لم تكن كلمة عابرة أو غير مقصودة تلك التي قالها عراب السياسة الأمريكية جون كيري خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي , والتي تحدث فيها علانية وبشكل واضح وصريح عن تقسيم سورية حيث قال : " إنه ربما يكون من الصعب إبقاء سوريا موحدة إذا استغرق إنهاء القتال هناك مدة أطول" فأمثاله من منفذي الخطط الشيطانية ضد الأمة الإسلامية لا يمكن أن يتحدثوا عن شيء كهذا إلا بعد أن تكون خطة التنفيذ جاهزة ومكتملة ومعدة مسبقا .
نعم ....لم تكن مسألة تقسيم سورية - والعراق وليبيا ....وغيرها من الدول العربية والإسلامية - خفيا أو غير معلوم قبل وبعد انطلاق ثورات ما يسمى "الربيع العربي" , فمشروع الشرق الأوسط الجديد ومخطط تقسيم الدول العربية والإسلامية إلى كانتونات ودويلات على أساس طائفي هذه المرة مشروع قديم , فقد تم تكليف اليهودي العقيدة والفكر و الأمريكي الجنسية "برنارد لويس" رسميا بوضع مشروع تفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية منذ عام 1980م من قبل "البنتاجون" , و تم اعتماد المشروع المقدم للكونغرس الأمريكي سرا بشكل رسمي وبالإجماع منذ عام 1983م .
وإذا كان خطر اتفاقية سايكس بيكو يكمن في تمزيق الخلافة العثمانية وفرط عقد الدول المنضوية تحت عباءتها إلى دول كثيرة ليسهل الهيمنة عليها من قبل الدول الاستعمارية الغربية حينها , فإن خطر اتفاقية ما بات يعرف بــ كيري – لافروف أشد خطورة على الأمة الإسلامية بمراحل , فالهدف هنا تفتيت المفتت وتمزيق الممزق , ناهيك عن تأجيج الصرعات بين تلك الدويلات على أساس طائفي , خدمة للكيان الصهيوني وتحقيقا لأطماع الدول الغربية التي لم تشبع بعد من نهب خيرات دول هذه الأمة .
لم يكن لهذا المشروع أن يكتب له النجاح لولا موافقة الرافضة في إيران أن يلعبوا فيه الدور الأهم والأبرز , و لولا استجابة ملالي قم أن يكونوا رأس حربة الغرب لطعن وحدة الدول العربية والإسلامية , وإثارة الفتن والقلاقل والحروب في معظم دول أهل السنة في المنطقة .
والحقيقة أن من يدقق في أسلوب وطريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما مع الثورة السورية , يدرك جيدا أن فكرة التقسيم كانت حاضرة منذ البداية , بل يوقن أن الغرب عمل جاهدا لتنفيذ خطة التقسيم وإزالة كل العراقيل من طريقها .
لقد منع الغرب والأمريكان الدول الداعمة للثورة السورية من تزويد الثوار بالسلاح النوعي الذي يمكنهم من إسقاط طاغية الشام , والذي كان من السهولة بمكان في أكثر من مرحلة من مراحل ثورة الياسمين , لا لشيء سوى لكونه سيقضي على مشروع التقسيم الذي يخطط له الغرب منذ البداية .
كما سمح الأمريكان والغرب لإيران بدعم طاغية الشام ومشاركة مليشياتها في قتل الشعب السوري بوحشية منقطعة النظير , لإبقاء الحرب في سورية مستمرة تمهيدا للتقسيم , وحين شعرت أن مليشيات طهران لم تعد قادرة على المحافظة على النظام النصيري أفسحت المجال للدب الروسي للتدخل بآلته العسكرية الضخمة لتنفيذ ما تبقى من مشروع التقسيم المتفق عليه مسبقا بينهما , وهو ما يمكن قراءة تفاصيله في خارطة مناطق النفوذ والسيطرة مؤخرا .
فقد مهد الأمريكان والروس بغطائهم الجوي الكثيف لبعض الأحزاب الكردية الموالية لها – حزب الاتحاد الديمقراطي - لكي يتقدموا في الشمال السوري على طول الحدود السورية التركية , تمهيدا على ما يبدو لإنشاء الدويلة الكردية التي تريدها روسيا وأمريكا شوكة في خاصرة تركيا الأردغانية الناهضة بشكل ملفت وسريع .
كما اعتمد الروس منذ عدوانهم السافر على الشعب السوري على سياسة الأرض المحروقة للمحافظة على ما يسمى "سورية المفيدة" , والتي هي بمثابة كانتون نصيري في مشروع التقسيم المشؤوم , مهمته الحفاظ على مصالح الروس والأمريكان والغرب في سورية .
أما ما تبقى من سورية فلن يكون حسب المشروع والخطة الأمريكية الغربية لأهل السنة المجاهدين بالتأكيد , بل هو في أحسن الأحوال لمن تصفهم الدول الغربية بالفصائل المعتدلة , التي لا يمكن أن تشكل تهديدا لا للكيان الصهيوني, ولا للدويلات النصيرية الكردية المجاورة .
والحقيقة أن من يتابع تصريحات كيري ولافروف يدرك بجلاء هذه الحقيقة , ناهيك عن تصرفات وممارسات دولتيهما في سورية , فإصرار الروس على وجود الأكراد فيما يسمى "العملية السياسية" , ودعمهم العسكري لهم للتقدم على الأرض على حساب المعارضة , ناهيك عن الدعم الأمريكي الواضح لحزب الاتحاد الديمقراطي وعدم اعتباره حزبا إرهابيا رغم عملياته الإرهابية ضد حليفها في الناتو "تركيا" دليل واضح على نية التقسيم المبيتة .
ثم إن تحذير وتهديد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس من أن "أي شخص يعتقد أن هناك حصانة من العقاب على انتهاك هذا "الاتفاق".. يرتكب خطأ فادحا" هو في الحقيقة تهديد للمعارضة أكثر منه تهديد لروسيا والنظام النصيري بالتأكيد , فبنود ما يسمى "وقف الأعمال القتالية" ابتداء من يوم 27 من الشهر الحالي هي بمثابة استسلام المعارضة , وقبولها أن تتلقى القنابل والقذائف الروسية على رؤسها باسم "مقاتلة داعش والنصرة" المستثنى من وقف إطلاق النار , دون أن ترد على ذلك ولو برصاصة واحدة لأنه يعتبر خرقا لوقف إطلاق النار !!!!
وإذا عدنا بالذاكرة قبل أيام إلى تهديد "كيري" المعارضة السورية بالفناء خلال ثلاثة أشهر من القصف الروسي إن لم ترضخ لبنود عملية الاستسلام المتفق عليها بين أمريكا وروسيا في جنيف ..... فإن ذلك يزيل أي شك في وجود خطة أمريكية غربية لتقسيم سورية لا تخفى على كل ذي بصيرة .
لا يعني وجود مشروع وخطة غربية لتقسيم سورية الشام أن يرضخ العرب والمسلمون والثوار لذلك ويستسلموا , فالخطة يمكن مقاومتها بخطة مقابلة , والمشروع يمكن أن يواجه بمشروع مواز , ولا يمكن أن يتم ذلك أو يحصل إلا باجتماع الفصائل المقاتلة على أرض الشام ضد الطاغية وأسياده , واجتماع الدول السنية الداعمة للثورة على نصرها .
نعم ....لم تكن مسألة تقسيم سورية - والعراق وليبيا ....وغيرها من الدول العربية والإسلامية - خفيا أو غير معلوم قبل وبعد انطلاق ثورات ما يسمى "الربيع العربي" , فمشروع الشرق الأوسط الجديد ومخطط تقسيم الدول العربية والإسلامية إلى كانتونات ودويلات على أساس طائفي هذه المرة مشروع قديم , فقد تم تكليف اليهودي العقيدة والفكر و الأمريكي الجنسية "برنارد لويس" رسميا بوضع مشروع تفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية منذ عام 1980م من قبل "البنتاجون" , و تم اعتماد المشروع المقدم للكونغرس الأمريكي سرا بشكل رسمي وبالإجماع منذ عام 1983م .
وإذا كان خطر اتفاقية سايكس بيكو يكمن في تمزيق الخلافة العثمانية وفرط عقد الدول المنضوية تحت عباءتها إلى دول كثيرة ليسهل الهيمنة عليها من قبل الدول الاستعمارية الغربية حينها , فإن خطر اتفاقية ما بات يعرف بــ كيري – لافروف أشد خطورة على الأمة الإسلامية بمراحل , فالهدف هنا تفتيت المفتت وتمزيق الممزق , ناهيك عن تأجيج الصرعات بين تلك الدويلات على أساس طائفي , خدمة للكيان الصهيوني وتحقيقا لأطماع الدول الغربية التي لم تشبع بعد من نهب خيرات دول هذه الأمة .
لم يكن لهذا المشروع أن يكتب له النجاح لولا موافقة الرافضة في إيران أن يلعبوا فيه الدور الأهم والأبرز , و لولا استجابة ملالي قم أن يكونوا رأس حربة الغرب لطعن وحدة الدول العربية والإسلامية , وإثارة الفتن والقلاقل والحروب في معظم دول أهل السنة في المنطقة .
والحقيقة أن من يدقق في أسلوب وطريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما مع الثورة السورية , يدرك جيدا أن فكرة التقسيم كانت حاضرة منذ البداية , بل يوقن أن الغرب عمل جاهدا لتنفيذ خطة التقسيم وإزالة كل العراقيل من طريقها .
لقد منع الغرب والأمريكان الدول الداعمة للثورة السورية من تزويد الثوار بالسلاح النوعي الذي يمكنهم من إسقاط طاغية الشام , والذي كان من السهولة بمكان في أكثر من مرحلة من مراحل ثورة الياسمين , لا لشيء سوى لكونه سيقضي على مشروع التقسيم الذي يخطط له الغرب منذ البداية .
كما سمح الأمريكان والغرب لإيران بدعم طاغية الشام ومشاركة مليشياتها في قتل الشعب السوري بوحشية منقطعة النظير , لإبقاء الحرب في سورية مستمرة تمهيدا للتقسيم , وحين شعرت أن مليشيات طهران لم تعد قادرة على المحافظة على النظام النصيري أفسحت المجال للدب الروسي للتدخل بآلته العسكرية الضخمة لتنفيذ ما تبقى من مشروع التقسيم المتفق عليه مسبقا بينهما , وهو ما يمكن قراءة تفاصيله في خارطة مناطق النفوذ والسيطرة مؤخرا .
فقد مهد الأمريكان والروس بغطائهم الجوي الكثيف لبعض الأحزاب الكردية الموالية لها – حزب الاتحاد الديمقراطي - لكي يتقدموا في الشمال السوري على طول الحدود السورية التركية , تمهيدا على ما يبدو لإنشاء الدويلة الكردية التي تريدها روسيا وأمريكا شوكة في خاصرة تركيا الأردغانية الناهضة بشكل ملفت وسريع .
كما اعتمد الروس منذ عدوانهم السافر على الشعب السوري على سياسة الأرض المحروقة للمحافظة على ما يسمى "سورية المفيدة" , والتي هي بمثابة كانتون نصيري في مشروع التقسيم المشؤوم , مهمته الحفاظ على مصالح الروس والأمريكان والغرب في سورية .
أما ما تبقى من سورية فلن يكون حسب المشروع والخطة الأمريكية الغربية لأهل السنة المجاهدين بالتأكيد , بل هو في أحسن الأحوال لمن تصفهم الدول الغربية بالفصائل المعتدلة , التي لا يمكن أن تشكل تهديدا لا للكيان الصهيوني, ولا للدويلات النصيرية الكردية المجاورة .
والحقيقة أن من يتابع تصريحات كيري ولافروف يدرك بجلاء هذه الحقيقة , ناهيك عن تصرفات وممارسات دولتيهما في سورية , فإصرار الروس على وجود الأكراد فيما يسمى "العملية السياسية" , ودعمهم العسكري لهم للتقدم على الأرض على حساب المعارضة , ناهيك عن الدعم الأمريكي الواضح لحزب الاتحاد الديمقراطي وعدم اعتباره حزبا إرهابيا رغم عملياته الإرهابية ضد حليفها في الناتو "تركيا" دليل واضح على نية التقسيم المبيتة .
ثم إن تحذير وتهديد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس من أن "أي شخص يعتقد أن هناك حصانة من العقاب على انتهاك هذا "الاتفاق".. يرتكب خطأ فادحا" هو في الحقيقة تهديد للمعارضة أكثر منه تهديد لروسيا والنظام النصيري بالتأكيد , فبنود ما يسمى "وقف الأعمال القتالية" ابتداء من يوم 27 من الشهر الحالي هي بمثابة استسلام المعارضة , وقبولها أن تتلقى القنابل والقذائف الروسية على رؤسها باسم "مقاتلة داعش والنصرة" المستثنى من وقف إطلاق النار , دون أن ترد على ذلك ولو برصاصة واحدة لأنه يعتبر خرقا لوقف إطلاق النار !!!!
وإذا عدنا بالذاكرة قبل أيام إلى تهديد "كيري" المعارضة السورية بالفناء خلال ثلاثة أشهر من القصف الروسي إن لم ترضخ لبنود عملية الاستسلام المتفق عليها بين أمريكا وروسيا في جنيف ..... فإن ذلك يزيل أي شك في وجود خطة أمريكية غربية لتقسيم سورية لا تخفى على كل ذي بصيرة .
لا يعني وجود مشروع وخطة غربية لتقسيم سورية الشام أن يرضخ العرب والمسلمون والثوار لذلك ويستسلموا , فالخطة يمكن مقاومتها بخطة مقابلة , والمشروع يمكن أن يواجه بمشروع مواز , ولا يمكن أن يتم ذلك أو يحصل إلا باجتماع الفصائل المقاتلة على أرض الشام ضد الطاغية وأسياده , واجتماع الدول السنية الداعمة للثورة على نصرها .
تعليق