العشرية السوداء أو الحرب الأهلية الجزائرية أو الحرب بين الجيش الجزائري والجماعات المسلحة
كلها مسميات لحرب طاحنة فقدت خلالها الجزائر أكثر من 150 ألف قتيل ومليون جريح وعشرون
ألف مفقود وتكبد فيها الإقتصاد الجزائري خسائر مادية هائلة بلغت 50 مليار دولار حسب أكثر التقديرات إعتدالاً .
كلها مسميات لحرب طاحنة فقدت خلالها الجزائر أكثر من 150 ألف قتيل ومليون جريح وعشرون
ألف مفقود وتكبد فيها الإقتصاد الجزائري خسائر مادية هائلة بلغت 50 مليار دولار حسب أكثر التقديرات إعتدالاً .
وقد أندلعت هذه الأزمة في 26ديسمبر1991 وأستمرت لغاية 8فبراير2002 حيث قامت أكثر الجماعات الإسلامية بتسليم أسلحتها للحكومة الجزائرية ودخلت في ماعرف لاحقاً بميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي سنه الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة
والذي يقضي بالعفو عن أعضاء الجماعات المسلحة الغير متورطين في جرائم كبرى
_______________________________________________
بداية الأزمة
في عام 1979 بدأ الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في إتخاذ إجراءات تهدف
إلى تحرير الإقتصاد الجزائري من أجل النهوض بالإقتصاد الجزائري المتعثر
ولكن قوبلت أجراءته بالرفض من القبائليين والمفرنسين المعارضين لسياسة التعريب
التي عملت بها الجزائر بعيد التحرير إلا أنها في عهد بن جديد بلغت مبلغاً عظيماً
وفي شهر مارس عام 1980 بدأت الإحتجاجات تتصاعد في صفوف الأمازيغ
مما حدى بالرئيس بن جديد أن يجري تعديلات في سياسة التعريب وهذا الأمر
أثار حفيظة الإسلاميين حيث أعتبروها تعدياً صارخاً على قومية وهوية الجزائر
التي ينبغي أن تحافظ على اللغة العربية لإرتباطها بالإسلام ولإنها لغة القرآن ولغة الرسول
ولم تكن هذه الأمور وحدها هي من أثار الإسلاميين ضد النظام بل كانت جزء من من مجموعة
منكرات كانت تمارسها الحكومة في نظرهم ومن ضمنها سياسة الإقتصاد الموجه
أو بمعنى آخر الإقتصاد الإشتراكي والذي يعد في نظرهم منكراً عظيماً يجب تغييره
ولقد كانت للظروف الإقتصادية الصعبة السيئة التي تعاني منها الجزائر أثر عظيماً في رواج
الرؤية التي تبناها الأسلاميون الذي عزو كل مايحدث إلى أبتعاد الدولة عن تحكيم شرع الله
وقد تأثرت أوساط واسعة من الجزائريين برؤية الإسلاميين للأزمة الإقتصادية
ومن هنا بدأت الجماهير الجزائرية تلتف شيئاً فشيئاً حول الأسلاميين وبداً التيار الإسلامي
بالتوسع أفقياً بسرعة كبيرة متأثراً بنجاح الثورة الأيرانية وبدايات مرحلة الجهاد الأفغاني
متزامن مع نجاح الجماعة الإسلامية المصرية في قتل الرئيس أنور السادات وهذا الأمر أعطى للإسلاميين دفعة معنوية عظيمة وأكسبهم وهجاً وزخماً كبير وفي المقابل شهدت الساحة الفكرية في الجزائر تراجعاً غير مسبوق للأدبيات والأطروحات اليسارية والإشتراكية التي كانت سائدة لعقود
وفي عام 1982 قام بعض الشباب المتحمسين للأطروحات الإسلامية بأولى أعمالهم العلنية وكان هذا العمل
عبارة عن هجوم على أحد المحلات التي تبيع الخمور والمشروبات وقاموا بإتلاف محتويات المحل
وتدخلت الشرطة على أثر هذا العمل وقامت بإعتقال هؤلاء الشبان إلا أنها قامت بعد فترة وجيزة بالإفراج عنهم ثم تطورت بعدها الأمور وأصبح الإسلاميون يطالبون الحكومة علناً بالعودة الى الإسلام وتطبيق شريعته على نفسها وعلى الناس وبدأت الندوات تعقد في المساجد لمناقشة وضع البلاد وأزدادت الإحتجاجات في صفوف الإسلاميين ووصلت إلى الجامعات تدخلت على أثرها الحكومة وقامت بإعتقال أكثر من 400 شخص مابين طلبة جامعيين وإئمة مساجد وخطباء ومن أبرزهم الشيخ عبداللطيف السلطاني بيد أن الحكومة أدركت حجم التيار الإسلامي وأطلقت سراح المعتقلين وقامت بتعديل قانون الأسرة ليصبح متماشياً مع الشريعة الإسلامية وفي عام 1984أفتتحت الحكومة الجزائرية جامعة قسطنطينة الإسلامية في محاولة منها لتهدئة التيار الإسلامي . وفي العام 1985 بدأ الإقتصاد الجزائري بالدخول في حالة حرجة تسببت في تقلص فرص العمل وأرتفاع أسعار المعيشة وأزداد الحنق الشعبي على الحكومة بشكل كبير وتضاعفت الأزمة الإقتصاد الجزائري بشكل مخيف في عام 1986 بعد أن أنخفض سعر برميل النفط
إلى أقل من 11 دولار ولم يبقى للحكومة الجزائرية إلا حل واحد لتخفيف حدة الأزمة الا وهو تشجيع القطاع الخاص بعد الفشل التام الذي مني به المنهج الإشتراكي الذي كانت تنظم إقتصادها على أساسه وهذا الأمر أدى إلى حالة من الفوضى في الأسواق وقلة في بعض المواد الإستهلاكية
الأساسية في حياة الفرد الجزائري بل أن بعض المواد الغذائية الضرورية كالخبز والحبوب أنعدمت في بعض المناطق وعمت الأضرابات العمالية مناطق البلاد وبلغت الأحتجاجات الطلابية مبلغاً
أوصلها في نهاية المطاف إلى أن تتحول لصدامات عنيفة دامية مع رجال الأمن أدت لمقتل 500
شخص وفي 3 أكتوبر عام 1988 أعلن الحكومة الجزائرية حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال وتمكنت في 10 أكتوبر 1988 من إعادة الهدوء وضبط الأوضاع بشكلٍ تام في بعض المناطق وسميت هذه الأحداث بأحداث (أكتوبر الأسود) غير أن النتيجة كانت عكسية في مناطق أخرى
حيث أحكمت الجماعات الإسلامية السيطرة على تلك المناطق وطالبت الرئيس بن جديد بإجراء إصلاحات سياسية أيدتها بعض المنظمات في الداخل وخارج الجزائر من ضمن هذه المطالب تخفيف القيود المفروضة على الصحافة وقد أستجاب بن جديد لبعضها وأجل البت في الآخرى
وقامت الحكومة بإجراء بعض التعديلات وفي شهر مارس من العام 1988 قام الشيخ عباسي مدني
وعلي بن حاج بتأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ مستفيدين من التعديل الدستوري الذي أتاح التعددية الحزبية وكان عباسي مدني رجل يمثل تيار الأخوان المسلمين بطبيعته البنائية وسبق له القتال في صفوف حركة التحرير ضد الإحتلال الفرنسي ويعمل أستاذاً جامعياً أما صديقه ونائبه علي بن حاج
فكان مختلفاً عنه فهو قريب من السلفية الجهادية ويقال أنه كان إخوانياً ترك التنظيم وله أراء تتعلق بالحاكم والمحكوم وتحكيم الشريعة والحق أن تأثيره في جبهة الإنقاذ كان يتفوق على رئيسها عباسي مدني
الذي يفوق بن حاج سناً وتجربة وتعليماً وبدأت الجبهة تظهر بقوة على الساحة السياسية الجزائرية
وكان ظهورها على حساب تكتلات وأحزاب سياسية معروفة من ضمنها الحزب الحاكم وبعد أعلنت
الحكومة عن إجراء إنتخابات بلدية وتشريعية حدثت المفاجئة الكبرى حيث حصلت جبهة الأنقاذ الإسلامية على أغلبية المقاعد البلدية وشعر النظام بالخطر فقام بإجراء تعديلات دستورية لصالحه وعلى أثر هذه التعديلات قامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بإضراب عام وأعلن الشاذلي بن جديد الأحكام العرفية وقامت الحكومة بأعتقال عباسي مدني وعلي بن حاج وفي شهر ديسمبر من العام 1991 أجريت الإنتخابات التشريعية ثم أعلنت النتيجة غير المتوقعة حيث فازت جبهة الأنقاذ ب188 مقعد من أصل 230 في المجلس التشريعي وأصيب الحزب الحاكم بالذهول حيث أنه برغم التعديلات الدستورية التي كانت ترفع من حظوظه وبالرغم من إعتقال رموز الجبهة فقد فازت فوزاً ساحقاً وفي محاولة من الجيش للحيلولة دون وصول جبهة الإنقاذ للحكم قام بإجبار الشاذلي بن جديد على الإستقالة وشكل مجلساً رئاسياً من خمسة أعضاء هم خالد نزار وزير الدفاع ومحمد بوضياف وعلي كافي وعلي هارون والتيجاني الهدام وأعلن هذا المجلس عن إبطال نتيجة الإنتخابات وعين
محمد بوضياف رئيساً لهذا المجلس وقام الجيش بإحكام سيطرته على البلاد وأعتقل قرابة خمسة الاف من أعضاء جبهة الإنقاذ وقام برميهم في السجون ثم تطور الصراع تدريجياً وفي تاريخ 4 مارس من العام 1992 أعلن الجيش عن إلغاء ترخيص الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإلغاء نتائج الإنتخابات وكان هذا الأمر بداية الحرب حيث صعد المئات من أعضاء جبهة الإنقاذ المنحلة إلى الجبال وقرروا البدأ بحرب العصابات وأنضم إليهم العشرات من أنصار التيارات الإسلامية إضافة للجزائريين العائدين من أفغانستان أو كما أصطلح على تسميتهم (الجزائريون الأفغان)
وقامت هذه المجموعات بإستهداف رجال الأمن وعناصر الجيش الجزائري وفي تاريخ 29 يونيو
1992 أغتيل الرئيس محمد بوضياف على يد أحد أفراد حمايته وصف بإنه من المتعاطفين مع الإنقاذ مما زاد في الوضع تأزماً وفي 26 أغسطس 1992 قامت أحدى الجماعات المسلحة بالهجوم على
مطار الجزائر الدولي وقتلت 9 مدنيين و2 من رجال الأمن وإصابة 125 شخصاً وعلى الفور بادرت جبهة الإنقاذ بشجب الحادث وأستنكاره وإعلانها البراءة منه وذكرت الحركة في بيانها
أنها لاتؤيد قتل المدنيين وترى حرمة دمائهم وهذا البيان أكد للمراقبين أن حركة الإنقاذ ليست مسيطرة على الجماعات المسلحة بشكل يمكنها من ضبط الأمور وبدأت بعض الجماعات تظهر على الساحة مثل جماعة الجهاد المسلح وجماعة التكفير والهجرة والحركة الإسلامية
__________________________________________
الجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة
الجماعة الإسلامية المسلحة هي كبرى الحركات المسلحة في الجزائر وكانت تسمى
بالجيا إختصاراً وتشكلت هذه الجماعة على يد منصور الملياني بتاريخ 2 أبريل 1992
وأعدم الملياني في نفس العام بعد أن تمكن الجيش الجزائري من القبض عليه
وخلفه في زعامة الجماعة محمد علال المعروف بموح ليفي وقد قتل على أيدي الأمن في المدية جنوب الجزائر بتاريخ 14 سبتمبر 1992 وخلفه في إمارة الجماعة عبدالحق لعيادة وبقي أميراً للجيا حتى قبض عليه في المغرب التي سلمته للجزائر بتاريخ 29 سبتمبر 1993
وقضى في سجن سركاجي 16 عاماً وخرج في عام 2006 مستفيداً من قانون العفو الذي شمله
وقد تولى الإمارة بعده عيسى بن عمار والذي قتلته القوات الجزائرية بعد بضعة أيام من توليه زعامة الجيا ثم تولى الإمارة بعده مراد سي أحمد المعروف بجعفر الأفغاني والذي قتل برصاص الجيش الجزائري مع تسعة من أعوانه في جبال بني ميسرة بالبليدة بتاريخ 27فبراير من العام 1994
وخلفه الشريف القواسمي المكنى بأبو عبدالله أحمد وكان القواسمى أشرس أمراء الجيا وكانت الجيا في عهده القصير من أقوى وأكبر الجماعات المسلحة في العالم حيث قدرت السلطات الجزائرية عدد أفرادها
بحوالي 40 ألف مقاتل بينما ذكرت الحكومة الفرنسية أن عدد أعضاء جماعة الجيا قارب 32 ألف مقاتل وقد قتل القواسمي برصاص الأمن الجزائري بتاريخ 27 سبتمبر من عام 1994 في ضواحي الجزائر العاصمة وتولى الإمارة من بعده نائبه محفوظ طاجين والذي قامت الجيا بتصفيته بعد أن
ثبت لها أنه شيعي وله علاقات بحزب الله اللبناني وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وزعيمها الشيعي الدكتور فتحي الشقاقي وتمت تصفيته بعد شهر من توليه الإمارة وتولى الإمارة من بعده
السفاح جمال زيتوني المكنى بأبو عبدالرحمن أمين وهو أول من أرتكب المجازر بحق القرويين العزل وشهدت الجماعة في عهده مفاصلة مع باقي الجماعات الجهادية مثل الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة عبدالحكيم بلحاج وجماعة الجهاد المصرية بقيادة أيمن الظواهري
وقد قتل جمال زيتوني أبو عبدالرحمن أمين بتاريخ 16 يوليو من عام 1996 على أيدي رجال الجماعة السلفية للدعوة والقتال وتولى الإمارة من بعده المجرم عنتر زوابري والمكنى بأبي طلحة
وبقي زعيماً للجيا حتى قتل في بوفاريك بتاريخ 9 فبراير 2002 وبمقتله طوى الجزائريين صفحة العشرية السوداء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
مجازر الجيا بحق الجزائريين العزل
1_مجزرة بن طلحة
تعتبر مجزرة بن طلحة التي أرتكبتها الجماعة الإسلامية المسلحة من أبشع المجازر
حيث قامت جماعة الجيا بالهجوم على قرية بن طلحة في ساعة متأخرة من الليل
وفعلت الأفاعيل بالإطفال والنساء والشيوخ العزل المسالمين
حيث ذكرت أحدى النساء الناجيات من المذبحة أن الجيا هجمت عليهم وأغتصبت العشرات من نساء القرية وقام رجال الجماعة بذبح المغتصبات وحرقهن
كما ذكر شيخ كبير نجا من الجيا بعد أن تظاهر بالموت بعد أن أصيب أن مقاتلي الجيا
قاموا بإختطاف أبنته وزوجة أبنه وحفيده ولم يعثر عليهم حتى اليوم
وقد ذكر عطية الله الليبي مستشار زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن
قصة هذه المجزرة بالتفصيل في لقاءه مع شبكة الحسبة الجهادية عام 2007
وقد أعلنت جماعة الجيا مسؤوليتها الكاملة عن هذه المجزرة
في بيان أصدرته الجماعة بتاريخ 26 سبتمبر 1997
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
2-مجزرة رايس والتي قتل فيها قرابة 200 مدني أعزل
وقعت أحداث هذه المجزرة بتاريخ 29 أغسطس 1997
___________________________________________
3_مجزرة بني مسوس والتي راح ضحيتها 87 مدنياً
منهم إمرأة حامل بقرت الجيا بطنها وقتلت جنينها
وقعت أحداث المجزرة في ليلة 5 سبتمبر من عام 1997
____________________________________________
4-مجزرة غليزان
وقعت هذه المجزرة في 4 يناير1998 في أحدى قرى ولاية غليزان
حيث قامت الجيا في تلك الليلة بالهجوم على تلك القرية
وأبادتها بالكامل وحرقها ولم ينجو أحد من تلك المجزرة حسب تقارير الأمم
المتحدة والحكومة الجزائرية وقد بلغ عدد الضحايا قرابة ألف شخص
من المدنيين العزل والأطفال والشيوخ وهي أبشع مجزرة عرفتها الجزائر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
5_مجزرة ضاية لبقور وقد وقعت بتاريخ 16 يونيو 1997
وقد راح ضحيتها خمسون قتيلاً حيث قامت الجيا بالهجوم على هذه
القرية وقتلت 50 شخصاً وحرقت عشرات المنازل وقامت
الجيا بسرقة مجوهرات النساء وذبحت مواشي سكان القرية
وخطفت الجماعة عدة فتيات لم يعثر عليهن حتى الآن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
وقد أعلنت جماعة الجيا مسؤوليتها الكاملة عن جميع هذه المذابح الرهيبة
حيث أن هذه العصابة كانت ترى كفر الشعب الجزائري بأكمله
وهذا مثبت ومعروف والدليل على ذلك الكتاب الذي ألفه عنتر زوابري
(الأوامر الأسمى في إزالة المنكرات العظمى) والذي كفر فيه كل شعب الجزائر
وتعهد بمحاربة هذا الشعب
والذي يقضي بالعفو عن أعضاء الجماعات المسلحة الغير متورطين في جرائم كبرى
_______________________________________________
بداية الأزمة
في عام 1979 بدأ الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في إتخاذ إجراءات تهدف
إلى تحرير الإقتصاد الجزائري من أجل النهوض بالإقتصاد الجزائري المتعثر
ولكن قوبلت أجراءته بالرفض من القبائليين والمفرنسين المعارضين لسياسة التعريب
التي عملت بها الجزائر بعيد التحرير إلا أنها في عهد بن جديد بلغت مبلغاً عظيماً
وفي شهر مارس عام 1980 بدأت الإحتجاجات تتصاعد في صفوف الأمازيغ
مما حدى بالرئيس بن جديد أن يجري تعديلات في سياسة التعريب وهذا الأمر
أثار حفيظة الإسلاميين حيث أعتبروها تعدياً صارخاً على قومية وهوية الجزائر
التي ينبغي أن تحافظ على اللغة العربية لإرتباطها بالإسلام ولإنها لغة القرآن ولغة الرسول
ولم تكن هذه الأمور وحدها هي من أثار الإسلاميين ضد النظام بل كانت جزء من من مجموعة
منكرات كانت تمارسها الحكومة في نظرهم ومن ضمنها سياسة الإقتصاد الموجه
أو بمعنى آخر الإقتصاد الإشتراكي والذي يعد في نظرهم منكراً عظيماً يجب تغييره
ولقد كانت للظروف الإقتصادية الصعبة السيئة التي تعاني منها الجزائر أثر عظيماً في رواج
الرؤية التي تبناها الأسلاميون الذي عزو كل مايحدث إلى أبتعاد الدولة عن تحكيم شرع الله
وقد تأثرت أوساط واسعة من الجزائريين برؤية الإسلاميين للأزمة الإقتصادية
ومن هنا بدأت الجماهير الجزائرية تلتف شيئاً فشيئاً حول الأسلاميين وبداً التيار الإسلامي
بالتوسع أفقياً بسرعة كبيرة متأثراً بنجاح الثورة الأيرانية وبدايات مرحلة الجهاد الأفغاني
متزامن مع نجاح الجماعة الإسلامية المصرية في قتل الرئيس أنور السادات وهذا الأمر أعطى للإسلاميين دفعة معنوية عظيمة وأكسبهم وهجاً وزخماً كبير وفي المقابل شهدت الساحة الفكرية في الجزائر تراجعاً غير مسبوق للأدبيات والأطروحات اليسارية والإشتراكية التي كانت سائدة لعقود
وفي عام 1982 قام بعض الشباب المتحمسين للأطروحات الإسلامية بأولى أعمالهم العلنية وكان هذا العمل
عبارة عن هجوم على أحد المحلات التي تبيع الخمور والمشروبات وقاموا بإتلاف محتويات المحل
وتدخلت الشرطة على أثر هذا العمل وقامت بإعتقال هؤلاء الشبان إلا أنها قامت بعد فترة وجيزة بالإفراج عنهم ثم تطورت بعدها الأمور وأصبح الإسلاميون يطالبون الحكومة علناً بالعودة الى الإسلام وتطبيق شريعته على نفسها وعلى الناس وبدأت الندوات تعقد في المساجد لمناقشة وضع البلاد وأزدادت الإحتجاجات في صفوف الإسلاميين ووصلت إلى الجامعات تدخلت على أثرها الحكومة وقامت بإعتقال أكثر من 400 شخص مابين طلبة جامعيين وإئمة مساجد وخطباء ومن أبرزهم الشيخ عبداللطيف السلطاني بيد أن الحكومة أدركت حجم التيار الإسلامي وأطلقت سراح المعتقلين وقامت بتعديل قانون الأسرة ليصبح متماشياً مع الشريعة الإسلامية وفي عام 1984أفتتحت الحكومة الجزائرية جامعة قسطنطينة الإسلامية في محاولة منها لتهدئة التيار الإسلامي . وفي العام 1985 بدأ الإقتصاد الجزائري بالدخول في حالة حرجة تسببت في تقلص فرص العمل وأرتفاع أسعار المعيشة وأزداد الحنق الشعبي على الحكومة بشكل كبير وتضاعفت الأزمة الإقتصاد الجزائري بشكل مخيف في عام 1986 بعد أن أنخفض سعر برميل النفط
إلى أقل من 11 دولار ولم يبقى للحكومة الجزائرية إلا حل واحد لتخفيف حدة الأزمة الا وهو تشجيع القطاع الخاص بعد الفشل التام الذي مني به المنهج الإشتراكي الذي كانت تنظم إقتصادها على أساسه وهذا الأمر أدى إلى حالة من الفوضى في الأسواق وقلة في بعض المواد الإستهلاكية
الأساسية في حياة الفرد الجزائري بل أن بعض المواد الغذائية الضرورية كالخبز والحبوب أنعدمت في بعض المناطق وعمت الأضرابات العمالية مناطق البلاد وبلغت الأحتجاجات الطلابية مبلغاً
أوصلها في نهاية المطاف إلى أن تتحول لصدامات عنيفة دامية مع رجال الأمن أدت لمقتل 500
شخص وفي 3 أكتوبر عام 1988 أعلن الحكومة الجزائرية حالة الطوارئ وفرضت حظر التجوال وتمكنت في 10 أكتوبر 1988 من إعادة الهدوء وضبط الأوضاع بشكلٍ تام في بعض المناطق وسميت هذه الأحداث بأحداث (أكتوبر الأسود) غير أن النتيجة كانت عكسية في مناطق أخرى
حيث أحكمت الجماعات الإسلامية السيطرة على تلك المناطق وطالبت الرئيس بن جديد بإجراء إصلاحات سياسية أيدتها بعض المنظمات في الداخل وخارج الجزائر من ضمن هذه المطالب تخفيف القيود المفروضة على الصحافة وقد أستجاب بن جديد لبعضها وأجل البت في الآخرى
وقامت الحكومة بإجراء بعض التعديلات وفي شهر مارس من العام 1988 قام الشيخ عباسي مدني
وعلي بن حاج بتأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ مستفيدين من التعديل الدستوري الذي أتاح التعددية الحزبية وكان عباسي مدني رجل يمثل تيار الأخوان المسلمين بطبيعته البنائية وسبق له القتال في صفوف حركة التحرير ضد الإحتلال الفرنسي ويعمل أستاذاً جامعياً أما صديقه ونائبه علي بن حاج
فكان مختلفاً عنه فهو قريب من السلفية الجهادية ويقال أنه كان إخوانياً ترك التنظيم وله أراء تتعلق بالحاكم والمحكوم وتحكيم الشريعة والحق أن تأثيره في جبهة الإنقاذ كان يتفوق على رئيسها عباسي مدني
الذي يفوق بن حاج سناً وتجربة وتعليماً وبدأت الجبهة تظهر بقوة على الساحة السياسية الجزائرية
وكان ظهورها على حساب تكتلات وأحزاب سياسية معروفة من ضمنها الحزب الحاكم وبعد أعلنت
الحكومة عن إجراء إنتخابات بلدية وتشريعية حدثت المفاجئة الكبرى حيث حصلت جبهة الأنقاذ الإسلامية على أغلبية المقاعد البلدية وشعر النظام بالخطر فقام بإجراء تعديلات دستورية لصالحه وعلى أثر هذه التعديلات قامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بإضراب عام وأعلن الشاذلي بن جديد الأحكام العرفية وقامت الحكومة بأعتقال عباسي مدني وعلي بن حاج وفي شهر ديسمبر من العام 1991 أجريت الإنتخابات التشريعية ثم أعلنت النتيجة غير المتوقعة حيث فازت جبهة الأنقاذ ب188 مقعد من أصل 230 في المجلس التشريعي وأصيب الحزب الحاكم بالذهول حيث أنه برغم التعديلات الدستورية التي كانت ترفع من حظوظه وبالرغم من إعتقال رموز الجبهة فقد فازت فوزاً ساحقاً وفي محاولة من الجيش للحيلولة دون وصول جبهة الإنقاذ للحكم قام بإجبار الشاذلي بن جديد على الإستقالة وشكل مجلساً رئاسياً من خمسة أعضاء هم خالد نزار وزير الدفاع ومحمد بوضياف وعلي كافي وعلي هارون والتيجاني الهدام وأعلن هذا المجلس عن إبطال نتيجة الإنتخابات وعين
محمد بوضياف رئيساً لهذا المجلس وقام الجيش بإحكام سيطرته على البلاد وأعتقل قرابة خمسة الاف من أعضاء جبهة الإنقاذ وقام برميهم في السجون ثم تطور الصراع تدريجياً وفي تاريخ 4 مارس من العام 1992 أعلن الجيش عن إلغاء ترخيص الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإلغاء نتائج الإنتخابات وكان هذا الأمر بداية الحرب حيث صعد المئات من أعضاء جبهة الإنقاذ المنحلة إلى الجبال وقرروا البدأ بحرب العصابات وأنضم إليهم العشرات من أنصار التيارات الإسلامية إضافة للجزائريين العائدين من أفغانستان أو كما أصطلح على تسميتهم (الجزائريون الأفغان)
وقامت هذه المجموعات بإستهداف رجال الأمن وعناصر الجيش الجزائري وفي تاريخ 29 يونيو
1992 أغتيل الرئيس محمد بوضياف على يد أحد أفراد حمايته وصف بإنه من المتعاطفين مع الإنقاذ مما زاد في الوضع تأزماً وفي 26 أغسطس 1992 قامت أحدى الجماعات المسلحة بالهجوم على
مطار الجزائر الدولي وقتلت 9 مدنيين و2 من رجال الأمن وإصابة 125 شخصاً وعلى الفور بادرت جبهة الإنقاذ بشجب الحادث وأستنكاره وإعلانها البراءة منه وذكرت الحركة في بيانها
أنها لاتؤيد قتل المدنيين وترى حرمة دمائهم وهذا البيان أكد للمراقبين أن حركة الإنقاذ ليست مسيطرة على الجماعات المسلحة بشكل يمكنها من ضبط الأمور وبدأت بعض الجماعات تظهر على الساحة مثل جماعة الجهاد المسلح وجماعة التكفير والهجرة والحركة الإسلامية
__________________________________________
الجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة
الجماعة الإسلامية المسلحة هي كبرى الحركات المسلحة في الجزائر وكانت تسمى
بالجيا إختصاراً وتشكلت هذه الجماعة على يد منصور الملياني بتاريخ 2 أبريل 1992
وأعدم الملياني في نفس العام بعد أن تمكن الجيش الجزائري من القبض عليه
وخلفه في زعامة الجماعة محمد علال المعروف بموح ليفي وقد قتل على أيدي الأمن في المدية جنوب الجزائر بتاريخ 14 سبتمبر 1992 وخلفه في إمارة الجماعة عبدالحق لعيادة وبقي أميراً للجيا حتى قبض عليه في المغرب التي سلمته للجزائر بتاريخ 29 سبتمبر 1993
وقضى في سجن سركاجي 16 عاماً وخرج في عام 2006 مستفيداً من قانون العفو الذي شمله
وقد تولى الإمارة بعده عيسى بن عمار والذي قتلته القوات الجزائرية بعد بضعة أيام من توليه زعامة الجيا ثم تولى الإمارة بعده مراد سي أحمد المعروف بجعفر الأفغاني والذي قتل برصاص الجيش الجزائري مع تسعة من أعوانه في جبال بني ميسرة بالبليدة بتاريخ 27فبراير من العام 1994
وخلفه الشريف القواسمي المكنى بأبو عبدالله أحمد وكان القواسمى أشرس أمراء الجيا وكانت الجيا في عهده القصير من أقوى وأكبر الجماعات المسلحة في العالم حيث قدرت السلطات الجزائرية عدد أفرادها
بحوالي 40 ألف مقاتل بينما ذكرت الحكومة الفرنسية أن عدد أعضاء جماعة الجيا قارب 32 ألف مقاتل وقد قتل القواسمي برصاص الأمن الجزائري بتاريخ 27 سبتمبر من عام 1994 في ضواحي الجزائر العاصمة وتولى الإمارة من بعده نائبه محفوظ طاجين والذي قامت الجيا بتصفيته بعد أن
ثبت لها أنه شيعي وله علاقات بحزب الله اللبناني وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وزعيمها الشيعي الدكتور فتحي الشقاقي وتمت تصفيته بعد شهر من توليه الإمارة وتولى الإمارة من بعده
السفاح جمال زيتوني المكنى بأبو عبدالرحمن أمين وهو أول من أرتكب المجازر بحق القرويين العزل وشهدت الجماعة في عهده مفاصلة مع باقي الجماعات الجهادية مثل الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة عبدالحكيم بلحاج وجماعة الجهاد المصرية بقيادة أيمن الظواهري
وقد قتل جمال زيتوني أبو عبدالرحمن أمين بتاريخ 16 يوليو من عام 1996 على أيدي رجال الجماعة السلفية للدعوة والقتال وتولى الإمارة من بعده المجرم عنتر زوابري والمكنى بأبي طلحة
وبقي زعيماً للجيا حتى قتل في بوفاريك بتاريخ 9 فبراير 2002 وبمقتله طوى الجزائريين صفحة العشرية السوداء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
مجازر الجيا بحق الجزائريين العزل
1_مجزرة بن طلحة
تعتبر مجزرة بن طلحة التي أرتكبتها الجماعة الإسلامية المسلحة من أبشع المجازر
حيث قامت جماعة الجيا بالهجوم على قرية بن طلحة في ساعة متأخرة من الليل
وفعلت الأفاعيل بالإطفال والنساء والشيوخ العزل المسالمين
حيث ذكرت أحدى النساء الناجيات من المذبحة أن الجيا هجمت عليهم وأغتصبت العشرات من نساء القرية وقام رجال الجماعة بذبح المغتصبات وحرقهن
كما ذكر شيخ كبير نجا من الجيا بعد أن تظاهر بالموت بعد أن أصيب أن مقاتلي الجيا
قاموا بإختطاف أبنته وزوجة أبنه وحفيده ولم يعثر عليهم حتى اليوم
وقد ذكر عطية الله الليبي مستشار زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن
قصة هذه المجزرة بالتفصيل في لقاءه مع شبكة الحسبة الجهادية عام 2007
وقد أعلنت جماعة الجيا مسؤوليتها الكاملة عن هذه المجزرة
في بيان أصدرته الجماعة بتاريخ 26 سبتمبر 1997
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
2-مجزرة رايس والتي قتل فيها قرابة 200 مدني أعزل
وقعت أحداث هذه المجزرة بتاريخ 29 أغسطس 1997
___________________________________________
3_مجزرة بني مسوس والتي راح ضحيتها 87 مدنياً
منهم إمرأة حامل بقرت الجيا بطنها وقتلت جنينها
وقعت أحداث المجزرة في ليلة 5 سبتمبر من عام 1997
____________________________________________
4-مجزرة غليزان
وقعت هذه المجزرة في 4 يناير1998 في أحدى قرى ولاية غليزان
حيث قامت الجيا في تلك الليلة بالهجوم على تلك القرية
وأبادتها بالكامل وحرقها ولم ينجو أحد من تلك المجزرة حسب تقارير الأمم
المتحدة والحكومة الجزائرية وقد بلغ عدد الضحايا قرابة ألف شخص
من المدنيين العزل والأطفال والشيوخ وهي أبشع مجزرة عرفتها الجزائر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
5_مجزرة ضاية لبقور وقد وقعت بتاريخ 16 يونيو 1997
وقد راح ضحيتها خمسون قتيلاً حيث قامت الجيا بالهجوم على هذه
القرية وقتلت 50 شخصاً وحرقت عشرات المنازل وقامت
الجيا بسرقة مجوهرات النساء وذبحت مواشي سكان القرية
وخطفت الجماعة عدة فتيات لم يعثر عليهن حتى الآن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
وقد أعلنت جماعة الجيا مسؤوليتها الكاملة عن جميع هذه المذابح الرهيبة
حيث أن هذه العصابة كانت ترى كفر الشعب الجزائري بأكمله
وهذا مثبت ومعروف والدليل على ذلك الكتاب الذي ألفه عنتر زوابري
(الأوامر الأسمى في إزالة المنكرات العظمى) والذي كفر فيه كل شعب الجزائر
وتعهد بمحاربة هذا الشعب
تعليق