هذا مقال يوضح اثر الاجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومه
عبدالرحمن العومي
سادت حالة من القلق وعدم الثقة بين الناس بخصوص بعض الإجراءات التي أخذتها الحكومة لحماية الاقتصاد الوطني، والتبس على بعض الناس غير المختصين بالاقتصاد نوع من التشاؤم وانعكاس هذه الإجراءات على الاقتصاد. فكثيرا ما نسمع أن الاقتصاد السعودي بدأ يدخل مرحلة الركود. والحقيقة، هذا الكلام قد جانبه الصواب وهناك فرق بين الركود والانكماش.
فالركود حالة طبيعية تمر بها كثير من الاقتصادات المحلية والعالمية وهو بسبب انتهاج النظام الرأسمالي. وهذا المرض الذي يصيب الاقتصاديات الوطنية يكون غير مخطط له وسببه هو الاختلاف بين الإنتاج والاستهلاك. حيث يزيد الإنتاج ولا تقابله زيادة في الاستهلاك، الأمر الذي يؤدي بتوقف الإنتاج في المرحلة الأولى لتصريف المعروض القديم ثم ما تلبث هذه العملية الى أن تقلل الإنتاج بشكل عام، وهذا ما يتطلب تقليص تكاليف التشغيل والاستغناء عن الأيدي العاملة مما يسبب في زيادة البطالة، وخلق مشاكل اجتماعية وأمنية واضطرابات سياسية وخيمة على أي بلد.
لكن الانكماش يختلف عن الركود، وهو وصفة تتخذها الحكومات؛ لمعالجة وضع الاقتصاد، مثل: ترشيد النفقات والمحافظة على النقد الأجنبي وهي سياسة مخطط لها مسبقا ويكون الانكماش بتخفيض مستوى الطلب الكلي ليكون أقل من مستوى العرض، وبالتالي يؤدي إلى تقليص التداول النقدي وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض وهذا الفرق الجوهري بين الركود والانكماش.
فالانكماش يساعد على خفض اسعار السلع وارتفاع قيمة العملة، والركود يزيد من أسعار السلع ويخفض قيمة العملة الوطنية. ولو ألقينا نظرة على تاريخ الاقتصاد السعودي خلال العقد الماضي نجد انه بعد سنوات من ازدهار اسعار البترول الذي رافقه زيادة في المرتبات والبدلات والتي أدت بدورها الى تضخم كبير شهده الاقتصاد السعودي منذ مرحلة صعود أسعار البترول بأواخر سنة 2005م حتى بلغت ذروتها سنة 2008م. ومع ذلك فقد واصلت الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية الارتفاع، وقد كانت أسعار العقار والمساكن هي الأسرع نموا والأكثر ارتفاعا وكان التفسير الاقتصادي في ذلك الوقت هو زيادة المعروض النقدي الذي بدوره يزيد الطلب خصوصا إذا بقي العرض مستقرا.
والآن مع وصول أسعار النفط تقريبا الى ثلث الأسعار السائدة خلال السنوات العشر الفائتة الذي بدوره أثر كثيرا على ميزانية الدولة التي تعتمد على حوالي 90% من ميزانيتها على أسعار البترول، هذا بدوره عجل برؤية 2030م التي تعتمد على فك ارتباط الميزانية العامة بأسعار البترول واستبدالها ببدائل أخرى مثل الاستثمارات الحكومية سواء المحلية أو الدولية، يضاف إلى ذلك الرسوم بمختلف أنواعها من جمرك وخدمات وغيره، ورفع الدعم عن بعض السلع مثل: المحروقات والكهرباء، وفرض رسوم جديدة على بعض الخدمات التي كانت تقدم سابقا مجانا.
الآن، القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا من إيقاف بعض بدلات موظفي الدولة وايقاف العلاوات السنوية وبعض الإجراءات التقشفية التي تتخذها الدولة قد يسحب بعض المعروض النقدي التي تقول بعض الدراسات إن هذه الإجراءات قد تسحب حوالي 120 مليار ريال من أصل 1.669 تريليون ريال. هذا يدل على أن خطة الانكماش في طريقها الصحيح. وهي عادة ما تكون لفترة مؤقتة حتى يتكيف الاقتصاد مع الأوضاع الجديدة، وتحقق الحكومة رؤيتها المطلوبة لحماية الاقتصاد الوطني من مخاطر قد تكون أكبر لو لم تتخذ هذه الخطوات.
هل يشهد الاقتصاد السعودي ركودا أو انكماشا؟
عبدالرحمن العومي
سادت حالة من القلق وعدم الثقة بين الناس بخصوص بعض الإجراءات التي أخذتها الحكومة لحماية الاقتصاد الوطني، والتبس على بعض الناس غير المختصين بالاقتصاد نوع من التشاؤم وانعكاس هذه الإجراءات على الاقتصاد. فكثيرا ما نسمع أن الاقتصاد السعودي بدأ يدخل مرحلة الركود. والحقيقة، هذا الكلام قد جانبه الصواب وهناك فرق بين الركود والانكماش.
فالركود حالة طبيعية تمر بها كثير من الاقتصادات المحلية والعالمية وهو بسبب انتهاج النظام الرأسمالي. وهذا المرض الذي يصيب الاقتصاديات الوطنية يكون غير مخطط له وسببه هو الاختلاف بين الإنتاج والاستهلاك. حيث يزيد الإنتاج ولا تقابله زيادة في الاستهلاك، الأمر الذي يؤدي بتوقف الإنتاج في المرحلة الأولى لتصريف المعروض القديم ثم ما تلبث هذه العملية الى أن تقلل الإنتاج بشكل عام، وهذا ما يتطلب تقليص تكاليف التشغيل والاستغناء عن الأيدي العاملة مما يسبب في زيادة البطالة، وخلق مشاكل اجتماعية وأمنية واضطرابات سياسية وخيمة على أي بلد.
لكن الانكماش يختلف عن الركود، وهو وصفة تتخذها الحكومات؛ لمعالجة وضع الاقتصاد، مثل: ترشيد النفقات والمحافظة على النقد الأجنبي وهي سياسة مخطط لها مسبقا ويكون الانكماش بتخفيض مستوى الطلب الكلي ليكون أقل من مستوى العرض، وبالتالي يؤدي إلى تقليص التداول النقدي وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض وهذا الفرق الجوهري بين الركود والانكماش.
فالانكماش يساعد على خفض اسعار السلع وارتفاع قيمة العملة، والركود يزيد من أسعار السلع ويخفض قيمة العملة الوطنية. ولو ألقينا نظرة على تاريخ الاقتصاد السعودي خلال العقد الماضي نجد انه بعد سنوات من ازدهار اسعار البترول الذي رافقه زيادة في المرتبات والبدلات والتي أدت بدورها الى تضخم كبير شهده الاقتصاد السعودي منذ مرحلة صعود أسعار البترول بأواخر سنة 2005م حتى بلغت ذروتها سنة 2008م. ومع ذلك فقد واصلت الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية الارتفاع، وقد كانت أسعار العقار والمساكن هي الأسرع نموا والأكثر ارتفاعا وكان التفسير الاقتصادي في ذلك الوقت هو زيادة المعروض النقدي الذي بدوره يزيد الطلب خصوصا إذا بقي العرض مستقرا.
والآن مع وصول أسعار النفط تقريبا الى ثلث الأسعار السائدة خلال السنوات العشر الفائتة الذي بدوره أثر كثيرا على ميزانية الدولة التي تعتمد على حوالي 90% من ميزانيتها على أسعار البترول، هذا بدوره عجل برؤية 2030م التي تعتمد على فك ارتباط الميزانية العامة بأسعار البترول واستبدالها ببدائل أخرى مثل الاستثمارات الحكومية سواء المحلية أو الدولية، يضاف إلى ذلك الرسوم بمختلف أنواعها من جمرك وخدمات وغيره، ورفع الدعم عن بعض السلع مثل: المحروقات والكهرباء، وفرض رسوم جديدة على بعض الخدمات التي كانت تقدم سابقا مجانا.
الآن، القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا من إيقاف بعض بدلات موظفي الدولة وايقاف العلاوات السنوية وبعض الإجراءات التقشفية التي تتخذها الدولة قد يسحب بعض المعروض النقدي التي تقول بعض الدراسات إن هذه الإجراءات قد تسحب حوالي 120 مليار ريال من أصل 1.669 تريليون ريال. هذا يدل على أن خطة الانكماش في طريقها الصحيح. وهي عادة ما تكون لفترة مؤقتة حتى يتكيف الاقتصاد مع الأوضاع الجديدة، وتحقق الحكومة رؤيتها المطلوبة لحماية الاقتصاد الوطني من مخاطر قد تكون أكبر لو لم تتخذ هذه الخطوات.
تعليق