عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن قراءة الزيارة المفاجئة التي لم تكن مقررة لرئيس الأركان الأردني الجنرال مشعل الزبن للسعودية مع قرب نهاية الأسبوع وبعد يومين فقط من إعلان التوصل للاتفاق النووي الإيراني بمعزل عن سلسلة الهواجس والمخاوف التي أثارتها السعودية ـ لدى الأردنيين وغيرهم ـ بردة فعلها الأولية على إعلان الإتفاق النووي.
برنامج زيارة الجنرال الزبن عشية عيد الفطر السعيد تضمن مقابلة وصفتها مصادر «القدس العربي» بأنها «مهمة وحيوية» وستكون الأولى من نوعها مع وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن عبد العزيز والأوساط السياسية الأردنية أصبحت على علم مسبق بأن وزارة الدفاع السعودية ستبادر وفورا بعد إنجاز الإتفاق النووي الإيراني لتسريع خطوات الإنفتاح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتلك مسألة خاصة خارج سياق التأثير الأردني في كل الأحوال.
البيان السعودي بعد الزيارة تحدث عن مناقشة للخطط الدفاعية المشتركة مما يعني أن اللقاء بين مشعل والأمير محمد لم يكن سياسيا بقدر ما كان «عملياتيا» دون إتضاح التفاصيل.
قبل ذلك زار الزبن الرياض مرتين ولم يحصل على فرصة للإتفاق على مشاريع استراتيجية عسكرية مع الأمير محمد بن سلمان.
توقيت وشكل الزيارة يوحي بأنها «طارئة» وتقررت في اللحظات الأخيرة وبعد التطور الأخير لمسار مفاوضات إيران في فيينا.
نتائج زيارات الزبن وغيره من المسؤولين الأردنيين للسعودية في عهد الملك سلمان كانت «سلبية» في قياسات الحرص الأردني على المصالح المشتركة والرهان يتفاعل الآن على زيارة مختلفة هذه المرة لم تعرف بعد تفصيلاتها وحيثياتها لانها رتبت على أساس قرار مفاجئ للنخبة الحاكمة في الرياض بالتشاور مع أضيق وأهم الحلقات السياسية في الأردن.
الجنرال الزبن يتصدر عمليا ومنذ عامين قائمة الشخصيات المهمة جدا في الأردن وزيارته الأخيرة للسعودية تتم بصفته أيضا مستشارا عسكريا للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
لكنها في كل الأحوال زيارة تختبر إمكانية الإتفاق على تكتيك ثنائي أو حتى استراتيجية مشتركة عندما يتعلق الأمر بالإتفاق الأخير الذي أقلق السعودية خصوصا وان القيادة الأردنية سبق ان عبرت خلف الستارة عن مخاوف متعددة على الوضع العام في المنطقة وفي السعودية خصوصا بعد إنفلات عقال «عاصفة الحزم». بعد عاصفة الحزم مباشرة وإثر فتور حماس الأردن للسيناريو البري في اليمن تعرضت العلاقات مع السعودية لمطبات وتقلبات ومشكلات تم التعبير عن الكثير منها على أكثر من نحو وبأكثر من شكل.
اليوم يختبر الجنرال الزبن مع السعوديين إمكانية تجاوز هذه المطبات فعلا لا قولا، عبر بناء تصور مشترك في البعد الاستراتيجي يحاول تفكيك ألغاز الخطوة اللاحقة بعد الإتفاق النووي المشار إليه والذي فرض نفسه كالصاعقة على المستوى السياسي في المنطقة، حيث لاحظت عمان أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سارع لتطمين طرف واحد في المنطقة بعد توقيع إتفاق فيينا وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الأردنيون سربوا عبر قنواتهم الخلفية الإيحاء مباشرة للطرف السعودي على أساس لفت نظر الرياض لان غضب ومخاوف السعودية قد لا يكون لها حساب في سلوكيات الإدارة الأمريكية وهو أمر فهمت شخصيات أردنية سياسية أن السعودية متنبهة له وستعمل على معالجته قريبا عبر إطلاق حزمة استراتيجية من التعاون مع موسكو بوتين.
هنا تحديدا تحذر المؤسسة الأردنية من الانفعال وتحافظ على مستوى استراتيجي من العلاقة مع الأمريكيين يتقبل وإن كان لا يستطيع أصلا رفض الإتفاق النووي، الأمر الذي يعزز القناعة بوجود تصورين مختلفين في الرياض وعمان إزاء النظرة لتداعيات ونتائج الإتفاق النووي.
هذه التداعيات في رأي رئيس مجلس الأعيان الأردني الأسبق طاهر المصري مهمة وفي غاية الإثارة ولا يمكن إسقاطها من الحسابات ولابد من التوحد على مستوى مؤسسات النظام الرسمي العربي لمواجهتها.
يتفق المصري وهو يتناقش مع «القدس العربي» بالتفاصيل، على ان السعودية والنظام الرسمي العربي عموما متضرران بقوة بعد الإتفاق النووي، مشيرا لاهمية تعزيز التنسيق العربي المشترك على أمل إحتواء التداعيات التي ستتخذ على الأرجح عدة صيغ وأشكال.
المصري يلمح لصعوبة تطويق التداعيات لكنه يتحدث عن «تقليل الأضرار» أو احتواء التداعيات حتى لا تصبح المعادلة على شكل نظام رسمي عربي هو ضحية الحالة الإيرانية الجديدة في المنطقة. وما ينبغي عمله في رأي الرجل هو الحرص وبصورة جماعية عند الدول العربية على ان لا تصبح المصالح العربية القومية في مهب الريح بعد التفوق الإقليمي الإيراني مع التحذير من ان القضية الفلسطينية ستدفع الثمن.
تحليل المصري ان واشنطن ستسعى بعد الآن لإرضاء نتنياهو الغاضب والثمن قد يدفعه بصورة مرجحة الشعب الفلسطيني وقضيته التي تخضع للتصفية مما يمهد الفرصة أمام إسرائيل للتعامل مع سيناريو «الدولة اليهودية».
سياسيون كثر في عمان من بينهم المصري يتحدثون الآن بإسم الأردنيين عن الحاجة الملحة لـ«صحوة» عربية «إستدراكية لا يمكنها في كل الأحوال تغيير الوقائع الجديدة على مستوى الإقليم في ظل تعزيز نفوذ إيران كقوة مركزية، ولكن بوسعها إحتواء وتخفيف النتائج والعمل على إستثمار وتوظيف أفضل لأوراق القوة العربية التي ما زالت متبقية.
ما سبق قد يشكل عمليا استراتيجية الأردن الذي يعلن وقوفه تماما مع المؤسسة السعودية، لكنه لا يتحمس إطلاقا لأجواء الحرب والمواجهة مع إيران وأن كانت السعودية وهي تستقبل الجنرال مشعل وتوفد مبعوثين سريين لعمان يعملون على عدة مسارب ستعمل على تعزيز سياسة التمحور «السني والشيعي» بعد الآن وفقا لسيناريو الهلال الشيعي الذي كان العاهل الأردني عمليا أول من حذر منه دون ان ينتبه النظام الرسمي العربي.http://www.alquds.co.uk/?p=374051
برنامج زيارة الجنرال الزبن عشية عيد الفطر السعيد تضمن مقابلة وصفتها مصادر «القدس العربي» بأنها «مهمة وحيوية» وستكون الأولى من نوعها مع وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن عبد العزيز والأوساط السياسية الأردنية أصبحت على علم مسبق بأن وزارة الدفاع السعودية ستبادر وفورا بعد إنجاز الإتفاق النووي الإيراني لتسريع خطوات الإنفتاح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتلك مسألة خاصة خارج سياق التأثير الأردني في كل الأحوال.
البيان السعودي بعد الزيارة تحدث عن مناقشة للخطط الدفاعية المشتركة مما يعني أن اللقاء بين مشعل والأمير محمد لم يكن سياسيا بقدر ما كان «عملياتيا» دون إتضاح التفاصيل.
قبل ذلك زار الزبن الرياض مرتين ولم يحصل على فرصة للإتفاق على مشاريع استراتيجية عسكرية مع الأمير محمد بن سلمان.
توقيت وشكل الزيارة يوحي بأنها «طارئة» وتقررت في اللحظات الأخيرة وبعد التطور الأخير لمسار مفاوضات إيران في فيينا.
نتائج زيارات الزبن وغيره من المسؤولين الأردنيين للسعودية في عهد الملك سلمان كانت «سلبية» في قياسات الحرص الأردني على المصالح المشتركة والرهان يتفاعل الآن على زيارة مختلفة هذه المرة لم تعرف بعد تفصيلاتها وحيثياتها لانها رتبت على أساس قرار مفاجئ للنخبة الحاكمة في الرياض بالتشاور مع أضيق وأهم الحلقات السياسية في الأردن.
الجنرال الزبن يتصدر عمليا ومنذ عامين قائمة الشخصيات المهمة جدا في الأردن وزيارته الأخيرة للسعودية تتم بصفته أيضا مستشارا عسكريا للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
لكنها في كل الأحوال زيارة تختبر إمكانية الإتفاق على تكتيك ثنائي أو حتى استراتيجية مشتركة عندما يتعلق الأمر بالإتفاق الأخير الذي أقلق السعودية خصوصا وان القيادة الأردنية سبق ان عبرت خلف الستارة عن مخاوف متعددة على الوضع العام في المنطقة وفي السعودية خصوصا بعد إنفلات عقال «عاصفة الحزم». بعد عاصفة الحزم مباشرة وإثر فتور حماس الأردن للسيناريو البري في اليمن تعرضت العلاقات مع السعودية لمطبات وتقلبات ومشكلات تم التعبير عن الكثير منها على أكثر من نحو وبأكثر من شكل.
اليوم يختبر الجنرال الزبن مع السعوديين إمكانية تجاوز هذه المطبات فعلا لا قولا، عبر بناء تصور مشترك في البعد الاستراتيجي يحاول تفكيك ألغاز الخطوة اللاحقة بعد الإتفاق النووي المشار إليه والذي فرض نفسه كالصاعقة على المستوى السياسي في المنطقة، حيث لاحظت عمان أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سارع لتطمين طرف واحد في المنطقة بعد توقيع إتفاق فيينا وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الأردنيون سربوا عبر قنواتهم الخلفية الإيحاء مباشرة للطرف السعودي على أساس لفت نظر الرياض لان غضب ومخاوف السعودية قد لا يكون لها حساب في سلوكيات الإدارة الأمريكية وهو أمر فهمت شخصيات أردنية سياسية أن السعودية متنبهة له وستعمل على معالجته قريبا عبر إطلاق حزمة استراتيجية من التعاون مع موسكو بوتين.
هنا تحديدا تحذر المؤسسة الأردنية من الانفعال وتحافظ على مستوى استراتيجي من العلاقة مع الأمريكيين يتقبل وإن كان لا يستطيع أصلا رفض الإتفاق النووي، الأمر الذي يعزز القناعة بوجود تصورين مختلفين في الرياض وعمان إزاء النظرة لتداعيات ونتائج الإتفاق النووي.
هذه التداعيات في رأي رئيس مجلس الأعيان الأردني الأسبق طاهر المصري مهمة وفي غاية الإثارة ولا يمكن إسقاطها من الحسابات ولابد من التوحد على مستوى مؤسسات النظام الرسمي العربي لمواجهتها.
يتفق المصري وهو يتناقش مع «القدس العربي» بالتفاصيل، على ان السعودية والنظام الرسمي العربي عموما متضرران بقوة بعد الإتفاق النووي، مشيرا لاهمية تعزيز التنسيق العربي المشترك على أمل إحتواء التداعيات التي ستتخذ على الأرجح عدة صيغ وأشكال.
المصري يلمح لصعوبة تطويق التداعيات لكنه يتحدث عن «تقليل الأضرار» أو احتواء التداعيات حتى لا تصبح المعادلة على شكل نظام رسمي عربي هو ضحية الحالة الإيرانية الجديدة في المنطقة. وما ينبغي عمله في رأي الرجل هو الحرص وبصورة جماعية عند الدول العربية على ان لا تصبح المصالح العربية القومية في مهب الريح بعد التفوق الإقليمي الإيراني مع التحذير من ان القضية الفلسطينية ستدفع الثمن.
تحليل المصري ان واشنطن ستسعى بعد الآن لإرضاء نتنياهو الغاضب والثمن قد يدفعه بصورة مرجحة الشعب الفلسطيني وقضيته التي تخضع للتصفية مما يمهد الفرصة أمام إسرائيل للتعامل مع سيناريو «الدولة اليهودية».
سياسيون كثر في عمان من بينهم المصري يتحدثون الآن بإسم الأردنيين عن الحاجة الملحة لـ«صحوة» عربية «إستدراكية لا يمكنها في كل الأحوال تغيير الوقائع الجديدة على مستوى الإقليم في ظل تعزيز نفوذ إيران كقوة مركزية، ولكن بوسعها إحتواء وتخفيف النتائج والعمل على إستثمار وتوظيف أفضل لأوراق القوة العربية التي ما زالت متبقية.
ما سبق قد يشكل عمليا استراتيجية الأردن الذي يعلن وقوفه تماما مع المؤسسة السعودية، لكنه لا يتحمس إطلاقا لأجواء الحرب والمواجهة مع إيران وأن كانت السعودية وهي تستقبل الجنرال مشعل وتوفد مبعوثين سريين لعمان يعملون على عدة مسارب ستعمل على تعزيز سياسة التمحور «السني والشيعي» بعد الآن وفقا لسيناريو الهلال الشيعي الذي كان العاهل الأردني عمليا أول من حذر منه دون ان ينتبه النظام الرسمي العربي.http://www.alquds.co.uk/?p=374051
تعليق