تويت
رد: متابعة الثورة السورية - ثورة الكرامة 2
موقف الأقليات من الدولة القومية العربية في سورية 1920:
اتبعت الدولة العثمانية مع الأقليات الدينية نظام الملة الذي منحهم قضائهم
المستقل وإدارتهم الخاصة, واعترفت لهم بحماية قناصل الدول الغربية,
وعندما قامت الدولة القومية في العهد الفيصلي دعت إلى إلغاء هذه الامتيازات ولم تظهر أي مراعاة
للخصوصية التي كان يدعيها أبناء الطوائف, ولذلك فإن الكيان السياسي الذي أسسه
فيصل بن الحسين لم يكن في حقيقته سوى استبدال للدولة العالمية ذات الطابع التعددي
بالدولة القومية الضيقة في حدودها وعدد محكوميها, ولم تكن هذه السلطة الجديدة قادرة
على تقديم بديل ناضج عن النظام العثماني على الرغم من مساوئه.
وعلى هذا الأساس فقد كان غالبية النصارى في سورية ولبنان يرفضون الحكم
الفيصلي ويطالبون بحكم مستقل تحت ظل انتداب فرنسي, ففي مؤتمر السلام سنة 1919 جاءت فرنسة بطلب من رئيس « الجمعية السورية المركزية »المسيحي شكري غانم للمطالبة الذي طالب بالانتداب الفرنسي على سورية الطبيعية,
كما طالب وفد« مجلس إدارة جبل لبنان »شارك في المؤتمر, بالاعتراف باستقلال جبل لبنان تحت الانتداب الفرنسي.( )
وبينما كان النصارى البروتستانت في سورية يميلون نحو الإنجليز, فقد كان الكاثوليك يفضلون
الانتداب الفرنسي.
وقد أشارت العديد من المصادر المعاصرة لتلك الفترة بأنه على الرغم من تبني بعض
المثقفين من النصارى لفكرة القومية العربية, إلا أن أغلبهم لم يكن لديه القناعة بالمشروع
القومي أو بقدرة الشعوب العربية على حكم نفسها,
===
ويدل على ذلك التقرير الذي رفعه
أندريه ديبوسك إلى وزير الخارجية الفرنسي, وكان مكلفاً بمراقبة النفوذ الخارجي في كل
من سورية وفلسطين سنة 1919, وجاء فيه:
(((
لقد تسنى لي في القاهرة وبيروت ودمشق أن أطّلع على الآراء
الحميمة التي باح لي بها بعض المسلمين الذين يحتلون مراكز مرموقة.
فلقد صرح لي هؤلاء, ببساطة, أن الوفاق مع المسيحيين يبدو في
نظرهم ضرورياً لأن المسيحيين هم أذكى منهم, وأكثر ثقافة منهم,
وبالتالي فهم أجدر في إظهار مطالباتهم الخاصة.
ومن جهتهم فلقدصرح لي مسيحيون أعضاء في المجالس بأنهم لا يترجون من حركتهم
نفعاً عملياً وأنهم لا يحضرون, عن طريق انضمامهم إلى صفوف
المسلمين, سوى تدخل فرنسا. وفضلاً عن ذلك فإنهم أي
المسيحيين خلافاً لما يعتقده المسلمون, يرون أنه ليس بإمكان سورية
.« أن تحكم نفسها بنفسها إلا أنهم يتجنبون مواجهة المسلمين بذلك
===
ولم يكن موقف النصارى من القوميين يعكس الكثير من الحماس لقضيتهم; فعندما
عزم الملك فيصل على مغادرة دمشق سنة 1919 تبعه أركان الحكومة والجمعيات الوطنية
وكبار الموظفين وأعضاء المؤتمر السوري, ولكن السياسي السوري المخضرم فارس
الخوري (والذي كان وزيراً في الحكومة الفيصلية آنذاك), تظاهر بالاستعداد للسفر
وفوجئ الموكب بعد مضيه بأنه لم يكن معهم بل بقي في دمشق ليتولى العديد من المناصب
وأبرزها رئاسة المجلس النيابي في عهد الانتداب بصفته أحد زعماء الحركة الوطنية.
أمايوسف الحكيم, الذي كان وزيراً للزراعة في العهد الفيصلي, فقد تم تعيينه وزيراً للعدل
في ثلاث حكومات تشكلت تحت سلطة الانتداب الفرنسي.
ومن جهة أخرى فقد أظهرت الغالبية من أبناء الأقليات الطائفية في سورية رغبة
مماثلة في الانفصال بكياناتهم المستقلة عن الحكم الفيصلي,
===
الدروز وموقفهم من تشكل سورية
حيث يشير المؤرخ السوري محمد كرد علي بأن الدروز:
كانوا يدلون على الدولة (العثمانية) بما لهم من عطف بريطانيا عليهم فيتوهمون أن ينشئوا لهم في صميم الشام دولة صغرى ناسين جميع الاعتبارات التي كانت تحول دون أمانيهم
وانتعشت آمال الدروز بتحقيق دولتهم المنشودة عند قدوم غورو إلى بيروت عام
1920, فقد جدد المفوض الفرنسي وعده بإنشاء دولة درزية في حوران عندما قدم إليه
وفد منهم برئاسة يوسف وفهد الأطرش, وتوالت مواكب فرسانهم إلى مقر المفوضية
الفرنسية ليشكلوا الحرس الخاص لغورو اعترافاً منهم بهذا الجميل.
وقد فسر حسن البعيني ظاهرة تأييد الدروز لسلطة الانتداب الفرنسي بقوله:
تأكد الدروز من أن الفرنسيين والبريطانيين ماضون في اقتسام »
المشرق العربي وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو, وبموجب مبدأ الانتداب
الذي أقرته عصبة الأمم, وحين وجدوا أن الفرنسيين ثبتوا أقدامهم في المنطقة الغربية من سورية
وبدأوا يتطلعون إلى الهيمنة على الداخل السوري,
وأن الحكومة العربية بقيادة الملك فيصل بدمشق ضعيفة أمام هجمتهم, وأن فيصلاً يبدي لهم ليناً
وتساهلاً إزاء تصلبهم, حتى أنه قبل انتدابهم حين قبل الإنذار
الفرنسي في تموز 1920 .ولئن كانت هذه الأسباب قد فعلت عند
الدروز كما فعلت عند غيرهم فإن ثمة سبباً له تأثيره الفاعل وهو إيحاء
البريطانيين لزعمائهم بضرورة قبول انتداب فرنسا لأن سورية ولبنان
سيكونان من حصتها. كما أن ثمة سبباً آخر أثر في بعض دروز حوران
وهو وعد الفرنسيين لهم باستقلال داخلي مقابل القبول بالانتداب
الفرنسي
وقد جادل العديد من الكتاب المعاصرين لثورة سلطان الأطرش بأن التمرد الذي قاده الزعيم الدرزي في جبل العرب خلال الفترة:1925-1927 لم يكن يحمل بعداً وطنياً, بل كان الدافع الأساسي له هو الخلاف المستحكم بين الحاكم الفرنسي« رينو » وزعماء الجبل الدرزي الذين أرادوا استبداله بمسؤول آخر يدعى « كاربيه »
حاول الزعماء الوطنيون في دمشق أن ينسقوا مع ثورة سلطان الأطرش عام 1925 ولكنه خذلهم بعد معركةالمزرعة عندما امتنع عن التقدم نحو دمشق بالرغم من أن الطريق كان مفتوحاً أمام قواته,
واختار التفاوض مع الفرنسيين على أساس وضع دستور خاص لجبل الدروز وتعيين
حاكم فرنسي يرتضيه زعماء الجبل وعدم مصادرة أسلحة الدروز أو محاسبتهم على
عصيانهم.
وقد تكلم عن هذه الواقعة عبد الرحمن الشهبندر بمرارة في مذكراته وذكر الأسباب الحقيقية لثورة الدروز بقوله:
ضاق بنو معروف ذرعاً بحاكمهم الفرنسي وسدت سبل النجاة من أعماله في وجوههم فأخذوا يفكرون والحاجة تفتح من أذهانهم حتى أدركوا أن لا مناص لهم من الثورة
وكان شعار الثورة عندما اندلعت في 21يوليو 1925 الدرزية ضد حاكم جبل الدروز الفرنسي ,« فليسقط كاربيه الظالم وليحيا رينو العادل »
وهذا الشعار في حقيقته لم يكن يحمل أي مدلول وطني بل كان ترسيخاً لسلطة الفرنسيين
موقف الأقليات من الدولة القومية العربية في سورية 1920:
اتبعت الدولة العثمانية مع الأقليات الدينية نظام الملة الذي منحهم قضائهم
المستقل وإدارتهم الخاصة, واعترفت لهم بحماية قناصل الدول الغربية,
وعندما قامت الدولة القومية في العهد الفيصلي دعت إلى إلغاء هذه الامتيازات ولم تظهر أي مراعاة
للخصوصية التي كان يدعيها أبناء الطوائف, ولذلك فإن الكيان السياسي الذي أسسه
فيصل بن الحسين لم يكن في حقيقته سوى استبدال للدولة العالمية ذات الطابع التعددي
بالدولة القومية الضيقة في حدودها وعدد محكوميها, ولم تكن هذه السلطة الجديدة قادرة
على تقديم بديل ناضج عن النظام العثماني على الرغم من مساوئه.
وعلى هذا الأساس فقد كان غالبية النصارى في سورية ولبنان يرفضون الحكم
الفيصلي ويطالبون بحكم مستقل تحت ظل انتداب فرنسي, ففي مؤتمر السلام سنة 1919 جاءت فرنسة بطلب من رئيس « الجمعية السورية المركزية »المسيحي شكري غانم للمطالبة الذي طالب بالانتداب الفرنسي على سورية الطبيعية,
كما طالب وفد« مجلس إدارة جبل لبنان »شارك في المؤتمر, بالاعتراف باستقلال جبل لبنان تحت الانتداب الفرنسي.( )
وبينما كان النصارى البروتستانت في سورية يميلون نحو الإنجليز, فقد كان الكاثوليك يفضلون
الانتداب الفرنسي.
وقد أشارت العديد من المصادر المعاصرة لتلك الفترة بأنه على الرغم من تبني بعض
المثقفين من النصارى لفكرة القومية العربية, إلا أن أغلبهم لم يكن لديه القناعة بالمشروع
القومي أو بقدرة الشعوب العربية على حكم نفسها,
===
ويدل على ذلك التقرير الذي رفعه
أندريه ديبوسك إلى وزير الخارجية الفرنسي, وكان مكلفاً بمراقبة النفوذ الخارجي في كل
من سورية وفلسطين سنة 1919, وجاء فيه:
(((
لقد تسنى لي في القاهرة وبيروت ودمشق أن أطّلع على الآراء
الحميمة التي باح لي بها بعض المسلمين الذين يحتلون مراكز مرموقة.
فلقد صرح لي هؤلاء, ببساطة, أن الوفاق مع المسيحيين يبدو في
نظرهم ضرورياً لأن المسيحيين هم أذكى منهم, وأكثر ثقافة منهم,
وبالتالي فهم أجدر في إظهار مطالباتهم الخاصة.
ومن جهتهم فلقدصرح لي مسيحيون أعضاء في المجالس بأنهم لا يترجون من حركتهم
نفعاً عملياً وأنهم لا يحضرون, عن طريق انضمامهم إلى صفوف
المسلمين, سوى تدخل فرنسا. وفضلاً عن ذلك فإنهم أي
المسيحيين خلافاً لما يعتقده المسلمون, يرون أنه ليس بإمكان سورية
.« أن تحكم نفسها بنفسها إلا أنهم يتجنبون مواجهة المسلمين بذلك
===
ولم يكن موقف النصارى من القوميين يعكس الكثير من الحماس لقضيتهم; فعندما
عزم الملك فيصل على مغادرة دمشق سنة 1919 تبعه أركان الحكومة والجمعيات الوطنية
وكبار الموظفين وأعضاء المؤتمر السوري, ولكن السياسي السوري المخضرم فارس
الخوري (والذي كان وزيراً في الحكومة الفيصلية آنذاك), تظاهر بالاستعداد للسفر
وفوجئ الموكب بعد مضيه بأنه لم يكن معهم بل بقي في دمشق ليتولى العديد من المناصب
وأبرزها رئاسة المجلس النيابي في عهد الانتداب بصفته أحد زعماء الحركة الوطنية.
أمايوسف الحكيم, الذي كان وزيراً للزراعة في العهد الفيصلي, فقد تم تعيينه وزيراً للعدل
في ثلاث حكومات تشكلت تحت سلطة الانتداب الفرنسي.
ومن جهة أخرى فقد أظهرت الغالبية من أبناء الأقليات الطائفية في سورية رغبة
مماثلة في الانفصال بكياناتهم المستقلة عن الحكم الفيصلي,
===
الدروز وموقفهم من تشكل سورية
حيث يشير المؤرخ السوري محمد كرد علي بأن الدروز:
كانوا يدلون على الدولة (العثمانية) بما لهم من عطف بريطانيا عليهم فيتوهمون أن ينشئوا لهم في صميم الشام دولة صغرى ناسين جميع الاعتبارات التي كانت تحول دون أمانيهم
وانتعشت آمال الدروز بتحقيق دولتهم المنشودة عند قدوم غورو إلى بيروت عام
1920, فقد جدد المفوض الفرنسي وعده بإنشاء دولة درزية في حوران عندما قدم إليه
وفد منهم برئاسة يوسف وفهد الأطرش, وتوالت مواكب فرسانهم إلى مقر المفوضية
الفرنسية ليشكلوا الحرس الخاص لغورو اعترافاً منهم بهذا الجميل.
وقد فسر حسن البعيني ظاهرة تأييد الدروز لسلطة الانتداب الفرنسي بقوله:
تأكد الدروز من أن الفرنسيين والبريطانيين ماضون في اقتسام »
المشرق العربي وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو, وبموجب مبدأ الانتداب
الذي أقرته عصبة الأمم, وحين وجدوا أن الفرنسيين ثبتوا أقدامهم في المنطقة الغربية من سورية
وبدأوا يتطلعون إلى الهيمنة على الداخل السوري,
وأن الحكومة العربية بقيادة الملك فيصل بدمشق ضعيفة أمام هجمتهم, وأن فيصلاً يبدي لهم ليناً
وتساهلاً إزاء تصلبهم, حتى أنه قبل انتدابهم حين قبل الإنذار
الفرنسي في تموز 1920 .ولئن كانت هذه الأسباب قد فعلت عند
الدروز كما فعلت عند غيرهم فإن ثمة سبباً له تأثيره الفاعل وهو إيحاء
البريطانيين لزعمائهم بضرورة قبول انتداب فرنسا لأن سورية ولبنان
سيكونان من حصتها. كما أن ثمة سبباً آخر أثر في بعض دروز حوران
وهو وعد الفرنسيين لهم باستقلال داخلي مقابل القبول بالانتداب
الفرنسي
وقد جادل العديد من الكتاب المعاصرين لثورة سلطان الأطرش بأن التمرد الذي قاده الزعيم الدرزي في جبل العرب خلال الفترة:1925-1927 لم يكن يحمل بعداً وطنياً, بل كان الدافع الأساسي له هو الخلاف المستحكم بين الحاكم الفرنسي« رينو » وزعماء الجبل الدرزي الذين أرادوا استبداله بمسؤول آخر يدعى « كاربيه »
حاول الزعماء الوطنيون في دمشق أن ينسقوا مع ثورة سلطان الأطرش عام 1925 ولكنه خذلهم بعد معركةالمزرعة عندما امتنع عن التقدم نحو دمشق بالرغم من أن الطريق كان مفتوحاً أمام قواته,
واختار التفاوض مع الفرنسيين على أساس وضع دستور خاص لجبل الدروز وتعيين
حاكم فرنسي يرتضيه زعماء الجبل وعدم مصادرة أسلحة الدروز أو محاسبتهم على
عصيانهم.
وقد تكلم عن هذه الواقعة عبد الرحمن الشهبندر بمرارة في مذكراته وذكر الأسباب الحقيقية لثورة الدروز بقوله:
ضاق بنو معروف ذرعاً بحاكمهم الفرنسي وسدت سبل النجاة من أعماله في وجوههم فأخذوا يفكرون والحاجة تفتح من أذهانهم حتى أدركوا أن لا مناص لهم من الثورة
وكان شعار الثورة عندما اندلعت في 21يوليو 1925 الدرزية ضد حاكم جبل الدروز الفرنسي ,« فليسقط كاربيه الظالم وليحيا رينو العادل »
وهذا الشعار في حقيقته لم يكن يحمل أي مدلول وطني بل كان ترسيخاً لسلطة الفرنسيين
تعليق