بعد عودة التفجيرات الإرهابية إلى الشوارع التركية، واستهداف رجال الأمن والمواطنين الأبرياء في أكبر المدن التركية إسطنبول، يتضح بأن هناك مخططات في استهداف تركيا أمنياً، ومن ثم يستهدف تركيا اقتصادياً، ويستهدفها سياسياً، فليس الهدف قتل رجال الأمن أو المواطنين الأبرياء، وإنما تنفيذ خطة أوسع تستهدف تركيا كلها، وإن ادعت الجهات التي تتبنى هذه الأعمال الإرهابية بأنها تستهدف الحكومة التركية، فهذا التفريق بين الدولة والحكومة، أو الحزب الحاكم، غير مقبول في الدول الديمقراطية؛ لأن الشعب هو من ينتخب البرلمان والحكومة ورئيس الجمهورية، ولذلك فإن السؤال يتوجه بعد ذلك بكل دقة؛ لماذا يتم استهداف تركيا بهذه الدرجة والخطورة؟ فتركيا تتعرض منذ ثلاث سنوات -على أقل تقدير- لمخاطر كبيرة؛ بدأت باستغلال احتجاجات بيئية في ميدان تقسيم، إلى استغلالها في تظاهرات سياسية حاولت أحزاب المعارضة المشاركة فيها وقيادتها، ولكنها فشلت، وتبعتها محاولات هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية 2013 و2014 و2015، وقد حملت نتائج هذه الانتخابات الديمقراطية أجوبة قاطعة لكل من يستهدف تركيا بأن الشعب التركي مع حزب العدالة والتنمية، ومع رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، بالرغم من مشاركة كافة أحزاب المعارضة لكسب هذه الانتخابات، وتحالفهم مع جماعة فتح الله غولن، مع كل الأصوات التي تحركها السفارات الأمريكية والأوروبية وغيرها.
كل تلك المحاولات البائسة واليائسة لم تمنع أعداء تركيا، بعد فشلهم في تغيير الحكومة التركية عن طريق الانتخابات السابقة، إلى محاولة تغييرها عن طريق الانقلاب العسكري في 15 يوليو/تموز 2016، ومع فشل الانقلاب العسكري أيضاً لا تزال تلك القوى تستهدف تغيير القيادة التركية، فجاءت الضغوط الأمريكية والأوروبية لتشويه الاقتصاد التركي، والتخويف من الاستثمار في تركيا، وبدأت مؤسسات الائتمان الأمريكي تشير إلى ضعف الاقتصاد التركي في أعقاب الانقلاب الفاشل مباشرة، وكأنها لا تدرك بأن أي دولة تتعرض لانقلاب عسكري يمكن أن تتأثر سلباً ولو بدرجة ما، وتجاهلت قدرة الاقتصاد التركي على تجاوز معظم هذه الصعاب، فجاءت مهاجة الليرة التركية، فواجهت الحكومة التركية الهجوم على الليرة التركية بطريقة أفشلت الانقلاب الاقتصادي كما أفشلت الانقلاب العسكري؛ باستعمال سلاح الشعب نفسه، وطلب أردوغان من الشعب التركي شراء الليرة التركية والذهب بدلاً من العملات الأخرى؛ لأن الشعب التركي هو المستهدف من كل الانقلابات السابقة، حتى التي وقعت في القرن الماضي، وتجاوب الشعب التركي مع رئيسه وسياسات حكومته المنتخبة بصورة صادقة ومذهلة.
إن هذا التجاوب الشعبي والحكومي مع التحديات يؤكد أن غالبية الشعب التركي يدرك أن أساس المعركة هي مع الدول الغربية وأمريكا، التي تريد بقاء تركيا تابعة للقرار الغربي اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وليس عسكرياً في حلف الناتو فقط، وهذا أمر تقبّلته الحكومات التركية السابقة، وبالأخص في القرن العشرين الماضي، عندما كانت بحاجة إلى الغرب اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ويوم كانت الحكومات التركية السابقة تقبل أن تكون أداة بيد الغرب لخدمة مصالحه قبل خدمة مصالح الشعب التركي، ولكن حزب العدالة غيّر هذه السياسة، ولذلك أصبح الغرب أكثر صراحة في التعبير عن رفضه لسياسة حزب العدالة والتنمية الاستقلالية، وأكثر صراحة في رفض أردوغان، والعمل للتخلي عنه وإسقاطه، أي إن المعركة التي يخوضها الشعب التركي اليوم هي معركة استقلال القرار السياسي التركي، وليست معركة أردوغان، ولا حزب العدالة والتنمية فقط، وهي معركة مع التدخل الأمريكي والأوروبي في تركيا، بغض النظر عن الجهة التي تمثل أمريكا في داخل تركيا أو خارجها، سواء كانوا من الأحزاب والتنظيمات التركية، أو من حزب الشعب الجمهوري، أو حزب الشعوب الديمقراطي، أو الكيان الموازي لفتح الله غولن، أو تنظيم داعش، أو تنظيمات إرهابية فرعية تابعة لحزب العمال الكردستاني، وكلهم لهم ارتباطات واتصالات مع الحرس الثوري الإيراني لاستهداف الاستقرار التركي أيضاً.
إن تعاون هذه الأطراف يغني أمريكا ومخابرات بعض الدول الأوروبية التي تستهدف تركيا عن الظهور المباشر في العداء مع تركيا، إلا ما اضطرت إلى ذلك، أو إذا سرّبت ويكيليكس بعض المعلومات، كما جاء في تصريح منسوب لهيلاري كلنتون عام 2014، في اجتماع مع أربع سفراء أمريكيين سابقين في تركيا، قولها: "إن تركيا ومن جديد تسير وبجدية نحو تبنّي الحقائق الإسلامية. عليها أن تعي جيداً أننا وفي سبيل المحافظة على مصالحنا الوطنية والقومية وحمايتها سنقوم بخطوات معينة"، وفي تحليلات أمريكية أخرى تقول بأن المشكلة مع تركيا هي في رؤية أردوغان لطبيعة العلاقة مع أمريكا، وإنه بحسب ظنهم يرى -أي الرئيس أردوغان- بأن: "أمريكا أكثر حاجة لتركيا من حاجة تركيا لأمريكا"، ويرى خبراء أمريكيون أنه لا بد من أن تبذل الإدارات الأمريكية عمل ما يلزم لعكس قناعات أردوغان، وقد يكون من بينها الانقلابات العسكرية، أو الاقتصادية، أو إثارة الاضرابات الداخلية، ولو بعمليات أمنية تستهدف استقرار الشارع التركي، ولو كانت بأيدي منظمات تتشارك أو تتعاون مع المشاريع الغربية في تركيا، حتى لو أدت إلى تقسيم تركيا.
ما يثير الشبهات حول هذه المشاريع أن الاستنكارات الغربية التي أعقبت تفجيرات إسطنبول بتاريخ 2016/12/10، والتي أودت بحياة 38، وجرح العشرات، جاءت الاستنكارات للحادثة فقط، ولم تندد بالتنظيمات المنفّذة، فعبّر البيت الأبيض عن إدانته "الشديدة" للتفجيرين، في بيان أصدره نيد برايس، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، ومشدداً على أن بلاده "في حالة تضامن تامة مع تركيا، شريكنا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ضد كافة أشكال الإرهاب الذي بات يهدد أنقرة وواشنطن، والاستقرار والسلم الدوليين"، ولم تتناول الفاعلين الإرهابيين، والذين أعلنوا عن تبنيهم للهجوم مثل من يطلق على نفسه "صقور حرية كردستان"، فهذه المنظمة تابعة لحزب الشعوب الديمقراطي، ومن ثم فهي تابعة لحزب العمال الكردستاني، وعليه فإن التنديد ينبغي أن يستنكر أعمال حزب العمال الكردستاتي بالاسم، وكل التنظيمات التابعة له، وبالأخص التي تستهدف تركيا بالأعمال الإرهابية، فتركيا استنكرت من يستهدف أمريكا والدول الأوروبية بالاسم، ووضعت تلك التنظيمات على لائحة التنظيمات الإرهابية، فلماذا لا تقدم أمريكا على وضع هذه التنظيمات ومن يخطّط لها ويموّلها على قائمة التنظيمات الإرهابية العالمية؟ والأهم من ذلك توقف أمريكا عن تزويد هذه الأحزاب الإرهابية بالسلاح، فهي أحزاب إرهابية، وإن ادعت تمثيل قضايا الشعب الكردي في تركيا أو في المنطقة؛ لأن هذا الادعاء بالتمثيل يستغل في الحرب التي يشنها أعداء تركيا.
إن تتابع هذه الأعمال العدوانية ضد تركيا، بما فيها الانقلاب العسكري الأخير، يثبت أن أمريكا قد وضعت خططها لتفكيك تركيا وتقسيمها، وأنها تستخدم هذه الأحزاب السياسية والإرهابية، والتنظيمات الانقلابية، أدوات لتحقيق أهدافها، وقد خدعها أنها نجحت في ذلك في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، وتظن أن هذه الخطة يمكن أن تنجح في تركيا أيضاً، وقد وجدت الأحزاب الإرهابية تسعى للانفصال عن تركيا، وأنها إن لم تنجح في الانفصال وتقسيم تركيا فإنها سوف تنجح في إشعال الحرب الأهلية في تركيا، أي إن هذه الأحزاب العنصرية والقومية واليسارية أصبحت أداة أمريكا لإضعاف تركيا، فهل تدرك هذه الأحزاب أن دورها هو دور الخائن للوطن فقط؟ وهل يدرك أتباع هذه الأحزاب أنهم مرتزقة لأعداء تركيا؛ لأن أمريكا لم تعطِ للعراق سلاماً ولا استقراراً ولا حرية بعد احتلاله عام 2003، فهل ستعطي لهؤلاء غير الموت والدمار وخراب الديار؟!!
كل تلك المحاولات البائسة واليائسة لم تمنع أعداء تركيا، بعد فشلهم في تغيير الحكومة التركية عن طريق الانتخابات السابقة، إلى محاولة تغييرها عن طريق الانقلاب العسكري في 15 يوليو/تموز 2016، ومع فشل الانقلاب العسكري أيضاً لا تزال تلك القوى تستهدف تغيير القيادة التركية، فجاءت الضغوط الأمريكية والأوروبية لتشويه الاقتصاد التركي، والتخويف من الاستثمار في تركيا، وبدأت مؤسسات الائتمان الأمريكي تشير إلى ضعف الاقتصاد التركي في أعقاب الانقلاب الفاشل مباشرة، وكأنها لا تدرك بأن أي دولة تتعرض لانقلاب عسكري يمكن أن تتأثر سلباً ولو بدرجة ما، وتجاهلت قدرة الاقتصاد التركي على تجاوز معظم هذه الصعاب، فجاءت مهاجة الليرة التركية، فواجهت الحكومة التركية الهجوم على الليرة التركية بطريقة أفشلت الانقلاب الاقتصادي كما أفشلت الانقلاب العسكري؛ باستعمال سلاح الشعب نفسه، وطلب أردوغان من الشعب التركي شراء الليرة التركية والذهب بدلاً من العملات الأخرى؛ لأن الشعب التركي هو المستهدف من كل الانقلابات السابقة، حتى التي وقعت في القرن الماضي، وتجاوب الشعب التركي مع رئيسه وسياسات حكومته المنتخبة بصورة صادقة ومذهلة.
إن هذا التجاوب الشعبي والحكومي مع التحديات يؤكد أن غالبية الشعب التركي يدرك أن أساس المعركة هي مع الدول الغربية وأمريكا، التي تريد بقاء تركيا تابعة للقرار الغربي اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وليس عسكرياً في حلف الناتو فقط، وهذا أمر تقبّلته الحكومات التركية السابقة، وبالأخص في القرن العشرين الماضي، عندما كانت بحاجة إلى الغرب اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ويوم كانت الحكومات التركية السابقة تقبل أن تكون أداة بيد الغرب لخدمة مصالحه قبل خدمة مصالح الشعب التركي، ولكن حزب العدالة غيّر هذه السياسة، ولذلك أصبح الغرب أكثر صراحة في التعبير عن رفضه لسياسة حزب العدالة والتنمية الاستقلالية، وأكثر صراحة في رفض أردوغان، والعمل للتخلي عنه وإسقاطه، أي إن المعركة التي يخوضها الشعب التركي اليوم هي معركة استقلال القرار السياسي التركي، وليست معركة أردوغان، ولا حزب العدالة والتنمية فقط، وهي معركة مع التدخل الأمريكي والأوروبي في تركيا، بغض النظر عن الجهة التي تمثل أمريكا في داخل تركيا أو خارجها، سواء كانوا من الأحزاب والتنظيمات التركية، أو من حزب الشعب الجمهوري، أو حزب الشعوب الديمقراطي، أو الكيان الموازي لفتح الله غولن، أو تنظيم داعش، أو تنظيمات إرهابية فرعية تابعة لحزب العمال الكردستاني، وكلهم لهم ارتباطات واتصالات مع الحرس الثوري الإيراني لاستهداف الاستقرار التركي أيضاً.
إن تعاون هذه الأطراف يغني أمريكا ومخابرات بعض الدول الأوروبية التي تستهدف تركيا عن الظهور المباشر في العداء مع تركيا، إلا ما اضطرت إلى ذلك، أو إذا سرّبت ويكيليكس بعض المعلومات، كما جاء في تصريح منسوب لهيلاري كلنتون عام 2014، في اجتماع مع أربع سفراء أمريكيين سابقين في تركيا، قولها: "إن تركيا ومن جديد تسير وبجدية نحو تبنّي الحقائق الإسلامية. عليها أن تعي جيداً أننا وفي سبيل المحافظة على مصالحنا الوطنية والقومية وحمايتها سنقوم بخطوات معينة"، وفي تحليلات أمريكية أخرى تقول بأن المشكلة مع تركيا هي في رؤية أردوغان لطبيعة العلاقة مع أمريكا، وإنه بحسب ظنهم يرى -أي الرئيس أردوغان- بأن: "أمريكا أكثر حاجة لتركيا من حاجة تركيا لأمريكا"، ويرى خبراء أمريكيون أنه لا بد من أن تبذل الإدارات الأمريكية عمل ما يلزم لعكس قناعات أردوغان، وقد يكون من بينها الانقلابات العسكرية، أو الاقتصادية، أو إثارة الاضرابات الداخلية، ولو بعمليات أمنية تستهدف استقرار الشارع التركي، ولو كانت بأيدي منظمات تتشارك أو تتعاون مع المشاريع الغربية في تركيا، حتى لو أدت إلى تقسيم تركيا.
ما يثير الشبهات حول هذه المشاريع أن الاستنكارات الغربية التي أعقبت تفجيرات إسطنبول بتاريخ 2016/12/10، والتي أودت بحياة 38، وجرح العشرات، جاءت الاستنكارات للحادثة فقط، ولم تندد بالتنظيمات المنفّذة، فعبّر البيت الأبيض عن إدانته "الشديدة" للتفجيرين، في بيان أصدره نيد برايس، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، ومشدداً على أن بلاده "في حالة تضامن تامة مع تركيا، شريكنا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ضد كافة أشكال الإرهاب الذي بات يهدد أنقرة وواشنطن، والاستقرار والسلم الدوليين"، ولم تتناول الفاعلين الإرهابيين، والذين أعلنوا عن تبنيهم للهجوم مثل من يطلق على نفسه "صقور حرية كردستان"، فهذه المنظمة تابعة لحزب الشعوب الديمقراطي، ومن ثم فهي تابعة لحزب العمال الكردستاني، وعليه فإن التنديد ينبغي أن يستنكر أعمال حزب العمال الكردستاتي بالاسم، وكل التنظيمات التابعة له، وبالأخص التي تستهدف تركيا بالأعمال الإرهابية، فتركيا استنكرت من يستهدف أمريكا والدول الأوروبية بالاسم، ووضعت تلك التنظيمات على لائحة التنظيمات الإرهابية، فلماذا لا تقدم أمريكا على وضع هذه التنظيمات ومن يخطّط لها ويموّلها على قائمة التنظيمات الإرهابية العالمية؟ والأهم من ذلك توقف أمريكا عن تزويد هذه الأحزاب الإرهابية بالسلاح، فهي أحزاب إرهابية، وإن ادعت تمثيل قضايا الشعب الكردي في تركيا أو في المنطقة؛ لأن هذا الادعاء بالتمثيل يستغل في الحرب التي يشنها أعداء تركيا.
إن تتابع هذه الأعمال العدوانية ضد تركيا، بما فيها الانقلاب العسكري الأخير، يثبت أن أمريكا قد وضعت خططها لتفكيك تركيا وتقسيمها، وأنها تستخدم هذه الأحزاب السياسية والإرهابية، والتنظيمات الانقلابية، أدوات لتحقيق أهدافها، وقد خدعها أنها نجحت في ذلك في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، وتظن أن هذه الخطة يمكن أن تنجح في تركيا أيضاً، وقد وجدت الأحزاب الإرهابية تسعى للانفصال عن تركيا، وأنها إن لم تنجح في الانفصال وتقسيم تركيا فإنها سوف تنجح في إشعال الحرب الأهلية في تركيا، أي إن هذه الأحزاب العنصرية والقومية واليسارية أصبحت أداة أمريكا لإضعاف تركيا، فهل تدرك هذه الأحزاب أن دورها هو دور الخائن للوطن فقط؟ وهل يدرك أتباع هذه الأحزاب أنهم مرتزقة لأعداء تركيا؛ لأن أمريكا لم تعطِ للعراق سلاماً ولا استقراراً ولا حرية بعد احتلاله عام 2003، فهل ستعطي لهؤلاء غير الموت والدمار وخراب الديار؟!!
تعليق