بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لشدة عناية الرحمن بأهل الإيمان فقد أمرهم بصيام شهر واحد في العام هو شهر رمضان لماذا؟
حتى ترتاح المعدة من عناء العمل ليل نهار طول العام وهذه الراحة من عناء العمل المستمر لازمة وضرورية لإراحة الجهاز الهضمي وغدده المساعدة كالكبد والبنكرياس مع تجديد ما تلف من خلايا وأنسجة
أضف إلى هذا تقليل العبء الملقى على الجهاز الدوري ـ القلب والأوعية الدموية والدم ـ إذ تقل كمية الطعام المهضوم الممتص والذي يحمله الدم عبر الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم كل حسب نوعه كما أن نواتج التمثيل الغذائي وفضلاته تكون أقل وبالتالي فلن ترهق الكليتين في إزاحة نفايات الغذاء وكذلك ترتاح الأجهزة الأخرى بالجسم ويكون الصوم فرصة طيبة لكي تقوم هذه الأعضاء بتجديد حيويتها وتعويض ما تلف منها
ولو أردنا أن نكتب عن فائدة الصوم الطبية وقائية كانت أو علاجية لاحتجنا لكتابة كتب ولكن يكفى أن نشير إليها على لسان طبيب غير مسلم هو الدكتور شخاشيري الذي حدد فوائد الصيام في عدة نواح هي :
علاج اضطرابات الهضم واضطرابات الأمعاء وبالذات المزمنة منها
كعلاج لزيادة الوزن
إقلال السكر في الدم والعمل على إخفائه من البول
التهاب الكلى الحاد والمصحوب بتورم في القدمين والساقين وتضخم حجرات القلب
التهابات المفاصل الروماتيزمية
ومن هنا نفهم الحكمة العظيمة من الصيام {صُومُوا تَصِحُّوا}
ولم يكتف الإسلام بفرض الصيام على المسلم بل بّين له الأسلوب الأمثل لصيامه كما وضّح له الطريقة المثلى للغذاء استعدادا للصيام في وجبة السحور وبعد انتهاء الصيام في وجبة الإفطار
وهذا ما سنوضحه فيما يلي :
يوجه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المسلم أن يفطر على التمر أو الماء وذلك في قوله {إذا أفْطَرَ أحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ على تَمْرٍ فإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ على ماءٍ فإِنَّهُ طَهُورٌ} [1]
لماذا نفطر على تمر أو رطب أو ماء؟ إن وراء هذا الهدى النبوي حكمة رائعة وهديا طبيا عظيم فقد اختار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذه المأكولات دون غيرها وإن كانت بحكم بيئته الصحراوية متوفرة ولكنه لم يلجأ لأشياء أخرى رغم توافرها لماذا ؟ هذا لحكم عظيمة يشير إليها الدكتور/ أحمد عبد الرءوف هاشم في كتابه ( رمضان والطب ) صـ 33 فيقول
[إن تناول الرطب أو التمر يزوّد الجسم بمادة سكرية بكمية كبيرة فضلا عن السرعة في التزويد لأن المعدة خالية وكذلك الأمعاء ومستعدتان للعمل والامتصاص السريع وبخاصة في وجود نسبة من الماء العالية في الرطب أو وجود التمر منقوعا في الماء بالإضافة لوجود ثلثي هذه المادة السكرية في صورة كيمائية تخطت مرحلة الهضم الأولى وبذلك يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز والنسبة العالية من الماء بالرطب أو وجود التمر منقوعا يزوّد الجسد بالماء بكمية معقولة تذهب منه إحساس العطش]
ويعلق على ذلك الأستاذ الدكتور / أنور المفتى فيقول [إن الأمعاء تمتص الماء المحلى بالسكر في أقل من خمس دقائق فيرتوي الجسم وتزول أعراض نقص السكر والماء في حين أن الصائم الذي يملأ معدته مباشرة بالطعام يحتاج إلى 3 أو 4 ساعات حتى تمتص أمعاؤه ما يكون في إفطاره من سكر وعلى ذلك يبقى عنده أعراض ذلك النقص ويكون حتى بعد أن يشبع كمن لا يزال يواصل صومه]
فالمعدة حال صومها وراحتها تحتاج للعمل على شيء ينبهها تنبيها رقيقا دون إرهاق لها وذلك لا يكون إلا بهضم وامتصاص مواد سكرية حيث أن الدهون والبروتينات تحتاج لساعات طويلة لهضمها ومن هنا كان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للرطب والتمر لأنهما يكادان يخلون من الدهون والبروتينات بينما يحتويان على نسبة كبيرة من المواد السكرية
فإذا أضفنا إلى ذلك وجود الألياف السليولوزية بنسبة عالية في تركيب الرطب والتمر وهى تعمل كأسفنجه تمتص الماء داخل الأمعاء فلا تترك الماء يندفع مباشرة إلى الدم والأنسجة فيؤذيها وإنما تتركه يتسرب منها ببطء فترتوي الأنسجة بطريقة سليمة فضلا عن عدم الإحساس السريع بالعطش وما يؤدى إليه من شرب مزيد من الماء والسوائل يؤدى إلى ارتباك الهضم وإحساس الصائم بعد فطره بالامتلاء الكاذب وتمييع نفسه
وكل هذا يزيدنا يقينا في الحكمة النبوية في الإفطار على الرطب أو التمر فإذا لم يتوافرا فلنفطر على ماء كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يكون الماء في صورة حساء دافئ (كالشوربة) لأنها من أقوى المنبهات للمعدة لتبدأ ممارسة عملها
أو نفطر على عصير فواكه محلى بالسكر كالبرتقال أو الليمون أو الجوافة أو منقوع التين الجاف أو كوب ماء مذاب فيه ملعقة من العسل الأبيض أو الأسود فكل هذه الأطعمة تشترك في الخصائص الأساسية حيث تمد الجسم بالماء والسكريات بنسبة عالية
والخشاف الذي تتناوله بعض الشعوب الإسلامية عند الإفطار والذي يتكون من التمر والتين الجاف والزبيب والمشمش المجفف والقراصيا يؤدى كذلك إلى نفس الغاية حيث أنه يحوي زيوتا طيارة تساعد على تنبيه خلايا المعدة والأمعاء لتزيد من عصارتها وخمائرها ليتم الهضم بسرعة وكفاءة هذا إلى جانب أنه يحتوى على الكثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية القلوية التي تعادل من حموضة الدم فتعمل على ترويقه
[1] رواه أحمد عن أنس رضي الله عنه وأبو داود وابن ماجه وابن حّبان عن سلمان بن عامر رضي الله عنه
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
نظرا لشدة عناية الرحمن بأهل الإيمان فقد أمرهم بصيام شهر واحد في العام هو شهر رمضان لماذا؟
حتى ترتاح المعدة من عناء العمل ليل نهار طول العام وهذه الراحة من عناء العمل المستمر لازمة وضرورية لإراحة الجهاز الهضمي وغدده المساعدة كالكبد والبنكرياس مع تجديد ما تلف من خلايا وأنسجة
أضف إلى هذا تقليل العبء الملقى على الجهاز الدوري ـ القلب والأوعية الدموية والدم ـ إذ تقل كمية الطعام المهضوم الممتص والذي يحمله الدم عبر الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم كل حسب نوعه كما أن نواتج التمثيل الغذائي وفضلاته تكون أقل وبالتالي فلن ترهق الكليتين في إزاحة نفايات الغذاء وكذلك ترتاح الأجهزة الأخرى بالجسم ويكون الصوم فرصة طيبة لكي تقوم هذه الأعضاء بتجديد حيويتها وتعويض ما تلف منها
ولو أردنا أن نكتب عن فائدة الصوم الطبية وقائية كانت أو علاجية لاحتجنا لكتابة كتب ولكن يكفى أن نشير إليها على لسان طبيب غير مسلم هو الدكتور شخاشيري الذي حدد فوائد الصيام في عدة نواح هي :
علاج اضطرابات الهضم واضطرابات الأمعاء وبالذات المزمنة منها
كعلاج لزيادة الوزن
إقلال السكر في الدم والعمل على إخفائه من البول
التهاب الكلى الحاد والمصحوب بتورم في القدمين والساقين وتضخم حجرات القلب
التهابات المفاصل الروماتيزمية
ومن هنا نفهم الحكمة العظيمة من الصيام {صُومُوا تَصِحُّوا}
ولم يكتف الإسلام بفرض الصيام على المسلم بل بّين له الأسلوب الأمثل لصيامه كما وضّح له الطريقة المثلى للغذاء استعدادا للصيام في وجبة السحور وبعد انتهاء الصيام في وجبة الإفطار
وهذا ما سنوضحه فيما يلي :
يوجه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المسلم أن يفطر على التمر أو الماء وذلك في قوله {إذا أفْطَرَ أحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ على تَمْرٍ فإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ على ماءٍ فإِنَّهُ طَهُورٌ} [1]
لماذا نفطر على تمر أو رطب أو ماء؟ إن وراء هذا الهدى النبوي حكمة رائعة وهديا طبيا عظيم فقد اختار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذه المأكولات دون غيرها وإن كانت بحكم بيئته الصحراوية متوفرة ولكنه لم يلجأ لأشياء أخرى رغم توافرها لماذا ؟ هذا لحكم عظيمة يشير إليها الدكتور/ أحمد عبد الرءوف هاشم في كتابه ( رمضان والطب ) صـ 33 فيقول
[إن تناول الرطب أو التمر يزوّد الجسم بمادة سكرية بكمية كبيرة فضلا عن السرعة في التزويد لأن المعدة خالية وكذلك الأمعاء ومستعدتان للعمل والامتصاص السريع وبخاصة في وجود نسبة من الماء العالية في الرطب أو وجود التمر منقوعا في الماء بالإضافة لوجود ثلثي هذه المادة السكرية في صورة كيمائية تخطت مرحلة الهضم الأولى وبذلك يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز والنسبة العالية من الماء بالرطب أو وجود التمر منقوعا يزوّد الجسد بالماء بكمية معقولة تذهب منه إحساس العطش]
ويعلق على ذلك الأستاذ الدكتور / أنور المفتى فيقول [إن الأمعاء تمتص الماء المحلى بالسكر في أقل من خمس دقائق فيرتوي الجسم وتزول أعراض نقص السكر والماء في حين أن الصائم الذي يملأ معدته مباشرة بالطعام يحتاج إلى 3 أو 4 ساعات حتى تمتص أمعاؤه ما يكون في إفطاره من سكر وعلى ذلك يبقى عنده أعراض ذلك النقص ويكون حتى بعد أن يشبع كمن لا يزال يواصل صومه]
فالمعدة حال صومها وراحتها تحتاج للعمل على شيء ينبهها تنبيها رقيقا دون إرهاق لها وذلك لا يكون إلا بهضم وامتصاص مواد سكرية حيث أن الدهون والبروتينات تحتاج لساعات طويلة لهضمها ومن هنا كان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للرطب والتمر لأنهما يكادان يخلون من الدهون والبروتينات بينما يحتويان على نسبة كبيرة من المواد السكرية
فإذا أضفنا إلى ذلك وجود الألياف السليولوزية بنسبة عالية في تركيب الرطب والتمر وهى تعمل كأسفنجه تمتص الماء داخل الأمعاء فلا تترك الماء يندفع مباشرة إلى الدم والأنسجة فيؤذيها وإنما تتركه يتسرب منها ببطء فترتوي الأنسجة بطريقة سليمة فضلا عن عدم الإحساس السريع بالعطش وما يؤدى إليه من شرب مزيد من الماء والسوائل يؤدى إلى ارتباك الهضم وإحساس الصائم بعد فطره بالامتلاء الكاذب وتمييع نفسه
وكل هذا يزيدنا يقينا في الحكمة النبوية في الإفطار على الرطب أو التمر فإذا لم يتوافرا فلنفطر على ماء كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يكون الماء في صورة حساء دافئ (كالشوربة) لأنها من أقوى المنبهات للمعدة لتبدأ ممارسة عملها
أو نفطر على عصير فواكه محلى بالسكر كالبرتقال أو الليمون أو الجوافة أو منقوع التين الجاف أو كوب ماء مذاب فيه ملعقة من العسل الأبيض أو الأسود فكل هذه الأطعمة تشترك في الخصائص الأساسية حيث تمد الجسم بالماء والسكريات بنسبة عالية
والخشاف الذي تتناوله بعض الشعوب الإسلامية عند الإفطار والذي يتكون من التمر والتين الجاف والزبيب والمشمش المجفف والقراصيا يؤدى كذلك إلى نفس الغاية حيث أنه يحوي زيوتا طيارة تساعد على تنبيه خلايا المعدة والأمعاء لتزيد من عصارتها وخمائرها ليتم الهضم بسرعة وكفاءة هذا إلى جانب أنه يحتوى على الكثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية القلوية التي تعادل من حموضة الدم فتعمل على ترويقه
[1] رواه أحمد عن أنس رضي الله عنه وأبو داود وابن ماجه وابن حّبان عن سلمان بن عامر رضي الله عنه
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
تعليق