الضرر الحقيقي لروسيا سيكون ممكناً إذا أعادت الولايات المتحدة صادراتها النفطية إلى أوروبا
العالم يصحو على نظام عالمي جديد
هرب فيكتور يانوكوفيتش، آخر زعيم لأوكرانيا، من بلاده ليلجأ إلى روسيا في شباط (فبراير) الماضي. كان خائفاً من غضب 46 مليون مواطن بعد أن قتلت شرطة الشغب التابعة له 100 متظاهر مناهض للحكومة في مركز مدينة كييف. أما سلفه، فيكتور يوشيشينكو، فقد جرى تسميمه وتشويه وجهه بصورة غامضة أثناء حملة الانتخابات التي انتهت بفوزه عام 2004.
وعلى الرغم من المخاطر المؤكدة والخلافات التي تحيط برئاسة أوكرانيا منذ أن نالت البلاد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991، إلا أن العديد من المرشحين سجلوا أنفسهم للانتخابات المقبلة التي تجرى في يوم 25 أيار (مايو).
في الوقت الحاضر الشخص الذي يتقدم جميع المرشحين في استطلاعات الرأي هو "ملك الشوكولاتة"، بيترو بوروشينكو، رجل الأعمال الأشيب والسياسي المخضرم الذي كان، خلافاً لأغلب أفراد القلة المتنفذة، على استعداد للتضحية بأرباحه في سبيل طموحاته السياسية. وقد استهدفته روسيا شخصياً بحظر استيراد بضائعه من الحلويات، واستولت على مصانعه، وشنت غارات على أعمال مرتبطة به في القرم التي تم ضمها أخيراً إلى روسيا.
والثاني في استطلاعات الرأي هو "ملكة الغاز"، يوليا تيموشينكو، التي أطلق سراحها أخيراً من السجن بعد أن أمضت سنتين من حكم صدر ضدها لمدة سبع سنوات بسبب اتهامات سياسية "بتجاوز صلاحياتها" في محادثات أجريت حول الطاقة في موسكو. أما المرشح الثالث، فهو فيتالي كليتشيكو، بطل العالم السابق في الملاكمة لفئة الوزن الثقيل، الذي انسحب ليرشح نفسه بدلاً من ذلك لمنصب رئيس بلدية كييف. ويقول المراقبون عن هذا الملاكم الذي يبلغ طوله ستة أقدام وسبع بوصات، إنه "لطيف جداً" لدرجة تجعله غير مناسب للعبة سفك الدماء في السياسة الأوكرانية.
هل يجب أن تكون هذه الدولة البيزنطية موضع قلق من المستثمرين، وهي التي على وشك الاصطدام وجهاً لوجه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يعمل على توسيع "العالم الروسي"، أم هل هم على حق عندما يقولون: إن ما يجري فيها هو من الأحداث الجانبية اللافتة للنظر؟
يعتقد ديدييه دوريت، المستشار في بنك آيه بي إن آمرو الهولندي، الذي يقدم المشورة للعملاء الخصوصيين، أن الصحوة العنيفة على نظام عالمي جديد هي أقرب مما نعتقد، مع ظهور روسيا أخيراً قوة صاعدة في العالم.
يقول دوريت: إن الدولة التي رعت الاستعراضات الرياضية في سوتشي والهجوم على جار أضعف منها قدمت فقط الفصل الأول من قصة لم تُطْوَ فصولها بعد. ويلاحظ دوريت أن الغرب منذ بضعة عقود وهو يقلل من شأن روسيا التي تملكها شعور بالثقة في النفس والاندفاع الوطني، وسيبقى الأمر كذلك لعدة عقود.
ولا يزال أغلب المستثمرين يعتقدون، كما يقول، أن روسيا دولة فاشلة وإلى حد ما مجرمة، وأن نسبة الوفيات فيها عالية والولادات منخفضة. ويضيف: "إنهم لم يبدأوا بعد بقبول التعامل مع الأوضاع الصعبة مثل تحسين وضعهم السكاني، وخفض معدلات الجرائم وصعود التفاخر القومي".
إنه عصر جديد من المخاطر السياسية التي ستدوم عدة عقود، والذي تتنافس فيه كل من روسيا والصين على النفوذ. عصر لم يتم احتسابه بعد في الأسواق من خلال ثمن سياسي إضافي يدفع للأصول المقومة باليورو، بينما يمكن للآمال في الانتعاش أن تخرج عن مسارها الصحيح.
وقليل من الدول الأوروبية هي التي استوعبت النتائج المترتبة على وجود جار شبه مفلس يقع على تخوم مجتمعاتها الشرقية. يقول مارك ماكفارلاند، كبير الاقتصاديين في بنك كاوتس الخاص، إن حشود القوات الروسية على الحدود الشرقية لأوكرانيا يمكن أن تشعل قلاقل أهلية وتسبب "كارثة اقتصادية" ويكون لها نتائج "وتداعيات" تتسرب إلى باقي دول أوروبا.
ويجب أن يصاحب حزمة قروض الإنقاذ المالي المقدمة من صندوق البنك الدولي، البالغة 20 مليار دولار، دعم للحكومة الأوكرانية بالموظفين التكنوقراط الضليعين بأساليب تجنب الأزمات.
ستعتمد النتائج المترتبة على أسعار الأصول على شدة العقوبات. والضرر الحقيقي لروسيا سيكون ممكناً إذا أعادت الولايات المتحدة صادراتها النفطية لأوروبا، التي يمكن أن تخفض من أسعار النفط العالمية بمقدار 20 دولاراً. ويقول ماكفارلاند: إن هناك احتمالاً لأن يتجنب المستثمرون "أية تعاملات مع الشركات الروسية، أو في الأصول المالية الروسية، أو الاتصال بأفراد روس"، مثلما حدث مع إيران. وإذا كانت الأصول المالية الروسية محمية بدرجة فعالة، فإن بإمكان المستثمرين الذين يتعاملون مع "التداولات المزدحمة" أن يبذلوا كل جهودهم لتسييل أصول السندات المالية للأسواق الناشئة، وفي الوقت نفسه يجب أن تنتعش أسهم الشركات الدفاعية. ويقول ماكفارلاند: "تراجعت ميزانيات الدفاع. لكن أحد المضامين الأساسية للأزمة الأوكرانية هو أنك بحاجة إلى جيش يعمل على الوجه السليم". كذلك ستنتفع شركات أمن الإنترنت الابتكارية، لأن القراصنة أخذوا في الفترة الأخيرة يرهقون المواقع المرتبطة بالحكومات في بلدان ما بعد العهد السوفياتي. هذه كلها تحديات تواجه المرشحين الرئاسيين في الوقت الذي تبدأ فيه عجلة الانتخابات في الدوران. الداعمون من الشركات الكبيرة، الموجودون في الظلال، مستعدون لدفع الملايين مباشرة لحملاتهم، حيث يتوقعون أن يحصلوا على أموال وفيرة في الوقت المناسب. لكن لا بد في البداية أن تنجو أرض اللعب من الألعاب النارية التي يقذفها الجيران الصاخبون من الشرق.
وعلى الرغم من المخاطر المؤكدة والخلافات التي تحيط برئاسة أوكرانيا منذ أن نالت البلاد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991، إلا أن العديد من المرشحين سجلوا أنفسهم للانتخابات المقبلة التي تجرى في يوم 25 أيار (مايو).
في الوقت الحاضر الشخص الذي يتقدم جميع المرشحين في استطلاعات الرأي هو "ملك الشوكولاتة"، بيترو بوروشينكو، رجل الأعمال الأشيب والسياسي المخضرم الذي كان، خلافاً لأغلب أفراد القلة المتنفذة، على استعداد للتضحية بأرباحه في سبيل طموحاته السياسية. وقد استهدفته روسيا شخصياً بحظر استيراد بضائعه من الحلويات، واستولت على مصانعه، وشنت غارات على أعمال مرتبطة به في القرم التي تم ضمها أخيراً إلى روسيا.
والثاني في استطلاعات الرأي هو "ملكة الغاز"، يوليا تيموشينكو، التي أطلق سراحها أخيراً من السجن بعد أن أمضت سنتين من حكم صدر ضدها لمدة سبع سنوات بسبب اتهامات سياسية "بتجاوز صلاحياتها" في محادثات أجريت حول الطاقة في موسكو. أما المرشح الثالث، فهو فيتالي كليتشيكو، بطل العالم السابق في الملاكمة لفئة الوزن الثقيل، الذي انسحب ليرشح نفسه بدلاً من ذلك لمنصب رئيس بلدية كييف. ويقول المراقبون عن هذا الملاكم الذي يبلغ طوله ستة أقدام وسبع بوصات، إنه "لطيف جداً" لدرجة تجعله غير مناسب للعبة سفك الدماء في السياسة الأوكرانية.
هل يجب أن تكون هذه الدولة البيزنطية موضع قلق من المستثمرين، وهي التي على وشك الاصطدام وجهاً لوجه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يعمل على توسيع "العالم الروسي"، أم هل هم على حق عندما يقولون: إن ما يجري فيها هو من الأحداث الجانبية اللافتة للنظر؟
يعتقد ديدييه دوريت، المستشار في بنك آيه بي إن آمرو الهولندي، الذي يقدم المشورة للعملاء الخصوصيين، أن الصحوة العنيفة على نظام عالمي جديد هي أقرب مما نعتقد، مع ظهور روسيا أخيراً قوة صاعدة في العالم.
يقول دوريت: إن الدولة التي رعت الاستعراضات الرياضية في سوتشي والهجوم على جار أضعف منها قدمت فقط الفصل الأول من قصة لم تُطْوَ فصولها بعد. ويلاحظ دوريت أن الغرب منذ بضعة عقود وهو يقلل من شأن روسيا التي تملكها شعور بالثقة في النفس والاندفاع الوطني، وسيبقى الأمر كذلك لعدة عقود.
ولا يزال أغلب المستثمرين يعتقدون، كما يقول، أن روسيا دولة فاشلة وإلى حد ما مجرمة، وأن نسبة الوفيات فيها عالية والولادات منخفضة. ويضيف: "إنهم لم يبدأوا بعد بقبول التعامل مع الأوضاع الصعبة مثل تحسين وضعهم السكاني، وخفض معدلات الجرائم وصعود التفاخر القومي".
إنه عصر جديد من المخاطر السياسية التي ستدوم عدة عقود، والذي تتنافس فيه كل من روسيا والصين على النفوذ. عصر لم يتم احتسابه بعد في الأسواق من خلال ثمن سياسي إضافي يدفع للأصول المقومة باليورو، بينما يمكن للآمال في الانتعاش أن تخرج عن مسارها الصحيح.
وقليل من الدول الأوروبية هي التي استوعبت النتائج المترتبة على وجود جار شبه مفلس يقع على تخوم مجتمعاتها الشرقية. يقول مارك ماكفارلاند، كبير الاقتصاديين في بنك كاوتس الخاص، إن حشود القوات الروسية على الحدود الشرقية لأوكرانيا يمكن أن تشعل قلاقل أهلية وتسبب "كارثة اقتصادية" ويكون لها نتائج "وتداعيات" تتسرب إلى باقي دول أوروبا.
ويجب أن يصاحب حزمة قروض الإنقاذ المالي المقدمة من صندوق البنك الدولي، البالغة 20 مليار دولار، دعم للحكومة الأوكرانية بالموظفين التكنوقراط الضليعين بأساليب تجنب الأزمات.
ستعتمد النتائج المترتبة على أسعار الأصول على شدة العقوبات. والضرر الحقيقي لروسيا سيكون ممكناً إذا أعادت الولايات المتحدة صادراتها النفطية لأوروبا، التي يمكن أن تخفض من أسعار النفط العالمية بمقدار 20 دولاراً. ويقول ماكفارلاند: إن هناك احتمالاً لأن يتجنب المستثمرون "أية تعاملات مع الشركات الروسية، أو في الأصول المالية الروسية، أو الاتصال بأفراد روس"، مثلما حدث مع إيران. وإذا كانت الأصول المالية الروسية محمية بدرجة فعالة، فإن بإمكان المستثمرين الذين يتعاملون مع "التداولات المزدحمة" أن يبذلوا كل جهودهم لتسييل أصول السندات المالية للأسواق الناشئة، وفي الوقت نفسه يجب أن تنتعش أسهم الشركات الدفاعية. ويقول ماكفارلاند: "تراجعت ميزانيات الدفاع. لكن أحد المضامين الأساسية للأزمة الأوكرانية هو أنك بحاجة إلى جيش يعمل على الوجه السليم". كذلك ستنتفع شركات أمن الإنترنت الابتكارية، لأن القراصنة أخذوا في الفترة الأخيرة يرهقون المواقع المرتبطة بالحكومات في بلدان ما بعد العهد السوفياتي. هذه كلها تحديات تواجه المرشحين الرئاسيين في الوقت الذي تبدأ فيه عجلة الانتخابات في الدوران. الداعمون من الشركات الكبيرة، الموجودون في الظلال، مستعدون لدفع الملايين مباشرة لحملاتهم، حيث يتوقعون أن يحصلوا على أموال وفيرة في الوقت المناسب. لكن لا بد في البداية أن تنجو أرض اللعب من الألعاب النارية التي يقذفها الجيران الصاخبون من الشرق.