حظي العمل العسكري المشترك باهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ بداية المسيرة المباركة للمجلس ، وذلك انطلاقا من قناعة راسخة بوحدة الهدف والمصير ، بالإضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشـترك ، ولقد عُقد بناء على طلب المجلس الوزاري لمجلس التعاون ، الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول المجلس في مدينة الرياض في عام 1981م لبحث مجالات التعـاون العسكري ، وتم رفع عدد من التوصيات لبناء وتعزيز التعاون العسكري فيما بين القوات المسلحة بدول المجلس ، وبدءاً من ذلك التاريخ وخلال ثلاثة عقود وبتوجيهات حثيثة من أصحاب السمو والمعالي وزراء الدفاع بدول مجلس التعاون ، تم إقرار العديد من الدراسات والأنظمة والإستراتيجيات التي شملت العديد من مجالات التعاون العسكري والدفاع المشترك ، ولقد كانت تلك القرارات قائمة على أسس منهجية ومرتكزات علمية محددة آخذة في الحسبان الإمكانات المتوفرة والمتطلبات الدفاعية ومصادر التهديد وحجمها ومختلف أشكال المخاطر وتنوعها وكافة التحديات التي قد تواجه دول المجلس
،،
أبرز المشاريع وما تحقق من مكتسبات وإنجازات في العمل العسكري المشترك
إتفاقية الدفاع المشترك لدول الخليج
إدراكاً من دول المجلس لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية وانطلاقاً من السياسة الدفاعية لمجلس التعاون التي تقوم على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل جاء توقيع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون على اتفاقية الدفاع المشترك في الدورة الحادية والعشرين لمجلس التعاون (المنامة ، ديسمبر 2000م) إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل العسكري المشترك ، حيث تم التحول من مرحلة التعاون العسكري التي دامت عقدين من الزمن إلى مرحلة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون ، كما أنه وبتوقيع الإتفاقية تحقق للعمل العسكري المشترك مكاسب وإنجازات جماعية كثيرة ونوعية ، حيث أن الإتفاقية شملت وحددت العديد من مرتكزات الدفاع المشترك ومنطلقاته وأسسه وأولوياته ، وقد أكدت الدول الأعضاء في الاتفاقية إلتزامها بالنظام الأساسي لمجلس التعاون واحترامها لميثاقي جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة ، كما أكدت عزمها على الدفاع عن نفسها بصورة جماعية إنطلاقاً من أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها مجتمعة وأن أي خطر يهدد إحداها إنما يهددها جميعاً ، ونصت الاتفاقية على عزم الدول الأعضاء تعزيز التعاون العسكري فيما بينها ورفع قدراتها الذاتية والجماعية لتحقيق أعلى مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك والاستمرار في تطوير قوات درع الجزيرة المشتركة ومتابعة تنفيذ التمارين المشتركة وإعطاء أهمية لتأسيس وتطوير قاعدة للصناعة العسكرية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال
الإستراتيجية الدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجي
شكلت موافقة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في الدورة الثلاثين (الكويت ، ديسمبر 2009م) على الإستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إنجازاً وخطوة هامة على طريق بناء المنظومة الدفاعية المشتركة لمجلس التعاون ، وقد حددت الإستراتيجية وفقاً لما تضمنته رؤية واضحة تعمل دول المجلس من خلالها على تنسيق وتعزيز تكاملها وترابطها وتطوير إمكانياتها للدفـاع عن سيادتها واستقرارها ومصالحها وردع العدوان والتعاون لمواجهة التحديات والأزمات والكوارث من خلال البناء الذاتي والعمل المشترك وصولاً للتكامل الدفاعي ، كما أكدت الإستراتيجية على الأسس والثوابت التي تنطلق منها وحددت الأهداف الدفـاعية الإستراتيجية وطرق ووسائل تحقيقها إلى جانب تأكيدها على أهمية إجراء التقييم الإستراتيجي الشامل للبيئة الأمنية الإستراتيجية والتهديدات الإستراتيجية والتحديات والمخاطر بصفة دورية
قوات درع الجزيرة المشتركة
إن وجود قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون يعتبر أحد الأسس الهامة لإنشاء منظومة دفاعية مشتركة تهدف إلى توفير أمن دفاعي جماعي فاعل لحماية دول المجلس والدفاع عن اسـتقلالها وحماية مقدراتها ومكتسبتها ، وفي عام 1982م كانت أولى الخطوات المهمة لتشكيل القوات العسكرية المشتركة لدول مجلس التعاون حيث صدر قرار إنشاء قوة درع الجزيرة وتلى ذلك القرار صدور العديد من القرارات لتطوير هذه القوة بما يتناسـب مع المتغيرات في البيئة الأمنية ومصادر وأنواع التحديات والمخاطر والتهديدات التي قد تواجه دول مجلس التعاون لتصبح بحجم فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها القتالي والإداري ، وفي عام 2006م تم تطويرها إلى قوات درع الجزيرة المشتركة وعززت بجهد بحري وجوي وفقاً للمفهوم العملياتي المعتمد وذلك لرفع كفاءتها القتالية بما يكفل تنفيذ مهام التعزيز والإسناد للقوات المسلحة الوطنية لدول مجلس التعاون بصورة كاملة ، وفي عام 2009م تم تعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة بقوة تدخل سريع ويجري العمل حالياً على دراسة تطوير قوات درع الجزيرة المشتركة من حيث الحجم والتنظيم
مشروع الإتصالات المؤمنة
حظي موضوع إنشاء شبكة اتصالات عسكرية مؤمنة ومتطورة بين القوات المسلحة بدول المجلس باهتمام خاص وذلك سعياً منها إلى رفع القدرات الجماعية لأنظمة القيادة والسيطرة وتبادل المعلومات فيما بينها ، وفي دورته السادسة عشرة (مسقط ، ديسمبر 1995) أقرّ المجلس الأعلى الدراسات المتعلقة بمشروع الاتصالات المؤمنة والخطوات الرامية إلى ربط القوات المسلحة في دول المجلس بشبكة اتصالات مؤمنة وبدأ التشغيل الرسمي للمشروع في عام 2000 وإنشئ مكتب خاص لإدارته ، ولا شك أن شبكة الاتصالات العسكرية المؤمنة تعد إحدى الدعائم الرئيسة لبناء المنظومة الدفاعية المشتركة ، وسعياً من دول مجلس التعاون لضمان مواكبة شبكة الاتصالات المؤمنة للتطورات المتسارعة في مجال التقنية الرقمية والمعلومات فإنه يجري بصفة مستمرة إدامة وتطوير وإضافة العديد من القدرات والإمكانيات للشبكة ، بالإضافة إلى ربط وزارات الخارجية ووزارات الداخلية والجهات الأمنية بدول المجلس من خلال هذه الشبكة
مشروع منظومة حزام التعاون
في عام 1997م وافق أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون على تنفيذ مشروع منظومة حزام التعاون وهو مشروع مشترك لربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوية في القوات المسلحة بدول المجلس وتم تشغيل المرحلة الأولى من المشروع نهاية عام 2001م ويجري بصورة مستمرة إدامة وتحديث أجهزة التشغيل لمنظومة حزام التعاون لتواكب التطور المتسارع في مجال أنظمة القوات الجوية والدفاع الجوي ولتكون بدرجة جاهزية عملياتية وفنية عالية
الخدمات الطبية للعسكريين التابعين لدول المجلس
في ضوء قرار المجلس الأعلى في دروته التاسعة (المنامة ، ديسمبر 1988) بأن يعامل مواطنو دول المجلس المقيمون والزائرون لأي دولة معاملة مواطني الدولة نفسها في الاستفادة من المراكز الصحية والمستشفيات العامة فقد صادق المجلس الأعلى في دورته الثالثة والثلاثين (مملكة البحرين ، ديسمبر 2012) على قرار مجلس الدفاع المشترك في دورته الحادية عشرة بالموافقة على علاج منتسبي القوات المسلحة لدول المجلس وعائلاتهم المنتدبين في مهام رسمية أو المشاركين في دورات تدريبية في الدول الأعضاء في المستشفيات العسكرية لتلك الدول
التمارين المشتركة
تنفيذاً لتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون بشأن إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لجعل القوات المسلحة بدول المجلس أكثر تجانساً وتوافقاً خلال تنفيذ العمليات المشتركة فإنه يتم وبصورة دورية ووفقاً لبرامج زمنية محددة تخطيط وتنفيذ العديد من التمارين المشتركة بين القوات البرية والجوية والدفاع الجوي والبحرية ووحدات الخدمات الطبية وقوات درع الجزيرة المشتركة
الإدارة والقوى البشرية
أولى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون إهتماماً خاصاً بالموارد البشرية وتنميتها وتدريبها وتأهيلها ، ووجهوا باتخاذ كافة الإجراءات لتسهيل تنقل الكفاءات العسكرية والمدنية المؤهلة العاملة بالقوات المسلحة في دول مجلس التعاون وإيجاد بيئة عمل مشتركة ، ولقد أعتمد مقام المجلس الأعلى لمجلس التعاون في هدا المجال في عام 2010م النظام الموحد لمد الحماية التأمينية للعسكريين من مواطني دول مجلس التعاون ، كما وافق في عام 2011م على السماح بالاستفادة من ذوي الخبرات والكفاءات من العسكريين والمدنيين المتقاعدين من مواطني دول المجلس للعمل في المؤسسات والجهات الحكومية وشبه الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بدول المجلس الأخرى
مجالات العمل العسكري الأخرى
سعياً من القوات المسلحة بدول مجلس التعاون إلى جعل العمل العسكري الخليجي المشترك أكثر توافقاً وتكاملاً والعمل على تعزيزه في كافة مجالاته ، فقد تم إتخاذ عدد من الخطوات البناءة لتحقيق تلك الأهداف ، حيث تم توحيد ووضع آليات عمل مشتركة لتبادل المساندة الفنية في مجال الإمداد والتموين والصيانة والتزويد الفني بين القوات المسلحة بدول المجلس ، كما تم في مجال البيئة وضع عدد من المفاهيم والأسس الخاصة بتقريب السياسات البيئية وتوحيد الأنظمة والتشريعات وتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية وتنمية الموارد البشرية ورفع مستوى الوعي البيئي للحفاظ على الموارد الطبيعية في نطاق القوات المسلحة بدول المجلس ، وفي مجال التدريب والتعليم العسكري تم توحيد العديد من الكراسات العسكرية ومناهج الدورات العسكرية بالإضافة إلى تنظيم ووضع آليات الاستفادة المتبادلة من الإمكانات التدريبية العسكرية المتوفرة في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية بدول المجلس ، أما مجال الرياضة العسكرية فقد لقي دعماً كبيراً خلال ثلاثة عقود وذلك إيماناً بأهمية تعزيز أواصر الأخوة بين منتسبي القوات المسلحة بدول المجلـس من خلال إقامة البطولات والمسابقات والدورات الرياضية بين منتسبي القوات المسلحة بدول المجلس بصورة دورية
مركز التنسيق للأمن البحري ومنظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ البالستية
عقد مجلس الدفاع المشترك لدول الخليج دورته العاشرة يوم الثلاثاء 26ذوالحجة 1432هـ الموافق 22 نوفمبر 2011م في مدينة أبوظبي واستعرض أصحاب السمو والمعالي سير التعاون العسكري والدفاع المشترك في المجالات المختلفة ، كما استعرضوا التحديات والتهديدات التي تواجه حركة الملاحة في البيئة البحرية خاصة في الخليج العربي وبحر عمان والبحر الأحمر ومتطلبات تحقيق الأمن البحري بها ووافقوا على إنشاء مركز تنسيق للأمن البحري لدول المجلس في مملكة البحرين واستكمال ما يتعلق بالقوة البحرية المشتركة من دراسات ، وناقش أصحاب السمو والمعالي تزايد المخاطر التي يمثلها انتشار وتطور الصواريخ البالستية وقرروا مواصلة استكمال الدراسة الخاصة بإمتلاك منظومة إنذار مبكر موحدة لمواجهة هذا النوع من التهديدات ، وفي 21/04/2013 انطلق الاجتماع التاسع لفريق العمل المختص بدراسة وانشاء المنظومة الاقليمية للدفاع ضد الصواريخ البالستية في دول مجلس التعاون الخليجي وذالك لدراسة وانشاء المنظومة الدفاعية
معهد الدفاع والامن الخليجي
في اجتماع الدورة العاشرة للجنة العسكرية العليا ناقشت اللجنة فكرة إنشاء معهد عالي للدفاع والأمن لدول الخليج وفي اجتماع الدورة الحادية عشر لمجلس الدفاع المشترك لوزراء الدفاع بدول الخليج اقر المجلس إنشاء معهد للدفاع والامن على مستوى دول الخليج
القيادة العسكرية الموحدة
تمشياً مع ما تشهده مسيرة مجلس التعاون من تطوير مستمر وسعي حثيث نحو إقامة وحدة متماسكة في مختلف المجالات ، فقد صادق المجلس الاعلى في دورته الثالثة والثلاثين (مملكة البحرين ، ديسمبر 2012) على قرار مجلس الدفاع المشترك في دورته الحادية عشرة (الرياض ، نوفمبر 2012) بإنشاء قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس ، ومع مطلع العام 2013م بدأت اللجان العسكرية المختصة في دراسة الجوانب القيادية والتنظيمية والمالية لتلك القيادة تمهيداً لرفعها إلى المجلس الوزاري لمراجعتها ورفع ما يراه بشأنها إلى مقام المجلس الاعلى
تعليق