بسم الله الرحمن الرحيم
قد علم الله أننا لا غنى لنا في الصباح أو في المساء عن الجلوس على مائدة النعم نأكل منها ونشرب عليها ما نستعين به على عناء هذه الحياة وما نستعين به على حسن طاعة الله ولما كان الله رحيما بنا وشفوقا علينا وعطوفا علينا فإنه لم يترك لنا الحبل على الغارب بل علمنا كيف نعد المائدة ؟ وكيف نجلس على المائدة ؟ وكيف نتناول من المائدة ؟
حتى ننال رضا الله حتى لا نقول إن ديننا في بيوت الله صلاة أو ذكر أو تلاوة كتاب الله وفقط بل إن دينك معك عندما تتناول لقيمات يقمن صلبك ودينك معك عندما ترفع كوب الماء لتنال به الرىّ في ظمأ هذا الصيف بل إنه جعل على هذه المائدة عبادة من أجلّ العبادات وهى التفكر والتدبر في نعم الله
هذه المائدة كلفك أنت أيها الرجل أن تجهزها لزوجك ولأولادك وبناتك قبل أن تجهزها الزوجة في المنزل فهي تجهز الطعام ولكنك تحضر الطعام أو تحضر ما به تشترى هذا الطعام كيف؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} البقرة172
فتحرى الطرق الطيبة بالعمل الحلال البعيد عن الغش والبعيد عن السرقة والبعيد عن الخداع والتغرير بالمؤمنين والمؤمنات وهذا موضوع يطول شرحه وإنما عليكم جميعا أن تدرسوه وتتعلموه حتى لا تأكلوا الحرام وأنتم لا تشعرون وليس لكم حجة تجادلون بها من يقول للشيء كن فيكون
ولا يستطيع واحد منا أن يقول لله : إني لم أكن أعلم أن التحصيل عن هذا حرام أو فيه إثم أو مظلمة أو فيه مخالفة لشرع الله لأن الأمر كما قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم {الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ} [1]
وإذا كانت الحيوانات التي لا تعقل ولا تتعلم تعرف الحلال من الحرام فهذه القطة إذا ألقيت لها قطعة لحم وهى بجوارك تجلس بهدوء وتأكلها في سكينة وهى غير خائفة ولكنها إذا أخذتها رغما عنك تفر هنا وهناك وهى مسرعة وتتلفت وراءها لأنها تعلم أنها ارتكبت ذنبا وأنها فعلت جناية وأنها عملت جريمة سرقة أو خطف أو أخذ بغير حق فالحيوان يعرف الحلال من الحرام فما بالكم بالإنسان؟
فاعلم علم اليقين واسمع بأذنك قول سيد الأولين والآخرين حين يقول {لكل شيء أساس وأساس هذا الدين المطعم الحلال ورب لقمة حرام يأخذها الإنسان لا يلقى لها بالآ لا يتقبل منه عملا لمدة أربعين يوما}[2]
من لقمة واحدة لأنه لم يتأكد أو لم يتحرى في أخذها بل يبيح لنفسه أخذها ويأتي لنفسه بالحجج الواهية كالغلاء وضعف المرتبات كمبرر له ولا يدرى أنه ينتحل تلك المبررات ويقول تلك الحجج ليخدع نفسه وفى ذلك يقول الله تعالى {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} البقرة9
فربّ لقمة حرام قد تتناول منها صدفة فيأتي منها ولد فيخرج عاقا لوالديه ولذا عندما رأى رجل صالح ولدا يضرب أباه وتحدث المجاورون له في ذلك وسبوا أمه قال لا تسبوا أمه فهو ابن أباه ولكن ربما أتى عن طريق الطعام فقد يكون الرجل أخذ لقمة حرام فتكونت منها النطفة فجاء ابن حرام والسبب الأب وليس الأم
فيخرج الولد عاقا لوالديه أو يخرج كما نرى في حياتنا الدنيا شقيا تعيسا بعيدا عن الله بل إن إجابة الله تعالى وكلنا يطلبها ويبتغيها ليست بالعبادات فهي ليست بطول الصلاة ولا بكثرة الصيام ولا بتكرار الحج وإنما بالمطعم الحلال
فالذي يتناول الطعام الحلال ولي لله لو سأله أعطاه ولو دعاه لباه ولو طلب شيئا أسرع إليه الله لأنه أحكم الأساس الأول في دين الله فإذا أحكمنا هذا الأساس فمن أي شيء نصنع المائدة؟ من الأرزاق التي أحلها الله ومن الأقوات التي أباحها لنا الله وبالكيفية التي وضحها لنا رسول الله ومن يتساهل في هذا الأمر فهو يمرق من هذا الدين كما يمرق السهم من الرمية وهو لا يشعر
ولكي نصنع هذه المائدة لابد أن تُعرف زوجتك وأولادك وبناتك بالأطعمة التي حرمها الله كالخنزير واللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه (الميتة) والدم وقد ذكرها الله في قوله تعالى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} البقرة173
وقوله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ} المائدة3
وقوله تبارك وتعالى {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} الأنعام145
وقوله عز شأنه {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ} النحل115
فأبين لهم هذه الهيئات وأوضح لهم هذه الحالات وأعرفهم أن الله لم يمنع شيئا عنا إلا لمصلحتنا ولم يحرم شيئا علينا إلا لفائدة تعود علينا من ذلك ولذا عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَالْمَيْتَتَانِ الحوتُ وَالْجَرَادُ وَالدَّمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ} [3]
ولم يحل غيرهما من أصناف الميتة أو من أصناف الدم وذلك لحكم علمية كثيرة نعجز عن ذكرها كلها ولكننا سنحاول قدر الاستطاعة ذكر بعضها على ضوء ما وصل إليه العلم الحديث حتى ينتبه إخواننا المؤمنين إلى أخطارهم وشرورهم ويعلموا عظمة دينهم ورحمة الله بهم حين منعهم من تناولها وحرم عليه أكلها
[1] متفق عليه من حديث النعمان بن بشير
[2] أخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما
[3] رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
قد علم الله أننا لا غنى لنا في الصباح أو في المساء عن الجلوس على مائدة النعم نأكل منها ونشرب عليها ما نستعين به على عناء هذه الحياة وما نستعين به على حسن طاعة الله ولما كان الله رحيما بنا وشفوقا علينا وعطوفا علينا فإنه لم يترك لنا الحبل على الغارب بل علمنا كيف نعد المائدة ؟ وكيف نجلس على المائدة ؟ وكيف نتناول من المائدة ؟
حتى ننال رضا الله حتى لا نقول إن ديننا في بيوت الله صلاة أو ذكر أو تلاوة كتاب الله وفقط بل إن دينك معك عندما تتناول لقيمات يقمن صلبك ودينك معك عندما ترفع كوب الماء لتنال به الرىّ في ظمأ هذا الصيف بل إنه جعل على هذه المائدة عبادة من أجلّ العبادات وهى التفكر والتدبر في نعم الله
هذه المائدة كلفك أنت أيها الرجل أن تجهزها لزوجك ولأولادك وبناتك قبل أن تجهزها الزوجة في المنزل فهي تجهز الطعام ولكنك تحضر الطعام أو تحضر ما به تشترى هذا الطعام كيف؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} البقرة172
فتحرى الطرق الطيبة بالعمل الحلال البعيد عن الغش والبعيد عن السرقة والبعيد عن الخداع والتغرير بالمؤمنين والمؤمنات وهذا موضوع يطول شرحه وإنما عليكم جميعا أن تدرسوه وتتعلموه حتى لا تأكلوا الحرام وأنتم لا تشعرون وليس لكم حجة تجادلون بها من يقول للشيء كن فيكون
ولا يستطيع واحد منا أن يقول لله : إني لم أكن أعلم أن التحصيل عن هذا حرام أو فيه إثم أو مظلمة أو فيه مخالفة لشرع الله لأن الأمر كما قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم {الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ} [1]
وإذا كانت الحيوانات التي لا تعقل ولا تتعلم تعرف الحلال من الحرام فهذه القطة إذا ألقيت لها قطعة لحم وهى بجوارك تجلس بهدوء وتأكلها في سكينة وهى غير خائفة ولكنها إذا أخذتها رغما عنك تفر هنا وهناك وهى مسرعة وتتلفت وراءها لأنها تعلم أنها ارتكبت ذنبا وأنها فعلت جناية وأنها عملت جريمة سرقة أو خطف أو أخذ بغير حق فالحيوان يعرف الحلال من الحرام فما بالكم بالإنسان؟
فاعلم علم اليقين واسمع بأذنك قول سيد الأولين والآخرين حين يقول {لكل شيء أساس وأساس هذا الدين المطعم الحلال ورب لقمة حرام يأخذها الإنسان لا يلقى لها بالآ لا يتقبل منه عملا لمدة أربعين يوما}[2]
من لقمة واحدة لأنه لم يتأكد أو لم يتحرى في أخذها بل يبيح لنفسه أخذها ويأتي لنفسه بالحجج الواهية كالغلاء وضعف المرتبات كمبرر له ولا يدرى أنه ينتحل تلك المبررات ويقول تلك الحجج ليخدع نفسه وفى ذلك يقول الله تعالى {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} البقرة9
فربّ لقمة حرام قد تتناول منها صدفة فيأتي منها ولد فيخرج عاقا لوالديه ولذا عندما رأى رجل صالح ولدا يضرب أباه وتحدث المجاورون له في ذلك وسبوا أمه قال لا تسبوا أمه فهو ابن أباه ولكن ربما أتى عن طريق الطعام فقد يكون الرجل أخذ لقمة حرام فتكونت منها النطفة فجاء ابن حرام والسبب الأب وليس الأم
فيخرج الولد عاقا لوالديه أو يخرج كما نرى في حياتنا الدنيا شقيا تعيسا بعيدا عن الله بل إن إجابة الله تعالى وكلنا يطلبها ويبتغيها ليست بالعبادات فهي ليست بطول الصلاة ولا بكثرة الصيام ولا بتكرار الحج وإنما بالمطعم الحلال
فالذي يتناول الطعام الحلال ولي لله لو سأله أعطاه ولو دعاه لباه ولو طلب شيئا أسرع إليه الله لأنه أحكم الأساس الأول في دين الله فإذا أحكمنا هذا الأساس فمن أي شيء نصنع المائدة؟ من الأرزاق التي أحلها الله ومن الأقوات التي أباحها لنا الله وبالكيفية التي وضحها لنا رسول الله ومن يتساهل في هذا الأمر فهو يمرق من هذا الدين كما يمرق السهم من الرمية وهو لا يشعر
ولكي نصنع هذه المائدة لابد أن تُعرف زوجتك وأولادك وبناتك بالأطعمة التي حرمها الله كالخنزير واللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه (الميتة) والدم وقد ذكرها الله في قوله تعالى {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} البقرة173
وقوله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ} المائدة3
وقوله تبارك وتعالى {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} الأنعام145
وقوله عز شأنه {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ} النحل115
فأبين لهم هذه الهيئات وأوضح لهم هذه الحالات وأعرفهم أن الله لم يمنع شيئا عنا إلا لمصلحتنا ولم يحرم شيئا علينا إلا لفائدة تعود علينا من ذلك ولذا عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَالْمَيْتَتَانِ الحوتُ وَالْجَرَادُ وَالدَّمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ} [3]
ولم يحل غيرهما من أصناف الميتة أو من أصناف الدم وذلك لحكم علمية كثيرة نعجز عن ذكرها كلها ولكننا سنحاول قدر الاستطاعة ذكر بعضها على ضوء ما وصل إليه العلم الحديث حتى ينتبه إخواننا المؤمنين إلى أخطارهم وشرورهم ويعلموا عظمة دينهم ورحمة الله بهم حين منعهم من تناولها وحرم عليه أكلها
[1] متفق عليه من حديث النعمان بن بشير
[2] أخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما
[3] رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً