كشف اللواء تامر الشهاوي المسؤول السابق بالمخابرات الحربية المصرية، أن بلاده
أفشلت محاولة إيرانية لتأسيس حرس ثوري في مصر على نمط الحرس الثوري الإيراني
خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وقال الشهاوي، الذي كان متوليًا منصبه في جهاز المخابرات الحربية في أغلب
السنوات التي تلت ثورة 25 يناير 2011، إن عناصر من الحرس الثوري الإيراني
زارت مصر خلال فترة حكم مرسي؛ لتدريب عناصر من الإخوان على إنشاء أجهزة
أمنية موازية بديلة لمؤسسات الأمن المصرية، بعد فشل مرسي في السيطرة على تلك
المؤسسات وإخضاعها لصالح الجماعة.
وأشار الشهاوي إلى أن إيران خططت للأمر تحت ستار السياحة، موضحًا -في
تصريحات لموقع "العربية.نت" نشرتها الجمعة (20 مارس 2015)- أن مرسي طلب
من الحكومة دخول 200 ألف سائح إيراني إلى مصر بزعم تنشيط السياحة الراكدة
منذ 2011، وهو ما رفضته المخابرات الحربية وحذرته منه؛ لعلمها بالنوايا غير الطيبة
لإيران تجاه مصر.
وعلى هذا، يضيف الرجل الملقب في مصر بـ"صقر المخابرات": "قدمنا له تقريرًا كاملًا
بالموقف، لكنه أصر على رأيه".
وكان هذا الوفد هو أول وفد سياحي إيراني إلى مصر منذ عقود؛ حيث توترت
العلاقات بين البلدين وانخفضت لدرجة كبيرة عقب إشادة إيران بمقتل الرئيس الراحل
محمد أنور السادات على يد متطرفين 1981.
والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين منخفضة إلى درجة القائم بالأعمال.
وأضاف المسؤول المخابراتي السابق أن الوفد السياحي زار مصر بالفعل، وكان من
بينه أعضاء في الحرس الثوري الإيراني؛ جاؤوا لدراسة الأوضاع على
الأرض قبل تنفيذ مخططاتهم ومخطط الإخوان، لكن الأجهزة المصرية تدخلت
وحسمت الموقف ورفضت تمامًا السياحة الإيرانية لمصر، ومنعت دخول
عناصر الحرس الثوري مرة أخرى.
ورصدت المخابرات المصرية بعد ثورة 25 يناير تحركات "مريبة" للقائم بالأعمال
الإيراني في ذلك الوقت، وطلبت منه أن يلتزم بدوره الدبلوماسي، وفق ما كشف
الشهاوي، الذي أشار إلى أن المسؤول الإيراني "كان يعتقد أن مصر أصبحت مهيأة
للتمدد الإيراني، ونبهناه وحذرناه بحسم من مغبة الخروج عن مقتضيات واجبه الدبلوماسي".
وعن زيارة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى مصر في عهد مرسي
قال الشهاوي إن الزيارة كانت بدعوة من الرئيس الأسبق، "وعندما جاء إلى القاهرة
فوجئنا به يطلب زيارة مسجد الحسين (ضريح منسوب إلى الحسين بن علي وأحد أشهر
المعالم الأثرية في مصر)، وهناك قام بحركة مستفزة؛ حيث ورفع علامة النصر
لكن رد الشعب المصري كان سريعًا؛ حيث حاول البعض الاعتداء عليه، ورفع
الأحذية في وجهه، وكان هذا الرد يعني رفض الشعب المصري التقارب بين
الإخوان وإيران".
وتحدث كثير من المسؤولين الأمنيين في مصر عن تحركات لإيران للتدخل في
الساحة المصرية قبل وصول محمد مرسي إلى الحكم، خاصة بعد اضطراب الأوضاع
السياسية في البلاد في أحداث 25 يناير 2011.
ومن هؤلاء اللواء حسن عبدالرحمن رئيس جهاز أمن الدولة المصري السابق
الذي قال خلال شهادته على الأحداث أمام القضاء في أكتوبر 2014، إن خالد مشعل
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية المقربة من إيران، سلم مسؤول
الحرس الإيراني 11 جواز سفر مصريًّا مزورًا لتسهيل دخول عناصرهم إلى مصر
خلال الأحداث.
وفي فبراير 2014، اتهمت النيابة المصرية محمد مرسي بإفشاء أسرار الدفاع عن
البلاد للحرس الثوري الإيراني؛ وذلك خلال الجلسة الثانية لقضية "التخابر" مع جهات
أجنبية، التي يحاكم فيها مرسي وعشرات من قادة الإخوان.
وكشفت النيابة بالتفصيل عن التهم الموجهة إلى مرسي والمتهمين الآخرين، وقالت
إنهم سلموا لدولة أجنبية ومن يعمل لها سرًّا من أسرار دفاع البلاد، وسلموا الحرس الثوري
الإيراني العديد من التقارير الأمنية، لزعزعة أمن البلاد واستقرارها، والسماح
بتسلل جماعات مسلحة من وإلى مصر في يناير عام 2011 لمهاجمة مرافق
الجيش والشرطة والسجون، وتسهيل فرار السجناء.
وعلى خلفية التقارب الذي شهدته العلاقات خلال فترة تولي مرسي الحكم في
الفترة من يونيو 2012- يوليو 2013، ظهر عدم الرضا الإيراني من خلع مرسي من
منصبه عقب تظاهرات شعبية حاشدة ضده.
وظهر ذلك في تصريحات للخارجية الإيرانية تعرب فيها عن قلقها إزاء ما وصفته
بتصاعد حدة المواجهات بين قوات الجيش والشرطة المصريين والمتظاهرين المطالبين
بعودة مرسي.
وتدعو طهران إلى إشراك جماعة الإخوان المسلمين مجددًا في الحياة السياسية.
وعلى إثر ذلك، استدعت وزارة الخارجية المصرية في يناير 2014 رئيس بعثة
رعاية المصالحة الإيرانية في القاهرة في ذلك الوقت مجتبى أماني، لتسليمه احتجاجًا
حول هذا التدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
وقال السفير بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن هذه التصريحات
مرفوضة شكلًا وموضوعًا، وتعبر عن عدم إلمام أو تغافل متعمد عن حقيقة
الأوضاع في مصر.
والحرس الثوري الإيراني تشكل عقب قيام ما يعرف باسم الثورة الإسلامية على
يد الخميني في إيران 1979، وهو سلاح عسكري يضم عشرات الآلاف من المقاتلين
مجهزين بأحدث الأسلحة، ويشار إليه في كثير من التدخلات الإيرانية في الدول المجاورة
مثل العراق وسوريا ولبنان.
ويُشار إلى حزب الله اللبناني، الذي يعد جماعة مسلحة ترفض الخضوع لسيطرة
الجيش اللبناني، مؤسس على نمط الحرس الثوري الإيراني.
تعليق