أبو عامر النجدي، هو اسم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية، " ولاية نجد " ، عن أنه منفذ عملية تفجير القديح المستنكرة والتي استهدفت مصلين شيعة في مسجد لهم بالبلدة التي تتبع للقطيف، شرق السعودية، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم.
إذا ثبت صحة البيان الذي أشار إلى النجدي؛ فإن ذلك لا يكشف لغز العملية، بل يزيدها تعقيداً، إذ ما الداعي إلى الاستمرار في إخفاء اسمه الحقيقي حتى الآن إذا كان قد قتل في العملية؟ وهل يعني ذلك أن العملية "انغماسية" كما يقال، أو أنها حدثت نتاج عبوة ناسفة، وأن هذا الشخص ربما كان شخصية وهمية؟
ربما سيقول أنصار التنظيم إنه حقيقي، ولدينا مصلحة في عدم الكشف عن هويته! ليكن، هذا ليس هو مربط الفرس؛ فمربطه في نهاية البيان، حيث المبرر الذي سيق بأنه مساهمة في تحقيق الأمر النبوي بـ "إخراج المشركين من جزيرة العرب"، فكان التوقيت المختار لهذا الإخراج، هو في أعقاب تهديدات إيرانية واضحة بحصول تفجيرات وتهديدات في المملكة على خلفية الضربات السعودية الموجعة في عملية عاصفة الحزم التي آلت إلى عملية إعادة الأمل، ثم على خلفية الاحتجاجات التي حصلت من الأقليات في إيران ذاتها، والانتصارات التي توالت في سوريا، وعزيت إلى زيادة دعم دول في الإقليم، تشير إيران صراحة إلى السعودية تحديداً، للمقاومة السورية.
ثلاثة أسباب هي إذن، أغضبت إيران:
- عاصفة الحزم: والتي نجحت فيها المملكة في عرقلة الأطماع الإيرانية في اليمن، وجزيرة العرب بشكل عام، وتحقيقها لإنجاز لا يفسح المجال لانتصار سهل للحوثيين وحليفهم صالح، ومعظم جيشه الانقلابي. ولقد سبق أن هدد رئیس لجنة الامن القومي والسیاسة الخارجیة في مجلس الشوری الاسلامي علاء الدین بروجردي السعودية بالقول: إن "السعودية دخلت في مرحلة جديدة وفي مستنقع سيكلفها كثيراً وستدفع ثمن ذلك في المستقبل، وأن تداعيات هذا العدوان ستطال السعودية أعواما طويلة".
- الاحتجاجات التي اندلعت في أقاليم الكرد والأحواز والبلوش المحتلة في إيران، والتي أنحى بعض المسؤولين فيها باللائمة على السعودية التي قالوا إنها تشجع "الانفصاليين" على الاحتجاج ضد إيران، وصدرت تهديدات أيضاً بحدوث مثلها في السعودية، وبالفعل؛ فإن إيران تلجأ إلى تحريك بيادقها في أي بلد خليجي تستشعر من سياسته تحدياً لأطماعها، ولديها سجل معروف في هذا، كمثل محاولة اغتيال أمير الكويت الأسبق جابر الصباح واضطرابات الحج وغيرها.
- التقدم اللافت في الجبهة السورية، والتي تتهم إيران فيه بوضوح كلا من السعودية وتركيا وقطر بدعم الفصائل المعتدلة في سوريا، والتي بدا أنها تحقق بدورها نجاحاً كبيراً على ميليشيات بشار الأسد.
هذا ما أغضب إيران، أو ما تعلن أنه قد أغضبها، بغض النظر عن صحته من عدمه، لكن ما هو الجديد الذي أغضب تنظيم الدولة الإسلامية من السعودية؟ أعنى ما الذي استجد في السعودية وفتح شهية ما يُسمى بولاية نجد لبدء نشاطها، ليس في نجد (محل ولايتها الافتراضية)، وإنما في المنطقة الشرقية، وتحديداً في أماكن وجود الشيعة؟ المنطق يقول إنك إن أردت أن تنشئ دولة أو حتى ولاية، لابد أن يستقر لك الأمر فيها، قبل أن تقوم بـ"غزوات خارجية"، بمعنى أنه أين تلك الولاية أصلاً كي تقوم بمغامرات خارجية؟! ثم، إذا افترضنا أنها موجودة "سراً!"، فما التهديد الذي واجهها من شيعة يتعبدون بما يوافق عقيدتهم في مسجد على حدود مدينة الدمام الساحلية؟! وما الذي يمكن أن يحققه هجوم كهذا، سوى مزيد من التعاطف الداخلي الشعبي، والتشديد الأمني الرسمي على أهمية حماية الأقلية الشيعية في السعودية، ومن ثم؛ فالمكاسب الشيعية ربما أكبر من خسائرها من هذه العملية.
ثم، ما الذي يمكن أن يمثله الهجوم من ضغط من الدكاكين الدولية لحقوق الأقليات على السعودية، ليس من أجل "إخراج المشركين ـ كما يسميهم التنظيم ـ من جزيرة العرب"، وإنما من أجل منح الأقلية الشيعية وضع الأقلية المتميزة، وهو الذي تبدى بارزاً وعلى الفور على ألسنة نخبة التيار الليبرالي، القريب جداً من أحلام وتطلعات واشنطن في المنطقة، الذي سعى تحديداً لاستثمار هذه العملية من أجل المطالبة بتضييق على المتدينين السعوديين بزعم أن خطابهم هو المتسبب في ظهور نماذج المجهول الاسم أبي عامر النجدي وغيره، ومن ثم اجترار أسطوانتهم المشروخة في تنقية المناهج التعليمية.. وتطهير المنابر.. الخ من كلمات الحق التي يراد بها الباطل، ويتقنها هذا التيار وأدواته، والذي يريد تحميل أي فعل متطرف خارجي للدعاة الوسطيين في السعودية وغيرها.
إذا كان هذا التنظيم لا يدرك أنه يساعد التيار الليبرالي على انتفاشه بتلك العمليات فهو ضعيف التقدير..
وإذا كان يجهل أن مثل هذه العمليات تعد طوق نجاة لإيران؛ فهو أيضاً كذلك..
وإذا كان لا يفهم طبيعة الصراع في المنطقة، فهو بسيط التفكير..
أما إذا كان يدرك، ويعلم، ويفهم؛ فإنه يكون عامداً في صب الماء في النواعير الإيرانية، وجاهزاً للعب دور تريده طهران، وتستفيد منه أيما إفادة، وتستثمر واشنطن في الدفع لقبول مقررات كامب ديفيد، وطموحاتها في تعلية سقف النفوذ والقوة الإيرانية في المنطقة بإبرام اتفاق نووي بطعم الانتصار لإيران..
بالنسبة إليّ، لاشك كبير لدي في أن هذا التنظيم الذي أفسح له الطريق بهذا الاتساع في المنطقة، يدرك ويعلم ويفهم.. على الأقل قادته المجهولون دوماً..
إذا ثبت صحة البيان الذي أشار إلى النجدي؛ فإن ذلك لا يكشف لغز العملية، بل يزيدها تعقيداً، إذ ما الداعي إلى الاستمرار في إخفاء اسمه الحقيقي حتى الآن إذا كان قد قتل في العملية؟ وهل يعني ذلك أن العملية "انغماسية" كما يقال، أو أنها حدثت نتاج عبوة ناسفة، وأن هذا الشخص ربما كان شخصية وهمية؟
ربما سيقول أنصار التنظيم إنه حقيقي، ولدينا مصلحة في عدم الكشف عن هويته! ليكن، هذا ليس هو مربط الفرس؛ فمربطه في نهاية البيان، حيث المبرر الذي سيق بأنه مساهمة في تحقيق الأمر النبوي بـ "إخراج المشركين من جزيرة العرب"، فكان التوقيت المختار لهذا الإخراج، هو في أعقاب تهديدات إيرانية واضحة بحصول تفجيرات وتهديدات في المملكة على خلفية الضربات السعودية الموجعة في عملية عاصفة الحزم التي آلت إلى عملية إعادة الأمل، ثم على خلفية الاحتجاجات التي حصلت من الأقليات في إيران ذاتها، والانتصارات التي توالت في سوريا، وعزيت إلى زيادة دعم دول في الإقليم، تشير إيران صراحة إلى السعودية تحديداً، للمقاومة السورية.
ثلاثة أسباب هي إذن، أغضبت إيران:
- عاصفة الحزم: والتي نجحت فيها المملكة في عرقلة الأطماع الإيرانية في اليمن، وجزيرة العرب بشكل عام، وتحقيقها لإنجاز لا يفسح المجال لانتصار سهل للحوثيين وحليفهم صالح، ومعظم جيشه الانقلابي. ولقد سبق أن هدد رئیس لجنة الامن القومي والسیاسة الخارجیة في مجلس الشوری الاسلامي علاء الدین بروجردي السعودية بالقول: إن "السعودية دخلت في مرحلة جديدة وفي مستنقع سيكلفها كثيراً وستدفع ثمن ذلك في المستقبل، وأن تداعيات هذا العدوان ستطال السعودية أعواما طويلة".
- الاحتجاجات التي اندلعت في أقاليم الكرد والأحواز والبلوش المحتلة في إيران، والتي أنحى بعض المسؤولين فيها باللائمة على السعودية التي قالوا إنها تشجع "الانفصاليين" على الاحتجاج ضد إيران، وصدرت تهديدات أيضاً بحدوث مثلها في السعودية، وبالفعل؛ فإن إيران تلجأ إلى تحريك بيادقها في أي بلد خليجي تستشعر من سياسته تحدياً لأطماعها، ولديها سجل معروف في هذا، كمثل محاولة اغتيال أمير الكويت الأسبق جابر الصباح واضطرابات الحج وغيرها.
- التقدم اللافت في الجبهة السورية، والتي تتهم إيران فيه بوضوح كلا من السعودية وتركيا وقطر بدعم الفصائل المعتدلة في سوريا، والتي بدا أنها تحقق بدورها نجاحاً كبيراً على ميليشيات بشار الأسد.
هذا ما أغضب إيران، أو ما تعلن أنه قد أغضبها، بغض النظر عن صحته من عدمه، لكن ما هو الجديد الذي أغضب تنظيم الدولة الإسلامية من السعودية؟ أعنى ما الذي استجد في السعودية وفتح شهية ما يُسمى بولاية نجد لبدء نشاطها، ليس في نجد (محل ولايتها الافتراضية)، وإنما في المنطقة الشرقية، وتحديداً في أماكن وجود الشيعة؟ المنطق يقول إنك إن أردت أن تنشئ دولة أو حتى ولاية، لابد أن يستقر لك الأمر فيها، قبل أن تقوم بـ"غزوات خارجية"، بمعنى أنه أين تلك الولاية أصلاً كي تقوم بمغامرات خارجية؟! ثم، إذا افترضنا أنها موجودة "سراً!"، فما التهديد الذي واجهها من شيعة يتعبدون بما يوافق عقيدتهم في مسجد على حدود مدينة الدمام الساحلية؟! وما الذي يمكن أن يحققه هجوم كهذا، سوى مزيد من التعاطف الداخلي الشعبي، والتشديد الأمني الرسمي على أهمية حماية الأقلية الشيعية في السعودية، ومن ثم؛ فالمكاسب الشيعية ربما أكبر من خسائرها من هذه العملية.
ثم، ما الذي يمكن أن يمثله الهجوم من ضغط من الدكاكين الدولية لحقوق الأقليات على السعودية، ليس من أجل "إخراج المشركين ـ كما يسميهم التنظيم ـ من جزيرة العرب"، وإنما من أجل منح الأقلية الشيعية وضع الأقلية المتميزة، وهو الذي تبدى بارزاً وعلى الفور على ألسنة نخبة التيار الليبرالي، القريب جداً من أحلام وتطلعات واشنطن في المنطقة، الذي سعى تحديداً لاستثمار هذه العملية من أجل المطالبة بتضييق على المتدينين السعوديين بزعم أن خطابهم هو المتسبب في ظهور نماذج المجهول الاسم أبي عامر النجدي وغيره، ومن ثم اجترار أسطوانتهم المشروخة في تنقية المناهج التعليمية.. وتطهير المنابر.. الخ من كلمات الحق التي يراد بها الباطل، ويتقنها هذا التيار وأدواته، والذي يريد تحميل أي فعل متطرف خارجي للدعاة الوسطيين في السعودية وغيرها.
إذا كان هذا التنظيم لا يدرك أنه يساعد التيار الليبرالي على انتفاشه بتلك العمليات فهو ضعيف التقدير..
وإذا كان يجهل أن مثل هذه العمليات تعد طوق نجاة لإيران؛ فهو أيضاً كذلك..
وإذا كان لا يفهم طبيعة الصراع في المنطقة، فهو بسيط التفكير..
أما إذا كان يدرك، ويعلم، ويفهم؛ فإنه يكون عامداً في صب الماء في النواعير الإيرانية، وجاهزاً للعب دور تريده طهران، وتستفيد منه أيما إفادة، وتستثمر واشنطن في الدفع لقبول مقررات كامب ديفيد، وطموحاتها في تعلية سقف النفوذ والقوة الإيرانية في المنطقة بإبرام اتفاق نووي بطعم الانتصار لإيران..
بالنسبة إليّ، لاشك كبير لدي في أن هذا التنظيم الذي أفسح له الطريق بهذا الاتساع في المنطقة، يدرك ويعلم ويفهم.. على الأقل قادته المجهولون دوماً..
تعليق