كيف حصلت معركة الغوطة الشرقية؟ كثيرة هي السيناريوهات المتخيلة، لكنها على كثرتها لم تقترب من المسار الحقيقي للمعركة، التي قيل إنها كانت في حال نجاح هجوم المعارضة فيها لتقلب الميمنة على الميسرة في منطقة حيوية على تخوم دمشق.
وبحسب مصادر ميدانية شاركت في المعركة، فإنها بدأت منتصف ليل 23/24 تشرين الثاني الحالي، حيث تسللت مجموعات كبيرة من كتائب المعارضة من مناطق الحشد في الغوطة ومحافظة درعا، وليس كما رُوج سابقاً عبر الحدود الأردنية. المعركة بدأت الساعة الثانية فجراً عندما قامت قوة متقدمة، ممن وصفهم المصدر بـ«القاعدة»، بشن هجوم مباغت على الجبهة الغربية من منطقة دير سلمان وفتح ثغرة أدت إلى كشف المحور المذكور، ما سمح بدخول السرية الأولى للقوة المهاجمة إلى مشارف منطقة سكة الحديد وتجاوزها، وهنا بدأت أولى المواجهات.
بالتوازي كانت قوة أخرى تتسلل من كتائب المعارضة نحو منطقة البحارية وتصطدم باللواء 12 من الفرقة الرابعة في الجيش السوري، الذي تمكن من منعها من التقدم أكثر، لكنها تكبدت خسائر خلال تصديها، بلغت 16 جندياً. وخلال ساعة تم تعزيز القوات المدافعة، الأمر الذي مكنها من شن هجوم معاكس استمر حتى الساعة التاسعة صباحاً نجح خلاله الجيش السوري والقوات التي تحارب إلى جانبه في إجبار المعارضة المسلحة على الانسحاب.
وبحسب المصدر الميداني المطلع فإن عملية التفاف جرت من قبل مجموعات من الجيش السوري نجحت خلاله في نصب كمين للكتائب المعارضة عند منطقة سكة الحديد، الأمر الذي أوقع فيهم عدداً كبيراً من القتلى والجرحى. المصدر يؤكد أن مجمل قتلى المعارضة بناء على المعلومات الميدانية المتوفرة تخطى 300 قتيل، موضحاً أن الجيش السوري تمكن في نهاية المعركة من السيطرة على طريق الإمداد بين درعا وريف دمشق، وهو أمر في غاية الحساسية، وأنه يقطع الأوكسجين عن المجموعات المعارضة في مناطق ريف دمشق، التي أضحت معزولة بشكل أو بآخر.
أسباب عديدة سمحت بدخول القوة للمحور المذكور وتخطيها لخط الدفاع الأول، يقول المصدر، «أحياناً تتراجع قوات خط الدفاع الأول عندما يكون الهجوم كبيراً. المعلومات المتوفرة تؤكد أن قوات المعارضة دخلت هجوماً انتحارياً بكل ما للكلمة من معنى»، مضيفاً إن «المعطيات تؤكد أن القوة الصادمة، أي التي قامت بالهجوم الأول، كانت مؤلفة من كتيبتين تضمان حوالي 1250 عنصراً، الأمر الذي يحتم أن الذين شاركوا في المعركة بأكلمها كانوا لواءين، أي تقريباً خمسة آلاف عنصر مع مختلف أنواع الأسلحة، في منطقة عمليات واسعة ممتدة من حدود محافظة درعا حتى منطقة الغوطة».
مصدر «السفير» يؤكد أن لدى الجيش السوري وحلفائه انطباعاً مبنياً على وقائع محددة يشير إلى أن الهجوم الأخير كان يدار عملياتياً من قبل ضباط عمليات وإدارة من الجيش السعودي، وأن أحد الأدلة العملانية على ذلك، «وقوع ضابط سعودي جريح، برتبة عقيد، أسيراً بيد الجيش السوري» وهو جاء بالتوازي مع مقتل مطلق المطلق نجل مدير إدارة الضباط في الحرس الوطني السعودي خلال معارك حلب.
وفي محور القلمون، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن وحدات من الجيش السوري تقدمت على محور النبك، وسيطرت على مساحات في مدخل المدينة التي لا تبعد سوى بضع كيلومترات عن دير عطية التي لا تزال تشهد مواجهات للسيطرة على التلال التي تكشف معظم المناطق المجاورة لدير عطية وحتى النبك وقارة. وذكرت الوكالة أن وحدات من الجيش استعادت مزارع عين البيضا جنوب غرب قارة.
وقال مصدر أمني لوكالة «فرانس برس» إن منطقة القلمون «مسرح عمليات عسكرية منذ لجوء المسلحين باتجاه النبك ودير عطية بعد السيطرة على قارة». وأضاف إن «العملية مستمرة في المدينتين حتى القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة المتحصنة فيهما. وكل يوم هناك إنجاز وتقدم معين باتجاه الانتهاء من هذا التواجد المسلح».
وفي حلب، ارتفع إلى 20 عدد قتلى المسلحين من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في اشتباكات خلال اليومين الماضيين مع القوات السورية في منطقة الشيخ سعيد، كما دارت اشتباكات في منطقة جسر الدويرينة وفي قرى قريبة من بلدة خناصر.
تعليق