د. محمد بسام يوسف
ليس غريباً أن يتوجّه نائبُ الرئيس الأميركي (جو بايدن) إلى تركية، مرتدياً قناع الحلّ العسكريّ في سورية، فأميركة باتت تخشى أن يُثمرَ التحرّك التركيّ السعوديّ القَطَريّ، تدخّلاً عسكرياً عربياً تركياً في سورية، يقلب الطاولة على رؤوس أميركة والغرب وشلّة أدعياء صداقة الثورة السورية، فضلاً عن رؤوس روسية وإيران وعصابة بشار، أعداء الشعب السوريّ.. فكان لابدّ من هذا التحرّك الأميركيّ بواسطة (جو بايدن)، لوقف التحرّك الإقليميّ للأصدقاء الحقيقيين للثورة السورية، وهذا ما أكّده البيت الأبيض، بعد أن انتهت مهمّة بايدن.. المخادعة.
وليس غريباً أيضاً، أن يتوجّه –في الوقت نفسه- ساعي البريد الأميركي (جون كيري)، على وجه السرعة، إلى الرياض، حاملاً رسالةَ الاحتلال الروسيّ الإيرانيّ، متبنِّياً لها، للضغط على الهيئة العليا للتفاوض، وفَرض الإملاءات الروسية، وتكريس حالة خذلان الثورة السورية، ولسان حاله يقول:
- أميركة تُنسِّق مع روسية تنسيقاً كاملاً، لاحتلال سورية.
- وأميركة تدعم مجرمَ الحرب بشار بن حافظ أسد، وترغب بإعادة تأهيل عصابته، للاستمرار في استعباد الشعب السوريّ، واضطهاده، وإعمال القتل والتخريب والتشريد في السوريين.
- وأميركة ترغب في أن يتوجّه الوفد المفاوض للمعارضة إلى جنيف، لمهمةٍ واحدةٍ فحسب، هي توقيع الإذعان والاستسلام، على معاهدة إعادة الشعب السوريّ، إلى حظيرة العبودية للعصابة الطائفية الأسدية الخائنة، برئاسة عميلهم الخائن القاتل بشار.
* * *
في السنوات السابقة، لم تكن أميركة بحاجةٍ إلى إعلان فضيحتها، وهي التي تتدثّر بقناع الصداقة للشعب السوريّ.. لأن عملاءها ضمن المعارضة السورية وخارجها، كانوا يكفونها أمر انكشاف هذه الفضيحة، فيُجَرجِرون المعارضةَ إلى مفاوضاتٍ عبثية، تنسجم مع السياسة الأميركية في إطالة أمد الصراع وإدامة معاناة الشعب السوريّ.
أما الآن، فقد اصطدم كيري، سفير بوتين وديمستورا والوليّ السفيه.. بوحدة المعارضة السورية، ورؤيتها الموحّدة للحل السياسيّ، وصلابة موقفها، وثباته، ومبدأيّته.. فلم يعد كيري يجد من داخل البيت الجديد للمعارضة الموحّدة، مَن له القدرة على أن يُغنيه عن الوقوع في الفضيحة، فاضطرّ إلى كشف حقيقته، وحقيقة الموقف الأميركي من الثورة السورية.. إذ أجبره الشعب السوريّ عبر صموده على أرض الصراع، وعبر ممثليه في الرياض.. على خَلع قِناعه الخادع الذي اختبأت أميركة وراءه طوال خمس سنوات!..
فهل ما يزال من بين السوريين، أو الغرب، أو الشرق.. مَن لديه الجرأة، على إقناع الشعب السوريّ، بأنّ أميركة، ومَن لَفّ لفّها، هم أصدقاء لثورته المباركة؟!..
* * *
أميركة هي التي تمنع عن السوريين وسائلَ النصر، من مالٍ وسلاحٍ وعتاد.. وهي التي تدعم عصابةَ بشارٍ وتُنسّق معها من تحت الطاولة، لتستمرّ في إهلاك الزرع والضرع.. وهي التي تقود مسرحيات (داعش) لإجهاض الثورة السورية وتشويه صورة الإسلام الحنيف.. وهي التي تُدير عمليات إطالة أمد الصراع.. وهي التي تحمي العصابات النصيريةَ المارقةَ بالخطوط العسكرية الحُمر في الساحل السوريّ.. وهي التي تُشرف على سلامة العدوّ الصهيونيّ وحمايته من شرر الثورة.. وهي التي لا تملّ من محاولات إشغال الدول الداعمة للثورة، بالمؤامرات التي تُحاك في أروقة (السي آي إيه)، بالتواطؤ مع المجوس وداعش وعصابة الخائن المجرم بشار.
أميركة عدوّ للشعب السوريّ، كما هي عدوّ الشعوب التي تتوق إلى الحرية والحياة الكريمة.. وستبقى عدوّاً لدوداً في حساباتنا.
* * *
بارك الله الشعبَ الذي خطا خطوته الصحيحة الأولى، على طريق إنهاء محنته العظيمة الثقيلة، بنزع القناع الذي تختبئ خلفه أميركة الصفيقة لا الصديقة.. وذلك بوحدة الموقف، والثبات عليه.
الدرس المرّ الذي لقّنه السوريون لكيري وبايدن وأوباما، هو أنّ الشام لن تكون إلا محرقة الروس، والمجوس، و(الأصدقاء) الأميركيين الذين لا يستحون، بل لا يملكون ذرةً من حياء.