رد: صحيفة: قد تعود
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) [الحجرات:9] والسؤال هو: ما هو مصير القتلى من الفئة التي بغت أمام الله، هل هي إلى النار؟ وما مصير القتلى من الفئة التي قاتلت كما جاءت في الآية الشريفة، هل هي إلى الجنة؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.
الآية الكريمة بيَّنت الحكم الشرعي، وأن الواجب على المؤمنين في مثل هذا لإصلاح بين إخوتهم وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) سورة الحجرات، فالواجب الأول هو الإصلاح هذا هو الواجب، فإن تيسر الإصلاح فالحمد لله وانتهى الموضوع، فإن لم يتسر الإصلاح وجب أن تقاتل الباغية التي أبت وامتنعت من قبول الصلح، ومصيرها الباغية يختلف: فإن كانت متعمدة للظلم والعدوان فهذه متوعده بالنار لأنها متعدية وظالمة، فأما إن كانت، لا، مجتهدة وتظن أنها على صواب فهذه أمرها إلى الله، ولا يضرها ذلك إذا كانت مجتهدة متحرية للصواب فأمرها إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان قد يقاتل وقد يمتنع من الصلح يرى أنه مصيب ويرى أنه مجتهد وأنه هو الأولى بالأمر، فهذا إذا كان يعلم الله من قلبه أنه مجتهد وأنه طالب للحق متحرٍّ للحق فإن هذا لا يقال إنه إلى النار، بل أمره إلى الله سبحانه ولا شيء عليه، بل له إما أجر وإلا أجرين إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس من المتوعدين بالنار، أما إذا كان يعلم أنه ظالم وأنه متعدٍّ للحدود ثم يصر فهذا متوعد بالنار لظلمه وعدوانه، وأما الفئة التي قاتلت على صواب وعلى هدى فهي من جنس الشهداء إذا قتل منهم فهو شهيد، كما لو قاتل الكفار فهو شهيد وهو موعود بالجنة؛ لأنه قاتل في سبيل الله، فالذي قاتل الباغية يعتبر مقاتلاً في سبيل الله فهو من الشهداء إذا قتل وله الجنة، وإنما الإشكال في المقتول من الفئة الباغية التي أبت الصلح، هذا هو محل البحث، فيقال في حقها: إن كانت ظالمة متعمدة تعلم أنها باغية وأنها ظالمة فهي متوعدة بالنار، لأن القتل بغير حق صاحبه متوعدٌ بالنار نسأل الله العافية، أما إذا كانت لا، تعتقد أنها مصيبة وأنها على هدى وأنها مظلومة فهذه لا يلحقها الوعيد بل أمرها إلى الله ولها أجر اجتهادها، ويفوتها أجر الصواب، وحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، محمول على الطائفتين غير المجتهدتين الظالمتين، إذا التقيا وكلاهما ظالم متعدٍّ فكلاهما متوعد بالنار، كالقتال على العصبية والظلم والهوى فهذا متوعد كلهم متوعد بالنار، أما إذا التقت الفئتان عن اجتهاد وعن تحرٍّ للخير فالباغية إذا كانت المجتهدة ولا تعتقد أنها باغية وتعتقد أنها مصيبة فليس عليها من ذلك شيء ولها أجر الاجتهاد ويفوتها أجر الصواب، والتي أصابت الحق وهي غير باغية يكون لها أجر الجهاد له أجر المجاهدين وأجر الشهداء إذا قتل منهم أحد فله أجر الشهيد.
موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) [الحجرات:9] والسؤال هو: ما هو مصير القتلى من الفئة التي بغت أمام الله، هل هي إلى النار؟ وما مصير القتلى من الفئة التي قاتلت كما جاءت في الآية الشريفة، هل هي إلى الجنة؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.
الآية الكريمة بيَّنت الحكم الشرعي، وأن الواجب على المؤمنين في مثل هذا لإصلاح بين إخوتهم وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) سورة الحجرات، فالواجب الأول هو الإصلاح هذا هو الواجب، فإن تيسر الإصلاح فالحمد لله وانتهى الموضوع، فإن لم يتسر الإصلاح وجب أن تقاتل الباغية التي أبت وامتنعت من قبول الصلح، ومصيرها الباغية يختلف: فإن كانت متعمدة للظلم والعدوان فهذه متوعده بالنار لأنها متعدية وظالمة، فأما إن كانت، لا، مجتهدة وتظن أنها على صواب فهذه أمرها إلى الله، ولا يضرها ذلك إذا كانت مجتهدة متحرية للصواب فأمرها إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان قد يقاتل وقد يمتنع من الصلح يرى أنه مصيب ويرى أنه مجتهد وأنه هو الأولى بالأمر، فهذا إذا كان يعلم الله من قلبه أنه مجتهد وأنه طالب للحق متحرٍّ للحق فإن هذا لا يقال إنه إلى النار، بل أمره إلى الله سبحانه ولا شيء عليه، بل له إما أجر وإلا أجرين إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس من المتوعدين بالنار، أما إذا كان يعلم أنه ظالم وأنه متعدٍّ للحدود ثم يصر فهذا متوعد بالنار لظلمه وعدوانه، وأما الفئة التي قاتلت على صواب وعلى هدى فهي من جنس الشهداء إذا قتل منهم فهو شهيد، كما لو قاتل الكفار فهو شهيد وهو موعود بالجنة؛ لأنه قاتل في سبيل الله، فالذي قاتل الباغية يعتبر مقاتلاً في سبيل الله فهو من الشهداء إذا قتل وله الجنة، وإنما الإشكال في المقتول من الفئة الباغية التي أبت الصلح، هذا هو محل البحث، فيقال في حقها: إن كانت ظالمة متعمدة تعلم أنها باغية وأنها ظالمة فهي متوعدة بالنار، لأن القتل بغير حق صاحبه متوعدٌ بالنار نسأل الله العافية، أما إذا كانت لا، تعتقد أنها مصيبة وأنها على هدى وأنها مظلومة فهذه لا يلحقها الوعيد بل أمرها إلى الله ولها أجر اجتهادها، ويفوتها أجر الصواب، وحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، محمول على الطائفتين غير المجتهدتين الظالمتين، إذا التقيا وكلاهما ظالم متعدٍّ فكلاهما متوعد بالنار، كالقتال على العصبية والظلم والهوى فهذا متوعد كلهم متوعد بالنار، أما إذا التقت الفئتان عن اجتهاد وعن تحرٍّ للخير فالباغية إذا كانت المجتهدة ولا تعتقد أنها باغية وتعتقد أنها مصيبة فليس عليها من ذلك شيء ولها أجر الاجتهاد ويفوتها أجر الصواب، والتي أصابت الحق وهي غير باغية يكون لها أجر الجهاد له أجر المجاهدين وأجر الشهداء إذا قتل منهم أحد فله أجر الشهيد.
موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى
تعليق