البغدادي وإعلان الخلافة
كنت لا اريد الخوض في هذا الموضوع، لكن كثرة تداوله، والرسائل على الخاص، والتعليقات، اجبرتني على ابداء وجهات النظر الاتية في البغدادي، وكلمته التي وجهها، وكذلك موضوع الخلافة.
-- كلمة "خلافة"، تخيف الغرب، وترعبه، بغض النظر عن مدى جديتها، فهي تزرع في الوعي ان هناك خلافة اسلامية يمكن لها ان تعود، وذلك يعني منافسة لزعامة الغرب، وقد يعني عودة زمام الامور لصالح الامة، وسيطرتها على القرار العالمي كما كانت لقرون عدة فائتة على فترات متفاوتة.
-- رأى البعض ان البغدادي قد اطلق خلافته، استدعاءا لأنصار له، حيث قد تسبب هذه الكلمة قدوم المؤيدين من اوروبا وغيرها. حيث يريد حشد الانصار قبيل سقوط بغداد، لتكون له الكلمة، وكي لا تنقلب عليه الفئات المتحالفة معه الان لتحرير بغداد.
-- لكن كلمة البغدادي حوت كلمات مخيفة، لا تدل على وعي يساوي اعلانه خلافته، فهو عندما كان دولة كان لا يقبل التخاصم في الخلاف الى محكمة محايدة على اعتبار انه دولة وله محاكمه، فكيف الحال وقد اصبح خلافة؟!!!.
-- كلمته تعني بوضوح، ان كل تنظيم آخر يقاتل النظام، ولا يرفع رايته هو خارج عن الحاكم، اي انه قد ألصق تهمة الخوارج بكل من يخالفه!!!.
-- كلمته هدد فيها كل من لا يبايعه من التنظيمات العاملة، وانها يجب ان تبايعه، وهو بذلك ادعى لنفسه احتكار الحقيقة، واحتكار الجهاد باسمه، وغيره خوارج، وفي ذلك توطئة لفتن كبيرة قادمة.
-- يطلب من الاخرين "اعلان التوبة"، وكأن الاخرون جماعات قطاع طرق، او خارجون عن القانون، او غير مسلمين؟، لعل البغدادي لا يعلم ان الثورة قد قدمت آلاف الشهداء، وهزمت النظام في مواقع كثيرة، وسيطرت على اكثر من نصف سوريا، قبل ان يجرؤ على دخول الحدود او اجتيازها.
-- صيغة الخطاب، والتعالي فيه، وادعاء احتكار الحق، لا يبشر بخير على اي حال، بل يعني ان القادم عظيم، إن تمكن، او قوي، وهذه دلالة انه لم يتعلم من دروس اعوام الـ2000 في العراق، وانه سيعيد نفس الاخطاء، عندما بدأ بقتال كتائب المقاومة العراقية عندما توهم الفوز او النصر، فكانت الضربة القاضية التي مكنت الشيعة من انهاء المقاومة العراقية وقتها والسيطرة على كل العراق.
-- يقوم تنظيمه الان بسحب الاسلحة من الناس من المناطق التي تحررت، رغم ان الحرب كر وفر، وفي ذلك خطر كبير، على البلدات التي تحررت، رغم ان حمل السلاح سنة نبوية معروفة. ولو ان هناك دولة حقا، ولها قوة نفوذ، وامكانية دفاع فعندها يمكن تفهم قانون سحب السلاح على اعتبار ان الدولة هي من يتكفل بالدفاع عن مواطنيها، لكن واقع الحال ليس كذلك.
أي تنظيم هو حر في اعلاناته، وخطاباته، ولكن الكلمات هي من تعبر عن سعة الافق او ضيقه، فتهديد مجاهدين، وتنصيب النفس قاضيا ومحكما هو تعبير آخر عن قصر نظر، وهو اما عدم تعلم دروس من الماضي القريب، او توهم نصر وعدم فهم لمعادلات القوى الدولية، او شيء آخر، لن يؤدي سوى الى التوطئة الى اراقة الدماء، والاشغال عن العدو الصفوي المجوسي الصائل.
عبد الغني محمد المصري
تعليق