دبابــــــــة رسمــــــــــت مستقبلهــــــــا
T-72M1 URAL
T-72M1 URAL
نظرة ثاقبة لأعمال تطوير الدبابات السوفييتية منذ منتصف وأواخر الخمسينات يجب أن توجه ملياً نحو مكتب التصميم الوحيد آنذاك لدبابات المعركة السوفييتية الرئيسة ، وهو مكتب تصميم أليكساندر موروزوف Aleksandr Morozov أو الاختصار KMDB (موروزوف مهندس ومصمم دبابات سوفييتي ، خريج معهد موسكو الميكانيكي ، ولد في 29 أكتوبر العام 1904 وتوفي في 14 يونيو العام 1979) ، الذي عمل على تطوير دبابات من جيل جديد في مصنع الدبابات في منطقة كاركوف Kharkov (الآن يطلق عليها كاركيف Kharkiv في أوكرانيا) . اسم هذا المكتب كان قَد ارتبط سابقاً بتصميم الدبابة الأسطورية T-34 في الحرب العالمية الثانية ، وقبل اجتياح كاركوف من قبل القوات الألمانية الغازية في العام 1941 ، المصنع ومكتب التصميم المرتبط تم نقلهما شرقاً إلى مدينة " نيزني تاغيل" Nizhni Tagil في منطقة "الأورال" Urals . هناك المكتب أعطى مسؤولية تطوير دبابات الجيل القادم السوفيتية ، قصير الأجل T-44 والأكثر نجاحاً T-54 .
في شهر أغسطس من العام 1967 ، أبلغ مصنع أورال فاغن بوجوب الانتقال والتحول من صناعة الدبابة T-62 إلى الدبابة T-64A مع العام 1970 . مغايران تم تصورهما ، الأول هو النسخة الأساس T-64A بمحركها الديزل 5TDF ذو المشاكل المقلقة لمستخدميه ، والمغاير الآخر هو نسخة "التعبئة" mobilization بمحرك ديزل تقليدي هو ذاته المستخدم على الدبابة T-62 ، وقصد من ذلك توفير بديل رخيص في حالة الحرب . مكتب تصميم كارتسيف كان يأمل بتطوير منافس للدبابة المثيرة T-64A لكن طلبه قوبل بالرفض بحزم من قبل موسكو ، وواصل الرئيس السياسي لصناعات الدفاع السوفييتية آنذاك "دمتري أستينوف" Dmitriy Ustinov دعم المشروع الرائع المقبل T-64A كطريق لمستقبل القوات المدرعة السوفييتية (بعد وفاة ستالين في مارس 1953 ، وزارة الأسلحة دمجت مع وزارة صناعات الطائرات ، ليصبح في النهاية اسمها وزارة صناعات الدفاع ، حيث عين أستينوف كأول رئيس لهذه الوزارة الجديدة) .
التنافس بين الفئات السوفييتية المختلفة في شؤون الصناعة ، واستمرار دعم وإسناد الجيش لمكتب كاركوف ونيزني تاغيل أستمر بلا توقف في أواخر الستينات . تفضيل كبار قادة الجيش لتصور أورال فاغن الأسهل والأكثر موثوقية عادل في تأثيره نفوذ الرئيس السياسي لصناعات الدفاع أستينوف وبيروقراطية الكرملين . وفي وسط ذلك الخلاف والجدل ، تم تحويل مكتب كارتسيف من أورال فاغن إلى معهد بحث دبابات الجيش ، وتم الاستحواذ على موقعه من قبل "فاليريا فيندكتوف" Valeri Venediktov . في 12 مايو 1970 , صدر مرسوم حكومي بتوحيد مواصفات الدبابة T-64A ، هذا الأمر منح مصممي أورال فاغن الفرصة لتطوير تفاصيل إضافية ولاحقة للمشروع Obiekt 172 التي حملته لمستوى أبعد من التكوين T-64A ، وذلك بالسماح بدمج وتضمين نظام التعليق الجديد الخاص بالمشروع Obiekt 167 . هذه النسخة عينت تحت اسم Obiekt 172M ، والنموذج كان جاهز بنهاية العام 1970 (رئيس المهندسين ليونيد كارتسيف هو في الحقيقة من ابتدع المشروع Object 172 كتصميم الأولي ، لكن النموذج المعين Object 172M ، هذب وأنجز من قبل فاليريا فيندكتوف) .
بفضول بما فيه الكفاية , معركة مماثلة نشبت في لينينغراد Leningrad نتيجة الخطط لتحويل المصنع هناك إلى إنتاج الدبابة T-64A . الاقتراح والحل البديل هنا كان في التفوق على تصميم كاركوف وتبنى محرك توربيني غازي gas-turbine أكثر قوة . في النتيجة ، وبحلول العام 1971 صناعة الدبابات السوفيتية كان لديها ثلاثة نماذج دبابات قياسية جديدة ، الأصلية T-64A ، والنموذجين المشتقين الجاهزين للاختبارات ، Obiekt 172M (T-72) وObiekt 219 (T-80) . وفي صيف 1972 ، دفعة إنتاج ابتدائية من 15 دبابة للنموذج Obiekt 172M تم استكمالها في نيزني تاغل ، وأخضعت هذه إلى اختبارات ميدانية قاسية استمرت حتى شهر أكتوبر من ذات العام . عموماً ، الجيش كان معجب جداً بمتانة وقوة نيران هذه الدبابة . من جانبه ، الرئيس السياسي لصناعات الدفاع استينوف واصل معارضة إنتاج دبابة أورال فاغن ، إلا أن قادة الجيش واصلوا الضغط لصناعتها نتيجة التردد وعدم الثقة بقدرات T-64A وكذلك عدم نضوج مشروع الدبابة الجديدة Obiekt 219 (T-80) . لحل المسألة وتجاوزها ، طلب الكرملين تكوين لجنة خاصة تحت إشراف النائب الأول لوزير الدفاع ، المشير Ivan Yakubovsky (حاصل على لقب بطل الإتحاد السوفييتي مرتين ، وعمل كقائد عام لقوات حلف وارسو حتى العام 1976) ، وعند هذه المرحلة ، دفعة إنتاج أخرى للدبابة Obiekt 172M أكمل تصنيعها ، ومعها تم تجاوز أغلب المشاكل التي ظهرت في اختبارات العام 1972 ، حيث أجريت التعديلات اللازمة ، وصدر التفويض ببدء الإنتاج . في تاريخ 7 أغسطس من العام 1973 تم قبول النسخة Obiekt 172M في الخدمة لدى القوات المسلحة السوفييتية كدبابة قياسية تحت اسم T-72 . في العام 1975 أطلق على الدبابة تسمية T-72 Ural بعد تصنيعها في منطقة جبال الأورال (اسم أورال Ural الرمزي اختير عن عمد لتذكير الجيش بأن الدبابة قَد طورت من قبل مجموعة نيزني تاغيل الواقعة في منطقة جبل أورال الروسية ، وليس في مكتب كاركوف في أوكرانيا) . سلسلة الإنتاج الأولية من 30 دبابة أكملت بنهاية العام 1973 ، مع عدد 220 أخرى تم أكمال إنتاجها في العام 1974 .
في شهر أبريل من العام 1976 ، توفي وزير الدفاع السوفييتي "أندري غريشكو" Andrei Grechko ، وحل محله الرئيس السياسي السابق لصناعات الدفاع دمتري أستينوف ، الذي لم يعرف عنه استحسانه أو تحمسه لمشروع الدبابة T-72 ، وأشار إليها بقوله "هي خطوة للوراء في تاريخ تطوير الدبابات السوفيتية" . فمنذ مجادلات ومناظرات الإنتاج 1970-1972 ، تحول دعم أستينوف من الدبابة المضطربة T-64 إلى البطل الجديد العامل بالتوربين الغازي T-80 . هذه الدبابة التي طورت من قبل ائتلاف لينينغراد المرتبط سياسياً وبقوة بصانعي القرار في الكرملين Kremlin . بالنتيجة ، أستينوف أغفل برنامج تحسين الدبابة T-72 ، وعمل بدلاً من ذلك على تأكيد دور النماذج T-64 و T-80 كدبابات سوفيتية قياسية ، حيث تقرر نشرها مع الوحدات الأمامية المواجهة لقوات منظمة حلف شمال الأطلسي في ألمانيا . وتقرر أن تتسلم هذه الدبابات أولويات الإبداع والتقدم التكنولوجي في منظومات السيطرة على النيران والحماية المتقدمة ، بينما دبابات T-72 ستستخدم لوحدات الخط الثاني second-line units في الإتحاد السوفيتي بالإضافة إلى التصدير .
مرت الدبابة T-72 بالتطويرات المستمرة أثناء مراحل إنتاجها ، فسلسلة الإنتاج الثانية Obiekt 172M sb-1A دمجت عدة تغييرات بسيطة ، بحيث يمكن تمييزها عن سلسلة دبابات الإنتاج المبكر بتغيير ضوء الكشاف تحت الأحمر من طراز L2AG Luna ونقله من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن من السلاح الرئيس . كذلك هوائي الراديو radio antenna تم نقله من أمام محطة القائد للجهة الخلفية . ووضع المزيد من علب التخزين الخارجية حول البرج . هذه النسخة دعيت أحياناً T-72 Ural-1 نموذج 1976 ، وكانت في سلسلة إنتاج نيزني تاغيل منذ العام 1974 .
النسخ الأصلية للدبابة T-72 التي ظهرت خلال العام 1977 ، استخدمت درع مكسو ومؤلف من ألواح فولاذية متعددة في المقدمة المائلة للهيكل glacis plate ، كما كان لديها برج فولاذي تقليدي كامل الصب . صفيحة الهيكل الأمامية المائلة شملت طبقة أولية بسماكة 80 ملم من الفولاذ عالي الكربون ، تتبعها طبقة بسماكة 105 ملم من GRP (اللدائن المسلحة بألياف زجاجية أو stekloplastika) تحمل ربع كثافة الفولاذ . وأخيراً طبقة بسماكة 20 ملم من الفولاذ عالي الكربون . الدبابات المعاصرة T-64 ومغايرها T-64A ، استخدمت أيضاً درع مؤلف من ألواح فولاذية متعددة في مقدمة الهيكل المائلة glacis plate ، لكن بدلاً من البرج الفولاذي التقليدي ، هي جهزت ببرج مع تدريع خاص ، الذي كان لديه تجويف كبير في الجبهة على جانبي السلاح الرئيس ، ملأ بالألمنيوم aluminum . البرج الفولاذي للدبابة T-72 كان يتحصل على قابلية مقاومة أفضل لنحو 2% تجاه هجمات المقذوفات APFSDS ، بينما برج T-64A كان يمتلك نحو 10% من هذه القدرة تجاه هجمات الشحنات المشكلة shaped-charge . على أية حال ، اختبارات إطلاق النار كشفت بأن فائدة حماية T-64A الظاهرة أقل من تلك الحقيقية ، لأن بعد ضرب التجويف بقذيفة مفردة فإنه يميل إلى التشوه وفقدان فائدته الوقائية . الجيل القادم من الدروع الخاصة استخدم المجموعة كي Combination K أو طبقة خزفية مقحمة في تجاويف البرج . هذا الترتيب الإبداعي طور من قبل معهد البحث العلمي للفولاذ NII Stali ، واستخدم كرات خزفية في مصفوفة ألمنيوم . وعلى الرغم من أن هذا الإبداع قصد منه تعزيز حماية الدبابة T-64A في نسخ العام 1975 ، إلا أنه كان صعب الإنتاج واستبدل لاحقاً بنسخة معدلة تستخدم مادة خزفية متطرفة (ultrafarforov) على هيئة قضبان خزفية بدلاً من الكرات ، تسمى أحياناً دروع "قضبان الرمل" sandbars .
البرج الجديد مع الدروع الخاصة بحشوة القضبان الخزفية كان قد استخدم أولاً على نسخة مؤقتة لسلسلة الدبابات T-72 نموذج 1978 (Obiekt 172M sb-4) التي دخلت مرحلة الإنتاج الفعلي في العام 1977 . إضافة إلى درع البرج الجديد ، هذه النسخة أتاحت أيضاً الانتقال من محدد المدى البصري من طراز TPD-2 إلى محدد المدى الليزري TPD-K1 .مع ذلك ، هذه النسخة كانت قصيرة الأجل نسبياً ، واستبعدت من قبل النسخة المحسنة T-72A نموذج 1979 (Obiekt 172M sb-6 ، ولاحقاً Obiekt 176) التي مثلت إعادة التصميم الرئيس والجوهري الأول لعائلة الدبابات T-72 . هذا النموذج استخدم معظم ما ذكر في النسخة السابقة ، بالإضافة إلى حواف جانبية جديدة مصنوعة من نسيج بلاستيكي مدعم معدنياً لحماية مجموعة الجنازير وأنظمة التعليق من خطر الشحنات المشكلة shaped-charge . هناك أيضاً نظام تعليق محسن للتنقل يدعم عجلات الطريق . مدفع مطور من عيار 125 ملم طراز 2A46 ومنظار TPD-K1 ، ومفرغات دخان من نوع 902 Tucha A. على نسخ الأصلية للدبابات T-72 ، أرباع الدائرة الأمامية لجوانب البرج تمت إمالتها بزاوية نحو 55-60 درجة ، بينما على T-72A ، دروع البرج الأمامي كانت عمودية تقريباً على أغلب النقاط . ثخانة وسماكة ظهور دروع البرج الأمامية للدبابة T-72A أدى إلى إطلاق كنية أمريكية غير رسمية على هذا المغاير ، هي "Dolly Parton" وذلك على اسم المغنية الأمريكية دولي ريبيكا بارتون ، المشهورة بملكة الموسيقى الريفية . لبعض الوقت ، هذه النسخة دعيت بشكل خاطئ T-74 مستندين في ذلك تعيين التطوير المدعو Obiekt 174 . قبلت هذه النسخة للخدمة في شهر يونيو 1979 . سلسلة الإنتاج القادمة كانت T-72A نموذج 1983 ، وهذه قدمت طبقة كاسية ضد الإشعاع anti-radiation clading على سقف البرج وعدة تغييرات أخرى ، بضمن ذلك صفيحة بسماكة 16 ملم على مقدمة الهيكل المائلة . هذه النسخة كانت في الإنتاج المبكر خلال العام 1985 .
تعليق