يتجاوز عدد المقاتلين في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق من جمهورية الشيشان وجمهوريات آسيا الوسطى حوالي 8 آلاف مقاتل.
وفي روسيا التي يشكل المسلمون ما نسبته 20 بالمئة من السكان، يزيد الروس من احتياطاتهم الأمنية، وخصوصاً بعد بدء عملياتهم العسكرية بسورية في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي.
ومن يستعمل وسائل النقل العامة في موسكو أو سانت بطرسبورغ وخاصة المترو لن تفوته ملاحظة رجال ونساء يرتدون ملابس الشرطة. ثلاثة على الأقل يسيرون معاً داخل كل محطة من محطات مترو موسكو أو سانت بطرسبورغ المزدحمة، يراقبون آلاف الناس، بل الملايين ممن يستعملون مترو موسكو الشهير الذي يعود إلى العصر السوفيتي.
بالإضافة إلى عدد أكبر من ذلك عند مدخل كل مترو، يفحصون غالباً أوراق شباب قوقازي المظهر. حيث يأتي أغلب هؤلاء الشباب من بلدان آسيا الوسطى الإسلامية. طاجيكستان، أوزبكستان، قيرغيزستان وتركمانستان.
ويقدر عددهم بأكثر من مليوني شخص في موسكو وحدها. يهربون من ضيق العيش في بلدانهم ويبحثون عن فرص للعمل في عاصمة روسيا، التي كانت تحكم آباءهم وأجدادهم لأكثر من مئة عام.
فحص وثائقهم الشخصية من قبل السلطات له أسبابه، فالمخاطر التي يمكن أن تواجه روسيا داخلياً تتمثل بأعمال متوقعة من جماعات تقاتل في سورية وربما من أطراف أخرى في روسيا نفسها، حسبما يحذر مراقبون.
وكانت محطات مترو موسكو الهدف المفضل لهجمات ضد روسيا في الأعوام 2002 و2004 وآخرها في 2010، وكان منفذوها رجال ونساء من جمهورية الشيشان التابعة للاتحاد الروسي، ينتمون إلى "إمارة القوقاز الإسلامية"، أفرزتهم حروب الشيشان في منتصف ونهاية تسعينيات القرن الماضي.
كما أن عمليات أخرى حدثت في جمهوريات الشيشان وداغستان الإسلاميتين، بالإضافة إلى مناطق أخرى في روسيا، حيث تظهر نتائج حرب الشيشان بين الحين والآخر.
ويحذر الخبراء من خطر حدوث عمليات انتقامية تطال روسيا نتيجة التدخل في سورية. وقد نقلت صحيفة موسكو تايمز الروسية عن خبير قائد وحدة "ألفا" الخاصة لمكافحة الإرهاب سيرغي غونجاروف قوله "هناك إسلاميون، جهاديون، مسلمون متطرفون، سيحاولون الرد على الخطوات الروسية في سورية".
من جانبه تحدث خبير شؤون الإرهاب والاستخبارات جاسم محمد عن جانب استخباري روسي سبق العمليات الروسية العسكرية على الأراضي السورية. وقال :"موسكو بعثت بعد دخول المقاتلين الشيشان إلى جانب الدولة الإسلامية في سورية والعراق، بمجموعات مدربة بشكل خاص وبالتنسيق مع نظام الأسد لاصطياد وتعقب القيادات في إمارة القوقاز".
ثم يضيف: " الخطوة الثانية الاستخبارية هي تعقب المقاتلين عند الحدود التركية السورية، فلروسيا تواجد مهم في تركيا"، حسب قول الخبير.
ويستبعد الخبير الأمني جاسم محمد أن تأتي التهديدات للأمن الداخل الروسي من هذه الجماعات المقاتلة في سورية، فهي منشغلة في القتال هناك.
ويستبعد أيضاً عودة أغلبهم لأسباب ذكرها الخبير آنفاً، لكنه يشير إلى أن الخطر الممكن ربما يأتي من داخل روسيا نفسها، جماعات فاعلة هناك أو ربما كرد فعل متعاطف مع الجماعات الإسلامية في سورية.
بيد أن رئيس المركز الثقافي العربي في مدينة سانت بطرسبورغ الدكتور مسلّم شعيطو قال "إن روسيا لم تعانِ ولا تعاني مع المكون الأساسي لمجتمعها وهو الإسلام، مكونات المجتمع الروسي من مسلمين ويهود ومسيحيين وحتى بوذيين تعيش معاً بعلاقات وطيدة".
الخطر الثاني الذي يهدد الأراضي الروسية يمكن أن يأتي من دول آسيا الوسطى التي تربطها مع موسكو علاقات تاريخية قوية، وتتشابه معها في طبيعة النظام السياسي إلى حد ما. فكل هذه الدول يحكمها نفس الأشخاص منذ سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، وتعاني من مشاكل اقتصادية وضعف في البنية التحتية.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن معدل الدخل الشهري للفرد في هذه الدول يصل إلى 170 دولاراً، وتحاول موسكو الحفاظ على علاقاتها مع هذه الدول المجاورة لأفغانستان ودعمها عسكرياً واقتصادياً للحفاظ على حديقتها الخلفية في هذه الدول. وتفتح المجال للكثير من مواطني هذه الدول للعمل على أراضيها.
لكن قبل مدة نشر قائد الوحدات الخاصة الطاجيكية نصرت نزاروف شريط فيديو يعلن فيه انضمامه لـ"تنظيم الدولة" وتهديده للسلطة الطاجيكية.
أما في أوزبكستان فيلاحظ المرء الإجراءات الأمنية المشددة في محطات القطارات ومحطات المترو. وحده، حملُ كاميرا يثير الشبهة في العاصمة الأوزبكية طشقند.