Print this page

الذئاب المنفردة..وحوش تتحرك في الظل خارج دائرة الرصد الأمنية

آذار/مارس 26, 2017 4173

الذئاب المنفردة هم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، وبات هذا الوصف يطلق أيضا على هجمات فردية تنفذها مجموعات صغيرة من شخصين أو ثلاثة كحد أقصى، وهي إستراتيجية جديدة تعتمدها الجماعات الجهادية وخصوصا تنظيم داعش، وتتعدد الأشكال التي يمكن أن تقوم بها "الذئاب المنفردة" بعملياتها، حيث يمكن أن تقوم بزرع قنابل ذاتية الصنع في أماكن مختلفة، أو شن هجوم فردي بالسلاح.
هذه الجماعات الصغيرة جداً أو الأفراد يتبنون فكر «القاعدة وداعش»، لكنهم لا يتبعون التنظيم الأم من الناحية التنظيمية، وأغلبهم تعلم صناعة القنابل اليدوية واستخدام السلاح من متابعة بعض المنتديات التكفيرية والمواقع الإرهابية على شبكة الإنترنت، فضلاً عن اتباع نظريات «القاعدة وداعش» لتشتيت الأجهزة الأمنية، بتقسيم المجموعة الإرهابية التكفيرية إلى خلايا عنقودية صغيرة عدة لتنفيذ ضربات، تحت مسميات مختلفة، ما يصعب من عملية رصدها أو اختراقها أمنياً.
و لا يمتلك الذئب المنفرد أي تواصل شخصي مع المجموعة التي تشرب أفكارها عن بعد ، ما يجعل من تعقبه، من قبل مسؤولي مكافحة الإرهاب، أمراً بالغ الصعوبة، فالذئب المنفرد لا يملك تنظيماً ينتسب إليه ويسيّره ويعطيه الأوامر ويرشده ويزوّده بالسلاح والمال، هو شخص يخطط بمفرده وينسق وينفذ، وكل خطوات العملية تتم بيده من غير معرفة أحد، ولا علم لأحد بها.
الاستخبارات التقليدية تستطيع أحياناً التعامل مع خلايا الإرهاب التقليدية، ولكن من الصعب السيطرة على الأشخاص الذين يعملون من تلقاء أنفسهم بعد أن يصبحوا متشددين وهم يشكلون تحدياً لأجهزة الأمن لأنهم خلايا غير هرمية وغير تقليدية يمكن التوصل إليها من خلال تورط أحد عناصرها. 
ويجمع الباحثون بأن الخطب والمنشورات والصور المروعة التي تتداولها شبكة الإنترنت عن الضحايا أو انتهاكات حقوق الإنسان تمثل مادة جيدة لشحن مثل هذه الخلايا، باتجاه تنفيذ عمليات انتقامية وانتحارية فردية في مجتمعاتهم، حيث أن متابعة هؤلاء الأفراد للخطب والمنشورات التكفيرية على الإنترنت, فغالب المنفذين ليس لهم أي سجل أمني، ومن طبقات متعلمة ميسورة، وينتمون للجيل الثالث من القاعدة وداعش، أي أن مظهرهم لا يدل على تطرف، يلبسون الجينز، و بعضهم تعلم في الغرب، ويتكلم عدة لغات، والأهم من كل ذلك أنهم يجيدون استخدام تقنيات متقدمة.

وعلى الرغم من حداثة تكوين هذه الجماعات وبدائيتها، إلا أنها أخطر على الأجهزة الأمنية من الجماعات الكبيرة؛ نظراً لصعوبة تتبعها أو القبض عليها، وسهولة تخفّيها خاصة إن مواجهة تلك الجماعات التي تعمل بصورة لا مركزية أصعب على الجهات الأمنية من مواجهة كيانات تنظيمية تعمل بشكل مركزي ومن ثم منع مثل هذه الهجمات أمر شديد الصعوبة ما لم تكن لدى السلطات معرفة بتكتيكات وإستراتيجيات وطرق تعامل مع هذه الخلايا والمنظمات الإرهابية.

إن غالبية هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه المهمات الإرهابية الفردية تم تحويلهم من قبل الجماعات الإرهابية إلى مصدر لا ينضب من الإبداع والابتكار في مجال الإرهاب والإجرام، بأبشع صوره وأشكاله كالحرق أو الإغراق أو النحر أو الخنق، وطالما بقي هذا الفكر المتطرف سيكون هناك دوماً شباب مستعد لارتكاب تلك الأعمال البشعة التي لاتمت للإنسانية بصلة.

Rate this item
(0 votes)

Latest from ليندا خضر

Related items