أثار حكم صادر عن إحدى المحاكم المدنية في ماليزيا سمح لأحدهم بالارتداد عن الإسلام واعتناق المسيحية مخاوف الكثير من المسلمين في العالم الإسلامي من آثاره السلبية على هوية بلد إسلامي تقطنه غالبية مسلمة وينص دستوره على أن الإسلام دين الدولة .
وكان "مسلم عزمي محمد عزام شاه" المُدعي في القضية قد تقدم بطلب إلى محكمة في مدينة "كونشينغ" عاصمة ولاية "ساراواك" شرق البلاد، يُطالب فيها بإقرار اعتناقه المسيحية، وإعلان اسمه الجديد “روني ريبيت” ودياناته في السجلات الرسمية .
وعلى الرغم من أن والدا "عزمي" قد اعتنقا الإسلام – بعد ان كانا نصرانيان - عندما كان في الثامنة من عمره ، وهو ما يعني أنه وأخوته - إن كان له أخوة - مسلمين حكما , إلا أن الأخير طالب باعتناق المسيحية عام 1999 بعد أن بلغ سن24 بدعوى أن هناك مادة في الدستور تنص على أن الحرية الدينية مكفولة للجميع .
ويكمن خطر حكم المحكمة المخالف للشريعة الإسلامية في المرتد في أنه سابقة فريدة في البلاد , وهو ما قد يمهد الطريق لتكرار ذلك في قابل الأيام تحت نفس الذريعة والعنوان , لتكبر كرة الثلج شيئا فشيئا , وتتحول المسألة من حالة فردية إلى قضية عامة , وتكون بابا للعبث بهوية البلاد والتشويش عليها , و ربما استبدال جميع قوانينها بقوانين العلمانية "اللادينية" !!
وإذا أخذنا بعين الاعتبار مخالفة هذا الحكم الصادر عن محكمة مدنية لما هو معمول به في محاكم ماليزيا الشرعية , والتي تعاقب المرتدين عن الإسلام بالسجن أو الغرامة ، فإن هذا يعني أن هناك تجاوزا واضحا وتهميشا مقصودا لدور المحكام الشرعية في البلاد , وتغولا صارخا من المحاكم المدنية على القضاء الماليزي .
لم تكن قضية "عزمي" هي الوحيدة في البلاد , فقد سبق أن فشلت المدعوة " ينا جوي"، في استصدار من المحاكم الماليزية يقضي باعتناقها المسيحية عام 2007م , بعد ان اردتدت عن الإسلام عام 1998عند بلوغها الـ26، إلا أن اللافت في هذا الفشل أنه لم يكن بسبب عدم جواز تركها لدين الإسلام قانونا , بل لعدم توفر وصاية قضائية تخولها بتحديد أمورها الدينية إلا بموجب موافقة الوصي الأب !!
بداية لا بد من التأكيد على أنه من كان له أبوان مسلمان فله حكم الإسلام بالإجماع , قال النووي – رحمه الله - : " فمَن كان أبواه أو أحدهما مسلماً : استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا " شرح مسلم 16/208 , وأن الصبي إذا بلغ فأقر بالإسلام أو استمر مسلماً حكماً ، ثم ارتد : فهو مرتد بالإجماع أيضا , قال الكاساني – رحمه الله - : " لو أقر بالإسلام ثم ارتد يقتل لوجود الردة منه بوجود دليلها وهو الإقرار ." بدائع الصنائع 7 / 135 .
ومن هنا فإن حكم المحكمة المدنية الماليزية مخالف بشكل صارخ لحكم الإسلام في وجوب استتابة المرتد , فإن تاب وإلا قُتل كفراً ، وهو حكم مجمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه لوجود نص الحديث النبوي الصحيح : (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) صحيح البخاري برقم/6922 .
والحقيقة أن الكثير من الحملات العلمانية شُنّت للتشويش على حكم الإسلام في المرتد , وذلك بهدف إحداث بلبلة في حكم ثابت بصحيح المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي , ومن ثَمّ محاولة اختراق المجتمعات الإسلامية من خلال إباحة الردة عن الإسلام قانونا .
وعلى الرغم من وضوح هدف هذه المحاولات العلمانية وخطرها على هوية الدول الإسلامية ...إلا أن بعض من يوصفون بأنهم مفكرون - من المسلمين - من شارك في هذه الحملة بقصد أو بغير قصد , من خلال التشكيك بحكم المرتد في الإسلام , ومحاولة القول بأن هناك خلاف بين علماء الأمة بشأنه .
وإذا كان مستند المشككين بحكم الردة في الإسلام - من المسلمين وغير المسلمين - هو معارضته المزعومة مع قوله تعالى : { لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ } البقرة/256 , فإنه في الحقيقة مستند واه ولا حجة فيه , لأن الآية محمولة على الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء ، فهذا لا يُكره على الدخول في الإسلام ، وأما من دخل في الإسلام طواعية ، ثم ارتد عنه ، فهذا لا تشمله الآية .
ونظرا لكثرة الحِكَم في تشديد الإسلام لعقوبة المرتد , سأكتفي بذكر قول ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير : " وَحِكْمَةُ تَشْرِيعِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ - مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْأَصَالَةِ لَا يُقْتَلُ - أَنَّ الِارْتِدَادَ خُرُوجُ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَمَّا خَالَطَ هَذَا الدِّينَ وَجَدَهُ غَيْرَ صَالِحٍ ، وَوَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَحَ ، فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالدِّينِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ . وَفِيهِ أَيْضًا تَمْهِيدُ طَرِيقٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنْسَلَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْحِلَالِ الْجَامِعَةِ ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ لِذَلِكَ زَاجِرٌ ، مَا انْزَجَرَ النَّاسُ ، وَلَا نَجِدُ شَيْئًا زَاجِرًا مِثْلَ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَوْتُ هُوَ الْعُقُوبَةَ لِلْمُرْتَدِّ ، حَتَّى لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَحَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنِ الْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) [الْبَقَرَة: 256] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ هُوَ إِكْرَاهُ النَّاسِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مِنِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْإِسْلَام " 2/ 336 .
وختاما يمكن القول : إنه يكفي مسوغا لاستشعار الخطر من حكم المحكمة المدنية الماليزية أن رابطة الكنائس في "ساواراك" قد أشادت بهذا الحكم , بل وطالبت السلطات العليا في "كوالامبور" بتفعيل ما وصفتها بـ"الحرية الدينية للمواطنين" المنصوص عليه في الدستور الماليزي !!
وكان "مسلم عزمي محمد عزام شاه" المُدعي في القضية قد تقدم بطلب إلى محكمة في مدينة "كونشينغ" عاصمة ولاية "ساراواك" شرق البلاد، يُطالب فيها بإقرار اعتناقه المسيحية، وإعلان اسمه الجديد “روني ريبيت” ودياناته في السجلات الرسمية .
وعلى الرغم من أن والدا "عزمي" قد اعتنقا الإسلام – بعد ان كانا نصرانيان - عندما كان في الثامنة من عمره ، وهو ما يعني أنه وأخوته - إن كان له أخوة - مسلمين حكما , إلا أن الأخير طالب باعتناق المسيحية عام 1999 بعد أن بلغ سن24 بدعوى أن هناك مادة في الدستور تنص على أن الحرية الدينية مكفولة للجميع .
ويكمن خطر حكم المحكمة المخالف للشريعة الإسلامية في المرتد في أنه سابقة فريدة في البلاد , وهو ما قد يمهد الطريق لتكرار ذلك في قابل الأيام تحت نفس الذريعة والعنوان , لتكبر كرة الثلج شيئا فشيئا , وتتحول المسألة من حالة فردية إلى قضية عامة , وتكون بابا للعبث بهوية البلاد والتشويش عليها , و ربما استبدال جميع قوانينها بقوانين العلمانية "اللادينية" !!
وإذا أخذنا بعين الاعتبار مخالفة هذا الحكم الصادر عن محكمة مدنية لما هو معمول به في محاكم ماليزيا الشرعية , والتي تعاقب المرتدين عن الإسلام بالسجن أو الغرامة ، فإن هذا يعني أن هناك تجاوزا واضحا وتهميشا مقصودا لدور المحكام الشرعية في البلاد , وتغولا صارخا من المحاكم المدنية على القضاء الماليزي .
لم تكن قضية "عزمي" هي الوحيدة في البلاد , فقد سبق أن فشلت المدعوة " ينا جوي"، في استصدار من المحاكم الماليزية يقضي باعتناقها المسيحية عام 2007م , بعد ان اردتدت عن الإسلام عام 1998عند بلوغها الـ26، إلا أن اللافت في هذا الفشل أنه لم يكن بسبب عدم جواز تركها لدين الإسلام قانونا , بل لعدم توفر وصاية قضائية تخولها بتحديد أمورها الدينية إلا بموجب موافقة الوصي الأب !!
بداية لا بد من التأكيد على أنه من كان له أبوان مسلمان فله حكم الإسلام بالإجماع , قال النووي – رحمه الله - : " فمَن كان أبواه أو أحدهما مسلماً : استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا " شرح مسلم 16/208 , وأن الصبي إذا بلغ فأقر بالإسلام أو استمر مسلماً حكماً ، ثم ارتد : فهو مرتد بالإجماع أيضا , قال الكاساني – رحمه الله - : " لو أقر بالإسلام ثم ارتد يقتل لوجود الردة منه بوجود دليلها وهو الإقرار ." بدائع الصنائع 7 / 135 .
ومن هنا فإن حكم المحكمة المدنية الماليزية مخالف بشكل صارخ لحكم الإسلام في وجوب استتابة المرتد , فإن تاب وإلا قُتل كفراً ، وهو حكم مجمع عليه لا خلاف بين العلماء فيه لوجود نص الحديث النبوي الصحيح : (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) صحيح البخاري برقم/6922 .
والحقيقة أن الكثير من الحملات العلمانية شُنّت للتشويش على حكم الإسلام في المرتد , وذلك بهدف إحداث بلبلة في حكم ثابت بصحيح المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي , ومن ثَمّ محاولة اختراق المجتمعات الإسلامية من خلال إباحة الردة عن الإسلام قانونا .
وعلى الرغم من وضوح هدف هذه المحاولات العلمانية وخطرها على هوية الدول الإسلامية ...إلا أن بعض من يوصفون بأنهم مفكرون - من المسلمين - من شارك في هذه الحملة بقصد أو بغير قصد , من خلال التشكيك بحكم المرتد في الإسلام , ومحاولة القول بأن هناك خلاف بين علماء الأمة بشأنه .
وإذا كان مستند المشككين بحكم الردة في الإسلام - من المسلمين وغير المسلمين - هو معارضته المزعومة مع قوله تعالى : { لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ } البقرة/256 , فإنه في الحقيقة مستند واه ولا حجة فيه , لأن الآية محمولة على الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء ، فهذا لا يُكره على الدخول في الإسلام ، وأما من دخل في الإسلام طواعية ، ثم ارتد عنه ، فهذا لا تشمله الآية .
ونظرا لكثرة الحِكَم في تشديد الإسلام لعقوبة المرتد , سأكتفي بذكر قول ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير : " وَحِكْمَةُ تَشْرِيعِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ - مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْأَصَالَةِ لَا يُقْتَلُ - أَنَّ الِارْتِدَادَ خُرُوجُ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَمَّا خَالَطَ هَذَا الدِّينَ وَجَدَهُ غَيْرَ صَالِحٍ ، وَوَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَحَ ، فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالدِّينِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ . وَفِيهِ أَيْضًا تَمْهِيدُ طَرِيقٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنْسَلَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْحِلَالِ الْجَامِعَةِ ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ لِذَلِكَ زَاجِرٌ ، مَا انْزَجَرَ النَّاسُ ، وَلَا نَجِدُ شَيْئًا زَاجِرًا مِثْلَ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَوْتُ هُوَ الْعُقُوبَةَ لِلْمُرْتَدِّ ، حَتَّى لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَحَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنِ الْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) [الْبَقَرَة: 256] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ هُوَ إِكْرَاهُ النَّاسِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مِنِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْإِسْلَام " 2/ 336 .
وختاما يمكن القول : إنه يكفي مسوغا لاستشعار الخطر من حكم المحكمة المدنية الماليزية أن رابطة الكنائس في "ساواراك" قد أشادت بهذا الحكم , بل وطالبت السلطات العليا في "كوالامبور" بتفعيل ما وصفتها بـ"الحرية الدينية للمواطنين" المنصوص عليه في الدستور الماليزي !!
تعليق