إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نظرية الأمن الإسرائيلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرية الأمن الإسرائيلي

    نظرية الأمن الإسرائيلي، هي المنبع الذي يستقي منه العسكريون الإسرائيليون توجهاتهم، ومن ثمّ بناء عقائدهم. كما أنها الأساس، الذي ترتكز عليه إستراتيجيتهم وأساليبهم، في إدارة الصراع مع الدول العربية. "وعلى الرغم من ذلك فإنها لم تكتب أبدا، كما لم تكتسب قوة إلزامية تتمسك بها القيادة السياسية العليا. كذلك فإن بعض الأهداف السياسية (القومية)، التي تُبنى عليها نظرية الأمن، لم تحددها القيادة السياسية المختصة منذ أواخر حرب التحرير عام 1948 وحتى يومنا هذا". ولا يعني ذلك أنها غير موجودة، فهي تشكل مجموعة من المبادئ والقواعد، تشبه في ذلك الدستور البريطاني غير المكتوب.
    تعني نظرية الأمن الإسرائيلي "المفاهيم، التي تنتهجها إسرائيل لضمان أمنها، أو هي مجموعة القواعد والمبادئ والأساليب، التي يتم في إطارها تحديد التهديدات التي تتعرض لها إسرائيل، طبقا لأسبقياتها وطرق مواجهتها"، مع الوضع في الاعتبار الاستغلال الأمثل لمعطيات القوة الإسرائيلية، في مقابل تحجيم معطيات القوة العربية، وتعتبر عملية تصنيف أسبقيات العمل واتجاهاته، من الجوانب الحيوية للمفاهيم الإستراتيجية الإسرائيلية. وترتبط نظرية الأمن الإسرائيلي الحالية، في المفهوم الشامل لها، بالكتلة الحيوية لإسرائيل، وبباقي القدرات الشاملة لها (اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعسكرياً) إضافة إلى عاملين جديدين يلقيان بظلالهما على تلك النظرية هما:
    العامل النووي: وهو ما تسميه إسرائيل "الرادع الإستراتيجي"، تجنباً للإفصاح المباشر عنه. فهي لم تقر رسميا بامتلاكها لأسلحة نووية حتى الآن.
    العامل الآخر: هو توجهات إسرائيل نحو السلام الشامل، وما لذلك من معطيات جديدة وانعكاسات متعددة على نظرية الأمن، والإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. فسر ديفيد بن جوريون ومساعدوه، كلمة الأمن في مفاهيمها العسكرية الأساسية بأنها: "الدفاع عن الوجود". ونظراً للطبيعة الاستيطانية لإسرائيل، فإن مفهوم الأمن الإسرائيلي يمتد، ليشمل محاولة التأثير (إن لم يكن التحكم) على خط التفاعلات الإقليمية بما يُثَبِتْ دور إسرائيل العسكري والسياسـي في منطقتها. ويتسع مفهوم الأمن كذلك ليضم قضية النقاء اليهودي، وبحث الوسائل الكفيلة بضمان تدفق المهاجرين اليهود إليها . وفي سبيل ذلك، فإن لإسرائيل رؤيتها الخاصة في دوائر اهتماماتها الإستراتيجية بالنسبة للدول العربية، حيث تنظر إلى هذه الدول كالآتي:
    1. تقوم نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، على مفهوم رسم خريطة إستراتيجية للدول العربية، مقسمة إلى دوائر إستراتيجية مهمة (حيوية)، حيث تقسّم إسرائيل العالم العربي لثلاث دوائر إستراتيجية، أضافت إليها دائرتين أخريتين (مؤقت)، من الدول المحيطة بالوطن العربي. والدوائر الرئيسية هي:
    الدائرة الأولى والأهم: دائرة وادي النيل، وتقودها مصر. الدائرة الثانية: دائرة الشام، وتتنافس على قيادتها كل من العراق وسورية.
    الدائرة الثالثة: دائرة الخليج العربي، وتشكل المملكة العربية السعودية الدولة المركزية فيها. أضاف "اريل شارون"، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، دائرتين أخريتين إلى الدوائر سالفة الذكر، وهما ترتبطان بالمجال الحيوي لإسرائيل، وبالمفهوم الإسرائيلي لمصادر تهديد أمنها القومي: الدائرة الإسلامية: وهي الدول الإسلامية النشيطة، خاصة إيران وباكستان ودول آسيا الوسطى.
    الدائرة الإفريقية: وهي دائرة دول منابع النيل (شرق ووسط إفريقيا) وكذلك الدول المشرفة أو ذات التأثير على البحر الأحمر. 2.
    وتقوم إستراتيجية إسرائيل، بالنسبة للأمن، على عدة أسس:
    أ. منع التقارب والتنسيق ما بين الدول، التي تقود هذه الدوائر، وخاصة دائرتي وادي النيل والشام. ب. محاولة تشجيع عمليات الانشقاق داخل كل دائرة، خاصة دائرة الشام. ج. تتبني إستراتيجية إسرائيل بالنسبة للدول الإسلامية، على أساس منع أو عرقلة حدوث أي تماس أو تنسيق، بين الدائرة الإسلامية ودائرة الخليج العربي. د. بالنسبة للدائرة الإفريقية، تعمل إسرائيل على إقامة علاقات وثيقة مع دول منابع النيل الإفريقية، وكذلك الدول المشرفة على جنوب البحر الأحمر، بالقدر التي يمكنها من ممارسة الضغوط على كل من مصر والسودان، بالنسبة لمسألة المياه، بالإضافة لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر. هـ. منع محاولات التنسيق المصري السعودي، على مستوى دائرتي وادي النيل والخليج العربي.
    3. نظرية الأمن الإسرائيلي ليست وليدة اليوم، فقد وضع جوهرها ولبناتها الأولى ديفيد بن جوريون، مؤسس إسرائيل. ومن ثم، فهي مرادفة لنشأة إسرائيل. وبالرغم مما يبدو، من أن جوهرها ثابت، إلا أنها مرنة وقابلة للتطوير. فبعد نشأة إسرائيل، رأي المسئولون فيها ضرورة وضع إطار عام للعملين السياسي، والعسكري. وأطلقوا على ذلك: نظرية الأمن الإسرائيلي، وذلك كنظرية إستراتيجية وعسكرية لإسرائيل. وكان الهدف الرئيسي من وراء وضعها: حماية الدولة، والعمل على إقامة إسرائيل الكبرى، وفرض الصلح على العرب، من خلال: "تحقيق أقصى فعالية لقدرات الدولة، وفي مقدمتها القدرة العسكرية كوسيلة لبلوغ هذا الهدف". بُنيت نظرية الأمن الإسرائيلي على عدة اعتبارات، بعضها عسكري، مثل: أ. ضيق رقعة الأرض، وصغر حجم الدولة. ب. قلة عدد السكان نسبياً، مع وجود أقليات معادية. ج. بعدها عن أصدقائها، وتعرض خطوط مواصلاتها معهم لردود فعل المتغيرات الدولية. د. إحاطتها بدول معادية، وغير قابلة لوجودها. هـ. هشاشة اقتصادها القومي، واعتمادها على المساعدات الخارجية. راعى المسئولون في إسرائيل، عند وضعهم للنظرية، عدة أسس، منها الاحتفاظ بالتفوق النوعي في وسائل الدفاع، إلى جانب العمل على إقامة مجتمع عسكري. كما أخذوا في الاعتبار مبدأ الحرب القصيرة، نظرا للقيود البشرية والاقتصادية، التي تعانى منها إسرائيل، والتركيز على ضرورة مؤازرة قوة كبرى أو أكثر لها – كلما أمكن ذلك – كحليف موثوق بمعاونته ونجدته في الوقت المناسب. والأهم من ذلك كله، العمل على تهيئة الرأي العام العالمي، وكسبه إلى جانبها، ومحاولة إقناعه بأن الدول العربية، التي تحيط بها، تخطط دائما للاعتداء عليها أو غزوها.
    4. دفعت نتائج الجولات العسكرية الأربع، بين إسرائيل والعرب، إضافة إلى حرب لبنان، وتداعيات حرب الخليج الثانية، إلى إعادة تقييم "نظرية الأمن"، لتطويرها حتى يمكنها مواجهة المتغيرات العديدة، سواء الدولية، أو الإقليمية، أو في مجال التطور الهائل في التقنية العسكرية . ولذلك، فإن دراسة نظرية الأمن الإسرائيلي، لابد أن يواكبها كذلك دراسة المؤسسة العسكرية، التي تشكل أداتها حتى تتكامل الرؤية.



  • #2
    رد: نظرية الأمن الإسرائيلي

    (النظرية الإستراتيجية والعسكرية)
    يمثل تمسك العقيدة اليهودية "بوعد الله لشعبه المختار"، تطلعا منها إلى "امتلاك أرض الميعاد"، أخذت الصهيونية على عاتقها رسم الإستراتيجية، وصياغة الوسيلة والأدوات، وفي مقدمتها الأداة العسكرية، لتحويل الأمل المنشود إلى واقع ملموس. وكان ذلك باستباحة أرض فلسطين، وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، عن طريق الاستيطان والحرب، ومن ثم فرض الإرادة لإقامة الدولة. وهو ما أكده دفيد بن جوريون حين قال: "إن جنود موسى ويشوع وداود، لم يكفوا عن القتال، حتى فيما بينهم، وكذلك جنود صهيون، لن يتوقفوا عن الحرب". تشكل التوراة جذور الفكر العسكري الصهيوني المعاصر، بينما ترسم النظرية الصهيونية أصوله. فهي تبيح اغتصاب فلسطين، إطاعة لوعد الله ويتيح الحرب تحقيقا "للمهمة الإلهية". كما تجاهر بالعزم على التوسع، تنفيذا "لوصية نزلت من السماء" على بنى إسرائيل. وهو فكر فريد في نوعه، غريب في منهجه، ينسب كل أسباب القتال ودوافع الحرب، إلى "يهوه"، رب الجنود، وإله إسرائيل. إن نظرية الأمن، التي وضعها منذ أكثر من 40 سنة بن جوريون، أرادت أن تجيب على سؤال مصيري لإسرائيل، وهو كيفية تحقيق الأمن لشعب قليل العدد، يواجه كثرة معادية. فالبيئة العربية معادية لوجود إسرائيل. وفي معظم الحالات، أخذ بن جوريون في الحسبان ضعف إسرائيل في القوة البشرية (ديموجرافية السكان مقارنة بالشعوب العربية)، ومساحتها الضيقة، وكذلك مواردها المادية المحدودة. وهو ما أدى به إلى الاتجاه نحو عدد من المبادئ، شكلت ركائز نظرية الأمن، أبرزها: 1. أن كل الشعب هو جيش (الشعب المسلح). 2. نقل الحرب إلى أرض العدو. وبناء على تلك الركائز، فإن الوجود القومي الإسرائيلي، مرتبط بمدى كفاءة جهاز الأمن في مفهومه الواسع، لخلق تفوق متنامٍ وسريع يؤدى إلى معالجة الضعف الأساسي لإسرائيل. وقد توصل واضعو نظرية الأمن إلى حلول لذلك، وقاموا بتطبيقها في إطار نظريتهم. إن جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي يعُد الأداة الأساسية لجهاز الدفاع، وضع لنفسه أسلوباً عملياً هجومياً يساعد على حماية سيادة الدولة واستقلالها، من خلال طريقة قتال تهدف إلى نقل الحرب إلى أراضى العدو، وإلحاق الهزيمة بقواته في معارك حاسمة وسريعة. لذلك، بنيّ الجيش الإسرائيلي وأُعِدَت نظريته القتالية، ووزعت الموارد بين القوى الهجومية (مثل القوات المنقولة جوا والطائرات المقاتلة القاذفة، والهليوكوبتر الهجومية، والدبابات والمدفعية ذاتية الحركة، وغير ذلك)، وبين قوى الدفاع (مثل المشاة، والأسلحة المضادة للدبابات، والأسلحة المضادة للطائرات، والملاجئ، والوقاية من أسلحة الدمار الشامل، وغير ذلك). ومنذ الخمسينيات لم يطرأ تغيير حاد في المبادئ العامة للنظرية. فقد عززت الحروب، التي دارت من آراء واضعي النظرية، لذلك بقيت سارية المفعول، في مجملها، عدا بعض التطوير والإضافات، عقب كل حرب شهدتها المنطقة (حرب عام 1967 وعام 1973 وحرب الخليج). ونجم عن أخطاء في تطبيق النظرية وليس بسبب أخطاء في النظرية نفسها، العديد من الصعوبات في الحروب. التغيير البارز، الذي حدث منذ الخمسينيات، كان في حجم ونوع نظم التسليح والمعدات، والتطور الكبير فيهما، وما لهذين العنصرين (الحجم والنوع) من انعكاسات على أسلوب إدارة الجولات العربية الإسرائيلية، ومن ثم على التطبيق الفعلي لنظرية الأمن. وتحذّر نظرية الأمن الإسرائيلية، من تعرض إسرائيل لحرب استنزاف طويلة، لذلك تؤكد أن يكون لدى جيش الدفاع الإسرائيلي قوة، يمكنها، توجيه ضربات قوية، تخترق فيها الخطوط الدفاعية "للعدو"، بالقوات البرية والقوات الجوية، والقضاء على الرغبة في الاستمرار في القتال. وقد فرض هذا الفكر، على إسرائيل، أن تكون حروبها قصيرة ومدمرة للأفراد والمعدات . كذلك، من الضروري توفر المرونة، من خلال القدرة على إيقاف العدو، أو احتوائه، ولو لفترة مؤقتة، لإعادة التوازن إذا اختل (على أي جبهة من الجبهات العربية)، وهو ما حققته إسرائيل بنجاح في حرب عام 1973، فعلى الرغم من نجاح العرب على جبهتي قناة السويس والجولان، إلا أن إسرائيل نجحت في الاحتواء وعدم الانهيار. وتفرض نظرية الأمن الإسرائيلي، على جيش الدفاع الإسرائيلي، أن يكون قادرا على تنفيذ ما يكلف به من مهام. وحتى يتمكن من تنفيذ ذلك، مغلية الإبقاء على تفوقه الكمي والنوعي، طبقاً لما تمليه التطورات التكنولوجية. لذلك، اعتمد الفكر الإسرائيلي للتخطيط في المجال الإستراتيجي، على العديد من الأسس، أبرزها حاجة المجتمع للأمن، نتيجة لطبيعة نشأة الدولة، وخصائصها (البشرية، الجغرافية، الاجتماعية، مواردها الطبيعية، علاقاتها الدولية)، وصياغة ركائز نظرية الأمن، لتحقيق أهداف الدولة العليا. كما تَطّلَبْ طموح واتساع أبعاد المخطط الصهيوني، أن يعتمد في تحقيق أهدافه على التدرج المرحلي، والانتقال المتتالي من هدف لآخر، وصولاً إلى الغاية الوطنية، التي تنشدها إسرائيل. لذلك يرتبط تطور مفهوم الأمن الإسرائيلي، بالنظرة الإسرائيلية إلى الذات، والنظرة إلى غير اليهود Gentiles، ليسبق موضوع الأمن (من حيث الشكل أو المستوى) موضوع الأرض. كما يقضي بتوظيف التفوق العسكري الإسرائيلي، لتحقيق التوازن والاستقرار في المنطقة من المنظور الإسرائيلي. كذلك ربط مفهوم الاستقرار Stability ، بالردع Deterrence والقدرة على التهديد، ثم إجبار الطرف الآخر على الاستجابة لما تراه إسرائيل من مركز القوة، حيث تسمح النظرية بقصر التنازلات الإقليمية على الأراضي ذات الأهمية الإستراتيجية المحدودة، أو تلك التي يمكن تعويضها من خلال التطور النوعي في نظم التسليح. وقد سعت النظرية الأمنية الإسرائيلية، منذ أن وضحت اتجاهاتها، في أوائل الخمسينيات، على يد دفيد بن جوريون “David Ben Gurion” ومردخاي ماكليف إلى التأكيد على:
    1. حل مشكلة وجود إسرائيل لتحقيق الأمن، في ظروف القلة العددية، أمام كثرة عدد الخصوم. 2. الجيش الإسرائيلي، هو العمود الفقري للمؤسسة الأمنية. 3. متطلبات الأمن الإسرائيلي، تستوجب بناء وتسليح الجيش الإسرائيلي، بالشكل الذي يسمح بالرد المناسب على التهديدات العسكرية، من دول المواجهة العربية. 4. تَبَنّي نظرية الأمن لأساليب قتالية دفاعية، تُعد بالنسبة لإسرائيل أمرا صعب التنفيذ، وينطوي عليه أخطار عديدة، يمكن أن تجر الجيش الإسرائيلي إلى معارك طويلة وإستنزافية، لذلك فإن الأجدى تَبَنّي نظرية قتال هجومية. 5. ضرورة تملك قوة ردع، مع العمل المستمر على تطويرها. عملت الصهيونية “Zionsm” على تحويل العقيدة الدينية اليهودية، إلى "نظرية سياسية" تطالب بـ "حق تاريخي"، وتستند إلى"وعد إلهي"، وإلى نظرية عسكرية، ونظرية أمنية كذلك. كان الدين اليهودي هو الأساس، الذي ارتكزت عليه النظرية الأمنية، من المنظورين السياسي والعسكري، والذي اتخذه دعاتها حجة للمناداة "بالقومية اليهودية"، وسندا للمطالبة بتحقيق " الوعد الإلهي"، ودعوة لاغتصاب أرض فلسطين، وحق العودة إليها لبناء الدولة اليهودية الحديثة والمعبد الثالث في أورشليم.
    وتزعم الصهيونية إنه مثلما حفظ الدين اليهودي الشعب من الاندثار عبر قرون طويلة، يستطيع الدين أن يعيد جمع شمل الشعب فوق "أرض الميعاد"، داخل إطار الدولة التي تربط بين تراث الماضي البعيد، ومستجدات وحقائق الحاضر، وأمنيات المستقبل. لذلك، تمثل الديانة اليهودية إطاراً عاماً للنظرية الصهيونية. فالتوراة مصدر "العقيدة اليهودية"، منها نبعت فكرة "الخلاص والعودة"، وعلى هديها رسم اليهود حياتهم، ونظموا علاقاتهم، ورتبوا معاملاتهم، وبها أعادوا كتابة تاريخهم العسكري، واستنبطوا، كذلك، عقائدهم العسكرية.
    ويُعد عام 1907 حداً فاصلاً في التاريخ اليهودي الحديث، لارتباط ذلك التاريخ بنشأة الصهيونية الحديثة، واتجاهاتها الاستعمارية، حيث انتصرت آراء الزعماء الصهيونيين المنادين ببدء العمل في فلسطين، دون انتظار لأي ضمانات سياسية. وبعد موت تيودور هرتزل “Theodore Herzl”، تم انتخاب دفيد ولفسون “David Wolfson” رئيساً للمنظمة، وشكلت اللجنة التنفيذية للمنظمة من فريقين مختلفين في الرأي. وظهر هذا الاختلاف بعد رفض مشروع شرق أفريقيا، والفشل في إجراء أي مفاوضات ناجحة مع السلطات العثمانية. وعلى الرغم من اتفاق جميع الصهاينة على الهدف السياسي، الذي نص عليه برنامج بال، بشأن الوطن القومي في فلسطين، إلاّ أن الآراء اختلفت فيما يتعلق بأسلوب التنفيذ. إذ أصر فريق على بدء النشاط العملي في فلسطين دون الضمانات السياسية - وهؤلاء أطلق عليهم اسم: الصهيونيين العمليين، بينما تمسك فريق آخر بأهمية الحصول على هذه الضمانات قبل أي عمل، وأطلق على هؤلاء اسم الصهيونيين السياسيين. واستمر الصراع بين الفريقين عدة سنوات حتى انتصر الصهيونيهن العمليون


    تعليق


    • #3
      رد: نظرية الأمن الإسرائيلي

      المرجعية الدينية والتاريخية للفكر العسكري الإسرائيلي

      . المرجعية الدينية للفكر العسكري الإسرائيلي أبرز ما يميز الفكر العسكري لليهود، القديم والمعاصر، هو ذلك الربط الوثيق بين "حروب إسرائيل" وبين "رب الجنود". فالحرب عمل مقدس، في ذلك الفكر، لأن قائدها هو الله، "يهوه" إله إسرائيل. وهو في الوقت نفسه رب الجيوش، محارب شديد، يقود شعبه بعنف وغلظة"، وترتيبا على ذلك فكل حروب إسرائيل، قديمها وحديثها، إنما هي حروب مقدسة، وفي هذا المعنى يقول "موشى جورين" حاخام جيش الدفاع الإسرائيلي، إبان الجولة الثالثة في يونية 1967: "إن حروب إسرائيل الثلاث مع العرب في سنوات 1948، 1956، 1967 إنما هي حروب مقدسة، إذ دارت أولاها "لتحرير إسرائيل"، وقامت الثانية "لتثبيت أركان دولة إسرائيل"، أما الثالثة فقد كانت "لتحقيق كلمات أنبياء إسرائيل". "ومن أجل تحرير وتثبيت وتحقيق أمن إسرائيل نؤمر بالقتال". خاطب الحاخام موشى جورين، جنود الجيش، صباح الخامس من يونيه 1967، مع بداية الجولة الثالثة، ليحثهم على القتال قائلاً: "لقد جاء اليوم العظيم لأمة إسرائيل، ولسوف يساعدكم رب المعارك وينصركم". وتلجأ إسرائيل إلى الحرب، لتحقيق ما تصبو إليه، وذلك بحكم عقيدتها الدينية، وتراثها التاريخي، وهي تعتبر انتماء المواطن إلى الجيش، شرفاً لا يعدله شرف، لأن "التوراة والسيف نزلا من السماء". وكما حمل يهوه رب إسرائيل "التابوت المقدس" وسار به أمام الجنود إلى المعركة، تسير إسرائيل اليوم إلى معاركها وقد حملت أمامها ذلك الصندوق المقدس، تيمنا بالتراث، وإحياء للتقاليد وقد كتب عليه "انهض يا الله ودع أعداءك يشتتون، واجعل من يكرهك يهرب من أمامك". 2. العناصر الأساسية للفكر العسكري الإسرائيلي
      أ. في كتاب العهد القديم
      إذا كان للحرب، في موازين العقيدة اليهودية، كل هذه القدسية، وتلك الوشائج برب الجنود، فيكون منطقيا أن ينظر إلى كل ما يترتب عليها من عواقب، كنتائج طبيعية تتطلبها ضرورة إطاعة "الأوامر الإلهية"، التي تأمر بالاستيلاء على أرض الميعاد وتفريغها من السكان الأصليين. هكذا كان "وعد الله" لشعبه المختار في التوراة، كذلك حول هرتزل هذا الوعد الديني إلى "مخطط صهيوني سياسي". ولا تكتفي الصهيونية بذلك، بل تستبيح دون قيود، أو حدود، أية أرض تطؤها أقدام جنود إسرائيل، فتلك وصية الرب ووعده الإلهي لشعبه المختار "كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمتُ موسى".
      وفي المعنى نفسه، قال بن جوريون في خطاب له أمام الكنيست: "هنا تكون الحدود (قصد بذلك شبه جزيرة سيناء، التي تم الاستيلاء عليها عام 1956، وضمها الكنيست للأراضي الإسرائيلية) حيث يصل الزحف الإسرائيلي. إن ما حدده الرب هو أفضل ضمان لإسرائيل، أما الضمانات التي أعطتها لنا الدول الثلاث الكبرى (البيان الثلاثي الذي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا عام 1950 لضبط التسلح في الشرق الأوسط وضمان حدود إسرائيل) فليس لها مثل هذا الوضوح أو تلك الثقة ". ب. في كتاب التلمود
      ورد في التلمود أن: "الأرض المقدسة، هي أعلى من كل الأراضي"، كما جاء فيه الدعوة إلى تفضيل السكن في أرض الميعاد، في مدينة أكثر سكانها من غير اليهود، على السكن خارج الأرض المقدسة في مدينة، أكثرية سكانها من اليهود، كما ورد فيه أن هواء فلسطين هو الأفضل في الكون، وهو يكفي لجعل الإنسان حكيماً.
      ج. فكرة الخلاص، والعودة إلى أرض الميعاد جوهر هذه الفكرة، من وجهة النظر اليهودية، ينطوي على إعادة بعث الشعب اليهودي، وعودته إلى الأرض التي وعدهم بها الله (في فلسطين). وكان من نتيجة هذه الفلسفة انطباع أمل العودة إلى فلسطين لدى اليهود، بوصفه الخلاص من عهد العبودية والتشتت. وكانت فكرة الخلاص مرتبطة بمجيء المسيح المنتظر ليخلصهم، وظل الأمل يتردد في كتابهم المقدس معبرا عن الحنين إلى الأرض المقدسة بوحي ديني، إلا أن قادة الصهيونية حاولوا جعل فكرة الخلاص عقيدة سياسية، أكثر منها دينية. فهم يرددون أن أرض الميعاد، هي الأرض التي يقول اليهود إن الله قد وعدهم بها، وذلك بناء على عدة نصوص وردت بالتوراة، أهمها ما يلي: (1) العهد لإبراهيم: قال الرب لإبراهيم "اذهب من أرضك ومن عشيرتك، من بيت أبيك، إلى الأرض التي أريك، فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة"'.
      · وقال الرب "لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".
      · وقال الرب "وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك.. أعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكا أبديا".
      (2) العهد لإسحاق: جاء بالكتاب المقدس، سفر التكوين: "فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك أبناً وتدعو اسمه اسحق وأقيم عهدي معه أبديا لنسله من بعده".
      (3) العهد ليعقوب: جاء بالكتاب المقدس سفر التكوين: "..الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك ... وتمتد غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً".
      د. فكرة السيادة العالمية لليهود
      تتبع هذه الفكرة من عقيدة التفوق والتميز، نتيجة لكون شعب بنى إسرائيل شعب الله المختار، لذلك فرسالتهم القيام بدور القيادة العالمية، على أن تكون القاعدة التي ينطلقون منها، هي العودة والاستيلاء على أرض الميعاد. ونتيجة للفلسفة اليهودية، تميزت تصرفاتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالعنصرية الشديدة، والانعزال، وعدم الاندماج مع سائر بني البشر (تكوين جيتو Ghetto في أي بلد يقطنونه) واستغلال غير اليهود، بالإضافة لعدم الولاء الكامل للدولة التي يقيمون بها، ويعدون مواطنين فيها. وكان رد الفعل لتصرفات وسلوك اليهود، السياسي والاجتماعي والاقتصادي، أن تعرضوا لموجات من الاضطهاد، على مدار الفترات المختلفة، وأدى ذلك إلى ظهور المصطلح السياسي "اللاسامية".
      هـ. اللاسامية:Anti-Semitism
      يقصد باللاسامية عداء السامية أو مناهضة اليهود، أي النشاط والأعمال المعادية لهم. وقد بدأ الاضطهاد لليهود بشكل بارز، منذ عهد الإمبراطورية الرومانية (في عصر نيرون سنة 66م) حيث رفضت الجماعات اليهودية المتدينة، أن تندمج في المجتمع الروماني والثقافة الرومانية. واستولت تلك الجماعات على معبد أورشليم، وأحرقوا معبد لإله الرومان جوبيتر كابتو لينوس. ولم يتوقف الاضطهاد بعد انتشار المسيحية، لاعتبار اليهود مسؤولين عن دم المسيح عليه السلام، حيث استمرت موجات الاضطهاد على مدى الفترات المختلفة للتاريخ اليهودي، أثناء تشتتهم بأوروبا، خاصة منذ محاكم التفتيش (Inquisitions)، التي تم تأسيسها بأسبانيا في القرن الثالث عشر، واستمر وجودها حتى القرن التاسع عشر. ثم تزايدت موجات الاضطهاد اعتبارا من القرن الخامس عشر، كل من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا ورومانيا، وبلغ الاضطهاد ذروته في روسيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وعلى إثر اغتيال قيصر روسيا ألكسندر الثاني “Alexander The Second” سنة 1881، واتهام اليهود بقتله، حدثت حركة اضطهاد لليهود سميت باللاسامية (Anti Semitism).
      وهكذا كانت اللاسامية (اضطهاد اليهود)، من أهم البواعث على ظهور الصهيونية السياسية، حيث استغلت الزعامة الصهيونية، عقدة اللاسامية، كدافع لجذب الأنصار، كما استغلت الصهيونية ظواهر اللاسامية، لدفع عجلة الصهيونية، حيث عبر هرتزل عن ذلك بقوله "إن الصهيونية هي وليدة الضغط والاضطهاد، وأنه إن لم يكن هناك ضغط واضطهاد ضد اليهود، فيجب أن نخلقهما لكي تقوى الصهيونية، ونجعل اليهود يتحدون ويتحركون لتحقيق أهداف الصهيونية".
      ثم استغلت الصهيونية، بعد ذلك، أعمال الاضطهاد النازي في النصف الأول من القرن العشرين، وحاولت تجسيد وتضخيم هذه الأعمال، لدفع يهود أوروبا (خاصة أوروبا الشرقية) للهجرة إلى فلسطين، ولكسب العطف العالمي. أما في النصف الثاني من القرن العشرين فقد استخدم اليهود تعبير اللاسامية كأداة للضغط على معارضيهم، بحيث أصبحت اللاسامية تهمة يلصقها اليهود بالمعارضين لهم، بغض النظر عن موضوع أو دوافع أو أسباب المعارضة، في حين أنها ليست إلا أحد ردود الفعل تجاه الفلسفة اليهودية، وتجاه الولاء المزدوج، وعدم الاندماج اليهودى (جيتو). 3. المرجعية التاريخية للفكر العسكري الإسرائيلي (اليهودي):
      ترسيخاً لهذا الفكر، بذل المؤرخون العسكريون الإسرائيليون، غاية جهدهم لإخراج ما أسموه "بالتاريخ العسكري اليهودي". وربطوا بين معارك العبرانيين في التاريخ القديم، وحروب دولة إسرائيل في التاريخ الحديث، ليقنعوا أنفسهم، قبل غيرهم، أنهم أصحاب "مهمة إلهية" تخصهم بشرف إتمام رسالة الآباء والأجداد. انطلق المؤرخون يبحثون في صفحات التوراة والتلمود، وغيرهما من كتب الديانة اليهودية. فيقتبسون من هذه، ويأخذون عن تلك، كل ما من شأنه أن يؤكد دعواهم، أو يبرر مآربهم، فيجيز لهم إثارة الحرب. من هذا المنطلق عقدوا المقارنات بين فرسان داود وسليمان، وبين دبابات "حاييم لاسكوف" و"إسرائيل طال" “Israel Tal”، وأقاموا الندوات لبحث أوجه الشبه والخلاف، بين أساليب جدعون وتكتيكات ديان، اقتناعاً منهم بأنه طالما ينحو العمل الصهيوني نحو التوسع، فلا مناص من أن يعتنق أنماط "الإستراتيجية التعرضية" بأشكالها المباشرة وغير المباشرة وبكل ما يستتبعه ذلك من ضرورات ترسيخ عقائد ومفاهيم دينية تلائمه، يكون قوامها "الحق اليهودي" في الاستيلاء على "أرض الميعاد"، حتى يؤمن الجنود بشرعية خوض "الحرب رغم أنها عدوانية".
      كان تعبئة جيش إسرائيلي ضخم، على أساس هذا الفكر، يتطلب تحويل مجتمع إسرائيل برمته إلى "شعب مسلح"، لذلك، أصبح لزاماً أن تحاط الحرب بهالة من القدسية، حتى يصير شـرف الانخراط في سلك الجندية أملاً يتمناه كافة اليهود، وامتيازاً ينفرد به الصفوة. ولتحقيق ذلك، تبذل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الجهود لترسيخ تعاليم الديانة اليهودية، التي تحض على القتال، وتحث على تعبئة الموارد والإعداد للحرب، كما تعمل بلا ملل على نشر الوصايا الدينية العسكرية لتصبح جزءاً من حياة الجنود، وزادهم اليومي، ثقة منها بأن ذلك هو السبيل الأمثل، نحو خلق الشخصية العسكرية المقاتلة، المتحلية بصفات المبادأة والتعرض، المشحونة بروح الهجوم والرغبة في القتال.
      وقد استلزم تثبيت هذه المفاهيم في وجدان اليهود، خلق رباط تاريخي متين، بين ماضي العبرانيين القديم، وحاضر الصهيونيين المعاصر. إذ أصبح ضرورياً مداومة التأكيد على أن الحاضر امتداد للماضي بكل آماله وآلامه، وأن الحروب حتمية تاريخية لا محيد عنها لإنجاز الرسالة اليهودية. فالقرن العشرون امتداد للقرن الأول، ولا يفصل بين وقفة اليهود فوق أسوار قلعة ماساده سنة 73 ميلادية، ووقفة الهاشومير الأولى فوق تلال الجليل “Galil Hill” سنة 1907 سوى وقفة لعجلة الزمن، استأنف التاريخ بعدها سيره بمجرد أن عادت دولة إسرائيل إلى الوجود.
      وفي ذلك يقول بن جوريون: "إن كل تاريخ إسرائيل القديم الذي يرويه لنا الكتاب المقدس، هو بالدرجة الأولى تاريخ إسرائيل العسكري ... لقد حارب اليهود الأوائل الأشوريين، والبابليين، والمصريين، والكنعانيين، والعمونيين، والفرس، والإغريق والرومان.. وحين هزموا على يد فيالق تيطس، بعد معركة يائسة، آثروا أن يقتلوا أنفسهم في ماساده على أن يستسلموا.. وقد رأت إسرائيل في ماساده رمزا لإرادتها.. فاليوم يقسم المجندون يمين الولاء فوق قلعة ماساده وهم يرددون.. "لن تسقط ماساده مرة أخرى".
      بذل المؤرخون الإسرائيليون، جهداً كبيراً لصياغة تاريخهم العسكري، على النحو الذي يزود المقاتل الإسرائيلي بالمرجعية التاريخية، ويزوده أيضاً بالفكر العسكري، من التاريخ اليهودي. فالتوراة تصف معارك جدعون ضد المديانيين التي قسمها إلى ثلاث مراحل: حشد جدعون جيشه وإعداد خططه، إدارة رحى الحرب بأسلوب متميز، ثم مطاردة المديانيين والقضاء عليهم.
      أ. المرحلة الأولى (التعبئة والإعداد)
      هي تعبئة جيش الشعب اليهودي وتنظيمه، ثم اختيار أصلح المقاتلين وأنسبهم تدريباً وإصراراً على النصر، لملاقاة العدو. وكان الاختيار دقيقاً، إذ لم يجتزه سوى واحد من كل مائة رجل. ثم بنى جدعون خطته على أساس تقديره السليم لطبيعة المعركة، وقدرات رجاله، وتمام معرفته بالعدو. وحتى يتأكد جدعون من نقطة الضعف هذه، ويقف على أفضل السبل لاستغلالها، قاد بنفسه استطلاعاً ليلياً، قبل أن يتخذ قراره النهائي للمعركة. وأحسن جدعون استغلال الطاقة البشرية الكبيرة، التي لم يصبها الاختيار لخوض القتال. أما المجموعات من المقاتلين، التي انتخبها جدعون وأعدها للهجوم، فهي تشبه، في عملها، قوات الصاعقة أو الكوماندوز، في وقتنا الحاضر لخوض القتال الليلي، كما كانت المعدات مناسبة تماماً للخطة الموضوعة. وكذلك وقت بدء المعركة، لم يأت مصادفة، بل انتخبه جدعون بمهارة، فلحظة تغيير حراس المعسكر هي إشارة البدء بالهجوم، حتى يتم اجتياح العدو. وكان إصرار جدعون على إعطاء إشارة بدء الهجوم بنفسه، ضمانة إضافية لتحقيق التنسيق وإحكام السيطرة على إدارة العملية. ب. المرحلة الثانية (التخطيط)
      صَفّ جدعون قواته المنتخبة في ثلاثة أضلاع، وترك الضلع الرابع خالياً عن عمد، حتى يتيح لعدوه طريقا للتسلل والانسحاب، يقوده إلى كمين أعده على امتداد نهر الأردن ليقضى فيه على ما بقى من المديانيين. ج. المرحلة الثالثة (القتال)
      حسم جدعون المعركة بمطاردة عدوه بسرعة وعنف، ونجح في أسر "قادة المديانيين". ويواصل التاريخ العسكري الإسرائيلي المعاصر تحليل هذه المعركة، واستخلاص الدروس، التي تشكلت منها مبادئ الحرب بعد ذلك، ليزود بها جيش الدفاع الإسرائيلي، حيث هدف من وراء ذلك إلى: (1) بث الثقة وروح القتال في نفوس جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، بقدرة إسرائيل في الماضي والحاضر والمستقبل، على شن الحملات الناجحة، وفق تخطيط دقيق وفكر متطور. (2) إبراز أهمية مبدأ الحشد (كأحد مبادئ الحرب) لخوض الحرب، وأن جيش إسرائيل كان جيشا منظماً على مستوى عال، تشد أزره عناصر منتخبة بعناية، توكل إليها المهام الرئيسية المعقدة، بينما يُكلف باقي القوات بالمهام الأخرى أو الثانوية. (3) توضيح أهمية الاستطلاعات والاستخبارات (كأحد مبادئ الحرب)، ومعرفة أساليبهما في القتال، والإلمام بنقاط القوة والضعف، للعمل على حسن استغلالها، بما يكفل سهولة هزيمة العدو. (4) أن يظهر مدى أهمية مبدأ المباغتة، وهو أهم مبادئ الحرب في العصر الحديث، ويستعرض بعض أساليب الماضي في تحقيقه، عن طريق الهجوم الليلي، والمهارة في اختيار ساعة "س"، ومن ثم أهمية وقت ومكان وأسلوب شن الهجوم، في تحقيق النصر الحاسم.
      (5) إبراز أهمية الابتكار وحسن التصرف، لإشاعة الذعر في صفوف العدو، ثم ترك ثغرة متعمدة لتشجيع العدو على الانسحاب من خلالها، ليقع بعدها في كمين، تحت أسوأ الظروف. كما يؤكد على أن الكم ليس هو العامل الأول في إحراز النجاح، ومن ثم فهو لم يغفل النوع. مثال آخر عزز به موشى ديان هذه الآراء، فكتب قبل الجولة العربية الإسرائيلية الثالثة، عام 1967، مقالاً عن روح المحارب، ساق فيه قصة المبارزة الشهيرة، التي وقعت بين "داود وجالوت"، ليظهر بعض أوجه الشبه بينها وبين الموقف الذي كان سائداً بين العرب وإسرائيل في ذلك الوقت، بالنسبة لاختلال ميزان القوى بين الطرفين المتصارعين. واهتم ديان في سرده لأحداث تلك المبارزة القديمة، بإظهار جانب المقارنة بين خفة الحركة، وبين البطء والجمود، لإظهار قيمة المرونة المادية والفكرية في تحقيق النصر. والتوراة تزخر بالآيات التي تحض على استعمال "أقصى درجات العنف مع العدو"، وتسوق الكثير من " الأساليب العنيفة"، التي اتبعت في الماضي كأمثلة يحتذي بها. كما ترسم التوراة صورة الغزو وسحق العدو وتدمير مدنه، فيأتي الوصف مماثلاً لما تقترفه إسرائيل، اليوم، حيال الفلسطينيين وبيوتهم وحقولهم، على أيدي جنود إسرائيل. إن السّمة المشتركة بين كل هذه الأساليب، من جوانبها القتالية والسلوكية، هي السعي الحثيث لخلق قناعة لدى المجتمع الإسرائيلي بأنه الشعب المتميز المختار، "القادر على مواجهة الأعداء والقضاء عليهم"، مهما بلغت حشودهم أو قدراتهم. هكذا ربط موشى ديان بين التاريخ والدين، ليصل بين الماضي والحاضر، ليولد الحافز، من خلال المرجعية التاريخية، في أذهان جند اليوم.


      تعليق


      • #4
        رد: نظرية الأمن الإسرائيلي

        العوامل المؤثرة على نظرية الأمن الإسرائيلي

        الموقع الجغرافي يزيد من اهتمام الدول الكبرى بإسرائيل، ما يضيفه عليها موقعها الجغرافي من مزايا، فإسرائيل جسر إستراتيجي، بري وبحري وجوي، يربط بين ثلاث قارات، وهي حلقة الوصل بين بحرين بالغي الأهمية (المتوسط والأحمر). وتتجمع في موانئ ومطارات إسرائيل شبكة خطوط بحرية وجوية كبيرة، إضافة لما يتيحه لها من قدرة على التأثير في مجريات الأمور بالمنطقة عند الضرورة. كما تستغل الولايات المتحدة الأمريكية هذه المزايا الجغرافية لموقع إسرائيل، فتجعله نقطة ارتكاز لنفوذها في الشرق الأوسط. ويوضح شيمون بيريز ذلك فيقول: "يجب أن تهتم أوروبا بنا بسبب ما تملكه أيدينا، فموقعنا الممتاز يعتبر قوة، تمكننا من أن نسد الطريق في وجه القومية العربية، وأن نكون بديلا لقناة السويس، وأن نشكل ضغطا على الدول المنتجة للنفط، وتلك التي تنقله". وقد راح بن جوريون يعدد مزايا الموقع فيقول: "إن الأمن يعنى أيضاً غزو البحر والجو، كما يعني الأرض، ويجب أن تتحول إسرائيل إلى قوة بحرية هامة، وقد أكدت هذه الحاجة تلك المقاطعة الاقتصادية، التي فرضها العرب، وغلق قناة السويس في وجهنا".
        وإضافة إلى ما سبق، فموقع إسرائيل في قلب الوطن العربي، رغم ما يبدو له من دوافع مباشرة، فإنه يحتوى في حقيقة الأمر على مزايا كامنة: (1) أولها وأخطرها شأناً، تمزيق أوصال هذا الوطن الكبير، وفصل مَشْرِقه عن مغربـه، عند نقطة التقائهما في فلسطين. (2) تظهر الثانية فيما يتيحه الموقع للقوات المسلحة الإسرائيلية، من قدرة على العمل من خطوط داخلية، للانقضاض السريع من قلب الدولة نحو أطرافها الخارجية، شمالاً أو شرقاً أو جنوباً، لتوجيه الضربات الشديدة لأعدائها، في شكل عمليات تعرضية متعاقبة (وهو ما نفذوه جيداً في حربيّ 48، و67، وكذلك في المراحل الأخيرة من حرب 73). هكذا تأثرت نظرية الأمن بالموقع الجغرافي، بالقدر الذي دفعها إلى وضع نظرية محكمة للدفاع الشامل عن إسرائيل، عن طريق شن "الحرب الوقائية"، مع إقلال الفاصل الزمني لنقل الجهود الرئيسية للهجوم، من جبهة إلى أخرى، في أقل وقت ممكن (الوقفة العملياتية)، بفضل إتقان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لأساليب وأدوات المناورة للعمل من خطوط داخلية. ب. المساحة وشكل الحدود
        رسمت إسرائيل خريطتها الأولى في حرب 1948، فجاءت على شكل مثلث بالغ الطول، شديد النحول، جملة مساحته 20700 كم2، ومجموع أطوال حدوده المائية، على البحر المتوسط والبحر الميت وخليج العقبة، 244 كم، بينما تناهز أطول حدوده البرية زهاء 951 كم: (مع الأردن 531 كم، مع لبنان 79 كم، مع سورية 76 كم، مع مصر 265 كم).
        يبلغ أقصى طول لإسرائيل حوالي (415) كم، وأقصى عرض لها (110) كم، وأقل عرض لها (14) كم، في المنطقة المحصورة بين قلقيلية في الضفة الغربية و"تل أبيب" مما أعطى لإسرائيل شكلاً غير طبيعي. فهي شريط طويل، يقل عرضه في بعض الأجزاء إلى حد كبير، الأمر الذي لا يؤمن لها العمق الكافي، ويتيح الفرصة لشطرها إلى قسمين عند أي هجوم مفاجئ عليها.
        خلق هذا التناقض، بين المساحة الإجمالية وطول الحدود، بعض المشاكل الإستراتيجية. وكان أشدها خطراً على أمنها الوطني، الافتقار إلى العمق الإستراتيجي، الذي أثّر بدوره وبصورة مباشرة على عقيدة إسرائيل العسكرية، فدفعها إلى أن ترفض القتال على أرضها رفضاً تاماُ، لقرب مراكزها الحساسة من الحدود، ولسهولة تمزيق أوصال الدولة بضربات منسقة، تشن ضدها على الاتجاهات التعبوية الكثيرة، التي تتجه كلها إلى قلب الدولة. إضافة إلى ذلك، فقد خلق طول الحدود جبهات واسعة، كان يمكن أن تثقل كاهل الدفاع، لو اتبعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية النمط التقليدي لحمايتها. تأثرت نظرية الأمن الإسرائيلي والعقيدة العسكرية، بشكل الدولة غير الطبيعي، ودفعها ذلك إلى التوسع بالعدوان نحو حدود طبيعية، أكثر أمناً، فكانت الجولة الثانية خريف عام 1956 (29 أكتوبر 1956)، ثم الثالثة صيف عام 1967 (5 يونيه 1967). إضافة لذلك، فإن افتقار إسرائيل إلى العمق الإستراتيجي، الذي حرمها من حرية المناورة الواسعة، أدى إلى اعتناقها عقيدة عسكرية بنقل الحرب إلى أرض العدو، للخروج من هذا الاختناق الجغرافي، حيث تستطيع قواتها المسلحة أن تمارس الهجوم دون قيود، بالاقتراب غير المباشر، والاندفاع السريع إلى الأعماق، للإخلال بالاتزان الإستراتيجي للأعداء، والسيطرة على محاور التحرك في العمق. تأثرت نظرية الأمن الإسرائيلي بالعامل الجغرافي، ليس فقط في مساحة الدولة وشكل الحدود، بل وفي مناطقها الداخلية أيضاً، فهذا المثلث الحيوي المحصور، بين تل أبيب وحيفا والقدس، يحوي أعلى كثافة سكانية، وأهم المراكز الاقتصادية، حيث تتركز به الصناعات الحربية، والقواعد الجوية، والمواني الرئيسية، والأراضي الزراعية، ويوجد به الممران اللذان يشكلا عنق الزجاجة، تمر من خلاله، جميع الطرق التي تربط بين شطري إسرائيل الشمالي والجنوبي. وإزاء كل ذلك ركزت العقيدة العسكرية، على حماية هذا المثلث الحيوي بالدرجة الأولى، بإبعاد خطر الحرب عنه، بدفع جبهة القتال بعيداً داخل الأراضي العربية. ومن ثم، انعكست الأوضاع الجغرافية على فكر الدفاع الإسرائيلي، ليكون دفاعاً تعرضياً.
        ج. الطبيعة الجغرافية لمسرح الحرب
        عاملان رئيسيان يبرزان في هذا المسرح، هما تنوع طبيعته، واتساعه. فالتنوع الكبير في طبيعة مسرح الحرب العربي الإسرائيلي، بين طبيعة صحراوية، وسلاسل جبلية، وسهول ومناطق مزروعة، وكثبان رملية متحركة، قد فرض على القوات البرية الإسرائيلية أن تكون على قدر كبير من المرونة وخفة الحركة، والقدرة على المناورة الواسعة، ليس بشكلها التقليدي فحسب، ولكن بكل ما يتيحه لها العلم من آفاق.
        كان أول ما تفرضه طبيعة الأرض على جيش إسرائيل، أن يكون ذا قدرة عالية على عبور مختلف أنواع الأراضي، في مختلف الظروف الجوية، وأسوأ حالات الرؤية. أما اتساع المسرح، فلم يعد مقتصراً على دول المواجهة المحيطة بإسرائيل، بل امتد إلى دول الدعم العربية، ثم امتد ليشمل كل الدول العربية جنوب البحر الأحمر، بعد حرب عام 1973، ثم ليشمل كذلك باكستان بعد تفجيراتها النووية الأخيرة. الأمر الذي فرض عليها عدة تدابير، لتقرير قدرة قواتها المسلحة لإحراز النصر في هذا المسرح المتنوع، والكبير في الوقت نفسه، أهمها: (1) توفير السيطرة الجوية لقواتها البرية في المسرح، على المحاور الرئيسية، وفي التوقيتات الحرجة. (2) رفع قدرة القوات البرية على المناورة، من خلال زيادة القدرات الميكانيكية والإدارية والفنية، وبالقدرة على الاقتحام الجوى الرأسي، مع العمل في إطار مفهوم الجيش الذكي من خلال المعدات والذخائر الذكية. (3) اللامركزية، وتشجيع الأفراد على حرية التصرف التلقائي، ومداومة الابتكار حيال الظروف الطارئة، والمواقف سريعة التغير في المسرح. (4) الالتزام بأساليب الاقتراب غير المباشر، والاعتماد على حركات الالتفاف والتطويق السريع، للوصول إلى عمق العدو ومؤخرته، من خلال مواصلة القتال ليلاً ونهاراً، وتحت ظروف الأحوال الجوية الصعبة. (5) زيادة اهتمام المؤسسة العسكرية، بالحصول على الطائرات متعددة المهام، وكذا الطائرات من دون طيار، التي يمكنها أن تصل إلى مسافات بعيدة داخل عمق العدو، وحيث تتعدد مهامها كذلك. 2. العوامل الإستراتيجية
        أ. الأمن الوطني يحدد شيمون بيريز “Shimon Perez” العلاقة المتبادلة، بين العقيدة العسكرية والسياسة الخارجية الإسرائيلية بقوله: "إن الأمن في حاجة إلى علاقات خارجية، من أجل بناء القوة العسكرية، كما أن الأمن بقوته العسكرية، يمكنه أن يسهم في العلاقات الخارجية كذلك". ويعتقد دافيد بن جوريون أنّ العقيدة العسكرية والسياسية الخارجية، وجهان لعملة واحدة، هي "الأمن الوطني لإسرائيل"، ويؤكد أنه في غياب أحدهما لا يكتمل كيان الآخر، إذ يقول: "يعتمد دفاع إسرائيل بالدرجة الأولى على رفعة شأننا وعلو كعبنا في الحلبة الدولية. إن الشئون العسكرية والخارجية أمران متشابكان، لا يمكن لأيهما أن يكون العامل الحاسم بمفرده في البلاد، وذلك لسبب مهم هو أن استطاعتنا، أو عدم استطاعتنا، الحصول على الأسلحة الثقيلة المناسبة لتجهيز جيشنا، يعتمد على علاقاتنا الدولية، وهي دون روابط صداقة سياسية، تصبح الأداة الرئيسية للدفاع عن دولتنا الصغيرة، أي- جيشنا - أداة ضعيفة". ويوضح بنيامين نيتانياهو “Benjamin Netanyahu”، العلاقة بين الأمن والسلام بقوله: "في الشرق الأوسط يتقدم الأمن على السلام ومعاهدات السلام، وكل من لا يدرك هذا، سيظل دون أمن ودون سلام، وفي نهاية الأمر، محكوم عليه بالفناء". وهكذا، أصبح عامل الأمن يشكل هاجساً رئيسياً، الأمر الذي فرض على القيادات الإسرائيلية المختلفة أن تقدمه على أي اعتبار، حتى لو كان المقابل هو السلام. ب. الدعم والردع السياسي من خلال قوى كبرى حليفة
        اتجهت السياسة الخارجية الإسرائيلية، إلى دعم نظرية الأمن من خلال عدة أساليب. فسعت الدبلوماسية إلى خلق المناخ الدائم للارتباط الوثيق بإحدى الدول الكبرى، ضماناً لأمنها الوطني، وتوفيراً لمصدر سلاح مضمون. ويقول شيمون بيريز في ذلك: "علينا أن نضمن صداقة إحدى الدول الأربع، أمريكا، أو روسيا، أو فرنسا، أو بريطانيا، على الأقل، وبأي ثمن". غير أنه في ظل النظام العالمي الجديد، أضافت إسرائيل الصين واليابان إلى هذه القائمة. كما اهتمت السياسة الخارجية، بتوافر الخبرة التكنولوجية، ونقلها إلى إسرائيل. يقول شيمون بيريز في ذلك: "إننا لسنا قوة عسكرية، ولن نكون قوة عسكرية، ما لم يتوفر لنا السلاح ذو النوعية الممتازة، الذي يحقق توازن موقفنا حيال العرب. كما لا يمكن أن يقوم جيش الدفاع الإسرائيلي في المستقبل، دون الاعتماد على مصدر سلاح حديث، يرتبط بقاعدة تكنولوجية عسكرية متقدمة تقدما كبيراً". عملاً بذلك استمر تحول ارتباط إسرائيل الوثيق بإحدى الدول الكبرى من دولة إلى أخرى (بريطانيا، ثم فرنسا)، حتى انتهى إلى الارتباط مع الولايات المتحدة الأمريكية. ونتيجة لهذا الارتباط المتبادل، أصبح على إسرائيل قبل أن تفتعل أي أزمة أو حرباً في المنطقـة، أن تحظى بموافقة "الولايات المتحدة الأمريكية"، وأن تتفق معها (بشكل غير معلن) على شن تلك الحرب، أو افتعال الأزمة، وهو شرط أساسي لذلك، باعتبارها الضمان الأكيد لاستمرار الدعم، وقطف ثمار النصر في نهاية القتال. وتجربة التواطؤ الثلاثي على مصر عام 1956، لا تغيب عن ذهن إسرائيل، عندما كلفها التغاضي عن الحصول على موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على شن الحرب، التنازل عن معظم مكاسب الجولة الثانية. وتزداد قيمة الولايات المتحدة الأمريكية، في دعمها لسياسة إسرائيل العسكرية، بما تملكه من تأثير على الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن في ظل النظام العالمي الجديد، وما يمكن أن تمارسه من ضغط على دول كثيرة. وبفضل ذلك أصبح كل ما هو مطلوب من الأمم المتحدة، إزاء أي صراع مسلح في مسرح الحرب العربي الإسرائيلي، هو ألا تصدر قراراً بإيقاف القتال حتى تحقق إسرائيل هدفها من هذا الصراع، وألا تصدر أي إدانة لإسرائيل نتيجة ذلك. ج. تفتيت الصف العربي: (إستراتيجية التفتيت)
        تعطي إسرائيل أهمية كبرى لخطر قيام أي نوع من الوحدة أو التضامن أو التقارب بين العرب، لما قد يترتب عليه من حشد حقيقي لقدراتهم الكبيرة. ولهذا ركزت نظرية الأمن الإسرائيلية على ضرورة تفتيت الصف العربي، وبذر بذور الشقاق بينهم. وقد وضح ذلك في قول شيمون بيريز، "لكي نكون قوة سياسية في الشرق الأوسط، يجب أن تتسع الخلافات بين العرب". ولا تكتفي إسرائيل بجهودها الذاتية في هذا المضمار، بل تعمل في تعاون وثيق مع الكثير من أصدقائها، الذين يحملون عنها العبء الأكبر، في محاولة عزل مصر عن الصف العربي، ومداومة زرع الخلافات بين الحكومات العربية، فالعمل السياسي الذي يجب أن تقوم به إسرائيل بمساعدة الغرب، هو العمل على زرع بذور الشقاق وتقوية القوى المناوئة لمصر في تلك الدول، وهو عمل على جانب عظيم من الأهمية لنجاح العمليات الحربية". 3. العوامل الاقتصادية
        يشترك الاقتصاد مشاركة عضوية في تحقيق أهداف نظرية الأمن، ويؤدى دوراً أساسياً في توفير التمويل اللازم لبناء القوة المسلحة، وتسليحها وتدريبها وإعاشتها. ويعتبر اقتصاد إسرائيل، منذ قيامها، اقتصاد حرب، تُوَجّهْ كل طاقاته نحو تطوير آلة الحرب وتوفير مطالبها، وتكريس جميع قدراته لتحقيق الأهداف العسكرية المرسومة، لمراحل التوسع المتتالية. ويعتمد اقتصاد إسرائيل في نموه ـ إلى حد كبير ـ على العون المادي الخارجي، الذي يتدفق عليه، إضافة لفئات الهجرة المتنوعة المتخصصة، التي تتيح لإسرائيل أن تنميّ عدداً من الصناعات الدقيقة والمتقدمة مثل الصناعات الإلكترونية، والصناعات الجوية، والبتروكيماويات. وقد تزايد هذا الاتجاه كثيراً في أعقاب جولة يونيه 1967، فقد ركزت إسرائيل على ما يسمى "بالصناعات ذات التقنية العالية High Tech"، بتنمية واستغلال القدرات العلمية والتقنية، التي حققت فيها إسرائيل مزايا نسبية. تأثرت نظرية الأمن الإسرائيلية بمختلف العوامل الاقتصادية، وكان تطلعها إلى حل مشكلة الأراضي الزراعية المحدودة، ومصادر المياه في اليرموك والليطاني والأردن، ثم مصادر الخامات والمواد الأولية في الأراضي العربية المتاخمة. وقد انعكست تلك العوامل الاقتصادية، على نظرية الأمن الإسرائيلي، فيما يلي: أ. ضمان التدفق المستمر للنقد الأجنبي، لتغطية تكاليف الحرب والتنمية الاقتصادية (المعونات- التعويضات - التجارة الخارجية). ب. تحقيق مستوى مناسب من المخزون الإستراتيجي، في كافة الاحتياجات الرئيسية. ج. ضغط فترة التعبئة العامة إلى أقل حد ممكن، أو فرضها على مراحل متتالية، واعتبار الحرب الخاطفة ضرورة اقتصادية، تحتم بدء الحرب وإنهاءها في أقصر زمن ممكن. د. توفير الحماية الكافية لمراكز الإنتاج الاقتصادية الحيوية، بما يكفل استمرار سير العمل فيها بأقصى طاقة، أثناء الطوارئ والحروب، وذلك بنقل الحرب بعيداً عن أرض إسرائيل. هـ. استغلال الموارد المستولى عليها في الأراضي العربية، بحال احتلالها، لسد النقص الذي يعانيه الاقتصاد منها، ولتغطية نفقات الاحتلال باستنزاف هذه الموارد إلى أقصى حد ممكن. (النفط المصري من خليج السويس، وموارد المياه العربية، عقب حرب يونيه 1967). 4. العوامل الدينية والاجتماعية والمعنوية
        يُعزى النقص في الموارد البشرية، الذي تعانى منه إسرائيل (مقارنة بالموارد العربية)، إلى طبيعتها كدولة ناشئة. لذلك، اعتمدت في مراحلها الأولى على الهجرة والاستيطان، وكان الخيار الأساسي لمواجهة خططها التوسعية، هو التنشيط الدائم للهجرة اليهودية إليها، من مختلف أنحاء العالم. وقد جعلت هذه القوى المهاجرة، من إسرائيل، قاعدة عسكرية، تزدهر قواها بشكل مستمر بالتطعيم البشرى المتدفق عليها، والمنتقى من أفضل الأنواع المتاحة، على اتساع العالم، ذات المستويات العالية في الإنتاج والخبرات، المتمرسة في كل المجالات، بما فيها المجال العسكري. اهتمت الصهيونية بتحويل المجتمع الإسرائيلي إلى مجتمع عسكري، تشكل القوى العاملة نصفه، وينخرط أكثر من نصف هذه القوى العاملة في تشكيلات القوات المسلحة الإسرائيلية، وهي أكبر نسبة تحمل السلاح بين مختلف دول العالم. يوضح ذلك أن الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، ليست غاية تهدف إلى جمع الشتات فقط في أرض الميعاد، بقدر ما هي وسيلة لخلق القوة الذاتية القادرة على الغزو والتوسع. فقد كانت المؤسسة العسكرية تدرك منذ الوهلة الأولى، أن القاعدة العلمية التكنولوجية، والقدرة الاقتصادية، هما عصب القوة العسكرية الحديثة وعمادها، والذي تشكل القوة البشرية المؤهلة معنوياً ودينياً وتقنياً، الركيزة الأساسية لهما. أ. الشعب المسلح
        أدى اهتمام إسرائيل بالنوع، إلى خلق مجتمع عسكري متميزٍ، أصبح هو السمة الغالبة على المجتمع الإسرائيلي الجديد. وقد كشف دفيد بن جوريون عنه النقاب، في خطابه أمام المؤتمر الصهيوني، الذي عقد في 6 أبريل سنة 1948 حين قال: "إن قلة اليشوف “Yishuv”، وتعذر سد الدياسبورا “Diaspora” لحاجتنا من القوة البشرية، يحدان من النمو المطرد لقواتنا المقاتلة.غير أن القوة البشرية ليست كل شئ، فمقومات النصر تعتمد على الإمداد والأموال والوعي والروح المعنوية، وعلى ذلك دعونا نستغل نوعيتنا إلى أقصى حد. دعنا نسخر كل قواتنا البشرية للمعركة والإنتاج بقدر ما تسمح به الطاقة، لا لشيء سوى لاحتياجات الأمن المنتظرة".
        وبذلك حدد دافيد بن جوريون، منذ سنة 1948، سمة المجتمع الإسرائيلي، وأرسى قواعد بناء قواته المسلحة. فدعا إلى استغلال "النوع" إلى الحد الأقصى، وإلى تسخير الطاقات البشرية لخدمة الحرب، وإدارة الغزوات، وتحويل المجتمع الإسرائيلي برمته إلى شعب مسلح ذي معنويات عالية، مشبّعة بروح القتال والعدوان، بفضل أربعة توجهات تعمل المؤسسة العسكرية دون كلل على ملء أذهان الأطفال والشباب بها، لخلق المقاتل العقيدي العنيف وهي: (1) التوجه الديني والتوجه التاريخي
        عمل المفكرون ورجال الدين منذ ميلاد الدولة الإسرائيلية على إحياء التراث العبري الروحي والعسكري القديم. وعن طريق ترسيخ هذه المفاهيم، تعمل المؤسسة العسكرية دون ملل، لتجدد في أذهان اليهود على الدوام ذكريات الشتات الأليمة، والاضطهاد القيصري الروسي والهتلري النازي، وشبح دمار المعبدين الأول والثاني، ووقفة قلعة الماساده. وقد شكل ذلك، المضمون الدائم للثقافة المعنوية للقوات. أُخْرِجَ من أسفار التوراة وكتب التراث ما يضيف إلى الاعتداد بالنفس والثقة بالقدرة اليهودية، والتميز العنصري، وتأكيد الحق الإلهي، فيما تسعى الصهيونية إلى استعادته من حقوق مزعومة. (2) التوجه العاطفي
        خدمت ظروف الشتات اليهودي أهداف الصهيونية. فأضافت إلى وجدان اليهود شحنات عاطفية جارفة، مستمدة مما تعرض له إخوتهم وآباؤهم وأجدادهم في الدياسبورا، من إذلال واضطهاد وتعذيب، خاصة في أسبانيا الكاثوليكية، على يد محاكم التفتيش في القرون الوسطي، وفي روسيا القيصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم في ألمانيا الهتلرية في أواسط القرن العشرين. (3) حب البقاء
        كانت التهديدات العربية بإبادة إسرائيل، وإزالتها من الوجود، فرصة تلقفتها المؤسسة العسكرية، والقيادة السياسية، ثم جسمتها وملأتها بعوامل الإثارة. ففي جولة عام 1967 على جبهة سيناء، قال الجنرال "إسرائيل طال"، قائد مجموعة العمليات الشمالية: "إن مصير أي شعب من الشعوب، يشكل سلوكه، ومصيرنا جعل منا أمة من المحاربين، لأننا لا نستطيع أن نتراجع، فإلى أين يمكننا أن نتراجع، وجنودنا يوقنون أنه لا يمكنهم أن يخسروا، وإلا حكموا بالإعدام على نسائهم وأطفالهم". وقائد آخر كانت كلمته إلى جنوده على خط الاقتحام: "إن لم ننتصر فإلى أين نعود؟ بل.. ولمن نعود". بهذا المنطق عملت المؤسسة العسكرية على ترسيخ عقدة الخوف في نفوس المواطنين كافة، وربط الهزيمة أو الفشل بالموت أو الفناء، وأنه لا مفر من القتال، بكل القوى وبكافة السبل، حتى النصر. ب. الريادة والطليعة
        يلتحق الفتيان والفتيات بين سن الرابعة عشرة والثامنة عشرة بمنظمة الجدناع. فيتدربون على امتداد أربع سنوات في كتائب الشباب على الريادة وصفات الطليعة، لتأهيلهم للانخراط في سلك الخدمة الإلزامية من سن الثامنة عشرة. ويشير قانون الخدمة الدفاعية، الذي أصدره الكنيست في 5 أغسطس عام 1959 إلى.. "أن توجه كافة أنشطة التدريب لخلق جيل من الرواد، يفهم بوعي كامل التاريخ اليهودي في سجلات البشر وإنجازاته الكبيرة". بهذا وضعت إسرائيل مبدأ من أهم مبادئ نظرية الأمن الإسرائيلي في مجال علم الاجتماع، وهو "زيادة عائدات البشر دون زيادة عددهم" أي التفوق النوعي.
        5. العوامل العسكرية والتكنولوجية
        لمست المؤسسة العسكرية، منذ بدايتها الأولى، مدى حاجتها إلى إقامة قاعدة علمية تكنولوجية في الدولة، ترعى التجديد والابتكار والتطوير في عتاد الحرب، وتشرف على مختلف وسائل الإنتاج، خاصة الأسلحة والذخائر والآلات الدقيقة، من منظور أن الدولة، التي لا تجدد صناعاتها العسكرية، ستتخلف وتفقد قوتها النسبية السابقة. فتطور الأسلحة يغير دائماً من ميزان القوى، ويسبب تغييرات سياسية بعيدة المدى. لتحقيق ذلك: أ. يجب أن يضم الجيش الحديث المعاصر بين صفوفه، قرابة40% من جملة أفراده من التكنولوجيين والفنيين، وهذا الطريق هو الوحيد لضمان قدرة إسرائيل العسكرية للتطوير الدائم لنظم التسلح. وإذا ما واصلت إسرائيل جهودها في هذا السبيل، فسوف تصل إلى الاستقلال التكنولوجي في مختلف مجالات الدفاع. إنّ ما يجنيه الجيش الإسرائيلي من تفوق تقني على العرب في الوقت الحالي، بدأ مع أوائل الستينيات، حينما أعلن شيمون بيريز أنّ: "على الدولة الحديثة في هذا العصر، أن تقيم قاعدة إنتاج، وإلا فسوف تجد أنها لا تنتمي إلى المستقبل"، حيث كان التعاون الفرنسي الإسرائيلي قائماً، ثم تحول إلى التعاون الأمريكي، الذي تطور من خلال اتفاق مبادرة الدفاع الإستراتيجي (حرب النجوم) في الثمانينات، التي أتاحت لإسرائيل الإطلاع على قدر هائل من التطور التقني الأمريكي، ساعدها فيما وصلت إليه من قاعدة تقنية متطورة. ثم تعاونها التكنولوجي متعدد الاتجاهات بعد انتهاء الحرب الباردة، مع كل من روسيا الاتحادية، والصين، والهند. ب. الانتماء إلى المستقبل: وقد وضّح بيريز، في أواخر الستينيات، مراحل انتماء إسرائيل إلى المستقبل، على النحو التالي: (1) مرحلة عاجلة (نقل التكنولوجيا):
        تركز على الجهد الصناعي لتطوير الصناعة الإسرائيلية وجعلها أكثر عصرية، بالاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين.
        (2) مرحلة وسيطة (استيعاب وتوطين التكنولوجيا أو محاكاتها):
        تركز على الجهد العلمي برعاية البحوث التطبيقية، حيث أعلن إيجال آلون “Yigal Allon”، نائب رئيسة الوزراء، أمام المجلس الوطني للبحث والتطوير" أن الحكومة سوف تعتمد مبلغ 100 مليون دولار في الخطة الخمسية1970-1975 للعلم التطبيقي". وجاء في كتاب "عشرون سنة من استقلال إسرائيل" أن البحث النظري والتطبيقي يضعان إسرائيل بين الدول العشر الأوائل، والأكثر تطورا في العالم، وأن العلم يضاعف نفسه في إسرائيل مرة كل خمس سنوات.
        عكست القاعدة التكنولوجية العلمية المتقدمة في إسرائيل، آثارها على جوهر نظرية الأمن الإسرائيلي، وأدخلت تغييراً جذرياً عليها، إذ فتحت أمامها القدرة على تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي، والاعتماد على النفس بدرجة متزايدة. (3) مرحلة آجلة (ابتكار وتطوير التكنولوجيا الذاتية):
        تركز على الجهد التكنولوجي لفرض نظرية الردع النفسي على العدو، عن طريق ما توفره لها قاعدتها التكنولوجية العلمية من قدرة على إنتاج أسلحة فوق التقليدية، حتى تتمكن من ممارسة أسلوب "الإملاء" على العرب، وهي المرحلة الحالية التي تعيشها إسرائيل، وتحاول خلالها فرض شروطها على العرب.
        وكان أبرز انعكاسات العوامل العلمية والتكنولوجية، على نظرية الأمن الإسرائيلي: (1) أن المقدرة التكنولوجية والعلمية ذات آثار بعيدة في نظرية الأمن، وفي مجال "الإستراتيجية العسكرية"، لأن القدرة على إنتاج الأسلحة والمعدات الحديثة محلياً، وإحاطتها بقدر من السرية، تمكَّن من تحقيق المفاجأة الإستراتيجية عند استخدامها. (2) الإنذار المبكر في شؤون الأمن الوطني، أصبح مسألة حياة أو موت، يترتب عليه النجاح أو الفشل في الحروب المعاصرة، والسلاح المعادى غير المعروف نوعه أو عدده أو أسلوب استخدامه، قد يجعله الإنذار المسبق مشكلة صعبة. وقد عملت إسرائيل على تطوير وسائلها الذاتية، من أقمار التجسس "أفق 1، 2 ،3"، إضافة إلى تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الإنذار.


        تعليق


        • #5
          رد: نظرية الأمن الإسرائيلي

          تطور نظرية الأمن الإسرائيلي
          (1949 ـ 1973)
          واجهت إسرائيل، منذ قيامها في 14 مايو 1948، العديد من التحديات، التي نشأت نتيجة لصغر مساحتها، وقلة سكانها، وظروفها الاقتصادية فضلاً عن إحاطتها بدول معادية، الأمر الذي انعكس أثره على أسس بناء نظرية أمنها، ومن ثم قواتها المسلحة. ومع ذلك، بذلت إسرائيل قصارى جهودها للتغلب على كافة التحديات بتطوير اقتصادها، بالتصنيع أولا، من خلال ميزتها النسبية المتمثلة في التقدم التكنولوجي، وبالزراعة ثانياً، من خلال نظم الري المتطورة، وإنشاء المستعمرات الزراعية، وبالعلاقات الاقتصادية، التي عقدتها مع كثير من دول العالم بما فيها دول إفريقيا وآسيا، وهو ما أدى إلى تحسن وضعها الاقتصادي، إلى حد بعيد. غير أن متطلبات القوات المسلحة تعد باهظة التكاليف، خاصة إذا كانت تلك القوات كبيرة الحجم، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى الاحتفاظ في فترات الهدوء، بقوات نظامية صغيرة ووحدات احتياطية كبيرة الحجم، يمكن تعبئتها خلال مرحلة التعبئة والحشد. ووضح أن العاملين، البشري والاقتصادي، يجعلان إسرائيل غير قادرة عل تحمل أعباء حرب طوية الأمد. يضاف إلى ذلك، موقعها الجغرافي والإستراتيجي وسط دول عربية معادية لها، وطول حدودها المشتركة مع هذه الدول، التي تبلغ في مجموعها (951) كم. وعلى الرغم من طول هذه الحدود، والعداءات المحيطة بها من كل جانب، فإن ظروفها الديموجرافية، فرضت عليها عدم الاحتفاظ بقوات كبيرة للدفاع عن تلك الحدود، وهو ما جعلها تضع المبادئ الأساسية للتحكم في الصراع مع الغرب، في اطار نظريتها للأمن، وهي:
          1. الاحتفاظ بالحد الأدنى من القوات لحراسة الحدود، بحجم محدود من القوات الضاربة خفيفة الحركة، مع الاعتماد الرئيسي على قوات الاحتياط من خلال خطة تعبئة متميزة.
          2. عدم السماح باختراق أراضيها، لعدم توفر العمق الإستراتيجي، واحتمال انهيار إسرائيل نتيجة لأي هجوم عربي مفاجئ. لذلك، كان الإصرار على عدم قبول المعركة في أراضيها، والعمل على نقلها إلى أرض الدول المجاورة.
          3. العمل على أن تكون حربها مع العرب قصيرة وسريعة.
          4. العمل على بقاء الدول العربية مفككة متناحرة، مع ضمان تأييد الغرب لإسرائيل. وقد نجحت، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، في تحقيق ذلك إلى حد كبير، من خلال إستراتيجية التفتيت، وهو ما أدى إلى الخلافات العربية المستمرة.
          لم تتبلور نظرية الأمن الإسرائيلي، منذ نشأة إسرائيل عام 1948 حتى عام 1949، وهي الفترة التي شهدت البداية الحقيقية لنشأة المؤسسة العسكرية النظامية، حينما أصدرت الحكومة المؤقتة أمراً بإنشاء جيش الدفاع الإسرائيلي Israeli Defense Forces (IDF). فمنذ 26 مايو 1948، وهو تاريخ الإعلان عن إنشاء جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي تكون من دمج المنظمات الإرهابية الصهيونية، ارتبط مفهوم الأمن بالدفاع عن الدولة الجديدة، لتوحيد وتركيز كل الجهود لتأمين المدن والمستعمرات اليهودية، فضلاً عن محاولة البحث عن الاعتراف والتأييد أو الدعم الدولي. لذلك أصدر الكنيست الإسرائيلي، في سبتمبر 1949، قانون الخدمة العسكرية، الذي حدد مدة الخدمة الإجبارية بسنتين، لكل من بلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، ينتقل بعدها إلى قوات الاحتياط. مرت نظرية الأمن الإسرائيلي بمرحلتين رئيسيتين، منذ نشأة الدولة الإسرائيلية. تميزت كل مرحلة بسمات خاصة. وشملت حرباً أو أكثر، بل إن التطور أتى دائماً عقب الحرب، ليعالج العيوب، التي ظهرت أثناءها، أو ليتلاءم مع المتغيرات التي نتجت عنها:


          تعليق

          ما الذي يحدث

          تقليص

          المتواجدون الآن 1. الأعضاء 0 والزوار 1.

          أكبر تواجد بالمنتدى كان 182,482, 05-21-2024 الساعة 06:44.

          من نحن

          الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا... 

          تواصلوا معنا

          للتواصل مع ادارة موقع الامن الوطني العربي

          editor@nsaforum.com

          لاعلاناتكم

          لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

          editor@nsaforum.com

          يعمل...
          X