خاص بالراصد انفجرت المشكلة الكردية فجأة في وجه الأمة، وبدلا من أن يكون الشعب الكردي المسلم جزءا من العالم الإسلامي في حركته لمواجهة العدوان الخارجي الغربي والهجوم الطائفي الإيراني الشيعي أصبحنا أمام وضع جديد يقف فيه مَن يتحدثون باسم القضية الكردية في الحلف المعادي. التطورات التي تشهدها تركيا حاليا والمواجهة مع حزب العمال الكردي تعيد ملف الأكراد إلى الواجهة بصورة أكثر إثارة عن ذي قبل، فالأكراد الذين انتفضوا ضد مصطفى كمال أتاتورك الذي أسقط الخلافة وثاروا بقيادة العلماء لاستعادة الخلافة، يحارب بعض أحفادهم اليوم ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية لإسقاط الحكم الإسلامي! هذه المفارقة تثير التساؤل حول هذا الانقلاب في طبيعة النخبة بالمجتمع الكردي، وتجعلنا في حيرة أمام اختطاف اليساريين والشيوعيين المشهد وزعامة الأمة الكردية المسلمة المعتزة بدينها، فكيف تبدلت القيادة من حال إلى حال، وانتقلت من علماء الدين والمساجد إلى أحزاب وتيارات اليسار الكارهة لدينها والمتحالفة مع الصليبيين والشيعة واليهود ضد الحاضنة الكردية المسلمة والمحيط العربي المسلم. من خلال المتابعة للتطورات المتعلقة بالأكراد فإن التحرك العسكري ضد حزب العمال الكردستاني لما يكن مبادأة واستباقا من الحكومة التركية بالقتال، وإنما جاء كرد فعل لتحركات عسكرية وعمليات مسلحة كردية في تركيا وسوريا لفرض واقع جديد يصب في صالح مخطط التقسيم الذي تقف خلفه قوى صهيونية صليبية تستغل مطالب الأكراد بإعلان وطن قومي وتوظيفها في إطار استراتيجيتها التفكيكية.
تركيا في تركيا تخلى حزب العمال الكردستانيPKK عن الاتفاق الذي أبرم في 2013 بين حزب العدالة والتنمية وعبد الله أوجلان زعيم الحزب والذي أوقف الصراع الدموي الذي استنزف تركيا وفتح آفاقا جديدة جلبت السلم بين الطرفين، واندفع مقاتلو الحزب يتناغمون مع التوجهات الخارجية ضد أردوغان، وراحوا ينفذون عمليات مسلحة ضد الشرطة والجيش ومباني الحكومة في شرق تركيا حيث الوجود الكردي للحزب المتمرد ومعاقله الرئيسية. تواكب مع هذه العمليات تنكر القيادات السياسية الكردية لأردوغان عقب فوزهم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت مؤخرا وتخطى فيها الحزب الكردي نسبة الـ 10% لأول مرة وتحقيق نتائج طيبة أحدثت حالة من التفاؤل المؤقت الذي لم يستمر، وأعلن قادة حزب الشعوب الديمقراطي وقوفه ضد الحزب الحاكم وانحاز للأحزاب العلمانية والقومية الأخرى المتوافقة هي الأخرى مع القوى الخارجية لإسقاط الحكم المتصالح مع الإسلام.
سوريا على الصعيد السوري قام حزب الاتحاد الديمقراطيPYDبالتحرك العسكري للتأسيس لدولة كردية في الشمال السوري وسعى لتوحيد المنطقة الشمالية من الحسكةإلى أقصى الغرب بما فيها المناطق التي يقطنها العرب والتركمان، ولكن الغضب التركي انفجر عندما اجتاحت الميليشيا الكردية تل أبيض التي تمنع التواصل الكردي بين الحسكة وكوباني. هذا التحرك الكردي في تركيا وسوريا أضاف تحديا جديدا تواجهه المنطقة يمثل تهديدا بالغ الخطورة لا يقل عن التهديد الشيعي والتوسع الإيراني الذي يهدف إلى إقامة إمبراطورية فارس الغابرة، فكلا المشروعين: الإيراني الشيعي والكردي القومي الانفصالي مرتبطان بالوجود العسكري الغربي الاحتلالي ويستعينان بالقوة العسكرية الغربية لتحقيق حلميهما.
المشروعان الشيعي والكردي عندما نتحدث عن خطورة التحركات التي تقوم بها الأحزاب الكردية اليسارية في تركيا وسوريا فإننا نطرح الموضوع للفت الانتباه إلى هذا التحدي الجديد الذي يتم توظيفه من القوى المعادية في لحظة تاريخية يعاني فيها العرب والمسلمون من التفكك والصراعات على السلطة أفقدتهم الكثير من عوامل قوتهم التي كانت في السابق، لكن خطر التحرك الكردي لا يتساوى بالتأكيد مع الخطر الإيراني. ونحن عندما نحذر من خطورة التحولات الكردية ندعو للبحث عن استراتيجية للاحتفاظ بالأكراد كجزء حيوي من أمتهم، ومنع الغرب من تجنيدهم واستخدامهم بما يضرهم ويؤذي أمتهم، فإذا استمر خروج هذه التحركات عن السيطرة فالمنطقة مقبلة على تفجير جديد وعنصر هدم يضاف إلى ما تواجهه الأمة من تهديدات. بمقارنة مختصرة يمكن أن نفرق بين المشروعين الإيراني الشيعي، والكردي الانفصالي على النحو التالي: - إيران وشيعتها مشروع عرقي طائفي يعيش على فكرة الثأر من العرب، أي أنه جزء منفصل عن الأمة بمعناه العقدي، بينما المشروع الكردي الانفصالي استثنائي ومؤقت لأنه مرتبط باللحظة الحالية ووجود القوى الخارجية الداعمة له وهو يفتقد الإجماع بين الشعب الكردي المسلم السني المتمسك بعقيدته. - الشيعة قيادة وشعبا ضد الأمة، وتتحرك إيران ككتلة واحدة تمثل الفرس تعيش أحلاما باستعادة الإمبراطورية القديمة والانتقام من السنة، بينما قيادة الكرد الحالية المرتبطة بإيران وإسرائيل والولايات المتحدة والغرب لا تمثل كل الشعب الكردي في تركيا وفي سوريا ولا حتى في كردستان العراق، والسيطرة الحالية للأحزاب مفروضة بقوة السلاح والحماية الخارجية. - المشروع الإيراني يسعى لنشر التشيع بالسيطرة على الأرض بالقوة العسكرية بينما الكرد مسلمون سنة تراودهم أحلام الاستقلال لوقف الظلم الذي تعرضوا له بفعل الحكومات العلمانية بدعم غربي. - المشروع الإيراني مشروع فارسي توسعي بينما الكرد مشروع انفصالي انسحابي لإقامة حكم ذاتي تمهيدا لدولة كردستان الكبرى. - المشروع الإيراني قائم بذاته ومستقل بقوته العسكرية حيث ورثت ثورة الخميني قوة الدولة التي تركها الشاه، وهذه القوة هي التي جعلت عملية ترويض الإيرانيين صعبة وليست بالسهولة مثل باقي دول، في حين أن المشروع الكردي الانفصالي يعتمد بشكل شبه كلي على القوى الخارجية المعادية للأمة. ولكن في إطار صراعها مع الأمة تقوم إيران بدعم قادة الكرد الجدد وتقديم الدعم لهم لتضمن حرمان الثورة الكردية في إيران من الحلفاء، واحتواء الأكراد الإيرانيين السنة الذين يقاومون الحكم الفارسي ويحلمون بالخلاص من الاحتلال الإيراني ووقف المذابح التي يتعرضون لها بشكل دائم برعاية غربية. ومن الملاحظات الجديرة بالنظر أن الغرب الذي يقف الآن خلف التمرد في تركيا والمتحالف مع أكراد سوريا ويقدم كل الدعم للدولة الكردية في كردستان العراق وقف بشكل سافر ضد الأكراد في إيران، حيث تقف أوربا وأمريكا في تحالف استراتيجي مع الإيرانيين الفرس ضد الأكراد السنة وتدعم إيران كشرطي لمنطقة الخليج، وهذا الموقف منذ تمكين بريطانيا العائلة البهلوية من حكم إيران بداية القرن الماضي.
الغرب والتنكيل بالأكراد الأكراد من الشعوب التي تم التنكيل بها عقب الحرب العالمية الأولى، فالقوى الاستعمارية لم تنس لصلاح الدين الأيوبي الكردي الذي وحد الأمة الإسلامية وحرر القدس من الصليبيين، كما لم ينس الغرب دور الشعب الكردي في الدفاع عن الخلافة العثمانية والدفاع عن الإسلام. لقد انتقمت بريطانيا وفرنسا من الأكراد بتقسيم كردستان وتمزيقها بين أكثر من دولة في اتفاقية سايكس بيكو ليتفرق الكرد في إيران والعراق وسوريا وتركيا وروسيا، ووضعهم في دوائر صراع لا تنتهي، تستنزف قوتهم وتكسر شوكتهم، وفي نفس الوقت اشتغل الاستعمار على ترويض قيادات الكرد واستمالتهم لتوظيفهم لصالح إستراتيجية الدول الكبرى وجعلهم وقودا لحروب وصدامات لم تجلب لهم الاستقلال المنشود. لم يكن هناك مشكلة كردية حتى سقوط المنطقة تحت الحكم الاستعماري، ولم يكن هناك نزعة انفصالية داخل الخلافة العثمانية، ولم يكن هناك مطالب مرتبطة بالعرق الكردي، ولم يكن هناك أي دعاوى أو أفكار مرتبطة بالنزعة القومية داخل العالم الإسلامي، فالأمة كانت كيانا واحدا ذابت فيه الأعراق والقوميات. من الثابت تاريخيا أن الغرب والدول الكبرى تلاعبوا بالقضية الكردية، ولم ينتصروا لها، بل كان الغدر بهم هو القاسم المشترك في المحطات الفاصلة والثورات التي قام بها الكرد في تركيا وفي العراق وحتى في إيران، وظل هذا الموقف المعادي للكرد حتى غزو العراق في 1991 حيث بدأت العلاقة بعدها تتغير مع ارتماء النخبة الكردية العراقية في أحضان الموساد وتحويل كردستان العراق إلى دويلة تحت الرعاية الإسرائيلية! هذا النموذج لسلطة الحكم الذاتي في أربيل والسليمانية ودهوك هو الذي يغري بعض الأحزاب اليسارية للتحالف مع إسرائيل والغرب لتكراره في شرق تركيا وشمال سوريا، ومن أجل ذلك يندفعون بشكل أعمى في طريق شائك لن يحقق لهم ما يريدون، وهناك أسباب عديدة تحول دون تكرار تجربة كردستان العراق في دول الجوار، بل إن استمرار هذه التجربة بوضعها الحالي مشكوك فيه، وعوامل انهيارها أكثر من عوامل بقائها. إن القضية الكردية تحتاج إلى اهتمام إسلامي يليق بمكانة الشعب الكردي كجزء أصيل من مكونات الأمة لحصار عملية تغريبه وعزله عن المحيط المسلم، وتحتاج إلى العمل على استعادة الأكراد إلى العالم الإسلامي الذي لم ينفصلوا عنه في يوم من الأيام، ويقتضي هذا السعي المطلوب استراتيجية مواجهة لإفشال خطط خصوم الأمة التي تعمل على اختطاف القضية الكردية واستخدام إخواننا الأكراد كوقود لأهداف صليبية وصهيونية، وهذا ما سنتناوله في مقال آخر إن شاء الله.
تركيا في تركيا تخلى حزب العمال الكردستانيPKK عن الاتفاق الذي أبرم في 2013 بين حزب العدالة والتنمية وعبد الله أوجلان زعيم الحزب والذي أوقف الصراع الدموي الذي استنزف تركيا وفتح آفاقا جديدة جلبت السلم بين الطرفين، واندفع مقاتلو الحزب يتناغمون مع التوجهات الخارجية ضد أردوغان، وراحوا ينفذون عمليات مسلحة ضد الشرطة والجيش ومباني الحكومة في شرق تركيا حيث الوجود الكردي للحزب المتمرد ومعاقله الرئيسية. تواكب مع هذه العمليات تنكر القيادات السياسية الكردية لأردوغان عقب فوزهم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت مؤخرا وتخطى فيها الحزب الكردي نسبة الـ 10% لأول مرة وتحقيق نتائج طيبة أحدثت حالة من التفاؤل المؤقت الذي لم يستمر، وأعلن قادة حزب الشعوب الديمقراطي وقوفه ضد الحزب الحاكم وانحاز للأحزاب العلمانية والقومية الأخرى المتوافقة هي الأخرى مع القوى الخارجية لإسقاط الحكم المتصالح مع الإسلام.
سوريا على الصعيد السوري قام حزب الاتحاد الديمقراطيPYDبالتحرك العسكري للتأسيس لدولة كردية في الشمال السوري وسعى لتوحيد المنطقة الشمالية من الحسكةإلى أقصى الغرب بما فيها المناطق التي يقطنها العرب والتركمان، ولكن الغضب التركي انفجر عندما اجتاحت الميليشيا الكردية تل أبيض التي تمنع التواصل الكردي بين الحسكة وكوباني. هذا التحرك الكردي في تركيا وسوريا أضاف تحديا جديدا تواجهه المنطقة يمثل تهديدا بالغ الخطورة لا يقل عن التهديد الشيعي والتوسع الإيراني الذي يهدف إلى إقامة إمبراطورية فارس الغابرة، فكلا المشروعين: الإيراني الشيعي والكردي القومي الانفصالي مرتبطان بالوجود العسكري الغربي الاحتلالي ويستعينان بالقوة العسكرية الغربية لتحقيق حلميهما.
المشروعان الشيعي والكردي عندما نتحدث عن خطورة التحركات التي تقوم بها الأحزاب الكردية اليسارية في تركيا وسوريا فإننا نطرح الموضوع للفت الانتباه إلى هذا التحدي الجديد الذي يتم توظيفه من القوى المعادية في لحظة تاريخية يعاني فيها العرب والمسلمون من التفكك والصراعات على السلطة أفقدتهم الكثير من عوامل قوتهم التي كانت في السابق، لكن خطر التحرك الكردي لا يتساوى بالتأكيد مع الخطر الإيراني. ونحن عندما نحذر من خطورة التحولات الكردية ندعو للبحث عن استراتيجية للاحتفاظ بالأكراد كجزء حيوي من أمتهم، ومنع الغرب من تجنيدهم واستخدامهم بما يضرهم ويؤذي أمتهم، فإذا استمر خروج هذه التحركات عن السيطرة فالمنطقة مقبلة على تفجير جديد وعنصر هدم يضاف إلى ما تواجهه الأمة من تهديدات. بمقارنة مختصرة يمكن أن نفرق بين المشروعين الإيراني الشيعي، والكردي الانفصالي على النحو التالي: - إيران وشيعتها مشروع عرقي طائفي يعيش على فكرة الثأر من العرب، أي أنه جزء منفصل عن الأمة بمعناه العقدي، بينما المشروع الكردي الانفصالي استثنائي ومؤقت لأنه مرتبط باللحظة الحالية ووجود القوى الخارجية الداعمة له وهو يفتقد الإجماع بين الشعب الكردي المسلم السني المتمسك بعقيدته. - الشيعة قيادة وشعبا ضد الأمة، وتتحرك إيران ككتلة واحدة تمثل الفرس تعيش أحلاما باستعادة الإمبراطورية القديمة والانتقام من السنة، بينما قيادة الكرد الحالية المرتبطة بإيران وإسرائيل والولايات المتحدة والغرب لا تمثل كل الشعب الكردي في تركيا وفي سوريا ولا حتى في كردستان العراق، والسيطرة الحالية للأحزاب مفروضة بقوة السلاح والحماية الخارجية. - المشروع الإيراني يسعى لنشر التشيع بالسيطرة على الأرض بالقوة العسكرية بينما الكرد مسلمون سنة تراودهم أحلام الاستقلال لوقف الظلم الذي تعرضوا له بفعل الحكومات العلمانية بدعم غربي. - المشروع الإيراني مشروع فارسي توسعي بينما الكرد مشروع انفصالي انسحابي لإقامة حكم ذاتي تمهيدا لدولة كردستان الكبرى. - المشروع الإيراني قائم بذاته ومستقل بقوته العسكرية حيث ورثت ثورة الخميني قوة الدولة التي تركها الشاه، وهذه القوة هي التي جعلت عملية ترويض الإيرانيين صعبة وليست بالسهولة مثل باقي دول، في حين أن المشروع الكردي الانفصالي يعتمد بشكل شبه كلي على القوى الخارجية المعادية للأمة. ولكن في إطار صراعها مع الأمة تقوم إيران بدعم قادة الكرد الجدد وتقديم الدعم لهم لتضمن حرمان الثورة الكردية في إيران من الحلفاء، واحتواء الأكراد الإيرانيين السنة الذين يقاومون الحكم الفارسي ويحلمون بالخلاص من الاحتلال الإيراني ووقف المذابح التي يتعرضون لها بشكل دائم برعاية غربية. ومن الملاحظات الجديرة بالنظر أن الغرب الذي يقف الآن خلف التمرد في تركيا والمتحالف مع أكراد سوريا ويقدم كل الدعم للدولة الكردية في كردستان العراق وقف بشكل سافر ضد الأكراد في إيران، حيث تقف أوربا وأمريكا في تحالف استراتيجي مع الإيرانيين الفرس ضد الأكراد السنة وتدعم إيران كشرطي لمنطقة الخليج، وهذا الموقف منذ تمكين بريطانيا العائلة البهلوية من حكم إيران بداية القرن الماضي.
الغرب والتنكيل بالأكراد الأكراد من الشعوب التي تم التنكيل بها عقب الحرب العالمية الأولى، فالقوى الاستعمارية لم تنس لصلاح الدين الأيوبي الكردي الذي وحد الأمة الإسلامية وحرر القدس من الصليبيين، كما لم ينس الغرب دور الشعب الكردي في الدفاع عن الخلافة العثمانية والدفاع عن الإسلام. لقد انتقمت بريطانيا وفرنسا من الأكراد بتقسيم كردستان وتمزيقها بين أكثر من دولة في اتفاقية سايكس بيكو ليتفرق الكرد في إيران والعراق وسوريا وتركيا وروسيا، ووضعهم في دوائر صراع لا تنتهي، تستنزف قوتهم وتكسر شوكتهم، وفي نفس الوقت اشتغل الاستعمار على ترويض قيادات الكرد واستمالتهم لتوظيفهم لصالح إستراتيجية الدول الكبرى وجعلهم وقودا لحروب وصدامات لم تجلب لهم الاستقلال المنشود. لم يكن هناك مشكلة كردية حتى سقوط المنطقة تحت الحكم الاستعماري، ولم يكن هناك نزعة انفصالية داخل الخلافة العثمانية، ولم يكن هناك مطالب مرتبطة بالعرق الكردي، ولم يكن هناك أي دعاوى أو أفكار مرتبطة بالنزعة القومية داخل العالم الإسلامي، فالأمة كانت كيانا واحدا ذابت فيه الأعراق والقوميات. من الثابت تاريخيا أن الغرب والدول الكبرى تلاعبوا بالقضية الكردية، ولم ينتصروا لها، بل كان الغدر بهم هو القاسم المشترك في المحطات الفاصلة والثورات التي قام بها الكرد في تركيا وفي العراق وحتى في إيران، وظل هذا الموقف المعادي للكرد حتى غزو العراق في 1991 حيث بدأت العلاقة بعدها تتغير مع ارتماء النخبة الكردية العراقية في أحضان الموساد وتحويل كردستان العراق إلى دويلة تحت الرعاية الإسرائيلية! هذا النموذج لسلطة الحكم الذاتي في أربيل والسليمانية ودهوك هو الذي يغري بعض الأحزاب اليسارية للتحالف مع إسرائيل والغرب لتكراره في شرق تركيا وشمال سوريا، ومن أجل ذلك يندفعون بشكل أعمى في طريق شائك لن يحقق لهم ما يريدون، وهناك أسباب عديدة تحول دون تكرار تجربة كردستان العراق في دول الجوار، بل إن استمرار هذه التجربة بوضعها الحالي مشكوك فيه، وعوامل انهيارها أكثر من عوامل بقائها. إن القضية الكردية تحتاج إلى اهتمام إسلامي يليق بمكانة الشعب الكردي كجزء أصيل من مكونات الأمة لحصار عملية تغريبه وعزله عن المحيط المسلم، وتحتاج إلى العمل على استعادة الأكراد إلى العالم الإسلامي الذي لم ينفصلوا عنه في يوم من الأيام، ويقتضي هذا السعي المطلوب استراتيجية مواجهة لإفشال خطط خصوم الأمة التي تعمل على اختطاف القضية الكردية واستخدام إخواننا الأكراد كوقود لأهداف صليبية وصهيونية، وهذا ما سنتناوله في مقال آخر إن شاء الله.