تواصل الولايات المتحدة التصعيد في أوكرانيا ودعم "حزب الحرب" في كييف، وتجاهل اتفاقات مينسك بحرمان سكان منطقة دونباس من حقوقهم.
في لقائه القصير مع رئيس الحكومة الأوكرانية أرسيني ياتسينيوك، دعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما كييف إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية التى بدأت بها كي تفي بالتزاماتها بالنسبة لصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
كما دعا إلى أهمية أن تتبنى أوكرانيا إصلاحات إضافية، وخصوصا فى مجال الطاقة.
والمعروف أن صندوق النقد الدولي أعرب مؤخرا عن قلقه بشأن تداعيات التدابير المالية التي تنوي السلطات الأوكرانية اتخاذها، معتبرا أنها يمكن أن تهدد نمو الاقتصاد، وبالذات فيما يتعلق بحزمة من القوانين (سبعة مشاريع قوانين على الصعيد المالي أحيلت الأسبوع الماضي إلى البرلمان الأوكراني)، من شأنها إحداث حالة من التراجع عن "سياسات مهمة" نفذت في إطار البرنامج الذي يدعمه صندوق النقد الدولي في مجال إصلاح نظام التقاعد وقطاع الطاقة وخفض النفقات.
وذلك وفقا لتصريحات مدير صندوق النقد في أوروبا بول طومسون.
هذه الدعوات، سواء من الرئيس الأمريكي أو من جانب صندوق النقد الدولي، تأتي على خلفية تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية بأنها تخطط للبدء بتدريب الجيش النظامي الأوكراني، إضافة إلى قوات الحرس الوطني، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
والمعروف أن أكثر من 300 عسكري أمريكي يتواجدون على الأراضي الأوكرانية ضمن برنامج تدريب وحدات من الحرس الوطني الأوكراني في ضواحي مدينة لفوف غرب البلاد منذ الربيع الماضي.
واعترف قائد القوات البرية الأمريكية في أوروبا الجنرال بن هودجز بأن البرنامج الحالي الخاص بتدريب الحرس الوطني الأوكراني سيتم "توسيعه" أواخر نوفمبر، ليشمل عناصر الجيش النظامي.
وأن واشنطن بصدد اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، كي يستطيع الخبراء الأمريكيون الوصول إلى أوكرانيا قبل حلول فصل الشتاء.
أما وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر فأعلن أمام أعضاء الكونغرس خلال الأسبوع الماضي عزم واشنطن مواصلة البرنامج، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تتخذ بعد قرارا بشأن توريدات الأسلحة لكييف.
هذه الإجراءات الأمريكية، سواء على مستوى مطالبة كييف بإصلاحات في مجال الطاقة، أو بتدريب قواتها، أو بالتلويح دوما بإمكانية تزويدها بالسلاح، يرا مراقبون أنه يعكس إصرار واشنطن على رفع حدة التوتر إقليميا وفي الداخل الأوكراني في ظل سيطرة "حزب الحرب" على توجهات السلطة في كييف.
إضافة إلى تجاهل مثير للتساؤلات لمقررات قمة مينسك والاتفاقات الملزمة للجانب الأوكراني بإجراء إصلاحات دستورية في البلاد.
في هذا الصدد تحديدا، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن التكتيك الذي اختارته كييف بإغفال مصالح سكان منطقة دونباس يحبط الجهود الدولية الرامية إلى تخفيف حدة التوتر في أوكرانيا.
إذ أن مشروع التعديلات الدستورية بشكلها الراهن الذي تم تحضيره دون تشاور مع ممثلين عن مناطق جنوب شرق أوكرانيا، لا يتماشى مع اتفاقات مينسك.
إضافة إلى تجاهل كييف مقترحات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بشأن تعديل الدستور الأوكراني.
وزارة الخارجية الروسية حذرت مجددا من أن تحايل سلطات كييف والتفافها على اتفاقات مينسك لا يساهم في التوصل إلى تسوية راسخة للأزمة الأوكرانية وإحلال السلام الدائم هناك، بل يعرض الاستقرار والأمن في القارة الأوروبية للخطر.
لكن المؤشرات تشير إلى أن رغبة الولايات المتحدة في زيادة التوتر في أوكرانيا وحولها تنعكس على الدعم المباشر وغير المباشر من جانب الإدارة الأمريكية لفريق الحرب الأوكراني، وفي الوقت نفسه لا يوجد أي اتفاق بشأن انتشال كييف من فشلها الاقتصادي وتقديم المساعدات المطلوبة والتي من شأنها مساعدة الشعب الأوكراني نفسه على مواصلة الحياة في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي لغالبية السكان، وانتشار الفساد الذي يبتلع المساعدات الضئيلة التي تقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ليس من أجل مساعدة الاقتصاد الأوكراني على أرض الواقع، بل رغبة في دعم حزب الحرب والاحتفاظ به كحليف من جهة، والحفاظ على مستوى معين للتوتر في المنطقة من جهة أخرى.