان.
صحيح أنهم يحاصرون تركيا بوقاحة الاستفزازات الروسية المتجددة، وبحلف صهيوني يوناني سيساوي، وبمشروع الجيب الكردي العميل في الشمال السوري المتاخم لتركيا، لكن سياسة التجاهل ستضاعف من خسائر تركيا، وامتلاك زمام المبادرة يخفضها ويجعل المتآمرين يحسبون ألف حساب قبل المضيِّ في مؤامرتهم الخبيثة.
أجل فليدافع من بقي من شرفاء العرب والمسلمين عن أنفسهم، وليس عن الشعب السوري، الذي دافع عنهم ودفع في ثباته أضخم كلفة في التاريخ الإنساني في مواجهة حلف عالمي يضم جميع قوى الكفر والظلم على تنافر مصالحها وصراع رؤاها.
يتندر الأشقاء اليمانيون بطرفة تروى عن آخر أئمة الزيدية الذين حكموا اليمن: أحمد حميد الدين الذي حَكم بلادهم (1948-1962م)، أنه طرح على وزرائه مشكلة التدهور الشديد في الموارد المالية للدولة، وفوجئ الجميع بأحدهم عندما قال: ليس أمامنا حل سوى إعلان الحرب على أمريكا فتحتل اليمن وتضطر إلى الإنفاق عليه.لكن الصدمة جاءت عن لسان وزير آخر-يبدو أن تأثير تخزين القات عليه كان أكبر منه لدى زميله- فقد قال بكل ثقة: وإذا ربحنا الحرب على أمريكا فكيف ننفق عليها ونحن عاجزون عن القيام بأمورنا أصلاً؟
الخضوع لخامنئي
أستهل مقالي بهذه الطرفة المعبِّرة منعاً لأي لبس قد يقع عن حسن نية، ممن قد يحمل كلامي على أنه دعوة إلى خوض مغامرة عسكرية حمقاء مع الولايات المتحدة، وربما يجري تحريفه لدى المغرضين ليبدو كفكرة صبيانية تشبه هذيان القذافي.
شتان بين حرب عبثية لا تتوفر مقوماتها، وبين مواجهة غير عسكرية تفرضها واشنطن علينا ولا تدع لنا خياراً آخر، غير الاستسلام لسفاهتها التي تبدو لأكثر الناس مباغتة وغير متوقعة، والحقيقة الشديدة المرارة أن أمريكا تريد منا الخضوع لإملاءات وكيلها الأصغر في المنطقة : علي خامنئي!
ومن كان عنده شك فليشرح لنا لماذا أصر أوباما منذ انطلاق الثورة السورية على إبقاء الاعتراف بسفراء طاغية الشام في واشنطن وفي الأمم المتحدة؟ ولماذا منع كل سلاح نوعي-دفاعي محض100%- عن جميع مناهضيه؟
ولماذا اشترط على حفنة عملاء دربتهم مخابراته ألا يوجهوا سلاحهم إلى السفَّاح وشركائه من مرتزقة فِرق القتل المجوسية المستوردة؟ وكيف زعم في البداية أن الجزار فاقد للشرعية، ثم يمارس وزير خارجيته في الأيام الأخيرة ضغوطاً هائلة على المعارضة السورية للقبول بجنيف 3 وفقاً لإملاءات موسكو وطهران، مع علمه بأنهم الطرف الخاسر الوحيد، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية –وليست السعودية أو التركية أو القطرية مثلاً-؟ والرابحون كثر: تل أبيب روسيا إيران برعاية أمريكية حاقدة فبوتن يطمئن نتنياهو على استمرار احتلاله للجولان مجاناً وإيران تتمدد من دون أن يهيج اليهود على غرار تمثيليات زمن التقية .
ولا يدري المرء أيبكي أم يضحك من مهازل الأمم المتحدة التي تتحدث عن جرائم التجويع وتميعها بتعميم وزرها لتساوي بين الجلاد وضحاياه، ثم تداهن الضغوط الأمريكية لتفرض على المعارضة الكف عن مطالبها بتنفيذ قرار مجلس العفن الدولي 2139 الصادر قبل سنتين بالتمام والكمال : رفع الحصار ووقف التجويع والبراميل بينما يجدد السفاح قصف معضمية الشام قرب دمشق بالكيميائي-خط أوباما الأحمر سابقاً-والغزاة الروس يقصفون جيش الإسلام وألوف المدنيين في الغوطة، ولا تخفي دولة العدو الصهيوني أنها تلقت " تطمينات "من روسيا بدعم احتلالها لهضبة الجولان السورية!!
فقد قال المسؤول في وزارة الخارجية الصهيونية الجنرال دور جولد إن روسيا تعتبر بقاء الجولان السوري في قبضة المحتل حاجة أمنية.
هدايا الشيطان الأكبر لشريكه الأصغر
ومن كانت لديه ذاكرة سَمَكِيّة فلا بد من تذكيره بما صدع به شيخ الدبلوماسية السعودية الراحل الأمير سعود الفيصل، عندما قال: إن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت العراق على طبق من فضة إلى نظام ملالي قم!!
فهل كان ذلك عبثاً؟ وهل تتصرف دولة كأمريكا تصرفاً يعف عنه عملاؤها من طواغيت العالم الثالث؟
ولهذا التذكير وظيفة أخرى تتلخص في إيقاظ الغافلين الذين يزعمون أن كل رزايا الأمريكيين ومؤامراتهم علينا، تسبب بها تردد أوباما-كما يشيع التغريبيون- متناسين أن أوباما لم يتردد لحظة واحدة في مؤازرة الخونة الكرد، كما لم يتلكأ في فرض إرادته على تركيا فلم تجرؤ على إقامة منطقة عازلة لحماية المهجرين السوريين، ولا على تزويد الجيش السوري الحر بصواريخ توقف غربان الطاغية!!
في الوقت نفسه، أمامنا شاهد قوي وملموس على ضرورة التمرد على سياسات واشنطن التي باتت تعادينا صراحة من دون إعلان فقط، هو عاصفة الحزم في اليمن.فلو أن السعودية اهتمت بموقف البيت الأبيض ولم تبادر إلى الذود عن أمنها، لكان الوضع مختلفاً 180 درجة عنه الآن.
ومؤخراً، تمكنت الرياض من فرض رؤيتها على التيس المستعار بوتن، فاضطر إلى القبول بمشاركة جيش الإسلام وحركة أحرار الشام في هيئة المفاوضات ضمن المعارضة السورية.
وعندما أقدمت الرياض على تنفيذ أحكام القصاص بعدد كبير من الإرهابيين، لم تكترث بما تعلم أنه سيقع من هستيريا صفوية، وتناغم أمريكي مع تلك الهستيريا المتعمدة لحشد القطعان المأمورة!!
وها هو الكاتب الأمريكي، ميل جورتوف، يؤكد أن السعودية فاجأت الولايات المتحدة بقدرتها على الانحياز لمصالحها في عدد من القضايا دون النظر لمواقف "واشنطن" أو حتى الرجوع إليها.
وأشار الكاتب، في مقال له بموقع (Huntington news ) الأمريكي، إلى أن ذلك الاتجاه أصاب الإدارة الأمريكية بالذعر.
وأردف "أن المملكة تكشف عن مفاجأة لواشنطن، تكمن في أن لديها مصالحها الخاصة والتي تشمل مواجهة إيران، والتدخل في اليمن وفي سوريا".
التصدي لم يعد خياراً
نشر موقع دبيكا الاستخباري الصهيوني تسريبات عن التسوية التي سيفرضها الأمريكان في جنيف 3 على السوريين، تطابق تماماً بلطجة بوتن واستعلاء خامنئي، والضحية الأولى لذلك بعد السوريين هي تركيا، التي بدأت تداري على حساب أمنها مؤخراً، وكأنها تفرط بالجملة بكل ما أنجزته بالقطعة على مدى سنوات.
إن ما تسعى أمريكا إلى تمريره في سوريا شديد الخطورة على الأمن القومي لدول مجلس التعاون وتركيا، لأن من شأنه قلب المشهد الإقليمي ومحاصرة هذه الدول بقطعان من القتلة الأغبياء الذين يساقون إلى الموت ومعهم "مفاتيح الجنة" وجوازات سفر لدخولها!!
إن أمريكا تريد منح المجوس ما عجز عنه الأكاسرة في ذروة تمددهم، بحيث تتصل إمبراطورية حقدها من قم إلى البحر المتوسط، وبعدها ستركز على منطقة الخليج العربي مباشرة.وأحقادها معلنة، وصبيانها ينشرون أحلام يقظتهم على رؤوس الأشهاد.
وإذا تكرر في الشام الخطأ القاتل في العراق، فإن الثمن يصبح باهظاً، ومعالجته أشد صعوبة، إن لم تصبح متعذرة لأنها تأتي بعد فوات الأوان.
صحيح أنهم يحاصرون تركيا بوقاحة الاستفزازات الروسية المتجددة، وبحلف صهيوني يوناني سيساوي، وبمشروع الجيب الكردي العميل في الشمال السوري المتاخم لتركيا، لكن سياسة التجاهل ستضاعف من خسائر تركيا، وامتلاك زمام المبادرة يخفضها ويجعل المتآمرين يحسبون ألف حساب قبل المضيِّ في مؤامرتهم الخبيثة.
أجل فليدافع من بقي من شرفاء العرب والمسلمين عن أنفسهم، وليس عن الشعب السوري، الذي دافع عنهم ودفع في ثباته أضخم كلفة في التاريخ الإنساني في مواجهة حلف عالمي يضم جميع قوى الكفر والظلم على تنافر مصالحها وصراع رؤاها.