علوم عسكرية - (نظم التمييز بين الصديق والعدو)نظم التمييز بين الصديق والعدو
Identification Friend of Foe (IFF) Systems
من وقت قريب كانت نظم التمييز بين الصديق والعدو تستخدم فقط مع نظم الدفاع الجوي ولكن أظهرت خبرة الحروب الحديثة ضرورة توفير تلك النظم مع القوات البرية لتقليل الخسائر التي تحدث نتيجة للإصابة بنيران القوات الصديقة أو منعها. نتيجة لذلك ظهرت سوق جديدة لمثل تلك النظم التي تستطيع أن تميز بين القوات البرية الصديقة والقوات المعادية.
في الحرب الجوية الحديثة أصبح من الممكن أن يشتبك الطيار مع الطائرة المعادية على مسافات تزيد عن مدى الرؤية المباشرة وذلك باستخدام الصواريخ الموجهة المجهزة بأحدث النظم الإلكترونية ولتحقيق ذلك يلزم توفير نظماً موثوق بها للتمييز بين الصديق والعدو. بالرغم أن مثل تلك النظم تم تطويرها واستخدامها لأول مرة في الحرب الكورية إلا أن نظرية عملها تم استنباطها أثناء الحرب العالمية الثانية. لقد ظهرت خطط لتطوير تلك النظم ولكن تم إيقافها خلال الفترة الأولى من التسعينات ولذلك فإن النظم الحالية من المتوقع أن تستمر ولفترة خلال القرن الحادي والعشرين.حالياً تستخدم دول حلف الناتو النظام ماركة 12 (MKXII) للتمييز بين الصديق والعدو وهو تطوير للنظام ماركة 10 (MKX) الذي كان يسبقه. تتكون إشارة الاستجواب للنظام ماركة 10 من نبضتين زمن كل منهما ميكروثانية واحدة لها تردد 1030 ميجاهرتز. يتم ضبط الفاصل الزمني بين تلك النبضتين ليكون إما 5،3 أو 5 ميكروثانية للدلالة على وضع الاستجواب الذي يتم استخدامه. يدل الفاصل الزمني 3 ميكروثانية على استخدام الوضع الأول للإستجواب وهو الوضع العام وفي هذه الحالة يقوم جهاز الإجابة (Transponder) في الطائرة المستقبلة للإشارة بإرسال نبضة زمنها ميكروثانية واحدة بتردد 1090 ميجاهرتز. في الوضع الثاني وهو وضع التهديد يتم استخدام الفاصل الزمني 5 ميكروثانية وتقوم الطائرة التي يتم استجوابها بالإجابة بنبضتين زمن كل منهما ميكروثانية واحدة وبفاصل زمني 16 ميكروثانية. في الوضع الثالث للتهديد تقوم الطائرة التي يتم استجوابها بالرد بنبضة واحدة زمنها ميكروثانية.
دائماً ما يقوم جهاز الإجابة بالرد على استجواب الوضع الأول ويكون الرد على استجواب الوضعين الثاني والثالث اختيارياً ويتم ضبطهما بواسطة مفتاح تحويل موجود على لوحة تحكم جهاز الإجابة. يمكن أيضاً اختيار وضع الطوارئ للإجابة ويتم في هذا الوضع الرد بأربع نبضات زمن كل منهما ميكروثانية وبفاصل زمني 16 ميكروثانية.
قد تكون أكبر عيوب النظام ماركة 10 هي إمكانية خداعه. أثناء المراحل الأخيرة للحرب العالمية الثانية استخدمت الطائرات البريطانية المقاتلة الليلية طراز موسكيتو (Mosquito) التي كانت تعمل فوق ألمانيا استخدمت جهاز له اسم رمزي بريفكتوس (Prefectos) لاستجواب نظم التمييز بين الصديق والعدو الموجودة على الطائرات الألمانية وهو ما كان يؤدي إلى أن تقوم الطائرات الأخيرة بالإعلان عن موقعها. ثم تكرار تلك الحيلة بعد 20 عاماً من إنتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث قامت القوات الجوية الأمريكية بتجهيز طائراتها طراز فانتوم (F-4) بجهاز له درجة سرية عالية يطلق عليه كومبات تري (Combat - Tree) وهو ما مكن تلك الطائرات من تتبع الطائرات الفيتنامية طراز ميج من خلال نظم التمييز بين الصديق والعدو وطراز أود رودز (Odd Rods) التي كانت تستخدمها.
إذا أخذ في الاعتبار تلك الأحداث التاريخية يبرز على الفور احتمال أن تقوم الطائرات المعادية بإرسال نبضات للاستجواب تقوم على أثرها الطائرات الصديقة بكشف موقعها. كان الحل المنطقي لمواجهة ذلك هو استخدام نظام أو آخر للتشفير ولكن ذلك كان غير عملي في أوائل فترة الخمسينات نظراً لأن التقنية المتوفرة في تلك الفترة كانت لا توفر مكونات صغيرة الحجم والوزن لتلك النظم. قبل نهاية عام 1956م أتاح اختراع الترانستور (Transistor) إمكانية توفير نظماً للتشفير رقمية خفيفة الوزن وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في برنامج يخدم الأفرع الرئيسية الثلاثة للقوات المسلحة ونتج عن ذلك النظام ماركة 12 الذي مازال يستخدم حتى الآن.
في حالة نجاح العدو في الإستيلاء بالقوة أو سرقة معدات النظام ماركة 12 فإن معرفة مكونات هذا النظام تكون عديمة الفائدة مالم يتم معرفة رموز الاستجواب الصحيح والرد عليه وهذا المستوى من الأداء هو الذي أدى إلى طول فترة بقاء هذا النظام. كان التطوير الرئيسي لهذا النظام هو إدخال الوضع رقم 4 ذو درجة التأمين العالية. يستخدم هذا الوضع التشفير كوسيلة مضادة لإجراءات الخداع المعادية. قد تكون وحدة التشفير تلك خارج النظام أو دمجه مع وحدة الرد على الاستجواب. تتصل معظم النظم الأمريكية ماركة 12 للتمييز بين الصديق والعدو بوحدة تشفير ولكن النظام المشترك للاستجواب- الرد على الاستجواب (Combined Interrogation. Transponder-CIT) طراز AN/APX-111 المستخدم مع الطائرات F/A-18 C/D/E/F يعتمد على وحدة مدمجة للتشفير طراز KIV-6.
كما هو المتبع مع أي نظام للشفرة يتم حماية المكونات المادية للوضع رقم 4 في حالة وقوعها في أيدى الأعداء حيث يتم تجهيزها بوحدة تفجير ذاتية وبحيث إذا تمت محاولة فتح تلك الوحدة بدون استخدام أدوات خاصة يتم تفجيرها. عادة ما يتم تزويد دول حلف الناتو فقط بوحدات الوضع رقم 4 أما الدول الأخرى غير الأعضاء في هذا الحلف والذين يطلبون نظاماً للتشفير فإنهم يعتمدون على النظم التجارية مثل نظام شركة رايثون (Raytheon) الذي يطلق عليه اسم Circe والذي يستخدم نظاماً للعمل يتم توفيقه طبقاً لرغبة العميل وطبقاً لقدراته الوطنية للتمييز بين الصديق والعدو.
قبل نهاية فترة السبعينات أدت القدرات المحدودة للنظام ماركة 12 إلى التفكير في ضرورة تطوير بديل له وذلك لأن هذا النظام كان معرضاً لأعمال الإعاقة المعادية إضافة إلى أن دخول الصواريخ (جو- جو) طويلة المدى مثل الصاروخ فونيكس AIM-54 والنسخ المطورة من الصاروخ سبارو AIM-7 كان يستلزم توفير تمييز إيجابي للطائرة التي تكون خارج مدى الرؤية. في عام 1979م أوشكت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من دول حلف الناتو على توقيع إتفاقية لتوحيد نظم التمييز بين الصديق والعدو وهو ماكان سيؤدي إلى تطوير النظام ماركة 15 الذي كان سيعرف بنظام الناتو للتمييز (Nato Identification System - NIS).
وافقت جميع الدول المشاركة في التطوير على أن يكون النظام البديل ماركة 15 مؤمناً مقاوماً للإعاقة، ويستخدم أسلوب السؤال والجواب، وأن يتمتع بخصائص مقاومة الإعاقة وكشف الأخطاء وتصحيحها. لقد ساعدت تقنية الكترونيات الجوامد على تحديد تلك المواصفات. سار التقدم في هذا المشروع بطيئاً وتسبب عدم الإتفاق على ترددات التشغيل على إعاقته ففي حين حبذت وزارة الدفاع الأمريكية استخدام حيز التردد (ى) فضلت الدول الأوروبية استخدام ترددات أكبر في نطاق التردد (E/F).
قبل منتصف فترة الثمانينات قامت الدول المشاركة في هذا البرنامج بصياغة المواصفات الفنية للنظام الجديد للتمييز بين الصديق والعدو والذي عرف باسم نظام الناتو للتمييز (NIS) واشتركت شركات أوروبية من كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا في هذا البرنامج. بالرغم من أن ألمانيا ظلت أقوى الحلفاء تأييداً لاستخدام نطاق التردد (E/F) إلا أن الاقتراح الأمريكي هو الذي تم إقراره. في عام 1985م وافقت ألمانيا على استخدام نطاق التردد (ى) في مقابل تعويضات مالية عن جهدها السابق لتطوير النظام الذي كان يستخدم نطاق التردد (E/F). كان من المتوقع أن يبدأ تطوير هذا النظام في عام 1987م على أن يبدأ الإنتاج في عام 1991م وفي نفس الوقت كان سيتم تحسين أداء النظام ماركة (12) حتى يتم دخول النظام ماركة (15) الخدمة.
أدى عاملان مهمان لتوقف تطوير النظام ماركة (15) أولهما انهيار حلف وارسو ثم بعد ذلك إنهيار الاتحاد السوفييتي وهو ما نتج عنه اختفاء البيئة المحتملة لاستخدام الإعاقة التي كان هذا النظام مصمما لمقاومتها وفي نفس الوقت كان ذلك فرصة ذهبية لإلغاء هذا البرنامج في ظل ميزانيات الدفاع التي كانت تتقلص عاماً بعد آخر. أما العامل الثاني هو التكلفة الضخمة نتيجة لاستبدال تجهيزات النظام ماركة (12) بوحدات أخرى. تم إلغاء برنامج تطوير النظام ماركة (15) في عام 1991م وبذلك سيستمر استخدام النظام ماركة (12) ولفترة قد تطول خلال القرن الحادي والعشرين.
أصبح الموقف الحالي لتطوير نظم التمييز بين الصديق والعدو أكثر تعقيداً نتيجة لقرار المنظمة الدولية للطيران المدني (Inernational Civil Aviation Organisation - ICAO) إدخال وضع جديد هو الوضع (S) الذي أصبح لزاماً على الطائرات العسكرية لدول حلف الناتو استخدامه اعتباراً من يناير 1999م. يعتبر الوضع (S) نظاماً مشتركاً يجمع بين رادار المراقبة الثانوي، ووصلة الاتصالات الخاصة بالبيانات الأرضية الجوية الأرضية ولقد تم تصميمه ليحقق مراقبة الطائرات ومطالب الاتصالات الخاصة بآلية التحكم في حركة المرور الجوي في المناطق التي تعمل فيها أعداد كبيرة من الطائرات وهذا النظام يشابه المستوى الثاني لنظام تجنب الاصطدام نتيجة لحركة المرور الجوي التجاري (Commercial Traffic Collision Avoidance System - TCAS) ولقد تم استخدام النظام الأول (الوضع S) مع الطيران الداخلي والطيران الأجنبي التجاري في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1998م.
يكاد ينحصر الفرق الأساسي بين الوضع (S) أو المستوى الثاني لنظام تجنب الاصطدام نتيجة لحركة المرور الجوي التجاري (TCAS) وأوضاع التمييز العسكري بين الصديق والعدو (IFF) في أنه في الوضع (S) يتم توجيه الاستجواب إلى طائرات منفردة مما يتيح لمن يقومون بالتحكم في حركة الطيران اختيار الطائرة التي سترد على الاستجواب. حالياً يتم توفير المكونات المادية للموضع (S) مع معظم النظم الجديدة للتمييز بين الصديق والعدو بينما يتم في الولايات المتحدة الأمريكية تطوير النظم الموجودة تحت الإنتاج لتشمل الوضع (S).
وفر العمل الذي قامت به الدول الخمس (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) لصالح نظام الناتو للتمييز (NIS) فرصة جيدة لتطوير مكونات جديدة للتمييز بين الصديق والعدو بحيث تحقق مواصفات النظام ماركة 12، الوضع (S) للمنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) وبحيث يمكن تطويرها لتحقق مطالب أي نظام جديد يمكن أن تقترحه دول حلف الناتو كبديل لنظام الناتو للتمييز (NIS) ولقد بدأ التخطيط فعلاً لتطوير ما يعرف باسم الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (New Generation IFF-NGIFF).
كونت فرنسا وألمانيا وإيطاليا شركة جديدة تحت اسم (EURO-1) ضمت شركات من تلك الدول وتعمل على مرحلتين لتنفيذ برنامج الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (NGIFF). خلال المرحلة الأولى سيتم تطوير ونشر استخدام أجهزة الاستجواب وأجهزة الرد القادرة على التعامل مع النظم ماركة (10)، ماركة (12)، الوضع (S) وفي نفس الوقت تقبل التطوير إلى الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (NGIFF). في المرحلة الثانية سيتم تطوير وحدات النظام (NGIFF) حتى يمكن استخدامها مع وحدت الاستجواب الجديدة، ووحدات الرد المستقبلية ووحدات التشفير اللازمة لتحقيق درجة عالية من التأمين.
في يونيو 1999م أعلنت شركة رايثون أنه قد تم اختيارها كمورد مفضل لنظام التمييز بين الصديق والعدو الذي سيتم استخدامه مع نظام الدفاع الجوي رابير (Rapier) الذي تصنعه ماترا بريتش إيروسبيس ديناميكس (Matra BAeDynamics) سيكون هذا العقد بعد توقيعه في عام 2000م هو العقد الثالث الذي توقعه شركة رايثون لصالح مرحلة التخطيط ودراسة التكامل التي تجريها وزارة الدفاع البريطانية لتطوير النظام التالي للنظام الحالي للتمييز بين الصديق والعدو (Successor IFF) والمنتظر استخدامه مع المنصات البرية والبحرية والجوية وبحيث يكون متوافقاً مع الوضع (S) للمنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO).
واجهت دول أوروبا الشرقية التي انضمت إلى حلف الناتو مشكلة التحول من النظام الروسي متعدد الترددات الذي يطلق عليه أود رودز (Odd Rods) إلى النظام ماركة (10) وماركة (12). لمواجهة ذلك قامت شركة الديس (ELdis) لصناعة الإلكترونيات في جمهورية التشيك بتنفيذ برنامج مكثف لتطوير الرادارات الموجودة مثل الرادار طراز IL-22-1 وتجهيزها بنظم جديدة للتمييز بين الصديق والعدو. أما الدول الأخرى وهي بولندا ورومانيا فقامتا بتوقيع عقود مع الشركات الصناعية الغربية المتخصصة في تلك النظم وكانت أكثر الشركات نجاحاً في هذا المجال شركة طومسون سي. اس. ان وهي التي تم اختيارها لاستبدال نظم التمييز بين الصديق والعدو في تلك الدولتين.
في حالة الاستخدام الجيد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (IFF) فإنه يلعب دوراً هاماً في منع الإصابة بنيران القوات الصديقة. أما في حالة الاستخدام الخاطئ أو عدم استخدامه فقد يواجه الطيارون نفس الأخطار التي يواجهونها من العدو ولكن من قوات صديقة. أثناء حرب إيران مع العراق اضطر طياروا القوات الجوية الإيرانية الإسلامية للطيران بدون نظام للتمييز بين الصديق والعدو ولذلك فقد تعرضوا للهجوم بواسطة كل من القوات العراقية والإيرانية ولقد ادعى الطيارون الإيرانيون المنشقون قبل نهاية عام 1982م أن (55) طائرة إيرانية قد تم فقدها نتيجة للإصابة بنيران القوات الإيرانية.
تعتمد الطريقة التقليدية لتركيب هوائي نظام التمييز بين الصديق والعدو (IFF) على تركيبه فوق هوائي الرادار وقد تكون تلك الطريقة مقبولة وسهلة مع الرادارات الأرضية الكبيرة ولكن في حالة طائرات القتال فإن هذه الطريقة تسبب مشاكل وخصوصاً أن حيز الفراغ المتاح لهوائي الرادار يكون محدوداً. تستخدم معظم التقنيات مصفوفة من الهوائيات الصغيرة لنظام التمييز بين الصديق والعدو وتضعها على هوائي رادار طائرة القتال ومع ذلك قامت شركة ماركوني إيروسبيس بتطوير طريقة يتم معها تكامل مصفوفة الهوائيات لنظام التمييز مع هوائي الرادار. يتم استخدام هذا الهوائي غير المرئي مع نظام الاستجواب طراز (AN/APX-76) الذي تم تطويره أصلاً للاستخدام مع الطائرة فانتوم (اف 4) ثم بعد ذلك تم استخدامه مع الطائرات الحديثة مثل طائرات القوات الجوية طراز (F-15) و (F-111) و (KC-130) وطائرات القوات البحرية طراز (E-2) و (F-14) و( (P-3و (S-3) و (SH-60B). يجري حالياً استخدام طريقة مماثلة تكامل هوائي نظام التمييز بين الصديق والعدو مع الهوائيات الرئيسية للرادارات الأرضية وفي هذا المجال أعلنت شركة نورثروب جرومان أن هوائي رادارها الجديد للمراقبة طراز TPS-70SS يحتوي على عناصر تعمل في نطاق التردد E/F (طبقاً لتقسيم حلف الناتو) بالإضافة إلى عناصر أخرى تعمل في نطاق تردد نظم التمييز بين الصديق والعدو.
اقترحت شركت ماركوني إيروسبيس استخدام هوائيات متعددة العناصر صغيرة الحجم يتم تركيبها على جسم الطائرة مع النظام المشترك للاستجواب والرد (Combined Interrogator / Transponder) الذي يتم استخدامه مع الطائرة (F-18) وتم اختياره لبرنامج تحديث الطائرة (F-16) والطائرة المقاتلة اليابانية FSX. مثل تلك الشبكة لتشكيل الشعاع عندما يتم تركيبها على جسم الطائرة فإنها تتيح المسح الإلكترني بأشعة أحادية النبضات.
عادة لا يتوفر لنظم الدفاع الجوي التي يتم استخدامها من على الكتف والنظم قصيرة المدى للمشاة أو النظم التي يتم تحميلها على مركبات خدمة عامة وتستخدم الصواريخ التي تطلق من الكتف عادة لا يتوفر لها نظم لتتبع الهدف والإمسكاك به سوى الاعتماد على رؤية الرامي كما أن كثير منها لا يتوفر معه نظام للتمييز بين الصديق والعدو وإذا وجدت فتكون خياراً إضافياً.
عندما لا يتوفر نظام للتمييز بين الصديق والعدو مع أطقم الدفاع الجوي التي تستخدم الصواريخ قصيرة المدى التي تطلق من الكتف فإنه يمكن استخدامها لاستجواب الطائرة بمجرد كشفها وفي حالة الحصول على رد مجهول فإن الرامي يمكنه في تلك الحالة تجهيز الصاروخ للإطلاق. بالرغم من تلك الميزة التكتيكية فغالباً لا يتم استخدام تلك النظم ويرجع ذلك أساساً إلى نقص التدريب على استخدام التمييز بين الصديق والعدو. لقد أشار أحد الضباط الأمريكيين في مقال له بعنوان: "الإنذار المبكر على مستوى قوة المهمة (Early Warning at the Task Force Level) بأنه وبعد 30 شهراً في مركز التدريب على المناورات القتالية الأمريكي فإنه رأى فصيلة واحدة هي التي استطاعت بنجاح برمجة أجهزة الاستجواب لنظام التمييز بين الصديق والعدو.
يرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها عدم القدرة على الحصول على الشريط اللازم للبرمجة من ضباط الإشارة المساندين لقوة المهمة أو عطل المولد الكهربائي الموجود مع الطاقم وأحياناً يتم نشر الوحدات وليس معها بطاريات صالحة كما أن بعض الأطقم صرحت بأنه لا توجد غرفة مناسبة لتحميل برامج التمييز بين الصديق والعدو ونتيجة لكل ذلك فإن جهاز الاستجواب يكون عديم الفائدة لعدم القدرة على برمجة وحدة الاستجواب تحت ظروف ميدان القتال.
أدت الحوادث الكثيرة التي يتم فيها مهاجمة وحدات صديقة بنيران صديقة إلى جذب الإنتباه إلى ضرورة توفير نظم للتمييز بين الصديق والعدو وللقوات البرية. أثناء حرب تحرير الكويت في عام 1991م كانت الإصابة بنيران القوات الصديقة مسئولة عن ما نسبته 17% من خسائر القوات الأمريكية. قد يكون البديل لتوفير نظام للتمييز بين الصديق والعدو هو أن ينتظر الفرد حتى يتأكد من أن الذي سيطلق عليه النار هو عدو وفي مثل تلك الحالة سيفقد ميزة كبيرة وهي الاشتباك مع العدو قبل أن يكون في مدى نيرانه. كان أحد الحلول لمواجهة مثل تلك الحوادث هي تعديل قواعد الاشتباك ولقد قامت بعض الهيئات الأمريكية بدراسة ذلك ولكنها اكتشفت أن الخسائر نتيجة لنيران العدو ستكون أكبر من الخسائر الناتجة عن النيران الصديقة.
كان استخدام نظم إدارة المعركة (Battle Managment System) بواسطة القوات البرية الرقمية الحديثة أثره المحدود في مواجهة الإصابة بنيران القوات الصديقة. أظهرت الخبرة التي أظهرتها البيانات العملية التي تم إجراؤها في فرنسا أن تلك المشكلة لا يمكن حلها بزيادة وعي القوات بالموقف التكتيكي وتزويدها بالمعلومات الحديثة التي يمكن توفيرها في مكان كل مركبة قتال وفي جميع الأوقات. لقد صرح مسئول شركة طومسون سي. اس. ان. أنه بالرغم من التقدم الذي حدث في مجال الإتصالات إلا أن خفة الحركة وسرعة المركبات المدرعة قد جعلت من نقل المعلومات في وقتها الحقيقي والتحدث الفوري أمراً صعباً ونتيجة لذلك فلا يزال هناك احتمال كبير أن يرى الرامي خلال منظار التسديد مالا ينطبق مع المعلومات التي يتم عرضها على شاشة العرض الموجودة مع نظام الوعي بالموقف التكتيكي.
أثناء حرب تحرير الكويت كان الإجراء المتبع لمواجهة الإصابة بنيران القوات الصديقة هو تمييز جميع مركبات قوات التحالف بعلامة V المقلوبة والتي كان يتم رسمها بطلاء عاكس للأشعة تحت الحمراء. استخدمت القوات الأمريكية أيضاً ما يطلق عليه Budd Light وهو عبارة عن صمام ثنائي تنبعث منه أشعة تحت الحمراء يمكن رؤيتها بواسطة النظارات الليلية من على مسافة 2،1 ميل (93،1 كيلومتر).
بدأت القوات المسلحة الأمريكية في عام 1996م بداسة واختبار مدى جدوى التقنية المتاحة لتوفير نظماً يمكن استخدامها للتمييز بين الصديق والعدو ولتحقيق ذلك تم استخدام أسلوب المحاكاة أثناء المناورات والتدريبات. قامت وزارة الدفاع الأمريكية بإجراء عدة مناورات قتالية سنوية لتقييم نظم التميز بين الصديق والعدو اشتركت فيها فرق للتقييم من جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وذلك بهدف تحليل كيفية تعرف القوات على القوات المعادية تحت ظروف معركة الأسلحة المشتركة وإتاحة الفرصة للعسكريين لتقييم تقنيات التمييز المتوفرة.
أثناء أحدث تلك المناورات وهي المناورة الرابعة في تلك السلسلة والتي أجريت في مارس 1999م اشترك أكثر من (5000) فرد تم سحبهم من أكثر من (55) وحدة عسكرية وذلك بالإضافة إلى ممثلين للشركات الصناعية المتخصصة في صناعة نظم التمييز بين الصديق والعدو. قامت القوات البرية المكونة من وحدات من الجيش ومشاة البحرية بإجراء عمليات ضد قوات مجهزة بتسليح كامل يشمل دبابات وعربات مدرعة وطائرات مصنعة في الاتحاد السوفييتي سابقاً. قامت طائرات قتال وحوامات من الأفرع الرئيسية الأربعة للقوات المسلحة الأمريكية بمهاجمة الأهداف المعادية على الأرض أو في الجو. أثناء تلك المناورة التي استمرت تسعة أيام تم تقييم وتجربة أكثر من 70 نظاماً و 30 تقنية تم تطويرها بواسطة هيئات حكومية.
في نهاية فترة التسعينات كان هناك أربع أنظمة يتم تطويرها في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا. في الولايات المتحدة الأمريكية قامت شركة TRW وشركة هيوز (حالياً جزء من شركة رايثون) بتطوير ما يطلق عليه نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (Battle Field Combat Indentication System - BCIS) وهو نظام مؤمن، يستخدم الشفرة، يعتمد على نظام السؤال والجواب، يعمل في نطاق التردد (38) جيجاهرتز القريب من منطقة الموجات المليمترية. يتم استخدام هذا النظام مع منصة السلاح، حيث يتم استخدام وحدة استجواب لها هوائي يتم تنسيقها مع نظام التسديد للرامي وتقوم تلك الوحدة بسؤال الأهداف الهامة المعادية التي تمثل درجة عالية من التهديد. عندما يكون الهدف الذي يتم استجوابه صديقاً فإنه يرسل الرد الصحيح في أقل من ثانية واحدة. أما الأهداف التي ترسل إجابة غير صحيحة أو لا ترسل إجابة فيتم معاملتها على أنها مجهولة. يعمل هذا النظام تحت ظروف استخدام الدخان وفي الضباب والغبار الكثيف والأمطار وله مدى خارج مدى الرؤية البصرية.
اتفق المهندسون المصممون الفرنسيون مع نظرائهم الأمريكيين على أن إشارات الموجات المليمترية توفر إرسالاً متفوقاً تحت ظروف ميدان المعركة التي عادة ما تكون فيها الرؤية صعبة بالإضافة إلى ضعف احتمال الاعتراض والكشف بواسطة العدو كما يمكن تضمين تلك الإشارات لتحميل بيانات واتصالات ونتيجة لذك تم تطوير نظاماً فرنسياً يشبه إلى حد كبير نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) ويعمل على نفس نطاق التردد. نظراً لتشابه الحل الفرنسي والأمريكي قرر المصممون من كلا الدولتين تحديد شكلاً مشتركاً لموجات الإرسال التي سيعمل عليها النظامان حتى يمكن استخدام كل منهما الاخر.
كان الحل البريطاني أسهل من الحلين السابقين وفي هذا الحل يتم تجهيز جميع المركبات التي تعمل في منطقة القتال بمرسل لاسلكي (Beacon) يعمل على نطاق التردد M (94 جيجاهرتز) تستخدم منصات الأسلحة وحدات استقبال لها درجة عالية من الحساسية للتحقق من وجود أو غياب إشارات المرسل اللاسلكي بالنسبة للأهداف المعادية الهامة. بالرغم من التكلفة المحدودة لمكونات هذا النظام إلا أن الجمع بين الخرج منخفض الطاقة والقفز الترددي في نطاق واسع من الترددات سيجعل من الصعب اكتشاف الإشارات بواسطة العدو.
اتجهت ألمانيا إلى حل يختلف عن الحلول السابقة حيث استخدمت الليزر منخفض الطاقة وغير الضار للعين كوسيلة للاستجواب. يمكن لوحدات كشف الأشعة تحت الحمراء الموجودة على المركبات الصديقة أن تكشف نبضات الليزر المشفرة للاستجواب ثم تقوم تلك المركبات بالرد بإشارة مشفرة أيضاً في نطاق التردد D (090،1 جيجاهرتز) يمكن استقبالها والتعرف عليها بواسطة هوائي اتجاهي يعمل في نطاق التردد D ويتم تركيبه على المركبات التي تقوم بالاستجواب.
في الفترة بين أبريل ويونيو لعام 1997م تم إجراء عدة تجارب في ألمانيا قامت بها دول حلف الناتو لإختيار نظم التمييز بين الصديق والعدو المتنافسة. في عام 1998م تم تقييم نتائج تلك الاختبارات وأسفر التقييم عن اختيار نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) الأمريكي كأساس لبرنامج حلف الناتو متوسط المدى لنظم التمييز بين الصديق والعدو التي سيتم استخدامها مع القوات البرية والحوامات. قام الجيش الأمريكي فعلاً بتمويل شراء 1900 نظاماً للتمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) لتجهيز الفرقة المشاة الرابعة الرقمية.
تتوقع بعض الشركات أن يتم الإقبال على طلب نظماً للتمييز بين الصديق والعدو لحماية الأفراد من الإصابة بنيران القوات الصديقة. قامت شركة أورليكون كونترافس بتطوير نظامها الذي يعتمد على الليزر ويطلق عليه اسم سيملس بلس (Simlas Plus) والذي يستخدم في مساعدات التدريب ليكون نظاماً للتمييز بين الصديق والعدو في ميدان المعركة. أثناء القتال يقوم الجندي بتصويب سلاحه المجهز بوحدة لإرسال الليزر إلى الجندي الذي يريد أن يتعرف عليه ويقوم بإرسال نبضة ليزر مشفرة. إذا كان الجندي الذي تم اختياره يحمل الجهاز المنشط سيملس بلس فسيقوم على الفور بإرسال إشارة الرد على موجات الراديو والتي ستؤدي إلى ظهور ومضات حمراء في وحدة الليزر التي قامت بالاستجواب وهو ما يدل على أن الجندي الذي تم استجوابه صديقاً. يصل مدى هذا النظام إلى 10 كيلومترات.
لا يوجد نظام للتمييز بين الصديق والعدو مؤمن ضد الاستعمال الخاطئ وهذا ما كشفت عنه عدة حوادث خلال الفترة القريبة الماضية قد يكون أخطرها وأكثرها إثارة هو إسقاط طائرة الركاب الإيرانية طراز إيرباص ايه 300 بواسطة صاروخ أمريكي في 3 يوليو 1988م. أقلت رحلة الطيران الإيرانية رقم 655 من مطار بندر عباس فن الساعة 10 و 17 دقيقة صباحاً متجهة إلى الخليج وكانت تتسلق بانتظام لتأخذ ارتفاع الطيران المناسب ولسوء الحظ كانت تتجه نحو الطراد الأمريكي Vincennes الذي كان مشتبكاً مع قوارب مسلحة إيرانية.
بالرغم من أن الطائرة كانت ترسل على الوضع الثالث لنظام التمييز بين الصديق والعدو إلا أن الأفراد الموجودين فوق الطراد الأمريكي أبلغوا رسمياً بأن رد الطائرة هو على الوضع الثاني العسكري وهو ما ولد اعتقاداً بأن الطائرة هي طائرة إيرانية طراز (F-14) وقد يرجع ذلك الاعتقاد إلى وجود طائرات (F-14) في مطار بندر عباس ومعها جهاز الرد (Transponder) في حالة العمل على الوضع الثاني أو قد يكون قد اختلط الرد من طائرة (F-14) تتجول فوق المطار مع رد الطائرة إيرباص التي كانت تقلع من المطار.
أوردت هيئة التحقيق في هذا الحادث التي كان يرأسها أدميرال من القوات البحرية في تقريرها أنه بعد الإبلاغ الرسمي عن ستخدام الوضع الثاني العسكري للرد قام المنسق التكتيكي للمعلومات (Tactical Information Co-ordinator) للقطعة البحرية بتشويه البيانات في محاولة غير واعية ليستخلص قرينة تتفق مع الفكر المسبق لسير الأحداث ونتيجة لذلك تم كتابة التقرير بأن الطائرة كانت في وضع الهبوط المنتظم في اتجاه الطراد الأمريكي وذلك بالرغم من أن معلومات أجهزة الاستشعار للقطعة البحرية كانت تدحض ذلك.
إذا كانت نظم التمييز بين الصديق والعدو لها أهمية كبيرة فإنه من المهم أيضاً أن تتمتع مكوناتها بدرجة عالية من الأداء الموثوق به وهذا العامل كان يتم اهماله أحياناً في الماضي. أثناء حرب تحرير الكويت كانت صيانة وأداء معدات التمييز بين الصديق والعدو تمثلان مشكلة مستمرة وذلك لإفتقارها إلى إمكانية التشغيل المتبادل أو توحيد الأداء بين القوات الجوية لقوات التحالف.
بعد إسقاط الحوامة الأمريكية بلاك هوك (UH-60) يوم 14 أبريل 1994م في منطقة حظر الطيران فوق شمال العراق بواسطة طائرتين أمريكيتين طراز (F-15) أصدرت رئاسة الأركان المشتركة توجيهاً طلبت فيه ضرورة إجراء اختبار تشغيل لنظم التمييز بين الصديق والعدو على أن يتم تقرير صلاحيتها على أساس إما مقبول أو مرفوض وأن يتم إجراء ذلك الاختبار قبل أن تبدأ الطائرة مهمتها ومع ذلك فلقد كان عدم توفر معدات الاختبار الأرضية الكافية لإجراء هذا الاختبار يحول دون تحقيق ذلك باستمرار.
يتطلب الاحتفاظ بمعدات تمييز بين الصديق والعدو موثوق بها توفير معدات اختبار جديدة وموثوق بها أيضاً وهنا تكمن المشكلة. أدركت القوات البحرية الأمريكية أن معدات الاختبار الحالية من الطرازين AN/APM-424, AN/APM-378 يفتقران إلى الموثوقية لتحقيق مطالب التشغيل الجديدة كما أن بهما مكونات قد تم خروجها من الخدمة وذلك بالإضافة إلى أنه لا يمكن تطويرهما ليتناسبا مع التقنية الحديثة لمعدات التمييز (IFF) ولذلك تقوم القوات البحرية الأمريكية بتطوير مجموعة اختبار لوحدتي الاستجواب والرد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (Identification Friend of Foe Interrggator Transponder Test Set-IFFITTS) قادرة على إجراء الاختبارات أثناء الطيران لوحدتي الرد والاستجواب للنظام ماركة (12) الموجود مع الطائرات والحوامات.
تم إدراك الحاجة إلى معدات اختبار جديدة في منتصف فترة الثمانينات ولكن بالرغم من وجود حلول مقبولة في ذلك الوقت إلا أن نقص التمويل قد حال دون تنفيذها. قامت القوات البحرية الأمريكية بطلب عروض لمعدات اختبار جديدة في عام 1996م ومن المتوقع أن يبدأ إنتاجها في عام 1999م وبالرغم من أن الطلبات العاجلة كان من القوات البحرية إلا أن الأفرع الرئيسية الأخرى للقوات المسلحة قد رفعت حجم الطلب من 453 إلى 1303 مجموعة اختبار لوحدتي الاستجواب والرد لنظام التمييز (IFFITTS).
بالرغم من الأهمية التكتيكية لنظم التمييز بين الصديق والعدو (IFF) إلا أنها ليست دواء ناجحاً في جميع الحالات وحتى لو كانت تعمل بصورة صحيحة فإن خروجها قد يساء تفسيره وهو ما كشفت عنه حادث إسقاط الطائرة الإيرانية. لقد تم تلخيص ذلك بواسطة جنرال أمريكي متخصص في هذا المجال حين قال إني أعتقد أنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً منع الإصابة بنيران القوات الصديقة ولكن يمكن أن نقلل منها بدرجة كبيرة وفي نفس الوقت نحسن من أدائنا القتالي
اولIFF ل امريكا
Code generator from German WW II IFF-Radio FuG 25a Erstling
Identification Friend of Foe (IFF) Systems
من وقت قريب كانت نظم التمييز بين الصديق والعدو تستخدم فقط مع نظم الدفاع الجوي ولكن أظهرت خبرة الحروب الحديثة ضرورة توفير تلك النظم مع القوات البرية لتقليل الخسائر التي تحدث نتيجة للإصابة بنيران القوات الصديقة أو منعها. نتيجة لذلك ظهرت سوق جديدة لمثل تلك النظم التي تستطيع أن تميز بين القوات البرية الصديقة والقوات المعادية.
في الحرب الجوية الحديثة أصبح من الممكن أن يشتبك الطيار مع الطائرة المعادية على مسافات تزيد عن مدى الرؤية المباشرة وذلك باستخدام الصواريخ الموجهة المجهزة بأحدث النظم الإلكترونية ولتحقيق ذلك يلزم توفير نظماً موثوق بها للتمييز بين الصديق والعدو. بالرغم أن مثل تلك النظم تم تطويرها واستخدامها لأول مرة في الحرب الكورية إلا أن نظرية عملها تم استنباطها أثناء الحرب العالمية الثانية. لقد ظهرت خطط لتطوير تلك النظم ولكن تم إيقافها خلال الفترة الأولى من التسعينات ولذلك فإن النظم الحالية من المتوقع أن تستمر ولفترة خلال القرن الحادي والعشرين.حالياً تستخدم دول حلف الناتو النظام ماركة 12 (MKXII) للتمييز بين الصديق والعدو وهو تطوير للنظام ماركة 10 (MKX) الذي كان يسبقه. تتكون إشارة الاستجواب للنظام ماركة 10 من نبضتين زمن كل منهما ميكروثانية واحدة لها تردد 1030 ميجاهرتز. يتم ضبط الفاصل الزمني بين تلك النبضتين ليكون إما 5،3 أو 5 ميكروثانية للدلالة على وضع الاستجواب الذي يتم استخدامه. يدل الفاصل الزمني 3 ميكروثانية على استخدام الوضع الأول للإستجواب وهو الوضع العام وفي هذه الحالة يقوم جهاز الإجابة (Transponder) في الطائرة المستقبلة للإشارة بإرسال نبضة زمنها ميكروثانية واحدة بتردد 1090 ميجاهرتز. في الوضع الثاني وهو وضع التهديد يتم استخدام الفاصل الزمني 5 ميكروثانية وتقوم الطائرة التي يتم استجوابها بالإجابة بنبضتين زمن كل منهما ميكروثانية واحدة وبفاصل زمني 16 ميكروثانية. في الوضع الثالث للتهديد تقوم الطائرة التي يتم استجوابها بالرد بنبضة واحدة زمنها ميكروثانية.
دائماً ما يقوم جهاز الإجابة بالرد على استجواب الوضع الأول ويكون الرد على استجواب الوضعين الثاني والثالث اختيارياً ويتم ضبطهما بواسطة مفتاح تحويل موجود على لوحة تحكم جهاز الإجابة. يمكن أيضاً اختيار وضع الطوارئ للإجابة ويتم في هذا الوضع الرد بأربع نبضات زمن كل منهما ميكروثانية وبفاصل زمني 16 ميكروثانية.
قد تكون أكبر عيوب النظام ماركة 10 هي إمكانية خداعه. أثناء المراحل الأخيرة للحرب العالمية الثانية استخدمت الطائرات البريطانية المقاتلة الليلية طراز موسكيتو (Mosquito) التي كانت تعمل فوق ألمانيا استخدمت جهاز له اسم رمزي بريفكتوس (Prefectos) لاستجواب نظم التمييز بين الصديق والعدو الموجودة على الطائرات الألمانية وهو ما كان يؤدي إلى أن تقوم الطائرات الأخيرة بالإعلان عن موقعها. ثم تكرار تلك الحيلة بعد 20 عاماً من إنتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث قامت القوات الجوية الأمريكية بتجهيز طائراتها طراز فانتوم (F-4) بجهاز له درجة سرية عالية يطلق عليه كومبات تري (Combat - Tree) وهو ما مكن تلك الطائرات من تتبع الطائرات الفيتنامية طراز ميج من خلال نظم التمييز بين الصديق والعدو وطراز أود رودز (Odd Rods) التي كانت تستخدمها.
إذا أخذ في الاعتبار تلك الأحداث التاريخية يبرز على الفور احتمال أن تقوم الطائرات المعادية بإرسال نبضات للاستجواب تقوم على أثرها الطائرات الصديقة بكشف موقعها. كان الحل المنطقي لمواجهة ذلك هو استخدام نظام أو آخر للتشفير ولكن ذلك كان غير عملي في أوائل فترة الخمسينات نظراً لأن التقنية المتوفرة في تلك الفترة كانت لا توفر مكونات صغيرة الحجم والوزن لتلك النظم. قبل نهاية عام 1956م أتاح اختراع الترانستور (Transistor) إمكانية توفير نظماً للتشفير رقمية خفيفة الوزن وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في برنامج يخدم الأفرع الرئيسية الثلاثة للقوات المسلحة ونتج عن ذلك النظام ماركة 12 الذي مازال يستخدم حتى الآن.
في حالة نجاح العدو في الإستيلاء بالقوة أو سرقة معدات النظام ماركة 12 فإن معرفة مكونات هذا النظام تكون عديمة الفائدة مالم يتم معرفة رموز الاستجواب الصحيح والرد عليه وهذا المستوى من الأداء هو الذي أدى إلى طول فترة بقاء هذا النظام. كان التطوير الرئيسي لهذا النظام هو إدخال الوضع رقم 4 ذو درجة التأمين العالية. يستخدم هذا الوضع التشفير كوسيلة مضادة لإجراءات الخداع المعادية. قد تكون وحدة التشفير تلك خارج النظام أو دمجه مع وحدة الرد على الاستجواب. تتصل معظم النظم الأمريكية ماركة 12 للتمييز بين الصديق والعدو بوحدة تشفير ولكن النظام المشترك للاستجواب- الرد على الاستجواب (Combined Interrogation. Transponder-CIT) طراز AN/APX-111 المستخدم مع الطائرات F/A-18 C/D/E/F يعتمد على وحدة مدمجة للتشفير طراز KIV-6.
كما هو المتبع مع أي نظام للشفرة يتم حماية المكونات المادية للوضع رقم 4 في حالة وقوعها في أيدى الأعداء حيث يتم تجهيزها بوحدة تفجير ذاتية وبحيث إذا تمت محاولة فتح تلك الوحدة بدون استخدام أدوات خاصة يتم تفجيرها. عادة ما يتم تزويد دول حلف الناتو فقط بوحدات الوضع رقم 4 أما الدول الأخرى غير الأعضاء في هذا الحلف والذين يطلبون نظاماً للتشفير فإنهم يعتمدون على النظم التجارية مثل نظام شركة رايثون (Raytheon) الذي يطلق عليه اسم Circe والذي يستخدم نظاماً للعمل يتم توفيقه طبقاً لرغبة العميل وطبقاً لقدراته الوطنية للتمييز بين الصديق والعدو.
قبل نهاية فترة السبعينات أدت القدرات المحدودة للنظام ماركة 12 إلى التفكير في ضرورة تطوير بديل له وذلك لأن هذا النظام كان معرضاً لأعمال الإعاقة المعادية إضافة إلى أن دخول الصواريخ (جو- جو) طويلة المدى مثل الصاروخ فونيكس AIM-54 والنسخ المطورة من الصاروخ سبارو AIM-7 كان يستلزم توفير تمييز إيجابي للطائرة التي تكون خارج مدى الرؤية. في عام 1979م أوشكت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من دول حلف الناتو على توقيع إتفاقية لتوحيد نظم التمييز بين الصديق والعدو وهو ماكان سيؤدي إلى تطوير النظام ماركة 15 الذي كان سيعرف بنظام الناتو للتمييز (Nato Identification System - NIS).
وافقت جميع الدول المشاركة في التطوير على أن يكون النظام البديل ماركة 15 مؤمناً مقاوماً للإعاقة، ويستخدم أسلوب السؤال والجواب، وأن يتمتع بخصائص مقاومة الإعاقة وكشف الأخطاء وتصحيحها. لقد ساعدت تقنية الكترونيات الجوامد على تحديد تلك المواصفات. سار التقدم في هذا المشروع بطيئاً وتسبب عدم الإتفاق على ترددات التشغيل على إعاقته ففي حين حبذت وزارة الدفاع الأمريكية استخدام حيز التردد (ى) فضلت الدول الأوروبية استخدام ترددات أكبر في نطاق التردد (E/F).
قبل منتصف فترة الثمانينات قامت الدول المشاركة في هذا البرنامج بصياغة المواصفات الفنية للنظام الجديد للتمييز بين الصديق والعدو والذي عرف باسم نظام الناتو للتمييز (NIS) واشتركت شركات أوروبية من كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا في هذا البرنامج. بالرغم من أن ألمانيا ظلت أقوى الحلفاء تأييداً لاستخدام نطاق التردد (E/F) إلا أن الاقتراح الأمريكي هو الذي تم إقراره. في عام 1985م وافقت ألمانيا على استخدام نطاق التردد (ى) في مقابل تعويضات مالية عن جهدها السابق لتطوير النظام الذي كان يستخدم نطاق التردد (E/F). كان من المتوقع أن يبدأ تطوير هذا النظام في عام 1987م على أن يبدأ الإنتاج في عام 1991م وفي نفس الوقت كان سيتم تحسين أداء النظام ماركة (12) حتى يتم دخول النظام ماركة (15) الخدمة.
أدى عاملان مهمان لتوقف تطوير النظام ماركة (15) أولهما انهيار حلف وارسو ثم بعد ذلك إنهيار الاتحاد السوفييتي وهو ما نتج عنه اختفاء البيئة المحتملة لاستخدام الإعاقة التي كان هذا النظام مصمما لمقاومتها وفي نفس الوقت كان ذلك فرصة ذهبية لإلغاء هذا البرنامج في ظل ميزانيات الدفاع التي كانت تتقلص عاماً بعد آخر. أما العامل الثاني هو التكلفة الضخمة نتيجة لاستبدال تجهيزات النظام ماركة (12) بوحدات أخرى. تم إلغاء برنامج تطوير النظام ماركة (15) في عام 1991م وبذلك سيستمر استخدام النظام ماركة (12) ولفترة قد تطول خلال القرن الحادي والعشرين.
أصبح الموقف الحالي لتطوير نظم التمييز بين الصديق والعدو أكثر تعقيداً نتيجة لقرار المنظمة الدولية للطيران المدني (Inernational Civil Aviation Organisation - ICAO) إدخال وضع جديد هو الوضع (S) الذي أصبح لزاماً على الطائرات العسكرية لدول حلف الناتو استخدامه اعتباراً من يناير 1999م. يعتبر الوضع (S) نظاماً مشتركاً يجمع بين رادار المراقبة الثانوي، ووصلة الاتصالات الخاصة بالبيانات الأرضية الجوية الأرضية ولقد تم تصميمه ليحقق مراقبة الطائرات ومطالب الاتصالات الخاصة بآلية التحكم في حركة المرور الجوي في المناطق التي تعمل فيها أعداد كبيرة من الطائرات وهذا النظام يشابه المستوى الثاني لنظام تجنب الاصطدام نتيجة لحركة المرور الجوي التجاري (Commercial Traffic Collision Avoidance System - TCAS) ولقد تم استخدام النظام الأول (الوضع S) مع الطيران الداخلي والطيران الأجنبي التجاري في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1998م.
يكاد ينحصر الفرق الأساسي بين الوضع (S) أو المستوى الثاني لنظام تجنب الاصطدام نتيجة لحركة المرور الجوي التجاري (TCAS) وأوضاع التمييز العسكري بين الصديق والعدو (IFF) في أنه في الوضع (S) يتم توجيه الاستجواب إلى طائرات منفردة مما يتيح لمن يقومون بالتحكم في حركة الطيران اختيار الطائرة التي سترد على الاستجواب. حالياً يتم توفير المكونات المادية للموضع (S) مع معظم النظم الجديدة للتمييز بين الصديق والعدو بينما يتم في الولايات المتحدة الأمريكية تطوير النظم الموجودة تحت الإنتاج لتشمل الوضع (S).
وفر العمل الذي قامت به الدول الخمس (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) لصالح نظام الناتو للتمييز (NIS) فرصة جيدة لتطوير مكونات جديدة للتمييز بين الصديق والعدو بحيث تحقق مواصفات النظام ماركة 12، الوضع (S) للمنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) وبحيث يمكن تطويرها لتحقق مطالب أي نظام جديد يمكن أن تقترحه دول حلف الناتو كبديل لنظام الناتو للتمييز (NIS) ولقد بدأ التخطيط فعلاً لتطوير ما يعرف باسم الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (New Generation IFF-NGIFF).
كونت فرنسا وألمانيا وإيطاليا شركة جديدة تحت اسم (EURO-1) ضمت شركات من تلك الدول وتعمل على مرحلتين لتنفيذ برنامج الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (NGIFF). خلال المرحلة الأولى سيتم تطوير ونشر استخدام أجهزة الاستجواب وأجهزة الرد القادرة على التعامل مع النظم ماركة (10)، ماركة (12)، الوضع (S) وفي نفس الوقت تقبل التطوير إلى الجيل الجديد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (NGIFF). في المرحلة الثانية سيتم تطوير وحدات النظام (NGIFF) حتى يمكن استخدامها مع وحدت الاستجواب الجديدة، ووحدات الرد المستقبلية ووحدات التشفير اللازمة لتحقيق درجة عالية من التأمين.
في يونيو 1999م أعلنت شركة رايثون أنه قد تم اختيارها كمورد مفضل لنظام التمييز بين الصديق والعدو الذي سيتم استخدامه مع نظام الدفاع الجوي رابير (Rapier) الذي تصنعه ماترا بريتش إيروسبيس ديناميكس (Matra BAeDynamics) سيكون هذا العقد بعد توقيعه في عام 2000م هو العقد الثالث الذي توقعه شركة رايثون لصالح مرحلة التخطيط ودراسة التكامل التي تجريها وزارة الدفاع البريطانية لتطوير النظام التالي للنظام الحالي للتمييز بين الصديق والعدو (Successor IFF) والمنتظر استخدامه مع المنصات البرية والبحرية والجوية وبحيث يكون متوافقاً مع الوضع (S) للمنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO).
واجهت دول أوروبا الشرقية التي انضمت إلى حلف الناتو مشكلة التحول من النظام الروسي متعدد الترددات الذي يطلق عليه أود رودز (Odd Rods) إلى النظام ماركة (10) وماركة (12). لمواجهة ذلك قامت شركة الديس (ELdis) لصناعة الإلكترونيات في جمهورية التشيك بتنفيذ برنامج مكثف لتطوير الرادارات الموجودة مثل الرادار طراز IL-22-1 وتجهيزها بنظم جديدة للتمييز بين الصديق والعدو. أما الدول الأخرى وهي بولندا ورومانيا فقامتا بتوقيع عقود مع الشركات الصناعية الغربية المتخصصة في تلك النظم وكانت أكثر الشركات نجاحاً في هذا المجال شركة طومسون سي. اس. ان وهي التي تم اختيارها لاستبدال نظم التمييز بين الصديق والعدو في تلك الدولتين.
في حالة الاستخدام الجيد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (IFF) فإنه يلعب دوراً هاماً في منع الإصابة بنيران القوات الصديقة. أما في حالة الاستخدام الخاطئ أو عدم استخدامه فقد يواجه الطيارون نفس الأخطار التي يواجهونها من العدو ولكن من قوات صديقة. أثناء حرب إيران مع العراق اضطر طياروا القوات الجوية الإيرانية الإسلامية للطيران بدون نظام للتمييز بين الصديق والعدو ولذلك فقد تعرضوا للهجوم بواسطة كل من القوات العراقية والإيرانية ولقد ادعى الطيارون الإيرانيون المنشقون قبل نهاية عام 1982م أن (55) طائرة إيرانية قد تم فقدها نتيجة للإصابة بنيران القوات الإيرانية.
تعتمد الطريقة التقليدية لتركيب هوائي نظام التمييز بين الصديق والعدو (IFF) على تركيبه فوق هوائي الرادار وقد تكون تلك الطريقة مقبولة وسهلة مع الرادارات الأرضية الكبيرة ولكن في حالة طائرات القتال فإن هذه الطريقة تسبب مشاكل وخصوصاً أن حيز الفراغ المتاح لهوائي الرادار يكون محدوداً. تستخدم معظم التقنيات مصفوفة من الهوائيات الصغيرة لنظام التمييز بين الصديق والعدو وتضعها على هوائي رادار طائرة القتال ومع ذلك قامت شركة ماركوني إيروسبيس بتطوير طريقة يتم معها تكامل مصفوفة الهوائيات لنظام التمييز مع هوائي الرادار. يتم استخدام هذا الهوائي غير المرئي مع نظام الاستجواب طراز (AN/APX-76) الذي تم تطويره أصلاً للاستخدام مع الطائرة فانتوم (اف 4) ثم بعد ذلك تم استخدامه مع الطائرات الحديثة مثل طائرات القوات الجوية طراز (F-15) و (F-111) و (KC-130) وطائرات القوات البحرية طراز (E-2) و (F-14) و( (P-3و (S-3) و (SH-60B). يجري حالياً استخدام طريقة مماثلة تكامل هوائي نظام التمييز بين الصديق والعدو مع الهوائيات الرئيسية للرادارات الأرضية وفي هذا المجال أعلنت شركة نورثروب جرومان أن هوائي رادارها الجديد للمراقبة طراز TPS-70SS يحتوي على عناصر تعمل في نطاق التردد E/F (طبقاً لتقسيم حلف الناتو) بالإضافة إلى عناصر أخرى تعمل في نطاق تردد نظم التمييز بين الصديق والعدو.
اقترحت شركت ماركوني إيروسبيس استخدام هوائيات متعددة العناصر صغيرة الحجم يتم تركيبها على جسم الطائرة مع النظام المشترك للاستجواب والرد (Combined Interrogator / Transponder) الذي يتم استخدامه مع الطائرة (F-18) وتم اختياره لبرنامج تحديث الطائرة (F-16) والطائرة المقاتلة اليابانية FSX. مثل تلك الشبكة لتشكيل الشعاع عندما يتم تركيبها على جسم الطائرة فإنها تتيح المسح الإلكترني بأشعة أحادية النبضات.
عادة لا يتوفر لنظم الدفاع الجوي التي يتم استخدامها من على الكتف والنظم قصيرة المدى للمشاة أو النظم التي يتم تحميلها على مركبات خدمة عامة وتستخدم الصواريخ التي تطلق من الكتف عادة لا يتوفر لها نظم لتتبع الهدف والإمسكاك به سوى الاعتماد على رؤية الرامي كما أن كثير منها لا يتوفر معه نظام للتمييز بين الصديق والعدو وإذا وجدت فتكون خياراً إضافياً.
عندما لا يتوفر نظام للتمييز بين الصديق والعدو مع أطقم الدفاع الجوي التي تستخدم الصواريخ قصيرة المدى التي تطلق من الكتف فإنه يمكن استخدامها لاستجواب الطائرة بمجرد كشفها وفي حالة الحصول على رد مجهول فإن الرامي يمكنه في تلك الحالة تجهيز الصاروخ للإطلاق. بالرغم من تلك الميزة التكتيكية فغالباً لا يتم استخدام تلك النظم ويرجع ذلك أساساً إلى نقص التدريب على استخدام التمييز بين الصديق والعدو. لقد أشار أحد الضباط الأمريكيين في مقال له بعنوان: "الإنذار المبكر على مستوى قوة المهمة (Early Warning at the Task Force Level) بأنه وبعد 30 شهراً في مركز التدريب على المناورات القتالية الأمريكي فإنه رأى فصيلة واحدة هي التي استطاعت بنجاح برمجة أجهزة الاستجواب لنظام التمييز بين الصديق والعدو.
يرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها عدم القدرة على الحصول على الشريط اللازم للبرمجة من ضباط الإشارة المساندين لقوة المهمة أو عطل المولد الكهربائي الموجود مع الطاقم وأحياناً يتم نشر الوحدات وليس معها بطاريات صالحة كما أن بعض الأطقم صرحت بأنه لا توجد غرفة مناسبة لتحميل برامج التمييز بين الصديق والعدو ونتيجة لكل ذلك فإن جهاز الاستجواب يكون عديم الفائدة لعدم القدرة على برمجة وحدة الاستجواب تحت ظروف ميدان القتال.
أدت الحوادث الكثيرة التي يتم فيها مهاجمة وحدات صديقة بنيران صديقة إلى جذب الإنتباه إلى ضرورة توفير نظم للتمييز بين الصديق والعدو وللقوات البرية. أثناء حرب تحرير الكويت في عام 1991م كانت الإصابة بنيران القوات الصديقة مسئولة عن ما نسبته 17% من خسائر القوات الأمريكية. قد يكون البديل لتوفير نظام للتمييز بين الصديق والعدو هو أن ينتظر الفرد حتى يتأكد من أن الذي سيطلق عليه النار هو عدو وفي مثل تلك الحالة سيفقد ميزة كبيرة وهي الاشتباك مع العدو قبل أن يكون في مدى نيرانه. كان أحد الحلول لمواجهة مثل تلك الحوادث هي تعديل قواعد الاشتباك ولقد قامت بعض الهيئات الأمريكية بدراسة ذلك ولكنها اكتشفت أن الخسائر نتيجة لنيران العدو ستكون أكبر من الخسائر الناتجة عن النيران الصديقة.
كان استخدام نظم إدارة المعركة (Battle Managment System) بواسطة القوات البرية الرقمية الحديثة أثره المحدود في مواجهة الإصابة بنيران القوات الصديقة. أظهرت الخبرة التي أظهرتها البيانات العملية التي تم إجراؤها في فرنسا أن تلك المشكلة لا يمكن حلها بزيادة وعي القوات بالموقف التكتيكي وتزويدها بالمعلومات الحديثة التي يمكن توفيرها في مكان كل مركبة قتال وفي جميع الأوقات. لقد صرح مسئول شركة طومسون سي. اس. ان. أنه بالرغم من التقدم الذي حدث في مجال الإتصالات إلا أن خفة الحركة وسرعة المركبات المدرعة قد جعلت من نقل المعلومات في وقتها الحقيقي والتحدث الفوري أمراً صعباً ونتيجة لذلك فلا يزال هناك احتمال كبير أن يرى الرامي خلال منظار التسديد مالا ينطبق مع المعلومات التي يتم عرضها على شاشة العرض الموجودة مع نظام الوعي بالموقف التكتيكي.
أثناء حرب تحرير الكويت كان الإجراء المتبع لمواجهة الإصابة بنيران القوات الصديقة هو تمييز جميع مركبات قوات التحالف بعلامة V المقلوبة والتي كان يتم رسمها بطلاء عاكس للأشعة تحت الحمراء. استخدمت القوات الأمريكية أيضاً ما يطلق عليه Budd Light وهو عبارة عن صمام ثنائي تنبعث منه أشعة تحت الحمراء يمكن رؤيتها بواسطة النظارات الليلية من على مسافة 2،1 ميل (93،1 كيلومتر).
بدأت القوات المسلحة الأمريكية في عام 1996م بداسة واختبار مدى جدوى التقنية المتاحة لتوفير نظماً يمكن استخدامها للتمييز بين الصديق والعدو ولتحقيق ذلك تم استخدام أسلوب المحاكاة أثناء المناورات والتدريبات. قامت وزارة الدفاع الأمريكية بإجراء عدة مناورات قتالية سنوية لتقييم نظم التميز بين الصديق والعدو اشتركت فيها فرق للتقييم من جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وذلك بهدف تحليل كيفية تعرف القوات على القوات المعادية تحت ظروف معركة الأسلحة المشتركة وإتاحة الفرصة للعسكريين لتقييم تقنيات التمييز المتوفرة.
أثناء أحدث تلك المناورات وهي المناورة الرابعة في تلك السلسلة والتي أجريت في مارس 1999م اشترك أكثر من (5000) فرد تم سحبهم من أكثر من (55) وحدة عسكرية وذلك بالإضافة إلى ممثلين للشركات الصناعية المتخصصة في صناعة نظم التمييز بين الصديق والعدو. قامت القوات البرية المكونة من وحدات من الجيش ومشاة البحرية بإجراء عمليات ضد قوات مجهزة بتسليح كامل يشمل دبابات وعربات مدرعة وطائرات مصنعة في الاتحاد السوفييتي سابقاً. قامت طائرات قتال وحوامات من الأفرع الرئيسية الأربعة للقوات المسلحة الأمريكية بمهاجمة الأهداف المعادية على الأرض أو في الجو. أثناء تلك المناورة التي استمرت تسعة أيام تم تقييم وتجربة أكثر من 70 نظاماً و 30 تقنية تم تطويرها بواسطة هيئات حكومية.
في نهاية فترة التسعينات كان هناك أربع أنظمة يتم تطويرها في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا. في الولايات المتحدة الأمريكية قامت شركة TRW وشركة هيوز (حالياً جزء من شركة رايثون) بتطوير ما يطلق عليه نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (Battle Field Combat Indentication System - BCIS) وهو نظام مؤمن، يستخدم الشفرة، يعتمد على نظام السؤال والجواب، يعمل في نطاق التردد (38) جيجاهرتز القريب من منطقة الموجات المليمترية. يتم استخدام هذا النظام مع منصة السلاح، حيث يتم استخدام وحدة استجواب لها هوائي يتم تنسيقها مع نظام التسديد للرامي وتقوم تلك الوحدة بسؤال الأهداف الهامة المعادية التي تمثل درجة عالية من التهديد. عندما يكون الهدف الذي يتم استجوابه صديقاً فإنه يرسل الرد الصحيح في أقل من ثانية واحدة. أما الأهداف التي ترسل إجابة غير صحيحة أو لا ترسل إجابة فيتم معاملتها على أنها مجهولة. يعمل هذا النظام تحت ظروف استخدام الدخان وفي الضباب والغبار الكثيف والأمطار وله مدى خارج مدى الرؤية البصرية.
اتفق المهندسون المصممون الفرنسيون مع نظرائهم الأمريكيين على أن إشارات الموجات المليمترية توفر إرسالاً متفوقاً تحت ظروف ميدان المعركة التي عادة ما تكون فيها الرؤية صعبة بالإضافة إلى ضعف احتمال الاعتراض والكشف بواسطة العدو كما يمكن تضمين تلك الإشارات لتحميل بيانات واتصالات ونتيجة لذك تم تطوير نظاماً فرنسياً يشبه إلى حد كبير نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) ويعمل على نفس نطاق التردد. نظراً لتشابه الحل الفرنسي والأمريكي قرر المصممون من كلا الدولتين تحديد شكلاً مشتركاً لموجات الإرسال التي سيعمل عليها النظامان حتى يمكن استخدام كل منهما الاخر.
كان الحل البريطاني أسهل من الحلين السابقين وفي هذا الحل يتم تجهيز جميع المركبات التي تعمل في منطقة القتال بمرسل لاسلكي (Beacon) يعمل على نطاق التردد M (94 جيجاهرتز) تستخدم منصات الأسلحة وحدات استقبال لها درجة عالية من الحساسية للتحقق من وجود أو غياب إشارات المرسل اللاسلكي بالنسبة للأهداف المعادية الهامة. بالرغم من التكلفة المحدودة لمكونات هذا النظام إلا أن الجمع بين الخرج منخفض الطاقة والقفز الترددي في نطاق واسع من الترددات سيجعل من الصعب اكتشاف الإشارات بواسطة العدو.
اتجهت ألمانيا إلى حل يختلف عن الحلول السابقة حيث استخدمت الليزر منخفض الطاقة وغير الضار للعين كوسيلة للاستجواب. يمكن لوحدات كشف الأشعة تحت الحمراء الموجودة على المركبات الصديقة أن تكشف نبضات الليزر المشفرة للاستجواب ثم تقوم تلك المركبات بالرد بإشارة مشفرة أيضاً في نطاق التردد D (090،1 جيجاهرتز) يمكن استقبالها والتعرف عليها بواسطة هوائي اتجاهي يعمل في نطاق التردد D ويتم تركيبه على المركبات التي تقوم بالاستجواب.
في الفترة بين أبريل ويونيو لعام 1997م تم إجراء عدة تجارب في ألمانيا قامت بها دول حلف الناتو لإختيار نظم التمييز بين الصديق والعدو المتنافسة. في عام 1998م تم تقييم نتائج تلك الاختبارات وأسفر التقييم عن اختيار نظام التمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) الأمريكي كأساس لبرنامج حلف الناتو متوسط المدى لنظم التمييز بين الصديق والعدو التي سيتم استخدامها مع القوات البرية والحوامات. قام الجيش الأمريكي فعلاً بتمويل شراء 1900 نظاماً للتمييز القتالي لميدان المعركة (BCIS) لتجهيز الفرقة المشاة الرابعة الرقمية.
تتوقع بعض الشركات أن يتم الإقبال على طلب نظماً للتمييز بين الصديق والعدو لحماية الأفراد من الإصابة بنيران القوات الصديقة. قامت شركة أورليكون كونترافس بتطوير نظامها الذي يعتمد على الليزر ويطلق عليه اسم سيملس بلس (Simlas Plus) والذي يستخدم في مساعدات التدريب ليكون نظاماً للتمييز بين الصديق والعدو في ميدان المعركة. أثناء القتال يقوم الجندي بتصويب سلاحه المجهز بوحدة لإرسال الليزر إلى الجندي الذي يريد أن يتعرف عليه ويقوم بإرسال نبضة ليزر مشفرة. إذا كان الجندي الذي تم اختياره يحمل الجهاز المنشط سيملس بلس فسيقوم على الفور بإرسال إشارة الرد على موجات الراديو والتي ستؤدي إلى ظهور ومضات حمراء في وحدة الليزر التي قامت بالاستجواب وهو ما يدل على أن الجندي الذي تم استجوابه صديقاً. يصل مدى هذا النظام إلى 10 كيلومترات.
لا يوجد نظام للتمييز بين الصديق والعدو مؤمن ضد الاستعمال الخاطئ وهذا ما كشفت عنه عدة حوادث خلال الفترة القريبة الماضية قد يكون أخطرها وأكثرها إثارة هو إسقاط طائرة الركاب الإيرانية طراز إيرباص ايه 300 بواسطة صاروخ أمريكي في 3 يوليو 1988م. أقلت رحلة الطيران الإيرانية رقم 655 من مطار بندر عباس فن الساعة 10 و 17 دقيقة صباحاً متجهة إلى الخليج وكانت تتسلق بانتظام لتأخذ ارتفاع الطيران المناسب ولسوء الحظ كانت تتجه نحو الطراد الأمريكي Vincennes الذي كان مشتبكاً مع قوارب مسلحة إيرانية.
بالرغم من أن الطائرة كانت ترسل على الوضع الثالث لنظام التمييز بين الصديق والعدو إلا أن الأفراد الموجودين فوق الطراد الأمريكي أبلغوا رسمياً بأن رد الطائرة هو على الوضع الثاني العسكري وهو ما ولد اعتقاداً بأن الطائرة هي طائرة إيرانية طراز (F-14) وقد يرجع ذلك الاعتقاد إلى وجود طائرات (F-14) في مطار بندر عباس ومعها جهاز الرد (Transponder) في حالة العمل على الوضع الثاني أو قد يكون قد اختلط الرد من طائرة (F-14) تتجول فوق المطار مع رد الطائرة إيرباص التي كانت تقلع من المطار.
أوردت هيئة التحقيق في هذا الحادث التي كان يرأسها أدميرال من القوات البحرية في تقريرها أنه بعد الإبلاغ الرسمي عن ستخدام الوضع الثاني العسكري للرد قام المنسق التكتيكي للمعلومات (Tactical Information Co-ordinator) للقطعة البحرية بتشويه البيانات في محاولة غير واعية ليستخلص قرينة تتفق مع الفكر المسبق لسير الأحداث ونتيجة لذلك تم كتابة التقرير بأن الطائرة كانت في وضع الهبوط المنتظم في اتجاه الطراد الأمريكي وذلك بالرغم من أن معلومات أجهزة الاستشعار للقطعة البحرية كانت تدحض ذلك.
إذا كانت نظم التمييز بين الصديق والعدو لها أهمية كبيرة فإنه من المهم أيضاً أن تتمتع مكوناتها بدرجة عالية من الأداء الموثوق به وهذا العامل كان يتم اهماله أحياناً في الماضي. أثناء حرب تحرير الكويت كانت صيانة وأداء معدات التمييز بين الصديق والعدو تمثلان مشكلة مستمرة وذلك لإفتقارها إلى إمكانية التشغيل المتبادل أو توحيد الأداء بين القوات الجوية لقوات التحالف.
بعد إسقاط الحوامة الأمريكية بلاك هوك (UH-60) يوم 14 أبريل 1994م في منطقة حظر الطيران فوق شمال العراق بواسطة طائرتين أمريكيتين طراز (F-15) أصدرت رئاسة الأركان المشتركة توجيهاً طلبت فيه ضرورة إجراء اختبار تشغيل لنظم التمييز بين الصديق والعدو على أن يتم تقرير صلاحيتها على أساس إما مقبول أو مرفوض وأن يتم إجراء ذلك الاختبار قبل أن تبدأ الطائرة مهمتها ومع ذلك فلقد كان عدم توفر معدات الاختبار الأرضية الكافية لإجراء هذا الاختبار يحول دون تحقيق ذلك باستمرار.
يتطلب الاحتفاظ بمعدات تمييز بين الصديق والعدو موثوق بها توفير معدات اختبار جديدة وموثوق بها أيضاً وهنا تكمن المشكلة. أدركت القوات البحرية الأمريكية أن معدات الاختبار الحالية من الطرازين AN/APM-424, AN/APM-378 يفتقران إلى الموثوقية لتحقيق مطالب التشغيل الجديدة كما أن بهما مكونات قد تم خروجها من الخدمة وذلك بالإضافة إلى أنه لا يمكن تطويرهما ليتناسبا مع التقنية الحديثة لمعدات التمييز (IFF) ولذلك تقوم القوات البحرية الأمريكية بتطوير مجموعة اختبار لوحدتي الاستجواب والرد لنظام التمييز بين الصديق والعدو (Identification Friend of Foe Interrggator Transponder Test Set-IFFITTS) قادرة على إجراء الاختبارات أثناء الطيران لوحدتي الرد والاستجواب للنظام ماركة (12) الموجود مع الطائرات والحوامات.
تم إدراك الحاجة إلى معدات اختبار جديدة في منتصف فترة الثمانينات ولكن بالرغم من وجود حلول مقبولة في ذلك الوقت إلا أن نقص التمويل قد حال دون تنفيذها. قامت القوات البحرية الأمريكية بطلب عروض لمعدات اختبار جديدة في عام 1996م ومن المتوقع أن يبدأ إنتاجها في عام 1999م وبالرغم من أن الطلبات العاجلة كان من القوات البحرية إلا أن الأفرع الرئيسية الأخرى للقوات المسلحة قد رفعت حجم الطلب من 453 إلى 1303 مجموعة اختبار لوحدتي الاستجواب والرد لنظام التمييز (IFFITTS).
بالرغم من الأهمية التكتيكية لنظم التمييز بين الصديق والعدو (IFF) إلا أنها ليست دواء ناجحاً في جميع الحالات وحتى لو كانت تعمل بصورة صحيحة فإن خروجها قد يساء تفسيره وهو ما كشفت عنه حادث إسقاط الطائرة الإيرانية. لقد تم تلخيص ذلك بواسطة جنرال أمريكي متخصص في هذا المجال حين قال إني أعتقد أنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً منع الإصابة بنيران القوات الصديقة ولكن يمكن أن نقلل منها بدرجة كبيرة وفي نفس الوقت نحسن من أدائنا القتالي
اولIFF ل امريكا
Code generator from German WW II IFF-Radio FuG 25a Erstling
تعليق