رأى الكاتب التركي إسماعيل ياشا أن الأزمة التي تشهدها العلاقات التركية الروسية منذ حادثة إسقاط المقاتلة الروسية من قبل القوات المسلحة التركية بالقرب من الحدود السورية التركية لفتت الأنظار إلى الأوراق التي يمكن أن يستخدمها كلا الطرفين في ظل التصعيد الروسي الذي يقوده بوتن ضد تركيا بعقلية البلطجية.
وأضاف ياشا فى مقال له بموقع "أخبار تركيا" تحت عنوان "البوسفور والدردنيل في الحسابات التركية والروسية" أن وسائل الإعلام الروسية التي شبه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أخبارها الكاذبة بـ «تلفيقات الماكينة الدعائية السوفيتية إبان الحرب الباردة»، تحاول أن تقوم بدورها في الحملة التي تهدف إلى تشويه صورة تركيا وقادتها وتوجه سهام التهديد إلى أنقرة، في محاولة لدفع تركيا إلى التراجع وتقديم الاعتذار لروسيا. وفي آخر تهديد وجهه الإعلام الروسي إلى تركيا، نشرت صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» الروسية أن «روسيا تستطيع أن تملأ مياه مضيقي البوسفور والدردنيل بالألغام التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق الغواصين، وتغلق المضيقين إلى الأبد».
وذكر أن هذا التهديد جاء بعد تناقل بعض وسائل الإعلام أنباء تشير إلى رغبة تركيا في إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل في وجه السفن الروسية التي تنقل أغراضا عسكرية لسوريا. ومن المعروف أن اتفاقية مونترو التي تم توقيعها في عام 1936 تمنح لتركيا الحق في منع مرور السفن من المضيق إذا دخلت في حرب.
وأكد أن إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل نهائيا من قبل روسيا -إن افترضنا أنها قادرة على ذلك- يعني الانتحار من أجل معاقبة الخصم، ولا يفكر في خطوة كهذه إلا مجنون، لأنها قد تحرم تركيا من الاستفادة من المضيقين إلا أنها في الوقت نفسه تحرم روسيا نهائيا من الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر البوسفور والدردنيل، أي أن السفن الحربية والتجارية الروسية ستكون بحاجة إلى عبور المحيط وقطع مسافات طويلة جدا حتى تصل إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
واستبعد الكاتب في ظل الظروف الراهنة أن تقدم تركيا على إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل في وجه السفن الروسية بحجة أنها مهددة بحرب لأن مثل هذا القرار بحاجة إلى موافقة ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، إلا أنها قد تلجأ إلى إعادة النظر في تسعير الخدمات المقدمة للسفن العابرة.
وتابع أن اتفاقية مونترو تنص على أن تدفع السفن العابرة من المضيقين رسوما إلى تركيا مقابل بعض الخدمات للعبور الآمن مثل الإنارة والإنقاذ والخدمات الصحية. ووفقا للاتفاقية كانت هذه الرسوم تقدر بـ «الفرنك الذهبي»، ولكن أنقرة قامت في عام 1982 بتثبيت سعر صرف «الفرنك الذهبي»، إلا أن ذلك لم يتم باتفاقية جديدة، بل قامت بها تركيا من طرف واحد.
ونوه إلي أن تركيا تناقش منذ فترة إمكانية العودة إلى استخدام «الفرنك الذهبي» في تحديد الرسوم المأخوذة من السفن العابرة من المضيقين. وكانت وسائل الإعلام التركية نشرت في يناير عام 2011 تقارير تفيد بأن تركيا خلال 29 عاما خسرت حوالي 10 مليارات دولار بسبب التخلي عن استخدام «الفرنك الذهبي» في تحديد الرسوم، وتشير إلى أن سفينة سعة ألفي طن تدفع إلى تركيا 689 دولارا فيما لو تم تطبيق الاتفاقية واستخدم «الفرنك الذهبي» لكانت عليها أن تدفع 11.024 دولار.
وأردف أن الكاتب التركي علي كارا حسن أوغلو في مقاله المنشور يوم الخميس الماضي في صحيفة «يني عكيت» التركية نقل عن الخبراء أن السفن العابرة من المضيقين دفعت إلى تركيا في 2013 حوالي 150 مليون دولار وأن هذا المبلغ يمكن أن يتجاوز 3 مليارات دولار في حال تم تحديد الرسوم بـ «الفرنك الذهبي»، ولفت إلى أن السفن الروسية هي التي ستدفع الجزء الكبير منه، وبالتالي ستكون روسيا هي الخاسر الأكبر من التسعير الجديد.
وذكر أن صحيفة «كوميرسانت» الروسية أشارت إلى أن إنتاج السيارات في روسيا قد يتوقف في أي لحظة لو منعت تركيا تصدير قطع غيار إلى روسيا. وأما القمح المستورد من روسيا فإن بوتن سيكون بحاجة ماسة إلى البحث عمن يشتري آلاف الأطنان منه إن قالت تركيا: «لن نشتري القمح منكم».
وأكد ياشا أن بوتن يحاول أن يغطي على فشله في الداخل والخارج بالتصعيد ضد تركيا، إلا أن هذا التصعيد قد يضع أمام روسيا فاتورة كبيرة يضطر الشعب الروسي أن يدفع ثمنها بسبب أخطاء رئيسه البلطجي.