يعتبر عام 2013م بالنسبة إلى القضية الأفغانية عاماً استثنائياً؛ إذ صدر فيه إعلان رسمي أمريكي عن إنهاء التواجد الأجنبي في أفغانستان، وسيتم سحب القوات الأجنبية من أفغانستان بداية عام 2014م؛ وهو ما فسرته «طالبان»، المقاومة الرئيسة للقوات الأجنبية، بأنه يمثل نصراً كبيراً لها، وتأكيداً أنه لا أحد يستطيع إزاحتها من المشهد السياسي الأفغاني. وبهذا الإعلان قد تأكد لدى الأفغان أن القوات الأجنبية التي واجهت «طالبان» طيلة 12 عاماً قد فشلت في إلحاق الهزيمة بها، واعترفت بأنها قوة ضاربة في الأرض ولا يمكن تجاهلها ويجب التعامل معها كقوة رئيسة وحقيقية في أفغانستان. وتشير الإحصاءات في أفغانستان إلى أنه بخلاف عام 2012م، فقد ارتفعت الهجمات الطالبانية في عام 2013م بعشرة أضعاف ما حصل في العام المنصرم؛ الأمر الذي يؤكد أن حركة «طالبان» رفضت العروض الأمريكية بالحوار والمفاوضات تحت شروط أجنبية، ويتميز عام 2013م بفشل الجهود السلمية في أفغانستان والحوار الذي قررته أمريكا مع «طالبان»؛ حيث أخفقت الوساطات التي قامت بها قطر والسعودية، وتراجع الدور الباكستاني؛ بسبب الإصرار الأمريكي والهندي على تهميش دورهم والتعامل معهم كطرف ثانوي. وبدا في عام 2013م أن الجهود الدولية من دون إشراك باكستان جعلت عملية الحوار في أفغانستان مهمة مستحيلة وغير ممكنة، وتأكد أن باكستان طرف رئيس ومؤثر في المنطقة، وباتت باكستان تمثل الطرف الوحيد الذي يمكنه إنجاح المفاوضات؛ وهو الأمر الذي اعترف به الرئيس «كرزاي» أكثر من مرة؛ حيث أكد أنه من دون دور حقيقي لباكستان فإن الحديث عن نجاح المفاوضات أمر بعيد المنال. تصعيد الهجمات وقد أكدت «طالبان» خلال عام 2013م أنها لن تتراجع، وستواصل تصعيد عملياتها؛ الأمر الذي كشفته الأرقام على الأرض؛ حيث تمكنت من قتل 600 جندي أجنبي، من بينهم 120 جندياً أمريكياً، بينما قُتل من أفرادها ألف مقاتل، وقُتل في العام نفسه أكثر من 3 آلاف مدني. وشهد عام 2013م ارتفاعاً واضحاً في حجم إنتاج المخدرات، حيث اعتبر هذا العام أكثر الأعوام إنتاجاً للمخدرات في سنوات التواجد الأمريكي منذ عام 2001م، ويوضح هذا الأمر فشل الدول الغربية في إنهاء العمليات القتالية في أفغانستان، وفشلاً ذريعاً في وقف إنتاج المخدرات وتقديم بدائل للمنتجين لها في أفغانستان، حيث بلغ الإنتاج نحو 9 آلاف طن، في حين كان عام 2012م 7 آلاف طن. وكان أهم ما ميز عام 2013م هو رفض الرئيس الأفغاني التوقيع على اتفاقية التعاون الأمني مع القوات الأمريكية؛ حيث ربط توقيعه على المعاهدة الأمنية مع أمريكا بتلبية شروطه المعلنة وغير المعلنة، وبينها التجديد له في قيادة أفغانستان، رغم أن الدستور الأفغاني يمنع تولي الرئيس لأكثر من دورتين، كما يرغب الرئيس الأفغاني في أن يتولى شقيقه «قيوم كرزاي» الرئاسة في الانتخابات المقررة في أبريل 2014م؛ الأمر الذي جعل «كرزاي» يرفض التوقيع الذي يعني في حالة حدوثه بقاء القوات الأمريكية عشر سنوات أخرى في أفغانستان، لكن بأعداد لا تتجاوز 10 آلاف جندي في 10 قواعد أمريكية فيها، وفي حالة رفض التوقيع فسيكون الأمر مختلفاً؛ حيث سيمكنها من أن تهاجم عناصر «القاعدة» و«طالبان» باستخدام طائرات من دون طيار، كما تصنع اليوم في باكستان واليمن وغيرهما، لكنه سيحرمها من القيام بدورها في مراقبة الصين وإيران وباكستان. ويعتبر الإعلان عن الانتخابات الرئاسية والكشف عن هوية الأشخاص المرشحين لها حدثاً مهماً في عام 2013م، حيث ظهرت القيادات المتصارعة على خوض الانتخابات ورسم المشهد السياسي القادم لأفغانستان.. وكان «كرزاي» قد تمكن من تقسيم المقاومة المسلحة ضده إلى قسمين؛ بسبب موقفه المتشدد من التوقيع على المعاهدة الأمنية، حيث رحب «الحزب الإسلامي» برفضه هذا واعتبره موقفاً شجاعاً، بينما شككت «طالبان» في نوايا «كرزاي»، واعتبرته يمهد لنفسه لولاية جديدة من خلال الضغط على الأمريكيين بسماحهم بتعديل دستور أفغانستان أو السماح له بالبقاء في الحكم بطريقة أو بأخرى. وتميز عام 2013م في أفغانستان بتغير نظرة الأفغان إلى باكستان، وإنهاء العداء الذي خيم على علاقة باكستان بأشهر الجماعات الأفغانية، إذ ذاب جليد العلاقات بين باكستان والاتحاد الشمالي الذي ظل ينظر إلى باكستان كعدو لدود له، وظل يتمسك بعلاقاته مع الهند، ويتقرب منها. نفوذ واسع لـ«طالبان» وكانت شخصيات مهمة في الاتحاد الشمالي قد غيرت رأيها بعد مقتل زعيمها السابق «برهان الدين رباني»، حيث اتهموا أطرافاً أمريكية وموالية لها بالضلوع في تصفية زعيمهم بعد أن حاولوا إلصاق التهمة بـ«طالبان»، وبالمخابرات الباكستانية، وكان زعيم المجلس الوطني للمصالحة «برهان الدين رباني» والرئيس السابق لأفغانستان قد قُتل، وحاول الأمريكيون إلصاق تهمة قتله بباكستان؛ لمنع أي تقارب بين الاتحاد الشمالي وباكستان، لكن المحاولة باءت بالفشل، وبات الشماليون وعلى رأسهم المرشح السابق للانتخابات الرئاسية «عبدالله عبدالله»، ووزير الدفاع السابق «قاسم فهيم»، ووزير الداخلية ورئيس البرلمان السابق «يونس قانوني» جميعهم باتوا مقربين من باكستان وليس العكس؛ وهو الأمر الذي جعل الهند وحكومة «كرزاي» والأمريكيين وغيرهم يشعرون بالقلق؛ إذ إن «طالبان» وحدها التي كانت محسوبة على باكستان، فإذا بالشماليين يتحولون إلى حلفاء جدد؛ الأمر الذي سيهدد القوة الأفغانية الأخرى ويحولها إلى مجرد فقاقيع. وكان عام 2013م قد أكد مخاوف القوات الغربية في أفغانستان من أن البديل عنهم سيكون «طالبان»، إذ تأكد لديهم أن القوة المنظمة في أفغانستان والموحدة والتي تأتمر بأوامر قيادة مشتركة وقوية وموحدة هي «طالبان»، وأن قواتها الضاربة في الأرض والمنتشرة في كل مكان باتت تمثل قلقاً كبيراً؛ إذ إن المخابرات الأمريكية وقيادة «الناتو» في أفغانستان ووزراء الدفاع في كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا جميعهم أكدوا أنهم لا يرون أي بديل للحكم في أفغانستان سوى حركة «طالبان» التي تمتلك قوات مسلحة منظمة وقيادة موحدة وأميراً يطاع من الجميع. وأكد هؤلاء أن حكومة «كرزاي» قد لا تستطيع الصمود أمام هذه القوة المنظمة، وأن هناك خطراً في أن تعيد السيطرة على الحكم وإزاحة حكومة منتخبة كما يقول الأمريكيون، وسيكون أهم تحدٍّ بالنسبة للقوات الأمريكية في أفغانستان في عام 2014م هو كيف يتم الحفاظ على حكومة موالية للأمريكيين وحمايتها من السقوط في يد «طالبان»؟ ويراهن الأمريكيون وما زالوا على إضعاف «طالبان» أو تقسيمها، لكن الرهانات باتت ضعيفة وغير مؤكدة، وأن قرارهم الصائب سيكون في ترك باكستان لتكون هي اللاعب الرئيس في أفغانستان وليس الهند، وحتى الدول العربية الأخرى ليس بإمكانها القيام بأي دور مؤثر؛ لأن علاقاتها مع الحركة المسلحة ليست على ما يرام، وأنها متهمة بالتعاون وتنفيذ أجندة أمريكية لا غير، ويعتقد على نطاق واسع أن يكون عام 2014م عاماً لباكستان حتى تعود إلى المنطقة بكل قوة، وتستخدم نفوذها على «طالبان» و«الحزب الإسلامي»، وحتى على «الاتحاد الشمالي» لتوحيدهم وجمعهم ليكونوا قوة سياسية واحدة، أو متفقين مع بعضهم بعضاً، ويمكن للرئيس «كرزاي» أن يرضخ في النهاية لباكستان ويسير في فلكها؛ حفاظاً على مستقبله السياسي وعلى دور حزبه في الحكومة القادمة في أفغانستان.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
القوات الأمريكية في أفغانستان تعلن عن إخفاقها في عام 2013م
تقليص
X
-
رد: القوات الأمريكية في أفغانستان تعلن عن إخفاقها في عام 2013م
" في ذكرى هزيمة السوفيت..طالبان تتوعد أمريكا بنفس المصير"
توعدت حركة طالبان الولايات المتحدة بنفس مصير الاحتلال السوفيتي, وذلك في الذكرى الـ 25 للانسحاب السوفيتي من أفغانستان.
وقالت طالبان في بيان "امريكا تواجه اليوم نفس مصير السوفيت السابقين وتحاول الفرار من بلدنا."
واضافت "امارة افغانستان الاسلامية تدعو شعبها الى التعامل مع غزاة اليوم مثلما فعلوا مع غزاة الامس."
وتابع البيان "نريد تذكير الامريكيين بأننا لم نقبل الغزاة باغرائاتهم وشعاراتهم اللطيفة في الماضي. محوناهم من خريطة العالم. ان شاء الله ستلقون نفس المصير."
وكانت آخر قافلة للاحتلال السوفيتي قد غادرت أفغانستان في 15 فبراير 1989.
وتشن حركة طالبان هجمات عنيفة على الاحتلال مما جعله يقرر بعد 10 سنوات من الغزو الانسحاب بمعظم قواته.
سحابة الكلمات الدلالية
تقليص
ما الذي يحدث
تقليص
المتواجدون الآن 0. الأعضاء 0 والزوار 0.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 182,482, 05-21-2024 الساعة 06:44.
تعليق