لا يبدو أن فصول مسرحية المفاوضات التي تجريها الدول الكبرى ممثلة بدول (5+1) مع طهران بشأن برنامجها النووي سينتهي قريبا , فما زال التمديد سيد الموقف ما دام يحقق مصالح الطرفين على حد سواء .
لقد مضى على بدء هذه المفاوضات أكثر من عام وأربعة أشهر تقريبا , وقد تم تمديدها مرتين منذ بدأت في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2013م , دون أن يلوح في الأفق أي بوادر لنهاية هذه المسرحية التي يشوب تفاصيلها الكثير من الغموض .
ومما يثير الريب والشكوك حول جدية هذه المفاوضات تضارب التصريحات وتناقضها مع نهاية كل جولة أو لقاء بين الأطراف المتفاوضة , ففي الوقت الذي قالت فيه مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "فريديركا موغد" أمس الجمعة , من أن "اتفاقا جيدا بشأن برنامج إيران النووي بات قريبا , مشيرة أن المسألة تحتاج إلى إرداة سياسة - حسب وصفها – يأتي تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختام ثلاثة أيام من المفاوضات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف مناقضا للتفاؤل , حيث أكد أن المفاوضات حققت تقدما مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الفجوات لا تزال كبيرة" !!
لقد تكثفت الاجتماعات بين الدول الست الكبرى ( 5+1) مع المسؤوليين الإيرانيين في الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد 31 مارس/آذار المحدد للتوصل إلى اتفاق سياسي بشأن النووي الإيراني , وذلك قبل الانتهاء من التفاصيل التقنية بحلول الأول من يوليو/تموز , فاجتمع كيري وظريف مرارا في الأسابيع الماضية , وسيلتقيان مجددا يوم 14 مارس/آذار في جنيف على الأرجح , كما اجتمعت مجموعة الدول الكبرى على مستوى المديرين السياسيين مع طهران أول أمس الخميس في مونترو بسويسرا , ومع ذلك لا يبدو أن بوادر اتفاق نهائي قريب يلوح في الأفق , بل ما زال التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم سيد الموقف في تصريحات المسؤولين الغربيين والإيرانيين على حد سواء .
ولم يكن هذا التناقض في الحقيقة جديدا , ففي كل جولة جديدة تكون هناك تصريحات متفائلة بقرب التوصل لاتفاق , مصحوبة ومقرونة بتصريحات أخرى تؤكد وجود عقبات كثيرة وشكوك بشأن التوصل إلى حل نهائي قريب لهذا الملف , حتى إن كيري نفسه كان حذرا أمام مجلس النواب الأمريكي , حين قال لأعضاء الكونغرس في نهاية الشهر الماضي : "إنه لا يعرف بعد ما إذا كان سيتم توقيع اتفاق تاريخي بعد أكثر من شهر, بينما يقدر البيت الأبيض فرص نجاح المفاوضات 50 % في أفضل الحالات .
كثيرة هي الشكوك وعلامات الاستفهام التي تدور حول هذه المفاوضات التي طال أمدها مع غموض ما يدور في كواليسها , فإذا كان الأمر هو عبارة عن مقايضة سياسية بين الدول الكبرى وطهران كما يرجح كثير من المحللين السياسيين , فما الذي يمكن أن تمنحه الدول الكبرى لطهران أكثر مما أخذت على أرض الواقع .
فمن المعلوم أن أمريكا والدول الكبرى قد سلمت العراق لملالي طهران على طبق من ذهب قبل وبعد انسحابها عسكريا منه , بل ها هو التعاون والتفاهم بينهما يصل إلى درجة التنسيق العسكري في عملية الهجوم على تكريت الأخيرة , والتي يقودها قاسم سليماني علنا بدعم وتأييد أمريكي فاضح باسم محاربة "داعش" .
كما أن سورية أضحت اليوم مستعمرة إيرانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بضوء أخضر أمريكي غربي , وقد وصل الأمر إلى تواجد قوات إيرانية خالصة ليس فيها واحد من قوات النظام السوري تقاتل في جنوب البلاد "درعا" لوقف تمدد الفصائل الإسلامية المقاتلة هناك , ناهيك عن الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي والعسكري في لبنان من خلال ما يسمى "بحزب الله" هناك .
وإذا أضفنا إلى كل من العراق وسورية ولبنان اليمن , والتي أضحى النفوذ الإيراني فيها قويا بعد احتلال الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر من العام الماضي , برضا الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية , فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذه الأحداث الجسام : ما الذي يمكن أن تمنحه الدول الكبرى لطهران أكثر من ذلك للتوقيع على اتفاق بشأن برنامجها النووي إن كان الأمر عبارة عن مقايضة سياسية ؟!
إن الحقيقة أن ما بين طهران والدول الكبرى هي مصالح كبرى يأتي على رأسها استهداف أهل السنة في المنطقة بشكل عام , ودعم مشروع صفوي توسعي يخدم مصالح الجميع على حساب أهل السنة , وما المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني إلا غطاء وستارا لتمرير أجندة الدول الكبرى وطهران في المنطقة .
وأما ما يبدو من حرب إعلامية وتصريحات نارية بين طرفي المفاوضات , فما هي إلا ذرا للرماد في العيون , وإيهاما للعالم بوجود خلافات جذرية وهمية بين الطرفين , ولعل تهديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما باستخدم حق النقض "الفيتو" ضد مشروع أقره مجلس الشيوخ يسمح للكونغرس بمراجعة أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي , والصراع الوهمي بين اليمين الإيراني والإصلاحيين حول المفاوضات مع الدول الكبرى ...يأتي ضمن هذا السياق .
المسلم
لقد مضى على بدء هذه المفاوضات أكثر من عام وأربعة أشهر تقريبا , وقد تم تمديدها مرتين منذ بدأت في نوفمبر / تشرين الثاني عام 2013م , دون أن يلوح في الأفق أي بوادر لنهاية هذه المسرحية التي يشوب تفاصيلها الكثير من الغموض .
ومما يثير الريب والشكوك حول جدية هذه المفاوضات تضارب التصريحات وتناقضها مع نهاية كل جولة أو لقاء بين الأطراف المتفاوضة , ففي الوقت الذي قالت فيه مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "فريديركا موغد" أمس الجمعة , من أن "اتفاقا جيدا بشأن برنامج إيران النووي بات قريبا , مشيرة أن المسألة تحتاج إلى إرداة سياسة - حسب وصفها – يأتي تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختام ثلاثة أيام من المفاوضات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف مناقضا للتفاؤل , حيث أكد أن المفاوضات حققت تقدما مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الفجوات لا تزال كبيرة" !!
لقد تكثفت الاجتماعات بين الدول الست الكبرى ( 5+1) مع المسؤوليين الإيرانيين في الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد 31 مارس/آذار المحدد للتوصل إلى اتفاق سياسي بشأن النووي الإيراني , وذلك قبل الانتهاء من التفاصيل التقنية بحلول الأول من يوليو/تموز , فاجتمع كيري وظريف مرارا في الأسابيع الماضية , وسيلتقيان مجددا يوم 14 مارس/آذار في جنيف على الأرجح , كما اجتمعت مجموعة الدول الكبرى على مستوى المديرين السياسيين مع طهران أول أمس الخميس في مونترو بسويسرا , ومع ذلك لا يبدو أن بوادر اتفاق نهائي قريب يلوح في الأفق , بل ما زال التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم سيد الموقف في تصريحات المسؤولين الغربيين والإيرانيين على حد سواء .
ولم يكن هذا التناقض في الحقيقة جديدا , ففي كل جولة جديدة تكون هناك تصريحات متفائلة بقرب التوصل لاتفاق , مصحوبة ومقرونة بتصريحات أخرى تؤكد وجود عقبات كثيرة وشكوك بشأن التوصل إلى حل نهائي قريب لهذا الملف , حتى إن كيري نفسه كان حذرا أمام مجلس النواب الأمريكي , حين قال لأعضاء الكونغرس في نهاية الشهر الماضي : "إنه لا يعرف بعد ما إذا كان سيتم توقيع اتفاق تاريخي بعد أكثر من شهر, بينما يقدر البيت الأبيض فرص نجاح المفاوضات 50 % في أفضل الحالات .
كثيرة هي الشكوك وعلامات الاستفهام التي تدور حول هذه المفاوضات التي طال أمدها مع غموض ما يدور في كواليسها , فإذا كان الأمر هو عبارة عن مقايضة سياسية بين الدول الكبرى وطهران كما يرجح كثير من المحللين السياسيين , فما الذي يمكن أن تمنحه الدول الكبرى لطهران أكثر مما أخذت على أرض الواقع .
فمن المعلوم أن أمريكا والدول الكبرى قد سلمت العراق لملالي طهران على طبق من ذهب قبل وبعد انسحابها عسكريا منه , بل ها هو التعاون والتفاهم بينهما يصل إلى درجة التنسيق العسكري في عملية الهجوم على تكريت الأخيرة , والتي يقودها قاسم سليماني علنا بدعم وتأييد أمريكي فاضح باسم محاربة "داعش" .
كما أن سورية أضحت اليوم مستعمرة إيرانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بضوء أخضر أمريكي غربي , وقد وصل الأمر إلى تواجد قوات إيرانية خالصة ليس فيها واحد من قوات النظام السوري تقاتل في جنوب البلاد "درعا" لوقف تمدد الفصائل الإسلامية المقاتلة هناك , ناهيك عن الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي والعسكري في لبنان من خلال ما يسمى "بحزب الله" هناك .
وإذا أضفنا إلى كل من العراق وسورية ولبنان اليمن , والتي أضحى النفوذ الإيراني فيها قويا بعد احتلال الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر من العام الماضي , برضا الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية , فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذه الأحداث الجسام : ما الذي يمكن أن تمنحه الدول الكبرى لطهران أكثر من ذلك للتوقيع على اتفاق بشأن برنامجها النووي إن كان الأمر عبارة عن مقايضة سياسية ؟!
إن الحقيقة أن ما بين طهران والدول الكبرى هي مصالح كبرى يأتي على رأسها استهداف أهل السنة في المنطقة بشكل عام , ودعم مشروع صفوي توسعي يخدم مصالح الجميع على حساب أهل السنة , وما المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني إلا غطاء وستارا لتمرير أجندة الدول الكبرى وطهران في المنطقة .
وأما ما يبدو من حرب إعلامية وتصريحات نارية بين طرفي المفاوضات , فما هي إلا ذرا للرماد في العيون , وإيهاما للعالم بوجود خلافات جذرية وهمية بين الطرفين , ولعل تهديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما باستخدم حق النقض "الفيتو" ضد مشروع أقره مجلس الشيوخ يسمح للكونغرس بمراجعة أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي , والصراع الوهمي بين اليمين الإيراني والإصلاحيين حول المفاوضات مع الدول الكبرى ...يأتي ضمن هذا السياق .
المسلم