يبدو أن رد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية خلال الجلسة الختامية يوم الأحد الماضي كان قاسيا وشديدا على روسيا , وقد أزعج القيادة الروسية وغيرها من الأنظمة العربية و غير العربية إلى درجة كبيرة .
وعلى الرغم من أن الرد السعودي كان واقعيا ومنصفا , ولم يتجاوز حدود الأعراف الدبلوماسية , حيث لم يزد الأمير سعود الفيصل على القول بأن "روسيا سلحت النظام السوري الذي يفتك بشعبه ، وهذا النظام فقد شرعيته ، وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة في مصاب الشعب السوري". موضحاً أن "روسيا تقترح حلولا سلمية وهي مستمرة بتسليح النظام السوري" , فكيف يستقيم ذلك ؟!!
إلا أن مفاهيم العدالة والحق لم تعد واردة في قاموس دول من أمثال روسيا أو إيران أو غيرها من أعداء الأمة الإسلامية , وإنما يحوي قواميس تلك الدول مصطلحات المصلحة والنفعية والمشاريع التوسعية على حساب الدول السنية تحديدا .
لقد أراد بوتين برسالته إلى القمة العربية ممارسة بعض الكذب المفضوح , من خلال الزعم بأن روسيا تقف إلى جانب الشعوب العربية من دون أي تدخل خارجي ، بالإضافة إلى النفاق المكشوف من خلال المطالبة بتسوية الأزمات في سوريا وليبيا واليمن على أسس القانون الدولي , تماما كما تفعل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بزعمها دعم المعارضة السورية ومعاداة النظام .
فلما فضحت السعودية هذا الزعم الباطل و وضعت النقاط على الحروف فيما يخص الأزمة السورية , مشيرة إلى التورط الروسي في دم الشعب السوري من خلال دعم آلة القتل النصيرية ... استشاطت روسيا وحلفاءها غضبا على ما يبدو , فما كان منها إلا زيادة محاولاتها الرامية لإنقاذ الحوثيين وحليفهم صالح من "عاصفة الحزم" التي تنذر بهزيمتهم واستعادة اليمن لعافيتها , وذلك من خلال عدة أمور أهمها :
1- دعم الحوثيين بالسلاح والعتاد لتقوية دفاعاتهم لمواجهة عاصفة الحزم : فقد كشف وزير الخارجية اليمني رياض ياسين اليوم عن هذا الدعم والتسليح قائلا : إن الطائرات الروسية التي هبطت في العاصمة صنعاء نقلت أسلحة لمسلحي جماعة الحوثي ...
وأكد الوزير أن الطائرات الروسية التي هبطت في صنعاء كانت تنقل على متنها أجهزة تقنية وقطع غيار تساعد في إصلاح بعض الصواريخ والأسلحة التي بحوزة الحوثيين ، ناهيك عن أجهزة اتصالات حديثة ، ما يدل على أن الحوثيين ما زالوا يتمتعون ببعض القوة التي تمكنهم من فرض شروطهم ، حسب قوله.
ومن أجل ذلك طالب ياسين بتفتيش الطائرات التي تصل إلى صنعاء بذريعة إجلاء الرعايا الأجانب خشية أن تحمل أسلحة ، مضيفا "نحن نشكك في الطائرات التي تأتي من بعض الدول" .
2- إنقاذ الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح , حليف الحوثيين الذي كان السبب الرئيس في سقوط المدن اليمنية واحدة تلو الأخرى في أيديهم , وذلك من خلال تهريب الأخير من صنعاء عبر طائرة روسية وصلت إلى اليمن لإجلاء الرعايا الدبلوماسيين كما ذكر وزير الخارجية اليمني رياض ياسين بناء على معلومات وصلت إليه حسب قوله .
ولفت الوزير إلى أن هذه الطائرة وصلت من مطار القاهرة ، وحصلت على الترخيص من قوات تحالف "عاصفة الحزم" بالدخول في الأجواء اليمنية ، وأنها تأخرت عن الإقلاع لمدة 12 ساعة .... مما يعني أن روسيا استغلت قضية إجلاء الرعايا من صنعاء لتمرير أسلحة للحوثيين من جهة , وإنقاذ المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى .
3- مساعي روسيا لاستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بوقف العمليات في اليمن واللجوء إلى الحل السياسي , مع ما في ذلك من محاولة إنقاذ الحوثيين وحليفهم صالح من الوضع المزري الذي حل بهم بعد بدء عاصفة الحزم ضدهم .
لقد اعتبر وزير الخارجية اليمني أن الطائرات الروسية التي هبطت في صنعاء هي بمثابة اختبار لاستمرار الدعم الإيراني للحوثيين وقوات الرئيس المخلوع ، مؤكدا أن هذا الاختبار يتعلق بمشروع القرار الذي تحاول روسيا تمريره عبر مجلس الأمن للإعلان عن هدنة يستعيد خلالها الحوثيون وحلفاؤهم قوتهم , معتبرا أن أي هدنة يفرضها الروس فلن تكون لصالح الشرعية ولا لتحقيق مصالح اليمنيين، بل ستؤدي إلى فرض واقع جديد.
إن وراء الدعم الروسي للحوثيين وحليفهم المخلوع صالح في هذا الوقت أهدافا ومصالح وغايات كثيرة , لعل أهمها الرد على كشف الأمير سعود الفيصل كذب ونفاق روسيا في الأزمة السورية خصوصا - وفي مجمل أزمات المسلمين من أهل السنة على وجه العموم - ناهيك عن محاولة إنقاذ الحوثيين من وقع ضربات "عاصفة الحزم" التي قضت – بحسب وزير الخارجية اليمني رياض ياسين -على أكثر من 85% من مواقع مخازن الأسلحة في اليمن بعد استيلاء الحوثيين والموالين لصالح عليها .
فهل ستجدي محاولات روسيا لإنقاذ الحوثيين نفعا ؟ أم إن "عاصفة الحزم" ستحبط كل تلك المحاولات ؟
تعليق