تخوض إيران حرب إبادة طائفية ضد السنة في العراق، وذلك بالتحالف مع شيطانها الأكبر: الولايات المتحدة الأمريكية. هذه الحرب التي أدت الى مقتل نحو مليون إنسان تدور رحاها، في الغالب، في المناطق التي يغلب عليها العرب السنة، وأدت الى تحويل بغداد الى كانتونات طائفية يجري تقسيمها وتسويرها بجدران كونكريتية على غرار ما تفعله إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يجب القول انه لا علاقة للعرب الشيعة العراقيين بهذه الحرب.. فالشيعة العراقيون ينتمون الى عشائر وأسر عربية مختلطة الإنتماء من الناحية المذهبية مما يجعل النزاع بين الشيعة والسنة بالنسبة إليهم نزاعا بين بطون العشيرة الواحدة والبيت الواحد.
الشيعة العراقيون، يميلون الى مشاعرهم القومية العربية والوطنية العراقية أكثر مما يميلون الى تمايزاتهم المذهبية. وقد تخرّج العديد من كبار رجال الدين في الحوزة العلمية في النجف من آيات الله الذين يناهضون المشروع القومي الفارسي المتستر بستار المذهب الشيعي. وآية الله أحمد الحسني البغدادي ليس سوى نموذج للعديد من كبار رجال الدين الشيعة الوطنيين الذين يتعرضون للملاحقة والإضطهاد من قبل المليشيات الصفوية التابعة للحرس الثوري الإيراني في العراق. وكان الشيعة هم القوة الرئيسية للجيش الوطني العراقي لمواجهة العدوان الإيراني خلال الأعوام 1980- 1988.
ولكنهم كانوا يحاربون إيران بوصفهم عربا وعراقيين، ولم تنطل الدعاية الصفوية الإيرانية عليهم لأنهم كانوا، وما يزالون، يعرفون الطبيعة العنصرية للمشروع الصفوي. والكثير من المواجهات الدامية التي جرت خلال السنوات الخمس الماضية في المناطق الجنوبية العراقية، وخلال مواسم الزيارات الى المراقد المقدسة، كانت تتم بين عشائر الشيعة العرب، وبين المليشيات الصفوية الحاكمة التي يدعمها آية الله جورج بوش، وآيات قم على حد سواء.
والشواهد كثيرة على ان هجمات المليشيات الطائفية التابعة للإحتلال ضد العراقيين الشيعة، ليست أقل عنفا ودموية من الهجمات التي تشنها تلك المليشيات ضد العراقيين السنة. والسبب واضح. وهو ان الشيعة العرب الوطنيين يمثلون القوة التي تسخر من المشروع الصفوي الإيراني في العراق. وهم القوة الإجتماعية التي يمكنها ان ترد الإعتبار الى القيم الوطنية الجامعة.
ولكن ما هو المشروع الصفوي؟ وكيف يمكن رده على أعقابه، والحيلولة دون تحوله الى خطر توسعي؟
المشروع الصفوي مماثل للمشروع الصهيوني من حيث كونه أيديولوجية تتخذ من الدين ستارا لأغراضها الإستعمارية. ومثلما إن إسرائيل هي ثمرة لنجاح المشروع الصهيوني، فان إيران هي ثمرة لنجاح المشروع الصفوي.
بعض أدلة التاريخ قد تنفع في إيضاح الصورة.
يعود إسم "إيران" الى انها كانت تعرف كموطن لـ"الآريين". والآريون ليسوا بالضرورة فرسا من الناحية القومية. ومن الواضح ان تسمية "بلاد الفرس" ذات طابع قومي أضيق، لانها تحول دون ظهور بقية الآريين في الصورة كالأذريين والبلوش والأكراد.
كان البدو الفرس في نحو الألف الأول قبل الميلاد خاضعين للإمبراطورية الآشورية. ولكنهم سرعان ما إستقلوا بدولتهم ودمروا الدولة الآشورية، وعلى أنقاضها أقام قورش (559-530 ق.م) امبراطورية فارس. ويعود أحد مصادر الحب السري بين الفرس واليهود (وتاليا بين إيران وإسرائيل) الى انه في عام 539 ق.م استسلمت بابل سلمياً لقورش، فحرر اليهود من السبي البابلي.
وقد توفي قورش عام 529 ق.م.
ولكن امبراطوريته شهدت فترات من الإزدهار والتفوق لاسيما في عهد الملك دارا عام 521 ق.م الذي أسس نظاما إداريا ناجحا للأقاليم وأنشأ طرقا وموانئ للتجارة ونظاما للري. وسمح هذا الإزدهار بتحول فارس الى قوة تمكنت من التدخل في شؤون أثينا وألبت شعبها ضد شعب سبارطة لتدفعهما الى خوض حروب استمرت 150 عاما انتهت بحريق أثينا نفسها. فتارة كانت تساعد الأثينيين ضد السبارطيين، وتارة تفعل العكس. وبفضل هذه السياسة (وهي أصل كل السياسات الإستعمارية اللاحقة المسماة "فرق تسد") تمكنت فارس من الظهور كقوة عظمى هيمنت على العالم القديم لنحو قرنين من الزمان. ولكن في عام 334 ق.م ثأر الاسكندر الأكبر المقدوني من بلاد فارس وأسقط دولتها. وبعد انتصاره على الجيش الفارسي أمر بإعدام كثير من الفرس وأحرق مدينة برسيبوليس انتقاماً لحرق مدينة أثينا.
تقلبت أجزاء من إيران بين الدولة السلوقية (323-141 ق.م) وبين دولة البارثيين (247-224 ق.م) التي ورثها الساسانيون الذين أحيوا الحضارة الفارسية والديانة الزرادشتية، وفي عهدهم ظهر ماني 274 م. مؤسس مذهب (المانوية) الذي سيمزج الفرس بينه وبين بعض اتجاهات المذهب الشيعي فيما بعد. ويقدم محمد عابد الجابري إشارات قيمة في هذا المعنى في كتابه الشهير "تكوين العقل العربي".
في عام 642م انتصر المسلمون على الفرس في موقعة نهاوند، وانهوا حكم الأسرة الساسانية التي دامت 416 عاماً ودخل الإيرانيون الإسلام وقبلوا ولاية العرب المسلمين عليهم، رغم انهم ظلوا يعتبرونهم همجا غير متحضرين.
ولئن كان النزاع على الخلافة مع علي بن أبي طالب (رض) انتهى بمقتله عام 661م إلا ان بلاد فارس انتظرت تسعة قرون بعد ذلك قبل ان تصبح دولة شيعية...!
إنما لسببين لا علاقة لهما بـ"الحب" المزعوم لآل البيت. الأول، هو نكاية بالدولة العربية الأموية، التي أسهموا بإسقاطها، والعباسية التي هيمن الفرس على أواخرها حتى تحطمت. والثاني، هو إيجاد إطار أيديولوجي لوحدة القوميات الآرية المتنازعة، لا يبدو الفرس من خلاله كقومية مهيمنة. فالفرس لبسوا الثوب الشيعي، وسعوا الى جعل القوميات الآرية الأخرى تلبسه معهم لكي يقال ان "الأمة" الإيرانية هي أمة واحدة عبر غلبة المشروع الأيديولوجي لا عبر غلبة قومية على أخرى. ومثلما يوجد صهاينة متشددون بين اليهود الأشكناز واليهود السفارديم على حد سواء، فانه يوجد أيديولوجيون شيعة متشددون بين الفرس والأذريين وغيرهم.
تُنسب الدولة الصفوية إلى صفي الدين الأردبيلي الذي كان من شيوخ الصوفية التقليديين. هذا هو صاحب المذهب. أما مؤسس دولة المذهب (بين 1501 و1524م) فهو إسماعيل ميرزا أو الشاه إسماعيل الأول، الذي أعلن المذهب الشيعي الاثنى عشري مذهباً رسمياً للدولة. واستخدم كل ما أوتي من قوة لفرضه في جميع أنحاء إيران بالعنف والقهر والقوة، وذلك لجعله أداة لوحدة الدولة، وليس بالضرورة حبا بعلي ولا بالحسين ولا بآل البيت.
وكان التشييع القسري سببا لحروب طويلة بين الصفويين الإيرانيين من جهة، وبين العثمانيين السنة في الغرب وقبائل الأوزبك في الشرق، من جهة أخرى. وبطبيعة الحال، فقد إمتدت نيران هذه الحروب ونزاعاتها الى العراق الذي أصبح نهبا لهذا الطرف تارة، وتارة للطرف الآخر. ولكن نجاح العثمانيين بالسيطرة على ولايات العراق، حتى قيام الحرب العالمية الأولى، ومجيء الإستعمار الحديث، حرم الدولة الصفوية من مكسب ظلت تحن اليه وتلطم عليه... إنما بإسم علي والحسين طبعا.
لقد كان للخليفة علي (رض) أنصار حاربوا معه على أرض العراق. ومنهم جاء الشيعة العراقيون. وهؤلاء شيء، والشيعة الفرس الذين التقطوا "المشروع الأيديولوجي" بعد تسعة قرون، شيء آخر مختلف تماما.
لاحظ المعنى من وراء النسب الإحصائية التالية: فمن الناحية العرقية يشكل الفرس 45% من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 70 مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2000. وهناك 25% أذريون، و8% جيلاكي ومازنداراني، و8% أكراد، و4% عرب، و3% لور، و3% بلوش، و3% تركمان، و1% "آخرون" (يهود وغيرهم).
والمفارقة هي ان المشروع الصفوي الذي إستخدمه الفرس كأداة للتوحيد في إيران، يستخدمونه في العراق كأداة للتقسيم والفرقة وأعمال الإبادة الطائفية. فالمليشيات الصفوية المسماة "قوات بدر" التي تنظوي تحت لواء "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" لصحابها الحرس الثوري الإيراني، والمليشيات التابعة لحزب الدعوة الإسلامية لصاحبها جهاز المخابرات الإيراني، تدافعان عن مشروع تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم على أسس طائفية وعرقية، بينما مشروعهم الأيديولوجي نفسه يُستخدم في إيران في إتجاه توحيدي.
السبب الضمني في هذه المفارقة يعود الى ان الفرس، الذين يشكلون أكبر الأقليات الإيرانية، يستخدمون المذهب الشيعي كغطاء للتماهي مع القوميات الأخرى وللهيمنة عليها من داخلها. في حين ان العرب الشيعة في العراق ليس لديهم المبرر نفسه للضحك على ذقون القوميات الأخرى في العراق. فالسنة عرب مثلهم، والمسيحون عرب مثلهم أيضا، في حين ان الأكراد مسملون (بين سنة وشيعة) مثلهم أيضا.
حب الإمام علي والدفاع عن آل بيته لدى الشيعة العراقيين هو حب له ودفاع عن آل بيته، وبالتالي فانه مُنزّه تماما عن الأغراض السلطوية التي يتلبسها المشروع الصفوي الإيراني. ومن هذا الأساس رفض الشيعة العراقيون وكبار رجال دينهم نظرية "ولاية الفقيه" الخمينية. وظل الشيعة العراقيون ينظرون الى الدولة كشيء منفصل عن الدين، وذلك لاعتبارات تتعلق، أساسا، باحترام التعددية الإجتماعية والدينية والقومية العراقية. وهنا يكمن أحد أسباب الصدام الدامي بين شيعة العراق الوطنيين، وبين الشيعة الصفويين الذين يتولون السلطة بحماية دبابات العم سام.
السؤال الحاسم هو: الى أي مدى نجح المشروع الصفوي في تحقيق الوحدة القومية في إيران؟ ألا توجد أعمال ومظاهر إضطهاد قومي وتمييز عرقي بين الأقليات القومية الإيرانية؟
كل الأيديولوجيات تنطوي على خدعة. تلك هي طبيعتها في الأصل. والخدعة الصفوية ليست أفضل من غيرها. فأعمال التمييز والقهر والقمع جارية على قدم وساق بين الأقاليم الإيرانية. والسجون الإيرانية تمتلئ بالآلاف من الضحايا المناهضين لسلطة الملالي التي يستخدمها الفرس كغطاء لهيمنتهم على الدولة وحرمان الأقليات من حقوقها الثقافية والسياسية.
والوسيلة التي يستخدمها الفرس لإملاء هيمنتهم لا تقتصر على القمع المسلح، ولكنها تصل الى حد القتل والترويع والإعدامات من خلال محاكم عشوائية تتسم بطابع همجي مكشوف. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، يدعو الإيراني الأذري محمود علي جهركاني الذي يقيم في باكو إلى قيام "أذربيجان الجنوبية" في الأراضي الإيرانية حيث يعيش السكان من أصل أذري، ويقول أستاذ الألسنية السابق: "يجب على النظام الإيراني الحالي أن يخلي الساحة لنظام شاب ديمقراطي، كما يجب علينا أن نستغل الفرصة التي يقدمها لنا التاريخ لتحويل أذربيجان الجنوبية إلى جمهورية فيدرالية قوية داخل إيران لنقترب بذلك من الاستقلال".
ويتزعم جهركاني النائب السابق "حركة النهضة الوطنية في أذربيجان الجنوبية" في المنفى منذ أن أمضى ثلاث سنوات في السجن في إيران. ويقول: "الحمد لله أن أمتنا بدأت تستيقظ وهناك ما بين 65 إلى 75% من سكان أمتنا البالغ عددهم 35 مليوناً في أذربيجان الجنوبية يتألفون من الشباب، وقد استفاق ثلاثة أرباعهم إلى أنهم جيش كبير".
وفي عام 2006 أعدمت إيران عددا من النشطاء العرب الذين يدافعون عن إستقلال إقليم الأحواز. والعرب الإيرانيون محرومون من المشاركة السياسية حتى في أبسط الدوائر السياسية؛ وعلى الرغم من أن مناطقهم تشكل في موقعها الجغرافي ركيزة الصادرات البترولية الإيرانية إلا أن معظم مواطنيها يعيشون تحت خط الفقر.
ومازال إقليم خوزستان العربي يشكل مسرحا لعمليات مقاومة تقوم بها مجموعات مسلحة إيرانية عربية ترفض عمليات "التفريس". ويتهم نشطاء خوزستان السلطات الإيرانية بتنظيم عمليات لتصحر الإقليم من خلال ربط نهر الأحواز بمناطق فارسية خارج الإقليم وتحويل المياه المعدنية إلى تلك الأقاليم تاركين أهل الإقليم يتجرعون المياه غير الصالحة للشرب.
وحتى قبل بضعة أسابيع كانت المدفعية الإيرانية تقصف المناطق الكردية في شمال غرب البلاد وتلاحق الثوار الأكراد الى داخل الأراضي العراقية. وكانت أجهزة المخابرات الإيرانية إغتالت، بعملية قتل بشعة، الزعيم الكردي الدكتور عبدالرحمن قاسملو بعملية إرهابية في فيينا عام 1989. وإعدمت المئات من النشطاء الأكراد الذين يطالبون بحكم ذاتي يتمتعون فيه بالحق في إستخدام اللغة الكردية وبالاعتراف بهم كأقلية قومية.
ومن المعروف ان الأكراد الإيرانيين كانوا أول من تطلع الى إقامة دولة قومية للأكراد. وتمكنوا بالفعل من إقامة جمهورية مهاباد سنة 1945 استمرت قرابة عام واحد قبل ان يتم قمعها بقوة السلاح باتفاق بين شاه إيران وكل من الاتحاد السوفيتي سابقا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
وعلى الرغم من ان هناك عددا من النواب يمثلون السنة في مجلس الشورى الإيراني، إلا ان هذا الغطاء المهلهل لا يكفي لتغطية واقع التمييز وأعمال القهر التي يتعرض لها السنة الإيرانيون.
ويتوزع أهل السنة في إيران على مناطق مختلفة، فالأتراك يسكنون أذربيجان، وخراسان، والعرب يسكنون منطقة الأحواز جنوب إيران، في حين يسكن الأكراد منطقة كردستان في الشمال الغربي من إيران، أما البلوش فيسكنون منطقة بلوشستان، على حدود الباكستان، ويسكن التركمان في شمال إيران. وجميع هؤلاء مضطهدون على الوجهين القومي والطائفي معا. وفي حين ان الدستور الإيراني يذكر الأقليات بالإسم ليضمن لها بعض الحقوق إلا انه لا يذكر أية حقوق لأهل السنة. ويعاني أهل السنة في إيران من قلة المساجد الخاصة بهم، فالدولة لا تقدم مساعدات لبناء المساجد.
وحسب بعض المصادر، فلم يقتصر الأمر على هذا بل أنها قامت في الثمانينيات بهدم مساجد أهل السنة كما حصل لمسجد جزيرة قشم، وهاجم رجال كذلك مسجد بندرلنكة التابع لأهل السنة، بسبب خطبة ألقاها د.إسماعيلي وحاولوا قتله، فحصل صدام مسلح بين الطرفين، قتل فيه عدد من الأشخاص.
وكان الشيخ محمد عبد القادر آزاد رئيس مجلس علماء باكستان زار إيران بدعوتين رسميتين، الأولى سنة 1980، والثانية سنة 1982، وكان على رأس وفد يضم 18 عالماً، وقد اجتمع إلى الخميني وكبار المسؤولين الإيرانيين. وقد كتب بعد عودته تقريراً مفصلاً حول زيارته، ومشاهداته، ذكر فيه "أنه لا يوجد في طهران كلها مسجد واحد لأهل السنة، بالرغم من وجود 12 كنيسة للنصارى، و 4 معابد لليهودية، وبعض المعابد للمجوس. وقال في تقريره: منذ ثلاث سنوات، وعد الخميني في لقاء مع وفد أهل السنة، برئاسة الأستاذ عبد العزيز رئيس خطباء أهل السنة في زاهدان، بإعطاء قطعة أرض في طهران يشاد عليها مسجد لأهل السنة، ورغم أنهم دفعوا ثمنها إلاّ أن الخميني أصدر أمراً بالاستيلاء على الأرض وسجن القائمين على المشروع". وما تزال الكثير من أعمال القهر والتمييز في مجالات التعليم والحقوق المدنية سارية الى يومنا هذا.
المشروع الصفوي الذي يتحول اليوم الى أداة لحرب إبادة طائفية في العراق، يمكن ويجب ان يرتد الى نحره، بدعم كل المناضلين القوميين الإيرانيين الذين يطالبون بالدفاع عن حقوق أقلياتهم بالحكم الذاتي أو حتى بالإستقلال، او على الأقل الإعتراف بحقوقها الثقافية والسياسية كأقليات قومية متميزة. وذلك على غرار ما كان العراق يعترف بالأكراد كأقلية قومية متميزة ويمنحها حكما ذاتيا، ويقر لها الحق بالتعليم باللغة الكردية بل وجعلها اللغة الثانية بعد العربية.
لقد ظل المشروع الصفوي يمثل أيديولوجية الدولة الإيرانية على مر القرون الخمسة الماضية، كائنا من كان يقف على رأسها. وهو الذي يمنحها هويتها ويغذي أطماعها بالجوار. ولا توجد قوة في الأرض يمكن أن تقنعهم بان حدود إيران وحدها هي أقصى حدود المشروع. ولهذا السبب، فان الصفويين لن يكفوا عنّا وحشيتهم وجرائمهم ولن يتركونا نعيش بسلام أبدا.
وبسبب المشروع الصفوي بالذات، فقد تحوّل تبني إيران للإسلام الى مصيبة ومأساة، يدفع ثمنها اليوم كل أولئك الذين يُقتلون على الهوية، والذين يتم تعذيبهم بالمثاقب الكهربائية، والذين يتم البطش بأجسادهم بالسكاكين، والذين يتم قلع أعينهم وأسنانهم في المعتقلات التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني.
إن عذابات ودموع الضحايا تستصرخ الضمائر، فهل من مستجيب؟ وبمن يستجير سنة العراق، إن لم يستجيروا بأهلهم العراقيين والعرب؟
والحال، فان سحق المشروع الصفوي في أرضه بالذات هو السبيل الوحيد للحيلولة دون تحوله الى مشروع صهيوني آخر في المنطقة العربية. فقط عندما ينهزم الشر هناك، فانه يكف عن أن يكون شرا هنا. وعندما يتم قبره في أرضه، فان ذلك سيقدم الضمانة الوحيدة الى أن يتوقف اللطم على الحسين عن أن يكون غطاء للطم على الامبراطورية الساسانية الغابرة، أو أن تكون "محبة آل البيت" ستارا للثأر من موقعة نهاوند.
الشعوب التي لا تعرف كيف تطوي صفحات التاريخ، تظل الى الأبد تدفع ثمن هزائمها فيه.
لقد هزموا في نهاوند كساسانيين، ولكنهم عادوا الينا كصفويين، ولسوف يُهزمون أيضا، إن لم يكن بقوة من عزائمنا، فبقوة من عزائم التاريخ.
__________________
يقول الصفوي التكفيري الإرهابي الخوميني في كتاب المكاسب المحرمة 1 / 251
"غيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين ... فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون ، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون ، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم "
تعليق