تبدأ في العاصمة النمساوية فيينا محادثات بشأن الأزمة السورية غدا الجمعة بحضور نحو 12دولة وسط ترقب واسع في الأوساط السياسية ورغم أن مجريات الأحداث لا تبشر بخير إلا أن البعض يعقد آمالا على هذه المباحثات من أجل الضغط على نظام بشار الأسد لتقديم تنازلات تقضي بخروجه من المشهد السياسي بشكل أو بآخر لحلحلة الأزمة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يعد هذا كافيا؟!..
لأول مرة تشارك إيران في المحادثات رغم الاعتراض السابق من الولايات المتحدة ورغم التحفظ من قبل ثوار سوريا وائتلافهم السياسي وبجانب إيران تشارك روسيا التي تدخلت عسكريا بشكل مباشر في الأزمة وهذا يعني أن هناك عدة أطراف تمثل نظام الأسد في المحادثات بينما طرف الثوار غائب ولا يمثله أحد حتى وإن كانت السعودية وتركيا إلى جانبهم ولكنهم لا يتدخلون بشكل مباشر على الأرض مثل إيران وروسيا وهذا أمر غير مشجع كبداية وقد اعتبر عضو التحالف الوطني السوري جورج صبرا عدم توجيه الدعوة لسوريين «تعبير عن عدم جدية المشروع»، مشيراً إلى أن المعارضة لم تتلقَ دعوة لحضور المحادثات, وأضاف: «هذه نقطة ضعف كبرى في هذا اللقاء لأن الأمر يبحث شأن السوريين في غيابهم»..
ما صدر من تصريحات قبل الاجتماع تظهر عدم عقد آمال كبيرة من قبل المشاركين أنفسهم على المحادثات فقد قال وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير: "لا أتوقع تحقيق اختراق كبير، لأن الوضع في منطقة النزاع لا يزال مشتعلا والاختلاف في المواقف كبير جدا". لكنه أضاف أن المباحثات يمكن أن "تقرب الطريق نحو حل سياسي"...
وقال وزير خارجية السعودية عادل الجبير إن محادثات فيينا ستشكل اختبارا لمدى "جدية" روسيا وإيران للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، معتبرا أن المحادثات فرصة "لتضييق الفجوة" بين إيران وروسيا من جهة والدول الأخرى حول دور الرئيس السوري بشار الأسد. وقال الجبير "يجب التأكد بشكل واضح من أن الأسد سيرحل"..مسألة رحيل الأسد تبدو عنق الزجاجة في المحادثات فالسعودية وتركيا تريان ضرورة ذلك بينما ترفض إيران وروسيا هذا الأمر وتنصحان بانتخابات رئاسية وهو حل هزلي في ظل هذه الظروف فكيف ستعقد انتخابات ومعظم الشعب السوري بين نازح ومهاجر أو خائف ومذعور ؟!..
إن الجهود الروسية الإيرانية تكشف عن محاولات لمد أجل التفاوض وتخدير المجتمع الدولي للقبول باستمرار الأسد والضغط على الثوار من أجل الموافقة على حل يدور بعيدا عنهم في الغرف المغلقة ثم يطالبون بالالتزام به وإلا وصموا بـ "الإرهاب"...
المعضلة أن هذه المحادثات تنعقد دون تعريف واضح لمن هي المعارضة المعتدلة وما هي المعارضة غير المعتدلة بالنسبة لكثير من الأطراف المشاركة في الحوار وهو ما سيؤدي لنسف أي اتفاق مستقبلي...
كذلك تعتقد أمريكا أو هكذا تروج أن مشاركة إيران ستسهل التوصل لحل للأزمة بينما الحقيقة أنه سيعقدها لأن إيران لها مصلحة كبيرة في بقاء بشار الأسد وترفض الاعتراف بأي فصيل ثوري معارض وهو نفس موقف روسيا التي لها مصالح عسكرية واستراتيجية واسعة في سوريا مرتبطة بنظامه...التدخل الروسي في سوريا عقّد التوصل لحل وهو ما ترفض أمريكا الاعتراف به حتى الآن لأسباب تتعلق بالمصالح والتوازنات بين الطرفين ورغبة واشنطن في التواجد العسكري هي الأخرى بدعوى مكافحة "داعش"...
لم تكن إيران وروسيا ستوافقان على الدخول في محادثات بشأن سوريا إلا بعد شعورهما بصعوبة موقف الأسد وأنه أوشك على السقوط وكما قال رئيس الوزراء التركي أنه لم يعد يسيطر إلا على 14 في المائة من البلاد وبالتالي فبقاؤه لم يعد ممكنا لذا فالغرض هو الحصول على مكاسب سياسية بعد الفشل في الحصول على مكاسب عسكرية.
تعليق