يبدو أن كثرة المنظمات الحكومية وغير الحكومية التي ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان ومواجهة العنصرية , والتي تكتظ بها عواصم القارة الأوروبية ... ليست سوى واجهة خارجية مخادعة لمضمون ومحتوى عنصري تمييزي بغيض , يزداد نازية وموسولونية يوما بعد يوم .
فمع كل بيان أو تقرير يصدر عن تلك المنظمات الحقوقية بخصوص التحذير من تفاقم حدة خطاب الكراهية في القارة العجوز , وتضاعف العنصرية والتمييز ضد عموم المسلمين هناك , مطالبة باتخاذ خطوات عاجلة للحد من هذه الظاهرة ......تزداد مظاهر الإسلاموفوبيا والتمييز والرهاب من الإسلام حدة في الدول الغربية , وهو ما يؤكد زيف مزاعم تناسي أوروبا الصليبية لأحقادها ضد المسلمين , وكذب شعارات المساواة ونبذ العنصرية التي رفعتها دول القارة العجوز بعد الحرب العالمية الثانية .
وخير مثال جديد على ذلك البيان الصادر أمس عن الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية، الذي دعا فيه الاتحاد الأوروبي إلى إدانة معادة الإسلام أو ما يسمى بـ "الإسلاموفوبيا" والإقرار بأنها نوع من أنواع العنصرية.
الشبكة التي تم إنشاؤها عام 1998م , و تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مركزًا لها، وتتألف أعضاءها من مسلمين في دول الاتحاد الأوروبي , وتدعو للمساواة العرقية , و تعمل على وضع حد للعنصرية والتمييز في جميع أنحاء أوروبا , وإحداث تغيير حقيقي في حياة الأقليات العرقية والدينية في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ....... أكدت في بيانها على تدهور حالة المسلمين في الفترة الأخيرة بأوروبا، داعية المسؤولين الأوروبيين لاتخاذ تدابير سريعة في هذا الإطار.
كما أشارت الشبكة إلى مواجهة المسلمين في أوروبا لحالات عنف وعنصرية في حياتهم اليومية ، مبينة أن حظر فرنسا ارتداء الحجاب للمسلمين ، تتعارض مع حقوق الإنسان وتمثل وجه السياسة التعسفية.
وأوضح بيان الشبكة ، أن حكومات وسياسيي دول في أوروبا الشرقية مثل بولندا، وسلوفاكيا، والمجر يثيرون العنصرية والخوف في نفوس مواطنيهم من خلال عباراتهم الموجهة ضد المسلمين، إلى جانب ارتفاع وتيرة الإسلاموفوبيا في ألمانيا وبريطانيا.
وأكد البيان أيضا أن التدابير المتخذة في مكافحة "الإرهاب" بأوروبا تطبق على المسلمين بشكل مفرط، مبينا أنه بسبب الإسلاموفوبيا تقدم المرأة المسلمة ثما باهظا .
بيانات وتقارير لتلميع الوجه القبيح
في الوقت الذي تصدر فيه أمثال هذه الشبكة وغيرها بياناتها المنددة بالعنصرية الأوروبية تجاه المسلمين , والمطالبة بوقف التمييز وهستريا "الإسلاموفوبيا" في القارة العجوز , تزداد حمى التهجم على الإسلام واتهام المسلمين وحدهم بالتطرف و"الإرهاب" , ومن ثم ملاحقتهم واعتقالهم واستباحة دمائهم بذريعة "مكافحة" الإرهاب الذي يمارسه الأوروبيون في الحقيقة ضد المسلمين بشكل يومي .
إن الوقائع والحقائق تؤكد ان الخطاب الأوروبي الرسمي العنصري المعادي للإسلام والمسلمين ازداد بشكل واضح في الفترة الأخيرة , فمن تصريحات مرشح الرئاسة الأمريكية الجمهوري "ترامب" النازية ضد المسلمين , إلى إلصاق الرئيس الفرنسي "هولاند" تهمة الإرهاب بالإسلام بعد هجمات تعرضت لها بلاده , مرورا بهجوم الرئيس التشيكي "ميلوش زيمان" العنصري على المهاجرين المسلمين خلال موجة اللجوء إلى أوروبا مؤخرا , وليس انتهاء بتصريحات "فليدرز" الهولندي العنصرية التي لا تتوقف ......
وبعيدا عن التصريحات وخطاب الكراهية , هناك وقائع تحدث في أوروبا بشكل يومي , وهي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن العنصرية ضد المسلمين هناك تزداد , فما من يوم يمر إلا وتقرأ خبرا عن إحراق مسجد هنا , أو اعتداء على امرأة محجبة هناك , أو كتابة عبارات عنصرية في مكان ثالث .
إن هذا التزامن بين بيانات وتقارير المنظمات الحقوقية مع تنمر الإسلاموفوبيا وتوحشها ضد المسلمين في أوروبا لا يمكن أن ينظر إليه بعين البراءة , فالعاقل هو من يربط بين أقوال القوم وأفعالهم , وشعاراتهم البراقة المخادعة وممارساتهم الإرهابية العنصرية اليومية .
إن الحقيقة التي يمكن الخروج بها مما سبق : أن أوروبا لم تحتضن هذه المنظمات الحقوقية عن عبث , ولم تسمح لها بانتقاد الحكومات والمسؤولين الغربيين انطلاقا من إرادة الإصلاح أو التغيير , وإنما من أجل التغطية على حقيقة عنصريتها المقيتة , وإخفاء عدائها المزمن لدين الله الإسلام .
وإلا فهل يمكن لأحد أن يجيبنا عن السؤال المنطقي الذي يجول في ذهن كل عاقل : ما فائدة هذا المنظمات الحقوقية وبياناتها وتقاريرها - إلا تلميع صورة ووجه أوروبا القبيح - ما دامت العنصرية واضطهاد المسلمين يزداد يوما بعد يوم بدل أن يتناقص ؟!