يعمل الباحثون حاليا على انتاج طائرات على غرار طائرة كونكورد الأسرع من الصوت، ولكن من دون إنتاج دوي صوتي يهزّ الأرض، وعلى الرغم من ظهور طائرة كونكورد في السماء في فترة السبعينات، والتي كانت تطير من لندن إلى نيويورك في أقل من 3 ساعات، إلا أنها فشلت في جذب الركاب وتم إلغاء مهمتها عام 2003. وزعم الباحثون أن الضوضاء الصاخبة التي تصدرها الطائرات فائقة السرعة أدت إلى عرقلة تطويرها، إلا أن التطورات الحديثة في تكنولوجيا الحد من الضوضاء مع انخفاض أسعار الرحلات التجارية، ربما تساهم في إعادة السفر الأسرع من الصوت مرة أخرى في غضون 10 أعوام
وذكر صموئيل هاموند الباحث في مركز مركاتوس في جامعة جورج ميسون، في ولاية فرجينيا، أنه يمثل ذلك تقليص المسافة بين العالم مثلما فعلت السكك الحديدية العابرة للقارات والطيران، من دون سرعة الصوت من قبل، ويعكس هذا المفهوم اتجاه ركود الابتكار المستمر لأربعة عقود في مجال الطيران"
وأشارت الدراسة إلى أن بناء طائرات أسرع من الصوت أصبح في متناول اليد، وأضاف هاموند في ورقته البحثية "تحسنت هندسة الطائرات بشكل ملحوظ منذ الطائرة كونكورد، ومع المواد الأخف وزنًا والمحركات الأكثر كفاءة، وتحسين النمذجة الحاسوبية والخبرة أصبح من الممكن إنشاء طائرة أسرع وبسعر معقول عن الطائرة كونكورد".
ويأتي هذا الاكتشاف منذ أصبحت شركات التكنولوجيا تتسابق من أجل التوصل إلى أول طائرة أسرع من الصوت منذ صناعة الطائرة كونكورد، وتخطط الشركتان Aerion و Spike Aerospace للحصول على طائرتهما الأسرع من الصوت بحلول عام 2023، وأعلنت ايرباص في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 أنها تعمل بجانب شركة Aerion لبناء طائرة أسرع من الصوت يمكنها الطيران بسرعة 1931 كيلو متر/ الساعة، وزعمت الشركة أن الطائرة AS2 ستكون قادرة على السفر بشكل أسرع من الصوت، ما يسمح للركاب بالسفر بين لندن ونيويورك في 3 ساعات ومن لوس أنجلوس إلى طوكيو في 6 ساعات، وتطير الطائرة بسرعة 1960 كيلو متر/ الساعة وتماثل سرعتها سرعة الطائرة كونكورد تقريبا.
وقدم الفريق حتى الآن تصميمات أولية لهيكل من ألياف الكربون لجناح وجسم الطائرة وتروس الهبوط ونظام الوقود، وتشمل مميزات تصميم الأجنحة التي تقلل السحب بنسبة 20% بخفض استهلاك الوقود مع مقصورة فاخرة بطول 30 قدمًا تتسع لـ 12 راكبًا، ويساعد شكل الطائرة النحيف الطويل على تقليل الضوضاء، التي تنشأ من دوي الصوت، وفي الطائرات التقليدية الأسرع من الصوت تجتمع صدمات الأنف وقمرة القيادة والأجنحة والمداخل وغيرها معا أثناء تحرك الطائرة خلال الغلاف الجوي، وتتحول إلى صدمة قوية تنبعث من الأنف والذيل، ومع مرور هذه الصدمات على الأرض يرتفع ضغط الهواء بشكل حاد، وينخفض ويرتفع بسرعة مرة أخرى وهذا هو ما ينتج صوت الدوي المزدوج القوي.
ويعتبر تعديل شكل الطائرة لإنتاج شكل أكثر رشاقة وطولًا أفضل وسيلة لتوليد صدمات أقل مع قوة أكبر، وقال نائب رئيس شركة ايرباص كين ماكنزي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 " نحن نرى حلول تقنية واضحة قابلة للتحقيق لتصميم طائرة أسرع من الصوت مع إنشاء خريطة طريق واقعية، لمساعدة شركة Aerion على المضي قدمًا نحو البناء والطيران"، وتواجه طائرة AS2 منافسة من قبل طائرة S-512 من شركة Spike Aerospace والتي صممها فريق من المهندسين من بوسطن، زاعمين أن طائرتهم يمكنها الوصول إلى طوكيو من لوس أنجلوس في 5 ساعات، ومن لندن إلى مومباي في 4 ساعات.
وتابعت الشركة "سيوفر ذلك وقت الركاب حتى يتمكنوا من استكشاف المزيد من العالم، آلا تحب الذهاب للمشي في نيوزلندا في عطلة نهاية الأسبوع أو الطيران إلى باريس، لتناول طعام الغداء"، وتزعم كل الشركات أن طائراتها الأسرع من الصوت تقع على بعد سنوات فقط من التحليق في السماء.
وأشار الدكتور هاموند إلى إعاقة الصناعة نتيجة الحظر الذي تفرضه إدارة الطيران الاتحادية (FAA) على الطائرات المدنية الأسرع من الصوت في أنحاء الولايات المتحدة، ودعا هاموند وفريقه إلى تبديل حظر 1973 بوضع قيود على الضوضاء، وأضافوا "في عام 1973 حظرت إدارة الطيران الاتحادية الطائرات المدنية الأسرع من الصوت في أنحاء الولايات المتحدة، ما أحبط عملية تطوير صناعة الطيران الأسرع من الصوت، لقد حان الوقت لإلغاء الحظر مع مراعاة مستوى ضوضاء معقول أكثر اعتدالا".