العميد م. ناجي ملاعب
في يالطا اجتمع عام 1945 روزفلت، ستالين، وتشرشل القادة المنتصرون على هتلر ودول المحور، في حرب ازهقت ملايين الأرواح ودمّرت مدناً وبلداناً بكاملها وانتهت بأبشع جريمة في تاريخ البشرية المعاصر الا وهي استخدام سلاح الذرة .
وكان مما اتفق عليه في تلك القمة اقتسام تركة الحرب وتقسيم المانيا ودول اوروبا الى غربية وأخرى شرقية، واتفق فيها أيضا على ملاحقة فلول النازية بحجة جرائم الحرب، وأصدروا الأحكام الفورية والتي عرفت بمحاكم نورمبيرغ بحق اعدائهم المهزومين، واستصدروا في بلدانهم تشريعات تجرّم كل من يحاول التشكيك بأحكام تلك المحاكم (حيث حوكم المفكر روجيه غارودي بتلك المادة) .
اقتسام النفوذ في يالطا كان هدفه السيطرة على خيرات الشعوب والتحكم بمقدراتها. وأصبح العالم، بعد يالطا عالمين احدهما اول والآخر ثالث. ولقد ارسى المجتمعون في تلك القمة وما تلاها من قمم قواعد إحداث المنظومة العالمية الجديدة التي حكمت شعوب العالم الثالث من خلال نظام المنتصر الذي طوروا قواعده من خلال تطوير عصبة الأمم الى أمم متحدة. ونصبوا لأنفسهم حق النقض "الفيتو" المسلط على حق الشعوب والجاهز للاستخدام ضد اي معترض او مناوء لسياسة الخمسة الكبار في الهيمنة والتسلط .
وكان الإنكفاء العسكري بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ممهداً للدخول في مرحلة جديدة من الغزو الناعم لدول العالم الثالث من خلال التحكم بالموارد الأولية وتوجيه الاقتصاديات الناشئة، بواسطة البنك الدولي وآليات أخرى. فكان ان استباحت المنظومة العالمية الجديدة بلدان العالم الثالث من خلال الشركات العابرة للحدود وأحكمت السيطرة على منابع الطاقة، وحرصت على احتكار التقانة الحديثة وأدوات التقدم والنهوض وعلى محاربة كل من يفكر في ان يغرد خارج السرب، وكان نظام الفيتو وسيلة التحكم بمصائر الشعوب المقهورة.
لا اعتقد ان اي عربي في أصقاع الدنيا لا يحفظ في ذاكرته كم مرة استخدمت أميركا هذا النظام "الفيتو" لحماية الكيان الصهيوني من أية مساءلة والحؤول دون تنفيذ ما يتم التصويت عليه واحياناً بالإجماع لتأكيد الحق الفلسطيني، أو حتى مجرد إدانة اسرائيل. والمفارقة أن دولة كروسيا، وريثة الإتحاد السوفييتي، المفترض أنه - نصير الشعوب في حق تقرير المصير - استمعلت الفيتو لمنع ادانة الإستعمال المفرط للقوة من قبل الحكومة السورية، ولمرتين أخريين في قضايا أقل وطأة (من قبيل فتح طرق آمنة لوصول مساعدات مثلاً) في ذات الموضوع السوري، وبمساندة الصين كذلك.
ولكن عندما يلامس الوضع أخطاراً قد تُدخل إيران الى النادي النووي العسكري – رغم نفي ايران الدائم – وحيث أن ايران النووية في هذا الشرق قد تهدد أحادية النووي الإسرائيلي فهذا يتطلب 17 يوماً من الإجتماعات المتواصلة في فيينا لوزراء خارجية الدول الخمس الكبرى مع ألمانيا في وفد موحد للتباحث والنقاش مع الوفد الإيراني للوصول الى نتيجة. وقد خرج الدخان الأبيض ليؤكد أن الجهد التفاوضي أثمر اتفاقاً هو نقطة تحول في الدبلوماسية العالمية.
إن هذا النجاح التفاوضي يقودنا الى البحث بجدية حول تطوير آليات عمل مجلس الأمن الدولي، وبالذات الصلاحية التي منحها الكبار لأنفسهم باستعمال حق النقض "الفيتو". وبكثير من البساطة، لو لم يكن هذا السكين المرفوع على قضايا الشعوب الضعيفة والمستضعفة موجوداً ألا يشق الأسلوب التفاوضي طريقه وتوضع كافة المصالح والإعتبارات فوق الطاولة ويصبح لزاماً على الدول العظمى البحث عن الحلول وعدم الإستكانة إلا بعد ايجادها وصوغها ورعايتها والإشراف على حسن التنفيذ؟
بموجب القانون الدولي تتمثل الكتل العالمية والقارات الى جانب الدول الكبرى - الثابتة العضوية - في مجلس الأمن، ومن دون شك يجب الإعتراف أن مقررات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأممية لنصرة حق الشعوب تكتسب الشرعية الدولية وتتمسك بها الشعوب لهذه الصفة، ولكن التنفيذ يصطدم بالحاجز المعرقل في مجلس الأمن اي حق النقض.
بعد هذا الدخان الأبيض في الملف الننوي الإيراني وفي مناسبة الحديث المطروح الآن لتطوير عمل الأمم المتحدة، أما آن الأوان للإستجابة الى ترجمة فعلية للشرعة الدولية لحقوق الإنسان وتطوير عمل مجلس الأمن الدولي بسحب حق النقض "الفيتو"!
في يالطا اجتمع عام 1945 روزفلت، ستالين، وتشرشل القادة المنتصرون على هتلر ودول المحور، في حرب ازهقت ملايين الأرواح ودمّرت مدناً وبلداناً بكاملها وانتهت بأبشع جريمة في تاريخ البشرية المعاصر الا وهي استخدام سلاح الذرة .
وكان مما اتفق عليه في تلك القمة اقتسام تركة الحرب وتقسيم المانيا ودول اوروبا الى غربية وأخرى شرقية، واتفق فيها أيضا على ملاحقة فلول النازية بحجة جرائم الحرب، وأصدروا الأحكام الفورية والتي عرفت بمحاكم نورمبيرغ بحق اعدائهم المهزومين، واستصدروا في بلدانهم تشريعات تجرّم كل من يحاول التشكيك بأحكام تلك المحاكم (حيث حوكم المفكر روجيه غارودي بتلك المادة) .
اقتسام النفوذ في يالطا كان هدفه السيطرة على خيرات الشعوب والتحكم بمقدراتها. وأصبح العالم، بعد يالطا عالمين احدهما اول والآخر ثالث. ولقد ارسى المجتمعون في تلك القمة وما تلاها من قمم قواعد إحداث المنظومة العالمية الجديدة التي حكمت شعوب العالم الثالث من خلال نظام المنتصر الذي طوروا قواعده من خلال تطوير عصبة الأمم الى أمم متحدة. ونصبوا لأنفسهم حق النقض "الفيتو" المسلط على حق الشعوب والجاهز للاستخدام ضد اي معترض او مناوء لسياسة الخمسة الكبار في الهيمنة والتسلط .
وكان الإنكفاء العسكري بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ممهداً للدخول في مرحلة جديدة من الغزو الناعم لدول العالم الثالث من خلال التحكم بالموارد الأولية وتوجيه الاقتصاديات الناشئة، بواسطة البنك الدولي وآليات أخرى. فكان ان استباحت المنظومة العالمية الجديدة بلدان العالم الثالث من خلال الشركات العابرة للحدود وأحكمت السيطرة على منابع الطاقة، وحرصت على احتكار التقانة الحديثة وأدوات التقدم والنهوض وعلى محاربة كل من يفكر في ان يغرد خارج السرب، وكان نظام الفيتو وسيلة التحكم بمصائر الشعوب المقهورة.
لا اعتقد ان اي عربي في أصقاع الدنيا لا يحفظ في ذاكرته كم مرة استخدمت أميركا هذا النظام "الفيتو" لحماية الكيان الصهيوني من أية مساءلة والحؤول دون تنفيذ ما يتم التصويت عليه واحياناً بالإجماع لتأكيد الحق الفلسطيني، أو حتى مجرد إدانة اسرائيل. والمفارقة أن دولة كروسيا، وريثة الإتحاد السوفييتي، المفترض أنه - نصير الشعوب في حق تقرير المصير - استمعلت الفيتو لمنع ادانة الإستعمال المفرط للقوة من قبل الحكومة السورية، ولمرتين أخريين في قضايا أقل وطأة (من قبيل فتح طرق آمنة لوصول مساعدات مثلاً) في ذات الموضوع السوري، وبمساندة الصين كذلك.
ولكن عندما يلامس الوضع أخطاراً قد تُدخل إيران الى النادي النووي العسكري – رغم نفي ايران الدائم – وحيث أن ايران النووية في هذا الشرق قد تهدد أحادية النووي الإسرائيلي فهذا يتطلب 17 يوماً من الإجتماعات المتواصلة في فيينا لوزراء خارجية الدول الخمس الكبرى مع ألمانيا في وفد موحد للتباحث والنقاش مع الوفد الإيراني للوصول الى نتيجة. وقد خرج الدخان الأبيض ليؤكد أن الجهد التفاوضي أثمر اتفاقاً هو نقطة تحول في الدبلوماسية العالمية.
إن هذا النجاح التفاوضي يقودنا الى البحث بجدية حول تطوير آليات عمل مجلس الأمن الدولي، وبالذات الصلاحية التي منحها الكبار لأنفسهم باستعمال حق النقض "الفيتو". وبكثير من البساطة، لو لم يكن هذا السكين المرفوع على قضايا الشعوب الضعيفة والمستضعفة موجوداً ألا يشق الأسلوب التفاوضي طريقه وتوضع كافة المصالح والإعتبارات فوق الطاولة ويصبح لزاماً على الدول العظمى البحث عن الحلول وعدم الإستكانة إلا بعد ايجادها وصوغها ورعايتها والإشراف على حسن التنفيذ؟
بموجب القانون الدولي تتمثل الكتل العالمية والقارات الى جانب الدول الكبرى - الثابتة العضوية - في مجلس الأمن، ومن دون شك يجب الإعتراف أن مقررات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأممية لنصرة حق الشعوب تكتسب الشرعية الدولية وتتمسك بها الشعوب لهذه الصفة، ولكن التنفيذ يصطدم بالحاجز المعرقل في مجلس الأمن اي حق النقض.
بعد هذا الدخان الأبيض في الملف الننوي الإيراني وفي مناسبة الحديث المطروح الآن لتطوير عمل الأمم المتحدة، أما آن الأوان للإستجابة الى ترجمة فعلية للشرعة الدولية لحقوق الإنسان وتطوير عمل مجلس الأمن الدولي بسحب حق النقض "الفيتو"!
تعليق