في ضوء نعيق طهران المشروخ والمكرور عن حلف المقاومة والممانعة، والموت للشيطان الأكبر والعدو الصهيوني، يستطيع المراقب الموضوعي أن ينظر إلى لقاء علي خامنئي ورئيس سلطة رام الله محمود عباس، على أنه قمة غير مباشرة بين المرشد الأعلى للثورة المجوسية وبنيامين نتنياهو! فحتى وقت غير بعيد كان عباس وسلطته وحركة فتح جميعاً مصنفين في أبواق إيران المباشرة وأدواتها في المنطقة، عملاء باعوا فلسطين بثمن بخس، وأعداء لحركات المقاومة لتنسيقهم الأمني مع المحتل !!
والأمر نفسه جرى لخالد مشعل وحركة حماس، ولا حاجة إلى التذكير به لأنه ما زال ماثلاً للعيان، مع تبدلات طفيفة في درجة الشتم بسبب بعض أعضاء الحركة الذين يصرون على العودة إلى حضن المجوس الجدد!!
أسئلة محرمة
بحسب نظرية ولاية الفقيه، يتربع كبيرهم الذي علمهم الدجل على رأس السلطات كافة، ولا يُسأَل عما يفعل وهم يُسأَلُون –والعياذ بالله فهذه من خصائص رب العالمين وحده لا شريك له-..ولذلك لن يجرؤ عبد من العبيد أن يسأل فرعون ولو في سره: ما الذي تبدل في سيرة محمود عباس حتى تستقبله؟
هل أوقف تنسيقه الأمني مع أجهزة مخابرات العدو؟ هل التحق بمحور الممانعة وأعلن توبته عما سلف من جرائمه؟
بل إن هؤلاء العبيد لن ينبسوا ببنت شفة، إذا زعقت أبواقهم غداً أو بعد غد، وبثت قصائد الوله بعباس باعتباره رمزاً للمقاومة الفلسطينية-إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان!!-
نحن لا نتقول على القوم ولا نبالغ.. ألا تذكرون صراخ نصر اللات عن الطيب رجب طيب أردوغان قبل أن يصبح عنده عميلاً لليهود وحلف الناتو، من يوم رفضت تركيا الدفاع عن هولاكو العصر: بشار الأسد؟ وهل نسينا قصائد الرافضة العصماء في مديح أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وهو يزور جنوب لبنان، الذي جلب له نصر اللات الدمار الشامل بمغامرة عبثية من أجل عيون إيران، فتولت قطر إعادة بناء ما تهدم؟ ولما يئست الدوحة من استجابة عصابة آل الأسد إلى الحد الأدنى من مطالب السوريين، وانهالت عليهم بالرصاص الحي، اضطرت أن تقف مع الشعب المنكوب، فانقلب أمير القلوب-سابقاً- عدواً لله والأمة وقيل فيه من الهجاء البذيء الرخيص ما لم يقترفه شعراء النقائض..
إجابات الواقع
بما أن حلف المماتعة لا يقول إلا الثناء الكاذب والقدح الأشد زوراً –بحسب رضوخ المرء إلى توجيهات كبيرهم أو تمرده عليها- فلا ينتظر عاقل أن يحصل منهم على تفسير يقبل الأخذ والرد –فكيف بالتصديق؟!-، ليستوعب أسباب هذا الانقلاب على شعاراتهم وتجارتهم الرئيسية: قميص فلسطين!
وهو انقلاب على ضفة عباس نفسه، الذي كان- وما زال- منحازاً إلى مشروع "الشيطان الأكبر"- بحسب قاموس الدجل المجوسي السابق- لتصفية القضية الفلسطينية، بإسقاط القدس وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، وتمييع القضية الكبرى وتمطيط حالة الركود القهرية بأجهزة قمعه الشرسة، لكي يقضي التهويد حتى على أراضي الدولة المسخ التي يلهث وراءها دعاة التسوية منذ ربع قرن بلا جدوى!
البديل المنطقي في هذه الحال لفهم هذه الزيجة المفاجئة واستقراء مستقبلها أهي زيجة متعة أم زواج عادي، يتلخص في سؤال جوهري: ما الذي يريده خامنئي من عباس وما الذي يطلبه عباس من خامنئي؟
لندأ بنفي المدد المالي من الجانبين، فطهران غارقة في نفقات مشروعها السرطاني في الشام والعراق، وهي في حاجة إلى كل دولار فلن تبذله لطارق بابها في الوقت المستقطع!! وعباس لا ينشد المال هنا-ليس عفةً- ولكن لأنه يدرك استحالة الحصول عليه من ملالي قم، ولأن البديل العربي متاح بما يكفي!!
فهل حان وقت الصدع الصفوي بنبذ تجارة الممانعة، بعد أن استنفدت أغراضها، وحققت مكاسب خيالية لتاجرها الأكبر وصبيانه في سوريا والشام-المثير للسخرية أن العصابات المتسلطة على العراق دخلت على خط هذه التجارة وهي التي وثبت على مقدرات بلاد الرافدين بالدبابة الأمريكية!!-؟
أم أن الأمر مجرد مكايدة سوقية مجوسية لحركة حماس التي شقَّت عصا الطاعة؟
حلف الأقليات
يعلم محمود عباس وعصابة أوسلو أنه ليس لدى طهران ما تقدمه لهم سياسياً، فهي ستنخرط في المشروع الشيطاني الأكبر علانية كمبتدئة، بينما عباس عضو مؤسس في التبعية الصريحة منذ 1994م.بل إن الأيام كشفت دوره "الريادي"في صفقة أوسلو قبل سنوات من إبرامها، بوصفه عرّابها خلال المحادثات السرية التي مهّدت لها.
إن الأمر لا يعدو-في رأيي المتواضع- تمهيد الأجواء وتحضير المسرح لإكمال حلقات تحالف الأقليات بقيادة الصهاينة، ومشاركة المجوس الجدد، تحت الإشراف الأمريكي.. وعباس ينتمي عملياً إلى أقلية تقود عملية بيع فلسطين نهائياً، وإن كان وأعضاء عصابته ينتسبون من الناحية النظرية إلى الأكثرية التي يتم إنشاء حلف الأقليات للإجهاز عليها.
تعليق