إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فتح بعلبك وحمص * فتوح الشام *

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فتح بعلبك وحمص * فتوح الشام *

    فتح بعلبك وحمص

    منقوووووووول










    مكَّن الله المسلمين من فتح دمشق، بعد حصار عنيف طويل، ودخلوا هذه المدينة فتحًا من الباب الشرقي، وصلحًا من بقية الأبواب!!...
    كان دخول خالد بن الوليد لدمشق في 15 من رجب عام 14هـ، وهو شهر من الأشهر الحرم، فهل يجوز للمسلمين أن يقاتلوا في الأشهر الحرم؟لا شك أن ذلك له ضوابط: فالقاعدة أن الله حرم القتال في الأشهر الحرم، ولكن هناك استثناء، وهو أحد أمرين: إما أن يبدأ المشركون القتال، فلا بد أن يقاتلهم المسلمين عندئذٍ حتى إذا كان ذلك في شهر من الأشهر الحرم.الآخر (وهو الذي حدث في فتح دمشق): أن يكون القتال قد بدأ قبل الشهر الحرام، ويأتي الشهر الحرام، وهم في هذا القتال، فليس عليهم أن يقطعوه، بل يجب أن يستمر القتال دون توقف.
    سرية عبد الله بن جحش:

    قتلت أحد الكفار في شهر من الأشهر الحرم، وكان قتله في آخر ليلة من شهر رجب حيث خشوا إن تركوا القافلة هذه الليلة انتظارًا لانقضاء الشهر الحرام أن تفلت وتدخل مكة البلد الحرام -أيضًا-وتضيع الفرصة في الاستيلاء عليها، فأنكر الكفار على رسول الله ذلك، فأنزل الله : {يسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217]، فالله I يوضح في هذه الآية أن القتال في الأشهر الحرم من الكبائر، ولكن ما فعله المشركون مع المسلمين من طرد وإيذاء وتعذيب، كل هذا أكبر من القتل في الأشهر الحرم، أي أن المشركين فعلوا أكثر، وأقبح من القتل في الأشهر الحرم..وكثير من معارك المسلمين مع الفرس والروم تمت في الأشهر الحرم، وذلك لأنها بدأت قبل هذه الأشهر، وتخللتها هذه الأشهر.خطب رسول الله ، في حجة الوداع، فقال: "يا أيها الناس إنما النسيء زيادة في الكفر، يُضَلُّ به الذين كفروا، يحلُّونه عامًا ويحرمونه عامًا"، (قال ابن كثير: فكانوا قد أحدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم وتأخيره إلى صفر، فيحلون الشهر الحرام، ويحرمون الشهر الحلال، ليواطئوا عدة الأشهر الأربعة)، ثم قال : "وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم: ثلاثٌ متواليات، وواحد فرد (ذو القعدة وذو الحجة ومحرم) و( رجب الذي بين جمادى وشعبان) ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد". وقد وردت بعض الأحاديث الضعيفة على أن تحريم هذه الأشهر قد نُسِخ، ولكنها غير صحيحة، فالتحريمُ مُحْكَمٌ غير منسوخ.
    خالد يتوجه إلى بعلبك:

    بعد انتصار المسلمين، وفتح دمشق -كما ذكرنا- مكث المسلمون في دمشق فترة الشتاء، يستريحون ويعدون أنفسهم وجيوشهم، حتى انقضى فصل الشتاء، فقرروا التوجه إلى حمص، وهي القوة الكبرى التالية لدمشق، بعد أن غدا كل ما هو جنوبيَّ دمشق إسلاميًّا، باستثناء بيت المقدس، والحصون الساحلية (عكا، وحيفا).والطريق من دمشق إلى حمص تمتد نحو 225 كلم، ولها طريقان: أحدهما (صحراوي) على حدود صحراء السماوة (بين الشام والعراق)، والآخر داخلي، يمر من خلال بعلبك، ويقع بين سلسلتي جبال لبنان الشاهقتين، وهو الذي هرب منه من قبلُ وردان عندما اتجه من حمص إلى دمشق، ذاهبًا إلى أجنادين فقرر أبو عبيدة أن يرسل مقدمة جيش المسلمين بقيادة خالد لفتح حمص، فاتجه خالد بن الوليد إلى حمص من خلال طريق بعلبك؛ وذلك لأنهم كانوا قد سيطروا على المنطقة الجنوبية، فلم يعد يخشى من مجيء قوات رومية من خلفه، والأهم من ذلك لكي يهاجم القوة الرومية الموجودة في بعلبك، وهو يعلم بوجودها هناك، وقد أدرك هذا الطريق وأبعاده، كما خشي أن يهرب منه أهل حمص إذا وصل من خلال الطريق الصحراوي الأبعد، فاتجه إلى بعلبك الواقعة في سهل البقاع بين سلسلتي جبال لبنان..وهي مدينة مبنية فوق جبل داخل سهل البقاع، فهي مدينة حصينة جدًّا طبيعيًّا، كما أنها مزودة بأسوار وحصون مادية عديدة، بقي منها آثار حتى اليوم[1].ويبدأ أبو عبيدة في تنظيم جيشه، فيرسل عمرو بن العاص بجيشه إلى فلسطين، وشرحبيل بن حسنة إلى الأردن، ويبقى هو ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما في دمشق.يصل خالد بن الوليد إلى أطراف بعلبك، فتواجهه قوة رومية صغيرة، يبدو أنها كانت إحدى فرق الاستطلاع، وليست الجيش الأصلي، فيرسل إليها خالد خمسين فارسًا بقيادة ميسرة بن مسروق، فيهاجموها، وينتصروا عليها، ويقحموها داخل حصن بعلبك، ويتقدم الجيش الإسلامي كله لمحاصرة بعلبك، وفي أقل من يوم واحد، يعلن أهل بعلبك الاستسلام، وطلب الصلح مع المسلمين.وكان هذا الأمر عجيبًا جدًّا، إذ إنها مدينة حصينة جدًّا، فما الذي يدفعها للاستسلام بهذا اليسر؟!! وكيف يتخلَّى عنها الروم بهذه الصورة رغم أنهم كانوا يستطيعون اتخاذها قاعدة لقتال المسلمين، ومن ثَمَّ يزيدون في تحصينها لتصمد أمام هجوم المسلمين!!دخل المسلمون وعاهدوا أهل بعلبك وجاء في نص المعاهدة: (هذا كتاب أمان لأهل بعلبك: رومها وفرسها وعربها (ويبدو أنه كان فيها فرس وروم، وهذا أمر عجيب للخلاف الذي بين الدولتين!!) على أنفسهم وأموالهم، وكنائسهم، ودورهم داخل المدينة وخارجها، وعلى رحائهم ( طواحينهم )، وللروم أن يرعوا سرحهم، ما بينهم وبين 15 ميلاً، فإذا مضى شهر ربيع (أي ربيع الثاني) وجمادى الأولى، ساروا إلى حيث شاءوا، ومن أسلم منهم، فله ما لنا، وعليه ما علينا (أي أنهم أعطوهم شهرين مهلة) وعلى من أقام منهم الجزية.ونلاحظ في هذه المعاهدة السماحة الإسلامية الواضحة، على الرغم من أن الدولة الإسلامية منتصرة، إلا أنها تعطي المهزومين، أو المستسلمين كثيرًا من الصلاحيات: أولها مهلة الشهرين للخروج من المدينة، أو الجزية، أو الإسلام، كما أنهم سمحوا لهم بالتجول حول بعلبك لرعي الماشية مسافة 15 ميل (أي نحو 22 كلم) حرصًا على حياة ماشيتهم؛ لقلة المرعى داخل المدينة، على الرغم من أنهم في حالة حرب مع المسلمين!!، وأن ذلك قد يكون فيه خطر على المسلمين، كما يستطيع تجار هذه المدينة الذهاب إلى أي مدينة من المدن التي صُولح عليها المسلمين وهم لا يزالوا على دينهم.وهذا كله يوضح لنا كيف تعامل المسلمون في فتوحاتهم، ويرد على أي شبهة يبثها المستشرقون في محاولاتهم الدائمة لتشويه صورة الفتوحات الإسلامية.
    وقفة مع الجزية:

    عقد الذمة بين المسلمين وأي دولة يحاربونها هو عقد بين المسلمين والكفار، أقرهم المسلمون على كفرهم، ولكن بشروط، فعلى أهل الكتاب التزامات في المعاهدة، هذه الالتزامات هي:1- أن يلتزموا بأحكام الإسلام في الجملة: وهذا يتعلق بأمرين: الأول: المعاملات المالية، فيجب أن تكون على أساس شرعي إسلامي، فتُحرَّم عليهم عقودُ الرِّبا.الثاني: أن تُطبَّق عليهم العقوبات المقررة على المسلمين (الحدود)، فإذا زنا أحدهم (ولو بواحدة ممن على ديانته) يقام عليه الحد، (مثلما رجم رسول الله يهوديًّا ويهودية زنيا، وكانا محصنان) وكذلك حد السرقة، والحرابة, وعهد الذمة ليس معاهدة بين دولة وأخرى، وإنما معاهدة بين دولة منتصرة مسيطرة، ودولة منهزمة، رضيت بشيء حتى تأمن جانب المسلمين.2- أن يدفعوا الجزية: يدفع أهل هذه البلدة، مقدارًا معينًا من المال نظير حماية المسلمين لهم، وتأمينهم على أموالهم وأعراضهم، وكنائسهم، ودور عبادتهم، وعلى رحائهم، فالمسلمون يدافعون عنهم، وتُعَدُّ مقابل ما يدفعه المسلمون من زكاة، وربما تكون أقل، إذ إنهم يدفعون مقدار (دينار أو أربعة دينار عن البالغ في السنة)، ويقول مالك: إنها حسب الطاقة، ويقررها الوالي، وقد جعل الرسول الجزية على أهل اليمن (دينار)، وعلى أهل الشام (أربعة دنانير)، وسئل عن ذلك فقال: ذلك من اليسار (أي ليُسْرِ أهل الشام وكثرة أموالهم حدد عليهم جزية أعلى من الآخرين), والحكم العام أن الوالي لا يجوز له أن يكلف أهل الكتاب أو أهل الذمة ما لا يطيقون، يقول الرسول : "من ظلم معاهدًا أو كلفه فوق طاقته، فأنا حجيجه", أي أن الرسول يدافع عن هذا الكافر أمام الله ، إذا ظلمه مسلم، وهكذا نرى كيف يحفظ المسلمون حقوق أهل الذمة.ولهذا الأمر الكثير من التطبيقات في حياة المسلمين، على مدار الفتوحات الإسلامية كلها..وهذه المعاهدات تجوز مع أي فئة من غير المسلمين (حتى ولو لم يكونوا أهل ذمة، أو أهل كتاب) فقد جاءت السنة بأن رسول الله أخذ الجزية من مجوس البحرين، ومجوس هجر، وبعد ذلك أخذ المسلمون الجزية من أهل فارس وهم مجوس، فقال بعض الفقهاء (كالشافعي) أنه يجوز أخذ الجزية من أهل الكتاب ومن المجوس، ولا يجوز أخذها من عبدة الأوثان، وقال غيره من الفقهاء: إنه يجوز أخذها من أي طائفة من غير المسلمين، حتى وإن كانوا من عبدة الأوثان..وحقَّق ذلك ابن القيم رحمه الله، تحقيقًا عظيمًا فذكر أن رسول الله لم يأخذها من عبدة الأوثان، لأن كل أهل الجزيرة العربية من العرب أسلموا قبل أن تفرض الجزية (فرضت بعد غزوة تبوك 9هـ)، فلم يأخذها الرسول من اليهود من قبل ولو كان فيهم عبدة أوثان لأخذها منهم، كما يذكر ابن القيم..ثم يقول: إن المجوس أفجر من عبدة الأوثان، فالمجوس عبدة نار، يقولون: إن الدنيا لها صانعان: صانع للخير، وصانع للشر، أما عبدة الأوثان فهم على كفرهم، يُقِرُّون لله بالربوبية، وينكرون ألوهيته، وإنما يتخذوا هذه الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى (كما يزعمون)، فإذا جاز أخذها من المجوس، جاز أخذها من عبدة الأوثان.وتفرض هذه الجزية على كل محتلم بلغ الحلم (أي بلغ سنَّ التكليف)، فلا تُفْرَضُ على الصغير، ولا المجنون، ولا النساء، ولا العبيد، ولا على غير المستطيع، فلم يأخذ المسلمون الجزية من الفقراء، وهذا عدل من الله ، طبقه المسلمون، وفي ذلك ردٌّ على أية مزاعم استشراقية بأن المسلمين يستغلون أهل البلاد المفتوحة، أو أنهم يعاملونهم بقسوة وظلم.فلو قارنَّا الجزية بالزكاة سنجدها أقل، ولو قارناها بما كانوا يدفعونه للروم من ضرائب لوجدنا أن الجزية أقل بكثير، وكان هذا رحمة من الله I بهم.
    حمص وموقف له وقفة:

    بدأ الجيش الإسلامي بقيادة خالد بن الوليد في الاتجاه نحو مدينة حمص التي يقول الإصطخري (أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجريين) في المسالك والممالك عنهـا:من أصح بلاد الشام تربة، في أهلها جمال مفرط، وليس بها عقارب ولا حيات، ولها مياه وأشجار وزروع كثيرة، وبها كنيسة من أعظم كنائس الشام، ويأتي القزويني بعده بـ 400 سنة في القرن السابع الهجري ليصفها في (آثار البلاد وأخبار العباد) بأنها: "مدينة حصينة بأرض الشام، أصح بلاد الشام هواءً وتربة، وهي كثيرة المياه والأشجار، وأهلها موصوفون بالجمال المفرط"، ويذكر ابن بطوطة في (تحـفـة النـظـار) أنها: "مدينة مليحة، أرجاؤها مونقة، وأشجارها مورقة، وأنهارها متدفقة، وأسواقها فسيحة، وأهل حمص عرب، لهم فضلٌ وكرم".اتجه الجيش الإسلامي من بعلبك إلى حمص، وعلى أبواب حمص يُخرِجُ لهم الروم قوة كبيرة نسبيًّا، تقابل المسلمين في بلدة تسمى (جوسيه) على بعد 30 كلم جنوب غربي حمص، فيقابلهم المسلمون، ويحمسهم خالد بن الوليد، قائلاً: يا أهل الإسلام الشدة، الشدة.. فانطلقت أسياف المسلمين تعمل في رقاب الروم، فهُزِمَ الرومُ هزيمةً نكراء، وفروا إلى داخل الحصن، فتتبعهم المسلمون.كان أحد المسلمين واسمه شرحبيل الحميري فارسًا من فرسان المسلمين، طارد مجموعة من الروم، فشرد عن جيش المسلمين، حتى وصل في مطاردته إلى نهر صغير، فوقف على أطراف النهر يسقي فرسه، ثم جاءه 30 فارسًا روميًّا على الضفة الأخرى؛ فلما رآهم ضرب فرسه ليعبر لهم النهر، فعبره، وهجم على الفرسان الثلاثين، حتى تمكن من قتل أحد عشر فارسًا منهم، وفر بقية الروم..وهذا الموقف لا يمكن أن يمر علينا بسهولة، إذ إن ما حدث يتنافى تمامًا مع المنطق العقلي، ومع طبيعة الأمور، إذ كيف يمكن لرجل واحد أن يتغلب بمفرده على ثلاثين فارسًا؟!! فالكثرة -كما يقولون- تغلب الشجاعة، ولكن هذا المنطق لا ينطبق مع المسلمين، إذ مع المسلمين يغلب الإيمان الكثرة، فهذا المجاهد المسلم (الذي استُشهِد بعد ذلك)، الذي هجم عليهم، وقتل منهم أحد عشر فارسًا، أيده الله ، وألقى الهزيمة النفسية في قلوب أعداءه الثلاثين الذين لو التفوا حوله لقتلوه، فمن المستحيل أن يتخيل العقل أن يقاتل واحد عشرة بمفرده، فما بالك بثلاثين؟!! فالهزيمة النفسية التي عند الروم، والرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم كان أشد عليهم، ولذلك هربوا من الفارس المسلم.والجدير بالذكر في هذا الصدد أن هذا الأمر ليس خاصًّا بالكفار فقط، وإنما يشمل المسلمين أيضًا، فإذا ابتعد المسلمون عن طريق الله I، واقترفوا المعاصي، وانشغلوا بالدنيا وتركوا الجهاد في سبيل الله؛ فإن الله سيلقي في قلوبهم الوهن، والرعب من الكفار!! ومن ثَمَّ سيُسْلِمون رقابهم لأعدائهم، وهذا واقع، حدث في فترات الضعف للمسلمين، كما حدث أثناء حروب التتار مع المسلمين في بغداد، فقد كان التتار يقتلون المسلمين: واحًدا واحدًا، والمسلمون لا يدافعون عن أنفسهم، بل وفعل ذلك نساء التتر المقاتلات! حتى كان التتري يأمر المسلمين بالوقوف حتى يذهب ويأتي بسيفه، ثم يعود ليقتلهم، وهم لا يتحركون من أماكنهم، من شدة الخوف!!!ولا شك أن المسلمين اليوم مستضعفون من جميع الدول والقُوى، وهم يعيشون في دول مستضعفة ومتخلفة!!، تسمى دول العالم الثالث كتسمية مهذبة بدلاً من نعتها بالمتخلفة، وهو أمر لا ينكر، فإذا أردنا أن نغير الواقع، يجب علينا العودة إلى الأصول، إذا لم يكن لدينا الإيمان، وكان لدينا قوة عظيمة، وأعداد ضخمة، (مثلما كان المسلمون وقت اجتياح التتار)، فإننا لن ننتصر إلا بالقوة الرُّوحية، قوة الإيمان بالله ، فلو تمكنت العقيدة من القلوب، وأحب المسلمون الجهاد أكثر من حب الدنيا، وتاقت أنفسنا إلى الجنة، فإن الله سينعم علينا بالنصر، وهذا أمر من الأصول الإسلامية.فهذا الرجل المجاهد المسلم شرحبيل الحميري من الغرباء الذين يجهلهم الناس، ولكن الله يعرفهم، وقد دخل بعد ذلك أحد الأديرة، فأُلقيت عليه حجارة من البيوت، ولم يستطع أحدٌ أن يقاتله سيفًا بسيف، فقتل شهيدًا وأرضاه.
    المسلمون في حـمـص واستكمال الفتح:

    بعد أن حقق المسلمون هذا النصر على هذه القوة الرومية التي قابلتهم على أبواب حمص، وفَرَّ بقية الروم، إلى داخل الحصن، ذهب المسلمون وحاصروا حمص، وكان حصنًا شديدًا منيعًا، وعلى قوته، فقد حاصره المسلمون 18 يومًا، ثم أعلن أهل حمص الاستسلام للمسلمين، وقبول المعاهدة، ودفع الجزية وسلموا حمص للجيش الإسلامي، وتخلت بذلك الحامية الرومية مرة ثانية عن مدينة من أقوى المدن الشامية التي ظلت حصينة حتى القرن السابع الهجري, ولا بد أن يكون لذلك تفسير، ومبرر، إذ كيف يستسلمون هكذا بكل يسر، وقد قاتلوهم من قبل بشدة في أجنادين، وصبروا على حصارهم 4 أشهر في دمشق!! وقاتلوهم في أجنادين وبيسان، فكيف يتركون لهم هذه المدن الحصينة؟؟؟!!بعد أن دخل المسلمون مدينة حمص، قدموا معاهدة لأهلها، كما فعلوا مع أهل بعلبك، وطالبوهم بدفع الجزية، التي بلغت 170 ألف دينار في السنة، (4 دنانير لكل شخص، مما يدل أنه كان بها أكثر من 40 ألف نسمة) وقد كانت من البلاد الكبيرة.
    أبو عبيدة يستكمل الفتح:

    وبعد أن سيطر المسلمون على مدينة حمص مباشرة، أرسل أبو عبيدة بن الجراح قوة إسلامية نحو الشرق بقيادة شرحبيل بن الصَّلْت إلى الجزيرة "بلاد فارس"، وأرسل قوة أخرى من حمص إلى الشمال، بقيادة ميسرة بن مسروق لفتح حلب، في أقصى شمال الشام، وبعد أن أرسل هاتين القوتين، أرسل رسالة إلى عمر بن الخطاب ، يبشره فيها بالنصر، كان مما جاء فيها: "الحمد لله الذي أفاء علينا وعليك يا أمير المؤمنين، أفضل كورة في الشام، أهلاً وقلاعًا، وأكثرهم عددًا وجمعًا وخراجًا، وكانت أيسرهم على المسلمين فتحًا".. وختم رسالته بقوله: "ونسأل الله مالك الملوك وناصر الجنود أن يعز المسلمين بنصره، وأن يُسلمَ المشركَ الخاطئَ بذنبه", وهذا مفهوم راقٍ جدًّا من أبي عبيدة ، فهو يعلم أن هذا المشرك قد سلمه الله للمسلمين، لخطأ هذا المشرك بذنبه، وأن المسلمين يعبدون الله I، هذا هو ما جعل المسلمين ينتصرون..
    أثر الطاعة والمعصية في النصر:

    ونذكر وصية عمر لسعد بن أبي وقاص في حرب فارس، جاء فيها: "وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسًا من المعاصي منكم من عدوكم. فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم. وإنما ينُصَرُ المسلمون بمعصية عدوهم لله، وطاعتهم هم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، فعددنا ليس كعددهم، وعُدتنا ليست كعُدتهم، فإن استوينا في المعصية، كان لهم الفضل علينا في القوة.. وإلا نُنْصرْ عليهم بفضلنا، لم نغلبْهم بقوتنا، فاعلموا أن عليكم في داركم حفظةً من الله، ولا تقولوا: إن عدونا شرٌ منا فلن يُسلَّطَ علينا، فرُبَّ قومٍ سُلِّطَ عليهم شَرٌّ منهم، وقد سَلَّطَ الله المجوسَ عبدةَ النارِ على بني إسرائيل، وكانوا شرًّا منهم، فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولاً، وذلك لمَّا عملت بنو إسرائيل بمعاصي الله".. وكذلك الحال في كل عصر من العصور، إذا عصى المسلمون ربهم ، وابتعدوا عن دينه، فإن الله يسلط عليهم من هو شر منهم (وليس ما يحدث في فلسطين منا ببعيد) يسلط علينا المجوس، أو اليهود... فيقتلوا إخواننا، ويستحيوا نساءنا، ويحرقوا المساجد، ويفعلوا كل شيء بالمسلمين، والمسلمون يشهدون أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويفعلوا بعض الخيرات، ومع ذلك يكتب الله النصر لأعدائهم، وذلك لانشغال المسلمين بالدنيا، وتعلقهم بها، وانهماكهم في المعاصي، والموبقات!! فاستَوَوْا هم والكفار في المعصية، فلم يؤيدهم الله بنصره.من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم أن تضييع صلاة الفجر قد يُؤخِّر النصر، وأن النظرة الحرام قد تؤخر النصر، وأن عدم ارتداء النساء البالغات للحجاب قد يؤخر النصر!! ولا يقول أحدنا: إنه واحد، ويظن أن الله لن ينزل عذابه على المسلمين؛ لأنه هو بمفرده يعصي الله I، فإنما الأمة مجموعة من الرجال!! حتى وإن كان فيها بعض الصالحين، كما سأل الصحابة رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: "نعم، إذا كثر الخبث!!", في صحيح البخاري من حديث زينب بنت جحشرضي الله عنها وقد كَثُر، فيجب أن ننظر لأنفسنا، ونحاسبها، ونستحي من معاصينا، أن تكون سببًا في تأخر النصر الذي نستحقه، إن نحن فعلنا ما أوجبه الله علينا، وتكون لنا العزة في الدنيا والآخـرة.ويذكر أبو عبيدة للفاروق عمر في آخر رسالته أنه أرسل فرقة إلى ملك الروم وفرقة إلى الجزيرة.تصل الرسالة إلى عمر بن الخطاب، فيقرؤها، ويصدر أوامره..

  • #2
    رد: فتح بعلبك وحمص * فتوح الشام *

    المصدر
    دليلك إلى التاريخ الإسلامى الصحيح دون تزوير أو تشويه | إشراف الدكتور راغب السرجاني


    تعليق

    ما الذي يحدث

    تقليص

    المتواجدون الآن 0. الأعضاء 0 والزوار 0.

    أكبر تواجد بالمنتدى كان 170,244, 11-14-2014 الساعة 09:25.

    من نحن

    الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا... 

    تواصلوا معنا

    للتواصل مع ادارة موقع الامن الوطني العربي

    editor@nsaforum.com

    لاعلاناتكم

    لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

    editor@nsaforum.com

    يعمل...
    X