يعتبر التفوق الجوي اساسا لكسب الحرب الجوية. ولا يمكن استخدام نواح اخرى من الضرب الجوي والمراقبة والحركة حتى كامل طاقتها الا من خلال القيادة الجوية فقط.
تكمن في صميم تحقيق التفوق الجوي الصواريخ الموجهة الحديثة التي يمكن ان تدمر الاهداف على مدى 120 كيلومترا. وان االاجيال الحالية من الصواريخ جو - جو مجهزة بطبيعة الحال بمحرك صاروخي واحد او اكثر ومزودة عادة بوقود صلب، لكن احيانا بوقود سائل. وان احدث صواريخ الجيل الجديد، مثل صاروخ (Meteor)، من شركة (MBDA)، يستعمل محركات ضغاطية نفاثة، اخذت تبرز كمحركات دفع سوف تمكن الصواريخ المتوسطة المدى مستقبلا من المحافظة على سرعات عالية عبر غلاف الاشتباك.
تتكون الصواريخ جو - جو حاليا من مجموعتين رئيسيتين. فقد صممت الفئة الاولى من الصواريخ للاشتباك مع طائرات معادية على مسافة اقل من 20 ميلا 32 كلم. وهذه الصواريخ معروفة بالصواريخ القصيرة المدى. او ضمن نطاق مدى الرؤية، ويطلق عليها احيانا صواريخ القتال القريب، لانها تشدد على الرشاقة بدلا من المدى. وان احدث التصاميم التي تسعى وراء الحرارة يمكن ان تلتحم مع هدف من مختلف الزوايا، ليس فقط من الوراء، حيث البصمة الحرارية من المحركات هي الاقوى.
اما المجموعة الثانية من الصواريخ، فتتألف من صواريخ متوسطة او بعيدة المدى، وهي تندرج تحت فئة الصواريخ الابعد من مدى الرؤية (BVRAAM)، التي تنزع الى الاعتماد على نوع من التوجيه الراداري، والموجود منها اشكال متعددة، تستعمل الصواريخ الحديثة ايضا توجيها بالقصور الذاتي على كامل مسارها او في وسط مسارها.
القتال القريب
ان صاروخ (AIM-9 Sidewinder) هو صاروخ جو - جو قصير المدى يسعى وراء الحرارة، تحمله في معظم الاحيان الطائرات المقاتلة الاميركية والمصممة في اوروبا الغربية، ومؤخرا بعض الطوافات القتالية. دخل الخدمة مع البحرية الاميركية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وتبقى بعد خمسة عقود نماذج وتحديثات مختلفة في الخدمة النشطة في العديد من القوات الجوية. وان صاروخ (Sidewinder) هو اكثر صاروخ مستعمل على نطاق واسع في الغرب، انتج منه اكثر من 110000 صاروخ للولايات المتحدة الاميركية و 27 بلدا اخرى، وربما لم يستعمل منه الا واحد في المائة في القتال. وقد بنته بعض البلدان الاخرى بموجب ترخيص، بما في ذلك السويد. وان الصاروخ (AIM-9) هو واحد من اقدم الصواريخ واقلها ثمنا، وهو اكثر صاروخ ناجح جو - جو، ويقدر انه اصاب 270 طائرة في تاريخ استعماله. وان احدث نموذج منه هو نموذج صاروخ (AIM-9X)، طوره المهندسون في شركة (Raytheon)، ودخل الخدمة في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2003 لدى سلاح الجو الاميركي. وهو يشكل تحديثا كبيرا لمجموعة صواريخ (Sidewinder)، وهو مجهز بباحث تصوير بؤري مسطح يعمل بالاشعة تحت الحمراء (FPA)، ويزعم بانه يتمتع بقدرة بعيدة عن فتحة التصويب بمقدار 90 درجة، ويلائم الشاشات المركبة على الخوذة، مثل نظام التصويب الجديد الاميركي المركب على خوذة مشتركة (JHMCS) ونظام التحكم بالدفع المتغير الاتجاه الثلاثي الابعاد الجديد (TVC) الذي يؤمن قدرة تحول اضافية اكثر من اسطح التحكم التقليدية. ويستطيع الطيار، الذي يستعمل نظام التصويب الجديد (JHMCS)، ان يصوب باحث الصاروخ (AIM-9X) والالتحام بالنظر فقط الى الهدف، وبذلك يزيد في الفعالية القتالية الجوية.
اما صاروخ (IRIS-T) فهو برنامج بقيادة المانية لتطوير صاروخ جو - جو قصير المدى يحل محل صاروخ (AIM-9 Sidewinder) الجليل الموجود في بعض البلدان الاعضاء في (NATO) وقد صمم بحيث ان اي طائرة تستطيع ان تحمل وتطلق صاروخ Sidewinder هي قادرة ايضا على اطلاق صاروخ (IRIS-T).
بعد إعادة توحيد المانيا في عام 1990، اكتشفت المانيا نفسها ان لديها مخزوناً كبيراً من الصواريخ السوفياتية من طراز (Vympel R-73) يحمل اسم AA-11 Archer حسب تقرير NATO تحمله مقاتلة (MiG - 29 Fulcrum)، واستخلصت ا ن قدرات الصاروخ (AA-11) تم التقليل من اهميتها بوضوح.
واكتشف بنوع خاص ان الصاروخ هو اكثر مناورة وأقدر من ناحية سيطرة الباحث على الهدف ومتابعته اكثر من احدث صاروخ (AIM-9 Sidewinder). وقد اعلنت المانيا في عام 1995 عن برنامج تطوير صاروخ (IRIS-T) بالتعاون مع اليونان وايطاليا والنروج والسويد وكندا. وقد انسحبت كندا في وقت لاحق، وانضمت اسبانيا في عام 2003 كشريك للشراء. وقد تسلم سلاح الجو الالماني اول دفعة من الصواريخ في 5 كانون الاول/ديسمبر عام 2005. واشترت بلجيكا والمملكة العربية السعودية وجنوب افريقيا وتايلندا ايضا بعضا من هذه الصواريخ.
اما صاروخ (Vympel R-73)، فقد طوره مكتب تصميم بناء ماكينات (Vympel) ليحل محل السلاح السابق (R-60) Aphid) و (AA-8 لتستعمله المقاتلات السوفياتية على المدى القصير. وقد بدأ العمل عليه في العام 1973، ودخل اول صاروخ الخدمة في عام 1982. وان الصاروخ (R-73) هو صاروخ موجه بالاشعة تحت الحمراء يبحث عن الحرارة مجهز بباحث حساس مبرد في درجات حرارة منخفضة جدا، ويتمتع بقدرة كبيرة بعيداً عن فتحة التصويب بحيث يمكن ان يرى الباحث الاهداف على بعد 60 درجة عن خط وسط الصاروخ. ويمكن التصويب على الهدف بمنظار تصويب مثبت على الخوذة (HMS) يتيح للطيار تحديد الاهداف بمجرد النظر اليه. ويبلغ الحد الادنى للاشتباك نحو 300 متر ومدى الحركة القصوى الايرودينامية نحو 30 كيلومترا ارتفاعا.
وان الصاروخ (R-73) هو صاروخ يتمتع بمناورة عالية. وقد دلت النزاعات القريبة الشكلية على ان قدرة الدرجة العالية لفتحة تصويب الصاروخ (R-73) قد يكون لها اختلاف كبير في القتال. ويتمتع الصاروخ ايضا بنظام ميكانيكي بسيط، انما فعال للدفع المتغير الاتجاه. وقد جرى تحديث الصاروخ (R-73) منذ العام 1994 خلال الانتاج الى مقياس (R-73M) الذي دخل الخدمة في سلاح الجو في الفديرالية الروسية في العام 1997. ويتمتع الصاروخ (R-73M) بمدى بعيد وبزاوية باحث واسعة 60 درجة عن فوهة التصويب وبتدابير مضادة للاجراءات المضادة التقليدية تعمل بالاشعة تحت الحمراء (IRCCM).
اما النموذج المحسن من صاروخ (R-73M)، وهو نموذج صاروخ (R-74M)، فيتميز بنظم رقمية سهلة البرمجة. والقصد منه هو استعماله على متن طائرات (MiG-35) او (MiG-29 K/M/M2) وعلى متن طائرات (Su-27SM) و(Su-30MK) و(Su-35BM). وتستعمل السلاح طائرات (MiG-29) و(MiG-31) و(Su-27) و(Su-34) و(Su-35) ويمكن ان تحمله نماذج الطائرات الاحدث من طراز (MiG-21) و(MiG-23) و(Su-24) و(Su-25). وتبحث الهند عن استعمال الصاروخ على متن طائرات (HAL Tejas). ويمكن ان تحمله ايضا الطوافات الهجومية الروسية، بما فيها طوافات (Mil Mi-24) و(Mil Mi-28) و(Kamov Ka-50).
صاروخ BVRAAM
ان صاروخ (AIM-120) جو - جو المتوسط المدى المتقدم، او (AMRAAM)، هو صاروخ جو - جو حديث أبعد من مدى الرؤية (BVR) يمكن استعماله في كل الاحوال الجوية وفي النهار والليل. وقد صمم بالشكل نفسه كالجيل السابق من صواريخ (Sparrow) الموجهة شبه النشطة. وهو صاروخ يطلق وينسى بتوجيه نشط. ويعرف ايضا عادة في سلاح الجو الاميركي باسم (Slammer). ولدى اطلاق الصاروخ (AMRAAM)، يستعمل الطيارون في (NATO) الرمز الموجز (Fox Three). وقد صمم ليكون أسرع وأصغر وأخف، ويتمتع بقدرات محسنة ضد الاهداف على ارتفاع منخفض. ويتضمن ايضا رابطا بيانيا يوجه الصاروخ الى نقطة معينة حيث ينفتح راداره النشط ويقوم باعتراض الهدف في النهاية. وتجعل وحدة مرجعية تعمل بالقصور الذاتي ونظام كومبيوتري مايكروي الصاروخ اقل اعتمادا على نظام التحكم بالنار في الطائرة. وبعد ان يطبق الصاروخ على الهدف، يوجهه راداره النشط لاعتراض الهدف. وهذه الميزة المعروفة بالاطلاق والنسيان تحرر الطاقم الجوي من الحاجة الى تأمين توجيه اضافي، وتمكن الطاقم الجوي من التصويب واطلاق صواريخ عدة في وقت واحد على اهداف متعددة، وتقوم بمناورات تملص في الوقت الذي توجه فيه الصواريخ نفسها نحو الاهداف. وقد جرى تحديث الرادار (AMRAAM) باستمرار منذ ادخاله مع صاروخ (AIM-120) الاحدث نموذجا الذي يتميز بمدى ابعد بنسبة 50 في المائة اكثر من صاروخ (AIM-120C-7) وبتوجيه افضل على غلاف الطيران برمته الذي ينجم عنه اصابة قاتلة محتملة محسنة.
صاروخ (Meteor)، صاروخ جو - جو نشط موجه بالرادار ابعد من مدى الرؤية (BVRAAM) طورته شركة (MBDA) لتجهز به طائرات (Eurofighter Typhoons) في سلاح الجو الملكي (RAF) البريطاني وسلاح الجو الالماني والاسباني (Ejército del Aire) والايطالي وطائرات (F-35s) البريطانية والايطالية وطائرات (Rafales) من شركة (Dassault) التابعة للجيش الجوي والبحرية الفرنسية وطائرات (JAS 39 Gripens) من شركة (Saab) في سلاح الجو السويدي (Flygvaphet).
من المقرر ان يدخل صاروخ (Meteor) في الخدمة مع سلاح الجو الملكي (RAF) اولا في العام 2015، الذي سوف يؤمن قدرة على اطلاق طلقات متعددة ضد اهداف تناور على مدى بعيد في بيئة تتمتع بتدابير مضادة الكترونية ثقيلة.
يتمتع صاروخ (Meteor)، استنادا الى شركة (MBDA)، باداء حركي من ثلاث الى ست مرات اكثر من الصواريخ الحالية جو 0 جو من طرازه. وان العامل الرئيسي في اداء الصاروخ (Meteor) هو المحرك النفاث الضغاطي الذي تصنعه شركة (Bayern - Chemie) الالمانية.
شملت متطلبات مزايا الصاروخ الرئيسية الاطلاق الخفي وحركته المعززة التي تزود الصاروخ بطاقة كافية لمطاردة وتدمير هدف يناور برشاقة عالية واداء قوي في التدابير المضادة وقدرة الطائرة على اطلاقه والهروب بعيدا في ابكر فرصة، وعلى هذا النحو تعزز نجاة الطائرة. وقد تكونت هذه المتطلبات الى حد كبير من التهديد المنظور الذي تشكله النماذج المتقدمة من الطرازات الروسية مثل مقاتلة (Sukhoi Su-27 Flanker) المسلحة بصاروخ R-77 المجهز بمحركات نفاثة ضغاطية بعيدة المدى.
التطورات مستقبلا
تواصل القوات الجوية الحديثة الاستثمار في الصواريخ المتقدمة جو - جو لمنحها مدى ابعد وسرعة معززة ومستشعرات افضل. وان مجال اهتمام القوات الجوية الزائد في مناخ الميزانيات المتدنية الحالية يكمن في تحسين اهلية وتكاليف امتلاك الاسلحة. والهدف من ذلك هو تحرير الاموال لاعادة استثمارها في تعزيز الاداء الجديد. وان السباق على الصواريخ المتفوقة لن ينتهي مطلقا.