الصناعة الألمانية تضع برلين تحت النار بسبب صفقات سعودية قطرية مصرية جزائرية
Demonstration in Cairo: An armoured vehicle crashes through a barricade during a protest attended predominantly by Egyptian Copts in Cairo on Oct. 9, 2011
برلين مرة أخرى تغوص في المياه الساخنة بسبب سياستها التصديرية للأسلحة وموافقتها على شحنة من المركبات المدرعة التي استخدمت لسحق وقتل المتظاهرين السلميين في القاهرة. هذه المركبات المدرعة مصنُعة في مصر بموجب ترخيص من قبل المقاول الألماني وثم فيما بعد وصلت هذه المدرعات إلى بلدان مزقتها الحرب.
عشية التاسع من أكتوبر 2011، مشاهد وحشية في شوارع القاهرة ألتقطتها كاميرا الهواتف النقالة تظهر لقطات للمتظاهرين السلميين بما فيهم الطلاب والمسيحيين الأقباط يسيرون نحو الماسبيرو حيث مبني اتحاد الاذاعة والتلفزيون فتوالت الدبابات والمدرعات نحوهم وجعلت الجماهير مذعورة وتوجهت المدرعات مباشرة بإتجاه الحشود وبدلاً من إبطاء سرعتها توجهت إلى أمام الحشود فكانت المحصلة عشرات القتلى من النشطاء المؤيدين للديمقراطية، فإما تم سحقهم بواسطة تدريع الدبابات المكون من الحديد الصلب أو عن طريق الدهس بواسطة الاطارات المطاطية الصلبة للمدرعات.
A screenshot of a YouTube video of the demonstration.
ماتياس جون كخبير أسلحة ظلت هذه المشاهد واللقطات في ذاكرته ولم يستطع نسيانها ، يقول بغضب " لا يمكن أن توصف أن مثل هذه المجزرة ارتكبت بواسطة مركبات ألمانية". الناشطين مع منظمة العفو الدولية بمجرد النظر إلى الصور يعرفون بالضبط نوع هذه المعدات العسكرية بأنها ناقلة جند مدرعة إسمها "فهد". وهي مستمدة من TH390 المصممة من قبل مقاول وزارة الدفاع الألمانية والذي تم دمجه في عام 2000 مع Rheinmentall وهو مصنع ألماني آخر. ومنذ الثمانينيات ومصر صنعت ما يقارب 1300 مدرعة بموجب الترخيص المشار إليه سابقاً.
بمساعدة نواب يساريين في البرلمان الألماني وهم أعضاء من حزب اليسار، أستطاعوا أنصار حقوق الإنسان تقديم طلب رسمي للحصول على استجواب من الحكومة الألمانية. يريدون معرفة ما إذا كانت وزارة الاقتصاد الألمانية علمت ما جرى القيام به مع المعدات العسكرية التي تحمل شعار "صنع في ألمانيا".
لكن الوزارة ترفض الاعتراف مباشرة، على الرغم من أن أي خبير عسكري درجة ثانية بعد مشاهدة أشرطة الفيديو يستطيع التعرف بوضوح على أن المدرعات التي سحقت المتظاهرين هي من نوع "فهد". وبدلا من ذلك، كان ردها أن: "الحكومة الاتحادية على علم بالتقرير الذي يزعم بأن على الأقل اثنين من ناقلات جند مدرعة اقتحمت بصورة متعسفة وسط حشود المتظاهرين خلال مظاهرات يوم 9 أكتوبر 2011 خارج 'ماسبيرو' مبنى التلفزيون، مما أسفر عن مقتل ما يصل الى 12 شخصا ".
جون يرى بأن الرد كان جباناً، وأن صفقة المدرعات التي بين الحكومة الألمانية ومصر تدعو إلى التشكيك في المبادئ التي تقوم عليها سياسات الأسلحة التصديرية. ومن المفترض أن هذه المبادئ تمنع تكرار مثل هذه المشاهد التي ظهرت في الصور بتظاهرات القاهرة. وأن سياسة التصدير الألمانية تنص على بيع الأسلحة لدول لا تنتهج العنف والقمع ضد شعبها أو لدول تغزو بلدان أخرى أو لأنظمة عداونية.
ضخ الأسلحة إلى مناطق الأزمات
German export policy stipulates that arms only be provided to states that do not direct violence against their own people, invade other countries or pass on the weaponry to agressive regimes.
لم يتم الوفاء بالتعهدات التي جاءت في مبادئ سياسات الأسلحة التصديرية. وبدلاً من ذلك، ظهرت مراراً وتكراراً صور لأسلحة ألمانية وهي بأيدي الإرهابيين، والأفراد الذين يرتكبون المجازر، وأيضاً بأيدي أعضاء المنظمات الإجرامية المنظمة. وعلى الرغم من وضوح هذه الحالات ومثل حالة المدرعة فهد في القاهرة، إلا أن رقابة الصادارات الألمانية ولغاية الآن لم تعمل بشكل صحيح. وفي الواقع، يمكننا أن نلمس هذا الفشل من خلال مقاطع الفيديو الموجودة على اليوتيوب والمحملة على شبكة الإنترنت من قبل الناجين من مذبحة ماسبيرو.
ولكن هناك أمر آخر يصدمنا أكثر من استجابة الحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد الألمانية على طلب نواب البرلمان، وهو أن الحكومة كشفت بأنه ما بين الأعوام 2004 إلى 2012 سلمت الشركات الألمانية مكونات المدرعة فهد إلى مصر، بما في ذلك شركة دايملر المصنعة لمحركات بالديزل والشاسية، والتي بدونها المصريين لن يكونوا أبداً قادرين على تصنيع مثل هذه المركبات المدرعة. وكل هذه الأجزاء التي تمت الموافقة عليها تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 131 مليون يورو ما يوازي 170 مليون دولار. ومن بينها تم تسليم أجزاء إلى مصر في عام 2011 بقيمة 55 مليون يورو وهو نفس العام الذي بدأ فيه الربيع العربي. وما هو أكثر من ذلك، يمكن أن القيمة الإجمالية للصادرات تكون أعلى في حال لو أضفنا أيضاً تلك المكونات الخاصة بالمدرعة فهد والتي لا تتطلب موافقة من الحكومة والتي تم تسليمها لمصر. فمثل هذه الموافقات تأتي من مجلس الأمن الاتحادي، وهي هيئة من تسعة أعضاء يتكون من المستشار وعدد من الوزراء يجتمعون خلف أبواب مغلقة.
رد الحكومة الألمانية يجعلنا متأكدين بأن الربيع العربي الذي شهدته العديد من بلدان شمال أفريقيا وانتفاضة شعوب تلك البلدان ضد حكامهم المستبدين لم يغيير في سياسات التسليح التصديرية. وزارة الاقتصاد، والتي هي المسؤولة عن مراقبة الصادرات، قالت في ردها بأن في ضوء التطورات الجارية قامت بمراجعة موافقات منحت سابقاً في شهر فبراير 2011 ، وتستطرد "أعيدت منح الموافقات بعد أن خلصت من المراجعات".
ومن بين هذه الموافقات هي تلك المتصلة بمكونات المدرعة فهد. وفي عام 2012 - كما وإن لم يتم قط التقاط صور من مذبحة ماسبيرو- وقعت الوزارة أيضاً على صادارت تخص مكونات فهد بقيمة 3.5 مليون يورو.
وقال جون خبير الأسلحة "ان الحكومة اهملت في التصدي لعواقب خطأها" كما جاء في انتقاد منظمة العفو الدولية .
المبدأ الرئيسي لميركل
The vehicles raced into the crowd, trampling several people. More than 20 demonstrators were killed over the course of the night.
ومن الممكن أيضا أن المدرعة الألمانية الأصل والتي يتم تصنيعها جزئياً في مصر لا تستخدم فقط في مصر لإنتهاك حقوق الإنسان. فقد تم تصنيع 1300 مدرعة في مصر بموجب الترخيص وتم تصدير عدد غير معروف إلى بلدان أخرى تجتاحها حرب أهلية مثل السودان وجمهورية الكونغو.
وزارة الاقتصاد تعترف بخجل أن "إعادة التصدير يتطلب موافقة جمهورية ألمانيا الاتحادية" وأن هذا هو منصوص عليه في عقود التراخيص، لكن النظام المصري لم يتلق مثل هذه الموافقة واختار بدلاً من ذلك ببساطة تصديرها.
ولفترة من الزمن، كانوا المدافعين عن حقوق الانسان يطلبون من الحكومة الألمانية عدم الاعتماد على شهادات مكتوبة للمستخدم النهائي التي قدمتها البلدان المستقبلة لشحنات الأسلحة. بدلا من ذلك، فإن المدافعين عن حقوق الإنسان يودون رؤية المسئولين يراقبون المشترين بنشاط للتأكد من أنهم يؤيدون فرض حظر على إعادة التصدير. ويتساءل جون خبير الأسلحة "لماذا الملحق العسكري الألماني في القاهرة لا يطلب مشاهدة دفاتر الشركات وتفتيشها لمعرفة العقود التصديرية غير القانونية إلى بلدان أخرى أو إلى طرف ثالث؟؟
هذا انتهاك للقوانين الألمانية وأيضا يضع العقيدة الجديدة لصادرات الاسلحة للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في شك لأنه في الواقع يجعل من السهولة تصدير الأسلحة إلى بلدان ثالثة وبشكل غير صحيح. وقد اختارت ميركل ما يسمى بـ "الدول الشريكة الاستراتيجية" التي قالت انها تعتزم تجهيزهم بأسلحة ألمانية الصنع. ولكن ليس هناك شروط أو قيود على هذه البلدان للسعى نحو قيم الديمقراطية. بدلا من ذلك، فإن مبدأ أو عقيدة ميركل تؤكد أنها من أجل الدفاع عن المصالح الغربية ضد الدول المارقة الأكثر مدعاة للقلق.
The Leopard: The armored vehicle is in high demand. Qatar recently received 62 units, and Saudi Arabia is also interested.
A Boxer wheeled tank: Saudi Arabia has requested more than 100 units. Because its tires allow it to travel easily over roads, the vehicle is ideally suited to crush rebellions in cities
According to reports from the beginning of 2013, Saudi Arabia wants to buy patrol boats from Germany. The emirate intends to purchase 1.5 billion euros worth of border protection vessels from German shipyard group Lürssen.
وفقا لهذه الاستراتيجية، فقد استلمت قطر دبابات ليوبارد الألمانية (حسب ما هو مكتوب أسفل إحدى الصور بأن قطر استلمت 62 دبابة ليوبارد) وأيضاً استلمت مدافع هاوتزر. وسمح لإندونيسيا شراء دبابات الليوبارد وناقلات الجنود المدرعة، وكذلك أعطيت للمملكة العربية السعودية الضوء الأخضر لطلب دبابات الليوبارد. عقيدة ميركل تهدف أيضاً لدعم صناعة الأسلحة المحلية التي عانت نتيجة لانخفاض الطلب مباشرة من الجيش الألماني نفسه.
في الوقت الذي كان المستبد المصري حسني مبارك رئيساً كانت صادرات الأسلحة الألمانية إلى مصر مقبولة على نطاق واسع. وكانت حكومة مبارك شريكاً موثوقاً بها في منطقة الشرق الأوسط. وهذا هو، حتى بدأت قوات الأمن التابعة له تهرول بقمع المتظاهرين بمدرعات فهد.
المدرعات الجديدة يمكن أن تستخدم للقمع
A Fuchs armored transport vehicle: A subsidiary of defense manufacturer Rheinmetall has been given permission to build a factory in Algeria, where up to 1,000 such vehicles will be produced for the Algerian government.
الآن، يتم الترويج لدور الجزائر وأنه "شريك استراتيجي"، ومطلوب من هذا البلد أن يخدم بمثابة حصن لشمال أفريقيا وأن يكون منطقة عازلة ضد المتمردين الاسلاميين في مالي. لهذا السبب، أعطت برلين شركة Rheinmetall إذن لبناء مصنع قرب الجزائر العاصمة لإنتاج المدرعات فوكس Fuchs وهذا نموذج مشابه جداً لفهد. وقد تم بالفعل تجميع 54 مركبة لأول مرة في ألمانيا وشحنها إلى الجزائر. وقال جون محذراً "إذا أراد الشعب الجزائري يوماً الانتفاضة فمن الممكن جداً أن تستخدم دبابات فوكس لحملة من القمع والسحق".
ما هو أكثر من ذلك، فأن مثال المدرعة فهد يبدو واضحاً وجلياً بأن ألمانيا غير قادرة على منع المدرعات الألمانية من الدخول في مناطق الصراع . فأكثر من 1000 وحدة سيتم إنتاجها في الجزائر. ولم يتم تزويد الشركة المصنعة دوسلدورف مزيد من الصادرات ووزارة الاقتصاد الألمانية تبدو في انسجام تام.
خبراء الاسلحة يعتقدون بأن هذا غير قابل للتصديق. 1000 مدرعة مدولبة تصنع في الجزائر عدد ضخم جداً. خلال الحرب الباردة بأكملها الجيش الألماني اشترى تقريباً نفس هذا العدد.
ترجمة عبير البحرين
[ link to spiegel.de ]
تعليق