مقدمه:
شهد العالم منذ تسعينيات القرن الماضي مجموعه من التغيرات الدولية والإقليمية التي كان لها الأثر الواضح في شكل وطبيعة النظام الدولي عامة ، وفى الوطن العربي بشكل خاص ، كان من أبرزها وعلى المستوى السياسي انهيار الاتحاد السوفيتي ، والطموح الأمريكي المتمثل في النظام الدولي الجديد ، وانهيار النظام الإقليمي العربي ، والذي ظهر بديلا عنه الإستراتيجية الغربية وخاصة الأمريكية والإسرائيلية التي بدأت تتبنى مفهوم الشرق الأوسط كمفهوم أمنى واقتصادي وسياسي (احمد سليم البرصان ، 2006، ص 143) ، والشراكة الأوربية المتوسطية ، ومجموعة من التحالفات الأمنية العسكرية التي انعكست سلباً على واقع الأمن القومي العربي وشملت التحالف الأمريكي الإسرائيلي ، والتحالف الإسرائيلي الإثيوبي ، والإسرائيلي مع دولة جنوب السودان ، إضافة إلى الربيع العربي.كذلك كان لغياب الإستراتيجية العربية الموحدة من ناحية وتنامي القوى السياسية لدول المنطقة العربية بسرعة من ناحية أخرى، وميل كل منها نحو صناعة عمق استراتيجي لقوتها من ناحية ثالثة ، الأثر البالغ في تقسيم العمق العربي الكبير إلى وحدات إقليمية اصغر، مما ساعد على توفير المناخ المناسب لإيران لتقوم بالضغط على الجناح الشرقي للمنطقة العربية ، كما تحاول تركيا بعد فترة إهمال طويلة الضغط على الشمال الشرقي للمنطقة العربية لصناعة عمق استراتيجي لها، وتقوم إسرائيل بتعقيد خريطة الصراع على العمق الدفاعي والاستراتيجي بتعميق الخلافات والصراعات وتفريغ المنطقة العربية من إمكانات التنمية من ناحية ، ومحاولة تحطيم الآلة العسكرية للقوى المتنامية من ناحية ثانية ، وصناعة عمق أمنى لها بزيادة المناطق شبة الحاجزة وقت السلم ، ونقل ساحة المعارك إلى أراضى الجيران وقت الحرب ، ومراقبة الصراع على العمق العربي من ناحية أخرى (فتحي محمد مصيلحى، 1992، ص160) ، مما جعل مفهوم الأمن القومي العربي يتراوح بين الأماني القومية صعبة التحقيق ، والأحداث التي أثبتت عدم وجود هذا المفهوم ، وخاصة في 2 أغسطس عام 1990 حين أقدمت إحدى الدول العربية باحتلال دولة عربية أخرى لينهار احد أعمدة نظرية الأمن القومي العربي ، وهو افتراض أن التهديدات تأتى من الخارج، ثم جاءت الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003 لتكشف عجز الدول العربية عن بلورة تصور أمنى وإقليمي متكاملhttp://www.egyptiangreens.com/1/11/2011)) ، وتؤكد أنه لا يوجد نظام أمني حقيقي يجمع بين دول المنطقة، وأن ما هو قائم في واقع الأمر، نظرية تحمل اسم الأمن القومي العربي تعبر فقط عما يجب أن يكون.منطقة الدراسة:
يمتد الوطن العربي ما بين دائرتي عرض 2° جنوبا و 37,5° شمالا وبين خطي طول 60° شرقا ، 17° غرباً ، ما عدا دولة جزر القمر التي تقع عند دائرة عرض 12° جنوبا ، ويغطي مساحة تقدر بـ 14,291,469 كلم2 أي بنسبة 10,2% من اليابسة، ويشتمل على 22 دولة عربية ، بعدد سكاني 338 مليون نسمةً تقريباً في تقديرات عام 2007(https://www.cia.gov/14/11/2011) ، وكما يوضح الشكل (1) يقع وسط قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتمتد أراضيه في آسيا وأفريقيا ويفصل بينهم البحر الأحمر.
1-دراسة مفاهيم الأمن والأمن القومي وتعريف الأمن القومي العربي.2-رصد واقع الأمن القومي العربي من خلال مراحل العلاقات العربية – العربية ، والتحديات السياسية التي تواجه العالم العربي وتهدد أمنه القومي.3-التعرض لوسائل النهوض بالأمن القومي العربي من خلال إنشاء قوة عسكرية مشتركه ، ومبدأ الوحدة الاختيارية ومراحلها.4-عرض لفرص نجاح إستراتيجية النهوض بالأمن القومي العربي.أهمية الدراسة:
* يعد الأمن القومي من ضرورات وجود الأمم ، ومطلب الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج.* تساعد هذه الدراسة في تحديد أماكن الضعف في النظام العربي، واهم القضايا السياسية المؤثرة سلباً على الأمن القومي العربي.* محاولة إلقاء الضوء على ما هو كائن وما ينبغي أن يكون في قضية الأمن القومي العربي في جانبه السياسي والعسكري.فرضيات الدراسة: أن الأمن القومي العربي مفقود ، وهذا ناجم عن عدم وجود حكومة واحدة للعرب تضع سياسة واحدة للأمن القومي العربي ، والنهوض بالأمن القومي العربي يعد أمراً ضروريا لخلق جبهة عربية موحدة إزاء التحديات الإقليمية والدولية ، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية على السياسة العربية الداخلية والخارجية.محددات الدراسة: للأمن أبعاد خمسة تضم البعد السياسي والعسكري ، والبعد الاقتصادي ، والبعد الاجتماعي ، والبعد الأيديولوجي، وأخيراً البعد البيئي، وستقتصر الدراسة على مجال الأمن القومي العربي في المجال السياسي والعسكري.منهج الدراسة: اتبعت الدراسة المنهج التاريخي ، والمنهج الإقليمي ، والمنهج الوصفي ، والمنهج التفسيري ، بالإضافة إلى الأسلوب التحليلي.أولاً: دراسة مفاهيم الأمن والأمن القومي والأمن القومي العربي.1-مفهوم الأمن:
يعد مفهوم الأمن من الأمور النسبية المتغيرة التي يتسع ويضيق وفقاً لطرق تناوله (سليمان عبد الله الحربي، 2008 ، ص 30) ، ويعرف هنري كيسنجر الأمن بأنه : " أي تصرف يسعى المجتمع عن طريقه لتحقيق حقه في البقاء " ، أو هو " القدرة على التحرر من تهديد رئيس للقيم العليا الفردية والجماعية، وذلك من خلال جميع الوسائل الممكنة للحفاظ على حق البقاء على الأقل، أو هو غياب التهديد للقيم الأساسية "(لخميسى شيبى،2009، ص10)، وللأمن مقومات عدة تضم المقومات الجيوبوليتيكية التي تشمل حجم الرقعة الجغرافية ، و التضاريس أو طوبوغرافية الأرض ، والموقع الجغرافي ،والمقومات الاقتصادية ، والمقومات الاجتماعية ، والمقومات السياسية الداخلية منها والخارجية .كذلك فإن للأمن مستويات عده منها ما يخص امن الأفراد والأمن الإنساني ، وله أبعاد خمسة تضم البعد السياسي والعسكري ، وهو خاص بحماية الكيان السياسي للدولة ، والبعد الاقتصادي المسئول عن الوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له ، والبعد الاجتماعي الذي يسعى لتوفير الأمن الاجتماعي لتنمية الشعور بالانتماء والولاء ، والبعد الأيديولوجي والذي يؤكد ويرسخ حرية الفكر والمعتقد ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم السائدة، وأخيراً البعد البيئي الذي يسعى للحفاظ على البيئة من التلوث الأرضي والمائي والهوائي.ويعتمد الأمن على أربع ركائز ، تضم الأولى إدراك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية، والثانية رسم إستراتيجية لتنمية قوة الدولة ، والثالثة توفير القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوة المسلحة وقوة الشرطة ، والرابعة إعداد سيناريوهات للتهديدات الداخلية والخارجية ، واتخاذ إجراءات لمواجهتها ، ويشتمل على أربع مستويات بدءاً من أمن الفرد ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته ، مروراً بأمن الوطن ضد أية أخطار خارجية أو داخلية للدولة ، ثم الأمن القُطري أو القومي، وأخيراً الأمن الدولي والمسئول عنه المنظمات الدولية.2- الأمن القومي:
يعتبر الأمن القومي من الأمور الهامة التي تتصدر أولويات الأمم وان اختلفت في قوتها وحجم الأخطار التي تتعرض لها ، حيث يقاس نجاح أي أمه بقدر ما توفره لشعبها من أمن ، ولقد برز تعبير الأمن القومي على الصعيد السياسي واضحاً في العصر الحديث ، وارتبط بالأحداث العسكرية على وجه الخصوص وبالتوازنات الإستراتيجية وصراعات القوى (صلاح الدين حافظ ،1982، ص 154) ، ويرجع أموس جوردن Amos Jordan ، ووليم تيلورW.J. Taylar ظهور الأمن القومي كمصطلح علمي منذ الحرب العالمية الثانية ، أما جوزيف ناي Nye Joseph ، وروبرت كيوهان Rebert Keohane فيعتقدان بأنه ناتج عن الحرب الباردة (لخميسى شيبى،2009، ص14) ، ويقول ماكنمارا المدير السابق للبنك الدولي بتعريف ينحو منحى اقتصادياً بقوله أن الأمن القومي هو التنمية وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن ، وأن الدول التي لا تنمو بالفعل لا يمكن أن تظل آمنة ، فالأمن القومي هو تأمين الدولة من داخلها وحمايتها من التهديد الخارجي بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر لها أسباب النهوض والنمو والتعبير عن هويتها بين الأمم وممارسة حريتها في استغلال طاقاتها البشرية وثرواتها المعدنية والطبيعية للوصول إلى تحقيق أهدافها في التقدم والازدهار والسلام (عيسى درويش ،1999، ص. ص 56، 57) ، ولذلك تناولته الدراسات من خلال مدرستين ، الأولى هي المدرسة الإستراتيجية التي تركز على الجانب العسكري والتهديد الخارجي ، والثانية هي المدرسة المعاصرة أو التنموية التي ترى أن مصادر التهديد لا تقتصر فقط على التهديد الخارجي وإنما أيضاً على التهديد الداخلي الذي يشمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية وثقافية.3- الأمن القومي العربي:
يرتبط مفهوم الأمن القومي العربي بالمرحلة التالية لحروب التحرير الوطني والاستقلال السياسي وطرد المستعمرين من المنطقة العربية ، ويعرف الأمن القومي العربي على انه هو قدرة الأمة العربية على حماية كيانها الذاتي ضد الأخطار الخارجية من اجل ضمان بقائها ، وقد اشترط التعريف لتحقيق هذا الأمن شرطين هما: الأول وجود نظم ديمقراطية حقيقية موحدة أو متحدة أو متضامنة أو حتى متفقة على خطة عمل أمنية لحدودها الجغرافية ، والثاني وجود تنمية شاملة واقتصاد متكافئ ومتكامل تحت قيادة قومية مؤمنة بحق شعوب الوطن العربي بوحدته أو باتحاده ، أي امتلاك أسباب القوة القومية المؤهلة قيادة وكفاءة، والقادرة على تحقيق المتطلبات الأمنية لكافة قطاعات الأمة العربية ، وتضمن لهذه الأمة البقاء دون هواجس أو الشعور بالخوف (محمد عوض الهزايمة ،2003، ص 9) ، غير أن الأمن القومي العربي مازال مفهوما متحركا من حيث الاتفاق على تعريفة وتحديده ورسم معالمه ، وما زالت صلته بالأمن القطري ضبابية غائمة . فأين يبدأ القومي وينتهي ، وأين أول القطري وأين آخرة وكيف يتم الانتقال من القطري إلى القومي ، مما جعل الفكر السياسي العربي بعيداً عن صياغة محدّدة لمفهوم الأمن القومي في الوقت الذي باتت فيه مفاهيم كثيرة للأمن القومي في كثير من الدول واضحة ومحدّدة، كالأمن القومي الأمريكي والفرنسي والإسرائيلي. فقد تعدّدت الآراء في هذا الخصوص، ودون الدخول في التفصيلات نستطيع أن نحدّد ثلاثة اتجاهات متباينة. الأوّل يتجاهل فكرة الأمن القومي العربي، والثاني ينظر إلى المفهوم في إطار ما ينبغي أن يكون، في حين ينظر إليه الاتجاه الثالث كمرادف لمفهوم الأمن الإقليمي (خلف محمد الجراد، 1999،ص24) ،وكانت المحصلة في النهاية تراجع للأمن القومي العربي لأسباب منها ما هو سياسي مثل التجزئة التي تعرض لها الوطن العربي وسيادة مفهوم القطرية ، ومنها ما هو أيديولوجي مثل التوظيف الخاطئ لمفهوم القومية العربية ومنها ما هو اقتصادي كالمديونية والتبعية الاقتصادية ، إضافة إلى ضبابية الفكرة ، ولم تشفع العوامل الاجتماعية من وحدة الدين و اللغة والثقافة والحضارة ، والاقتصادية من الثروة النفطية والموارد الطبيعية والمساحات الزراعية والقدرة السياحية، والعسكرية من الطاقة البشرية والترسانة الهائلة من الأسلحة ، في خلق نظام عربي قادر على حفظ الأمن القومي للدول العربية (http://www.beirutcenter.info/20/12/2011).
شهد العالم منذ تسعينيات القرن الماضي مجموعه من التغيرات الدولية والإقليمية التي كان لها الأثر الواضح في شكل وطبيعة النظام الدولي عامة ، وفى الوطن العربي بشكل خاص ، كان من أبرزها وعلى المستوى السياسي انهيار الاتحاد السوفيتي ، والطموح الأمريكي المتمثل في النظام الدولي الجديد ، وانهيار النظام الإقليمي العربي ، والذي ظهر بديلا عنه الإستراتيجية الغربية وخاصة الأمريكية والإسرائيلية التي بدأت تتبنى مفهوم الشرق الأوسط كمفهوم أمنى واقتصادي وسياسي (احمد سليم البرصان ، 2006، ص 143) ، والشراكة الأوربية المتوسطية ، ومجموعة من التحالفات الأمنية العسكرية التي انعكست سلباً على واقع الأمن القومي العربي وشملت التحالف الأمريكي الإسرائيلي ، والتحالف الإسرائيلي الإثيوبي ، والإسرائيلي مع دولة جنوب السودان ، إضافة إلى الربيع العربي.كذلك كان لغياب الإستراتيجية العربية الموحدة من ناحية وتنامي القوى السياسية لدول المنطقة العربية بسرعة من ناحية أخرى، وميل كل منها نحو صناعة عمق استراتيجي لقوتها من ناحية ثالثة ، الأثر البالغ في تقسيم العمق العربي الكبير إلى وحدات إقليمية اصغر، مما ساعد على توفير المناخ المناسب لإيران لتقوم بالضغط على الجناح الشرقي للمنطقة العربية ، كما تحاول تركيا بعد فترة إهمال طويلة الضغط على الشمال الشرقي للمنطقة العربية لصناعة عمق استراتيجي لها، وتقوم إسرائيل بتعقيد خريطة الصراع على العمق الدفاعي والاستراتيجي بتعميق الخلافات والصراعات وتفريغ المنطقة العربية من إمكانات التنمية من ناحية ، ومحاولة تحطيم الآلة العسكرية للقوى المتنامية من ناحية ثانية ، وصناعة عمق أمنى لها بزيادة المناطق شبة الحاجزة وقت السلم ، ونقل ساحة المعارك إلى أراضى الجيران وقت الحرب ، ومراقبة الصراع على العمق العربي من ناحية أخرى (فتحي محمد مصيلحى، 1992، ص160) ، مما جعل مفهوم الأمن القومي العربي يتراوح بين الأماني القومية صعبة التحقيق ، والأحداث التي أثبتت عدم وجود هذا المفهوم ، وخاصة في 2 أغسطس عام 1990 حين أقدمت إحدى الدول العربية باحتلال دولة عربية أخرى لينهار احد أعمدة نظرية الأمن القومي العربي ، وهو افتراض أن التهديدات تأتى من الخارج، ثم جاءت الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003 لتكشف عجز الدول العربية عن بلورة تصور أمنى وإقليمي متكاملhttp://www.egyptiangreens.com/1/11/2011)) ، وتؤكد أنه لا يوجد نظام أمني حقيقي يجمع بين دول المنطقة، وأن ما هو قائم في واقع الأمر، نظرية تحمل اسم الأمن القومي العربي تعبر فقط عما يجب أن يكون.منطقة الدراسة:
يمتد الوطن العربي ما بين دائرتي عرض 2° جنوبا و 37,5° شمالا وبين خطي طول 60° شرقا ، 17° غرباً ، ما عدا دولة جزر القمر التي تقع عند دائرة عرض 12° جنوبا ، ويغطي مساحة تقدر بـ 14,291,469 كلم2 أي بنسبة 10,2% من اليابسة، ويشتمل على 22 دولة عربية ، بعدد سكاني 338 مليون نسمةً تقريباً في تقديرات عام 2007(https://www.cia.gov/14/11/2011) ، وكما يوضح الشكل (1) يقع وسط قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتمتد أراضيه في آسيا وأفريقيا ويفصل بينهم البحر الأحمر.
شكل (1) الموقع الجغرافي للوطن العربي وعلاقاته المكانية
ويطل الوطن العربي على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر العربي ، ويطل على محيطين هما المحيط الأطلسي غرباً والمحيط الهندي شرقاً.أهداف الدراسة:1-دراسة مفاهيم الأمن والأمن القومي وتعريف الأمن القومي العربي.2-رصد واقع الأمن القومي العربي من خلال مراحل العلاقات العربية – العربية ، والتحديات السياسية التي تواجه العالم العربي وتهدد أمنه القومي.3-التعرض لوسائل النهوض بالأمن القومي العربي من خلال إنشاء قوة عسكرية مشتركه ، ومبدأ الوحدة الاختيارية ومراحلها.4-عرض لفرص نجاح إستراتيجية النهوض بالأمن القومي العربي.أهمية الدراسة:
* يعد الأمن القومي من ضرورات وجود الأمم ، ومطلب الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج.* تساعد هذه الدراسة في تحديد أماكن الضعف في النظام العربي، واهم القضايا السياسية المؤثرة سلباً على الأمن القومي العربي.* محاولة إلقاء الضوء على ما هو كائن وما ينبغي أن يكون في قضية الأمن القومي العربي في جانبه السياسي والعسكري.فرضيات الدراسة: أن الأمن القومي العربي مفقود ، وهذا ناجم عن عدم وجود حكومة واحدة للعرب تضع سياسة واحدة للأمن القومي العربي ، والنهوض بالأمن القومي العربي يعد أمراً ضروريا لخلق جبهة عربية موحدة إزاء التحديات الإقليمية والدولية ، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية على السياسة العربية الداخلية والخارجية.محددات الدراسة: للأمن أبعاد خمسة تضم البعد السياسي والعسكري ، والبعد الاقتصادي ، والبعد الاجتماعي ، والبعد الأيديولوجي، وأخيراً البعد البيئي، وستقتصر الدراسة على مجال الأمن القومي العربي في المجال السياسي والعسكري.منهج الدراسة: اتبعت الدراسة المنهج التاريخي ، والمنهج الإقليمي ، والمنهج الوصفي ، والمنهج التفسيري ، بالإضافة إلى الأسلوب التحليلي.أولاً: دراسة مفاهيم الأمن والأمن القومي والأمن القومي العربي.1-مفهوم الأمن:
يعد مفهوم الأمن من الأمور النسبية المتغيرة التي يتسع ويضيق وفقاً لطرق تناوله (سليمان عبد الله الحربي، 2008 ، ص 30) ، ويعرف هنري كيسنجر الأمن بأنه : " أي تصرف يسعى المجتمع عن طريقه لتحقيق حقه في البقاء " ، أو هو " القدرة على التحرر من تهديد رئيس للقيم العليا الفردية والجماعية، وذلك من خلال جميع الوسائل الممكنة للحفاظ على حق البقاء على الأقل، أو هو غياب التهديد للقيم الأساسية "(لخميسى شيبى،2009، ص10)، وللأمن مقومات عدة تضم المقومات الجيوبوليتيكية التي تشمل حجم الرقعة الجغرافية ، و التضاريس أو طوبوغرافية الأرض ، والموقع الجغرافي ،والمقومات الاقتصادية ، والمقومات الاجتماعية ، والمقومات السياسية الداخلية منها والخارجية .كذلك فإن للأمن مستويات عده منها ما يخص امن الأفراد والأمن الإنساني ، وله أبعاد خمسة تضم البعد السياسي والعسكري ، وهو خاص بحماية الكيان السياسي للدولة ، والبعد الاقتصادي المسئول عن الوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له ، والبعد الاجتماعي الذي يسعى لتوفير الأمن الاجتماعي لتنمية الشعور بالانتماء والولاء ، والبعد الأيديولوجي والذي يؤكد ويرسخ حرية الفكر والمعتقد ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم السائدة، وأخيراً البعد البيئي الذي يسعى للحفاظ على البيئة من التلوث الأرضي والمائي والهوائي.ويعتمد الأمن على أربع ركائز ، تضم الأولى إدراك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية، والثانية رسم إستراتيجية لتنمية قوة الدولة ، والثالثة توفير القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوة المسلحة وقوة الشرطة ، والرابعة إعداد سيناريوهات للتهديدات الداخلية والخارجية ، واتخاذ إجراءات لمواجهتها ، ويشتمل على أربع مستويات بدءاً من أمن الفرد ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته ، مروراً بأمن الوطن ضد أية أخطار خارجية أو داخلية للدولة ، ثم الأمن القُطري أو القومي، وأخيراً الأمن الدولي والمسئول عنه المنظمات الدولية.2- الأمن القومي:
يعتبر الأمن القومي من الأمور الهامة التي تتصدر أولويات الأمم وان اختلفت في قوتها وحجم الأخطار التي تتعرض لها ، حيث يقاس نجاح أي أمه بقدر ما توفره لشعبها من أمن ، ولقد برز تعبير الأمن القومي على الصعيد السياسي واضحاً في العصر الحديث ، وارتبط بالأحداث العسكرية على وجه الخصوص وبالتوازنات الإستراتيجية وصراعات القوى (صلاح الدين حافظ ،1982، ص 154) ، ويرجع أموس جوردن Amos Jordan ، ووليم تيلورW.J. Taylar ظهور الأمن القومي كمصطلح علمي منذ الحرب العالمية الثانية ، أما جوزيف ناي Nye Joseph ، وروبرت كيوهان Rebert Keohane فيعتقدان بأنه ناتج عن الحرب الباردة (لخميسى شيبى،2009، ص14) ، ويقول ماكنمارا المدير السابق للبنك الدولي بتعريف ينحو منحى اقتصادياً بقوله أن الأمن القومي هو التنمية وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن ، وأن الدول التي لا تنمو بالفعل لا يمكن أن تظل آمنة ، فالأمن القومي هو تأمين الدولة من داخلها وحمايتها من التهديد الخارجي بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر لها أسباب النهوض والنمو والتعبير عن هويتها بين الأمم وممارسة حريتها في استغلال طاقاتها البشرية وثرواتها المعدنية والطبيعية للوصول إلى تحقيق أهدافها في التقدم والازدهار والسلام (عيسى درويش ،1999، ص. ص 56، 57) ، ولذلك تناولته الدراسات من خلال مدرستين ، الأولى هي المدرسة الإستراتيجية التي تركز على الجانب العسكري والتهديد الخارجي ، والثانية هي المدرسة المعاصرة أو التنموية التي ترى أن مصادر التهديد لا تقتصر فقط على التهديد الخارجي وإنما أيضاً على التهديد الداخلي الذي يشمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية وثقافية.3- الأمن القومي العربي:
يرتبط مفهوم الأمن القومي العربي بالمرحلة التالية لحروب التحرير الوطني والاستقلال السياسي وطرد المستعمرين من المنطقة العربية ، ويعرف الأمن القومي العربي على انه هو قدرة الأمة العربية على حماية كيانها الذاتي ضد الأخطار الخارجية من اجل ضمان بقائها ، وقد اشترط التعريف لتحقيق هذا الأمن شرطين هما: الأول وجود نظم ديمقراطية حقيقية موحدة أو متحدة أو متضامنة أو حتى متفقة على خطة عمل أمنية لحدودها الجغرافية ، والثاني وجود تنمية شاملة واقتصاد متكافئ ومتكامل تحت قيادة قومية مؤمنة بحق شعوب الوطن العربي بوحدته أو باتحاده ، أي امتلاك أسباب القوة القومية المؤهلة قيادة وكفاءة، والقادرة على تحقيق المتطلبات الأمنية لكافة قطاعات الأمة العربية ، وتضمن لهذه الأمة البقاء دون هواجس أو الشعور بالخوف (محمد عوض الهزايمة ،2003، ص 9) ، غير أن الأمن القومي العربي مازال مفهوما متحركا من حيث الاتفاق على تعريفة وتحديده ورسم معالمه ، وما زالت صلته بالأمن القطري ضبابية غائمة . فأين يبدأ القومي وينتهي ، وأين أول القطري وأين آخرة وكيف يتم الانتقال من القطري إلى القومي ، مما جعل الفكر السياسي العربي بعيداً عن صياغة محدّدة لمفهوم الأمن القومي في الوقت الذي باتت فيه مفاهيم كثيرة للأمن القومي في كثير من الدول واضحة ومحدّدة، كالأمن القومي الأمريكي والفرنسي والإسرائيلي. فقد تعدّدت الآراء في هذا الخصوص، ودون الدخول في التفصيلات نستطيع أن نحدّد ثلاثة اتجاهات متباينة. الأوّل يتجاهل فكرة الأمن القومي العربي، والثاني ينظر إلى المفهوم في إطار ما ينبغي أن يكون، في حين ينظر إليه الاتجاه الثالث كمرادف لمفهوم الأمن الإقليمي (خلف محمد الجراد، 1999،ص24) ،وكانت المحصلة في النهاية تراجع للأمن القومي العربي لأسباب منها ما هو سياسي مثل التجزئة التي تعرض لها الوطن العربي وسيادة مفهوم القطرية ، ومنها ما هو أيديولوجي مثل التوظيف الخاطئ لمفهوم القومية العربية ومنها ما هو اقتصادي كالمديونية والتبعية الاقتصادية ، إضافة إلى ضبابية الفكرة ، ولم تشفع العوامل الاجتماعية من وحدة الدين و اللغة والثقافة والحضارة ، والاقتصادية من الثروة النفطية والموارد الطبيعية والمساحات الزراعية والقدرة السياحية، والعسكرية من الطاقة البشرية والترسانة الهائلة من الأسلحة ، في خلق نظام عربي قادر على حفظ الأمن القومي للدول العربية (http://www.beirutcenter.info/20/12/2011).
تعليق