تحتفظ الولايات المتحدة وروسيا بأكبر مخزون من معدات الأسلحة الكيميائية في العالم.وبحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن نحو 81 في المئة من المخزون العالمي المعلن دُمّر في تموز/ يوليو 2013.وقد دمرت الولايات المتحدة نحو 90 في المئة من هذا المخزون، وروسيا نحو 74 في المئة. واليوم اخذت الولايات المتحدة على عاتقها مبادرة تدمير الأسلحة الكيميائية السورية لإزالة برنامج السلاح الكيميائي السوري وتدارك أي إبادات إضافية بحق الشعب السوري.لذلك تستعد السفينة الأميركية Cape Rayالتي جهزت بنظام لتدمير الجزء الأكبر من تلك الأسلحة، للانطلاق في مهمتها في منتصف كانون الثاني/ يناير بحسب ما أعلنه بداية هذا الشهر مسؤولون في وزارتي الدفاع والنقل الأميركيتين.ومن المتوقع أن تدمر السفينة حوالى 700 طن متري من مواد البرنامج الكيميائي السوري - من غاز الخردل ومركّب دي. إف (DF) - وهو أحد مكوّنات غاز السارينوستنقل على متن السفن النروجية والهولندية إلى أحد المواقع في البحر المتوسط، على الأرجح في إيطاليا، تحت الحراسة المسلحة المواكبة من سفن حربية صينية، حيث ستتولى Cape Ray إبطال مفعول شحنة المواد الكيميائية.ولكن قبل شحن مفاعيل الحرب الكيميائية، يقوم الجيش السوري ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بوضع العناصر الكيميائية في حاويات يجري على الأثر ختمها حتى لا تتسرب منها عناصر كيميائية إلى سفينتي الشحن. ولا يتم فتح تلك الحاويات إلا بعد نقلها إلى الفريق المكلف بإبطال مفعولها، وذلك من خلال ضخ العناصر الكيميائية في صهريج وتسخينهاعلى درجة حرارة شديدة وإضافة المياه وهيدروكسيدالصوديوم وهيبوكلوريتالصوديومإليها ليتم إبطال مفعول المركبات كيميائياً.وسيستخدم الاختصاصيون الذين يبلغ عددهم 64 اختصاصياً، نظامين جديدين "للتحليل بالماء قابلَيْن للنشر ميدانيًا" ومركبَّيْن حديثًا لإبطال مفعول المواد الكيميائية.ومن المتوقع أن تستمر عملية تدمير الأسلحة حوالى 90 يومًا.والجدير بالذكر أنه في نهاية كانون الثاني/ يناير 2013، قام فريق بتقييم التكنولوجيا الموجودة لإبطال مفعول الأسلحة الكيميائية، وأوصى باستخدام عملية التحليل بالماء. وبدأ بناء نظام قابل للنشر ميدانيًا في شهر شباط/فبراير من العام الماضي، وأصبح النموذج الأولي متوفرًا في حزيران/يونيو الفائت؛ ثم توفر نموذج ثانٍ في أيلول/سبتمبر.هناك خيمة مغلقة مركّبة على متن السفينة تحتوي على وحدتين للتحليل بالماء، تعملان بشكل متوازٍ على مدى 24 ساعة في اليوم.وقد كلّف صنع كل وحدة حوالى 5 ملايين دولار، وهي تحتوي على أنظمة متداخلة ومفاعل مبطَّن بالتيتانيوم لمزج عناصر الأسلحة الكيميائية مع المواد الكيميائية التي سوف تبطل مفعولها.وسينتج عن عملية إبطال مفعول الأسلحة الكيميائية حوالى 1.5 مليون غالون من "النفايات السائلة" السامة التي يجب التخلص منها. وتماثل النفايات السائلة المركّبات السامة الأخرى التي تولّدها العمليات الصناعية، لذلك ثمة سوق تجارية حول العالم للتخلص من هذه النفايات.وقال آدم بيكر من مركز إدجوود للمواد الكيميائية الأحيائية في ولاية مريلاند: "يمكن إبطال مفعول حوالى 130 غالونًا من غاز الخردل في وقت واحد خلال مدة ساعتين تقريبًا، على سبيل المثال."
وبحسب روب مالون، المسؤول في مركز إدجوود ستكون النفايات السائلة حمضية وسيتم تعديل رقمها الهيدروجيني لتكون النتيجة النهائية سائلاً كاويًا شبيهًا بالمواد التجارية لفتح مصارف المياه.وذكر مالون أن الخطةتشمل دورة من ستة أيام للتخلص من الأسلحة الكيميائية ويوم واحد لصيانة المعدات. وستكون على متن السفينة حوالى 220 حاوية، سعة كل منها 6,600 غالون لاحتواء الكواشف الكيميائية المستخدمة في عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية، كما ستستخدم فيما بعد لحفظ النفايات السائلة.تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تتخلص أبدًا حتى الآن من أسلحة كيميائية على متن سفينة. لكنها أمضت سنوات للتخلص من أسلحتها الكيميائية على الأرض، وذلك باستخدام نفس العملية التي تستخدم في النظام الحالي للتحليل بالماء القابل للنشر ميدانيًا. فالعملية الكيميائية ليست جديدة، وكذلك الأمر بالنسبة للتكنولوجيا. غير أن المنصة على متن السفينة هي الشيء الجديد وقد شكَّلت تحديات لفريق العمل.وقد أجريت دراسات حول تداعيات الاهتزاز لمعرفة كيفية عمل معدات المختبر على متن السفينة. وكان يلزم تعديل المعدات لتثبيتها في السفينة باستخدام السلاسل.وتم كذلك تزويد السفينة بأجهزة لضبط التوازن وتخفيض حدة التمايل كما تم إعدادها بأجهزة لتخفيف أضرار سلبيات الطقس على متنها.في بداية التسعينات من القرن الماضي، تم تدمير الأسلحة الكيميائية في العراق عبر تنفيذ عمليات تفجير محدودة في حفر عميقة مما سبب مخاطر عالية على سكان المناطق المحيطة وهو أمر يخالف بنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. أما اليوم فنأمل،بعد أن تنتهي عملية تدمير هذه الأسلحة بشكل آمن،أن يتم التوصل إلى حل الأزمة السورية من جذورها في الوقت القريب.