الكثير من الرسائل والمستجدات شهدتها محافظة صعدة شمالي اليمن ، حيث بدت مراسيم تشييع جثمان زعيم التمرد حسين بدر الدين الحوثي كمناسبة لشبه إعلان عن قيام دولة إمامية تنطلق من المحافظة التي تقع تحت سيطرة الحوثيين وإلى جانبها مديريات مجاورة.. وفي هذا الموضوع سنحاول تلخيص هذه الملاحظات الهامة.
أولاً.. إن الرسالة الأولى في هذا اليوم هي أن مراسم التشييع جرت بأزياء رسمية، ما يعني إعلان الحوثيين عن أنفسهم كدولة وجيش، حيث ظهرت ثلاثة أزياء عسكرية خلال المهرجان والتشييع.
ثانياً.. إن الحوثيين بذلك الجمع الكبير الذي بدأوا للحشد له منذ أشهر، لم يسمحوا بوجود للعلم الوطني اليمني، أي قدموا أنفسهم كحركة ردة إمامية لا تعترف بالجمهورية اليمنية، على عكس بعض الأحزاب الشيعية في العراق ولبنان والتي تحمل أعلام بلدانها.. وبذلك يكون اليقين قد قطع الطريق على الشك والمشككين.
ثالثاً.. طوال المراسيم وقبل المراسيم، أعلنوا تشييع القائد، ولم يسموه قائد ماذا؟ أي أنهم لا يعترفون بأي قائد آخر بهذه البلاد. مثلما لم يعترفوا بالعلم الوطني، ولا بالنشيد الوطني. وكانت إيحاءات جميع الأناشيد والتعليقات أثناء المهرجان والفعاليات المرافقة والتعبئة بوسائل الإعلام، تقول: عدنا. أي عادت الإمامة. وقالوا حرفياً: "عادت المياه إلى مجاريها".
رابعاً.. لا يوجد حزب في دساتير البلدان يمتلك جيشاً، وقد أعلنوا اليوم عن أنفسهم كدولة، باعتبار الجيش والمراسيم الرسمية أمور تخص الدولة، أي أكدوا أنهم حركة تمرد لديها أنظمتها التي لا تعترف بالجمهورية اليمنية ولا تعيرها أي اهتمام. بل تعهدوا بمواصلة مسيرتهم ضد الدولة.
خامساً.. لوحظ العلم الشطري لما كان يعرف باليمن الجنوبي في مراسيم تشييع الحوثي. وهذه رسالة واضحة تؤكد واحدية الانفصال جنوباً وشمالاً،وتبعيته لإيران والسكوت الرسمي عنه. لا تحتاج إلى مزيد من التفاصيل، بل تحتاج إلى تأمل!..
سادساً.. أعلن الحوثيون أن هذا المهرجان هو تأكيد وتأييد لمواصلة المسيرة. أي أعلنوا رسمياً مواصلتهم كحركة مسلحة كما بدأت، وليس كما يزعم السياسيون بأنها قد دخلت السياسة.
الخلاصة التي تأكدت لليمنيين هي أن الشرعية السياسية التي مُنحت للحوثيين من خلال مؤتمر الحوار لم تكن إلا دعماً كبيراً ليواصلوا بتمردهم وبتوسعهم وهاهم يتحدون. وأن القيادة الانتقالية ممثلة بعبدربه منصور هادي والقوى السياسية قد فرطت بالوطن. فالاقتراب من مطالب الانفصال، زاد الانفصال، والاقتراب من الإمامة أعاد الإمامة.
لا وجود للعلم اليمني ولا للعمل السياسي.. ومن يظهر اليوم يدافع عن الحوثي هو متواطئ مع هذه الإمامة التي أعلنت عن نفسها في عهد عبدربه منصور هادي، وأكدت من خلال احتفالها صنوف التهديد والوعيد لليمن واليمنيين.. ولم يبق أمام السلطة إلا أن تتخذ ما يناسب مع شبه إعلان دولة أو تذهب إلى مزابل التاريخ هي وجميع القيادات السياسية والحزبية التي منحت اليمن للإمامة.
تعليق