مدخل إلى حرب الألغام الأرضية المضادة للدروع
في شهر فبراير من العام 2002 دبابة إسرائيلية من طراز Merkava III تم تدميرها بواسطة قنبلة طريق قرب مستوطنة نيتساريم Netzarim في قطاع غزة . الدبابة أغريت إلى التدخل لاعتراض هجوم محتمل على قافلة للمستوطنين . عندها الدبابة وطأت على ما يشبه اللغم الأرضي الثقيل ، الذي بدوره انفجر وحطم الدبابة بالكامل ، مما أدى إلى مقتل أربعة جنود جراء الانفجار . هذه كانت الدبابة الثقيلة الأولى التي تدمر أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية . دبابة إسرائيلية أخرى على الأرجح من نفس النوع ، دمرت بعد شهر واحد في نفس المنطقة وتحدثت التقارير عن مقتل ثلاثة جنود . هجوم بشحنة أرضية تعرضت دبابة أخرى من نوع Merkava II دمرت قرب معبر كيسوفيم Kissufim Crossing ، عندما قتل جندي واحد وجرح آخرين .الفقرة الثاني من معاهدة أوتاوا Ottawa Treaty الخاصة بتحريم استخدام الألغام المضادة للأفراد والموقعة بتاريخ 3 ديسمبر العام 1997 ، التزمت تعريف "اللغم" mine على أنه تلك ذخيرة المصممة والمعدة لكي توضع في الأسفل ، أو بالقرب من سطح الأرض أو على الأسطح الأخرى ، بحيث تنفجر بالضغط أو عند اقتراب أو احتكاك شخص أو عربة معها . بكلمة أخرى ، اللغم هو أداة مشتملة على مادة متفجرة ، وضعت داخل أو على الأرض لتحطيم الأفراد أو عربات العدو ، أو ربط تحت أو حتى عوم floating على سطح الماء لتدمير أو عرقَلة سفن العدو . تشكيلات الألغام الأرضية اليوم تتفاوت من الأدوات البسيطة جداً المرتجلة في ساحة المعركة من قبل الجنود وحتى الأسلحة ذات التقنيات المتطورة . في الحقيقة اللغم الأرضي الذي كان ينظر إليه فيما سبق نظرة ازدراء وتصغير ، استفاد كثيراً في زمننا الحالي من آخر التطورات في علم المواد والإلكترونيات والتقنيات الأخرى ، وباتت الألغام الحديثة تصنع من مواد غير معدنية non-metallic يدمج معها إلكترونيات ومجسات متقدمة جداً ، مما جعلها على نحو متزايد تحمل صفة "الذكاء" smart .
على مر الزمن ومنذ ابتكارها ، اعتبرت الألغام أسلحة مضاعفة للقوة ، فهي رخيصة الثمن بالمقارنة مع الأنواع الأخرى من الأسلحة ، وهي قادرة عند استخدامها على تغيير حسابات العدو أثناء الحركة والتقدم وإرباك خططه الهجومية من ناحية توقيت العمليات operation timing . هي قادرة على الدفاع عن المناطق الممتدة بسهولة وجهد نسبي أقل ، كما أنها تستطيع تحريم الأرض على قوات العدو وعرقلة disrupt تقدم قواته باستحداث العوائق والموانع التي يجب إما اختراقها أو تطويقها والدوران حولها . وعند إطلاقها من مسافات بعيدة نسبية بالوسائط القذفية المتعددة ، فإنها تستطيع إجبار تشكيلات العدو المدرعة للتحرك في الاتجاه المرغوب desired direction، وتقسيم وفصل تشكيلاته ، أو حتى كشف وتعرية أجنحته . أما في حالة إيقاف أو إبطاء حركة العدو وإجباره على التركز في مناطق محددة ، فإن تلك ستكون فرصة لتغطية وشمول هذه المنطقة بنيران الأسلحة الأخرى القاتلة والنيران المباشرة direct fire . الألغام على أية حال ، سلاح ذو حدين عند نشرهم وبعثرتهم ، فهم يمكن أن يكونوا قاتلون إلى الجانب الذي وضعهم بينما هم كذلك أيضاً بالنسبة للعدو ، لذا من المتوقع أن يستمر تهديد هذا النوع من الأسلحة على المدى البعيد .
تستطيع أرتال الدبابات عبور وتجاوز حقول الألغام بدعم العربات المجهزة بمحاريث الألغام mine ploughs ، لكن في هذا الحالة سرعتها تكون مقيدة ومحصورة بسرعة الدبابة الجارفة للرمل (حوالي 4-8 كيلومتر في الساعة) ، وهكذا تكون هذه القوات المدرعة أهداف سهلة للنيران المضادة للدبابات . وفي الحروب التقليدية ، تنقسم حقول ألغام إلى تقسيمات وتشعيبات فرعية ، فهناك الألغام الحدودية ، الدفاعية ، الوقائية ، التكتيكية ، المزيفة ومصدر الإزعاج .. حقول الألغام الحدودية تكون طويلة الامتداد ، ومصممة لمنع تسلل القوات المعادية والناشطين الإرهابيين . حقول الألغام الدفاعية أيضاً طويلة الامتداد ، الهدف منها منع الهجمات الرئيسة بقوات العدو المدرعة . حقول الألغام التكتيكية ارتبطت بالعقبات والموانع الطبيعية natural obstacles ، وتهدف لحرف مسار العدو نحو مناطق القتل المطلوبة ، وهذه قادرة على تحريم الأرض على القوات المعادية لفترات محدودة . حقول الألغام الوقائية هي حقول ألغام صغيرة المساحة ، وضعت من قبل وحدات غير هندسية لتوفير حماية موضعية فقط . حقول الألغام المزيفة Phoney minefieldsكما هو واضح من اسمها ، هي حقول ألغام محدودة الأداء نوعاً ما ، بحيث توضع الألغام بعجالة على هيئة بضعة صفوف ، أو صف واحد على الأقل ، وذلك بسبب قلة الوقت أو المصادر لعمل حقل ألغام تكتيكي فاعل .
تعليق