لقد شهد العراق مؤخرا اعتصاما لآلاف من الشيعة حاصروا المنطقة الخضراء من أجل إجراء تغييرات لمواجهة الفساد المستشري في البلاد وطالبوا بإجراء تعديل واسع على حكومة العبادي؛ فما كان من نواب الشيعة داخل البرلمان إلا أن عزلوا رئيس البرلمان سليم الجبوري السني المتعاون مع الائتلاف الشيعي الحاكم وتحميله مسؤولية الفساد الذي ينخر كالسوس في مختلف قطاعات الدولة...
الطبيعي أن يتحمل العبادي الشيعي وحكومته المسؤولية الكاملة عن الفساد ولكن الطائفيين يريدون أن يشوهوا كافة الأطراف السنية حتى المتعاونة معهم لإلغاء أهل السنة تماما من المعادلة في العراق وهو ما يؤكد فشل فكرة التعايش التي يروج لها بعض أهل السنة متجاهلين أن الطرف الآخر لا يؤمن إلا بالتهميش والانفراد التام وهو ما كشف عنه الناطق الرسمي باسم الحراك الشعبي السني في العراق الشيخ فاروق الظفيري مؤكدا أن محاولة الشيعة إلصاق فساد الحكومة بسليم الجبوري مؤامرة واضحة، مشيرا إلى أن الأمر جاء من إيران للصدر والمالكي لتحميل الجبوري والسنة ما يحصل.....
الأمر لا يقتصر في العراق على ما يدور في العاصمة بغداد وفي أروقة الحكم بل إن جرائم الاغتيال تزايدت بشدة ضد دعاة وعلماء أهل السنة في محافظات عديدة مع تورط واضح لإيران في هذه العمليات فقد أقدمت مليشيا مسلحة قبل عدة أيام، على اغتيال الشيخ فائق فخري، إمام وخطيب جامع الصفا، في منطقة كركوك، وذلك بعد أن اعترضته المليشيا أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر, وكشف نائب في مجلس النواب العراقي، عن وقوف مركز تابع لإيران، باسم مركز الخميني الثقافي الاجتماعي، في نشاطات غير طبيعية، لإزعاج رموز وعلماء ومشايخ الدين السنة....
في نفس الوقت أعلنت السلطات في جيبوتي عن إحباط مخطط للمتمردين الحوثيين الشيعة لتفجير عدة سفارات تابعة لدول التحالف العربي وكانت جيبوتي قد أعلنت قطع علاقتها مع إيران عقب الاعتداء على السفارة السعودية في طهران, ويشير الحادث إلى أن استهداف مصالح أهل السنة تعدى دول ومناطق محددة كانت تشهد وجودا للشيعة إلى مناطق خارجية جديدة....الاستهداف الطائفي لأهل السنة ومصالحهم ودولهم بدأ يأخذ شكلا جديدا حيث بدأت طهران تشن حربا سياسية لتشويه السعودية التي تعد كبرى دول السنة التي ترى إيران أنها تشكل خطرا على مخططاتها فقد شكلت إيران لوبيا في أمريكا من أجل إلصاق اتهامات بـ "الإرهاب" لها عن طريق اختراق عدد من وسائل الإعلام الأمريكة البارزة....فقد أطلق اللوبي الإيراني المعروف باسم "ناياك"حملة ممنهجة لمحاولة ربط "الإرهاب" وعدم استقرار المنطقة بالسعودية وسياستها الخارجية وتبرئة إيران من كل ما يحدث في سوريا والعراق ولبنان واليمن...
و"ناياك" هو اسم مختصر لـ"المجلس الوطني للإيرانيين الأمريكيين" وبالإنجليزية "National Iranian-American Council" وباللغة الفارسية "شوراى ملى إيرانيان أمريكا" وهو لوبي إيراني يترأسه الكاتب والمحلل السياسي الإيراني تريتا بارسي....هذه الحملة الممنهجة جاءت رغم أن محكمة أمريكية أصدرت حكما يؤكد تورط طهران في هجمات سبتمبر وليس السعودية ولكن كالعادة طهران تريد أن تنسل من الاتهامات كما تفعل في كل مرة...الأمر لا يختلف كثيرا في سوريا واليمن ففي الأولى انهارت الهدنة تقريبا وطلب الثوار تعليق المفاوضات مع استمرار المليشيات الطائفية في تدمير منازل المدنيين وحصارهم....
وفي الثانية تعثر انطلاق المفاوضات حتى اللحظة بسبب مماطلة الحوثيين في الحضور للكويت بحجة وجود خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار مع انتشار أنباء بأن إيران لاتريد منهم الانخراط في أي عملية سياسية في الوقت الحاضر حتى لا يقدموا تنازلات للتحالف وللحكومة الشرعية.