لم يكتف ملالي طهران بسب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والإساءة للصحابة الكرام في كتبهم ومراجعهم الدينية , ولم ينته حقدهم بالنيل منهم في مجالسهم ودروس حوزاتهم المنتشرة , بل زادوا على ذلك بالجهر بهذه القبائح على وسائل الإعلام , المرئية منها والمسموعة والمقروءة , وكان آخرها ما تناولته صحيفة "كيهان" الإيرانية الحكومية , والتي هاجمت بعض الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، وعددا من كبار علماء ورموز أهل السنة قديما وحديثا , وذلك في سياق مقال لها نشرته بمناسبة ما يسمى ذكرى "أربعينية الحسين" . وقد بات واضحا تناقض ادعاءات الشيعة مع أقوالهم وأفعالهم , فبينما يدعون حب آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم , نجدهم يطعنون بزوجاته وكأنهن لسن من آل البيت ؟!! وبينما يزعمون حبهم وتقديسهم لأقوال وأفعال علي رضي الله عنه والحسن والحسين , الذين رضوا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان , وسادت بينهم علاقة الحب والمودة , التي جعلتهم يسمون أولادهم بأسماء بعضهم البعض , إلا أن الشيعة خالفوا أئمتهم وراحوا يسبون أبا بكر وعمر و يلعنونهما – والعياذ بالله - وقد زادت التناقضات هذه المرة , بالتطاول على شيخ الإسلام ابن تيمية واتهامه بأنه كان من "وعاظ السلاطين" , بينما التاريخ يقول أن ابن تيمية كان من أكثر المعارضين لسلاطين زمانه , وأنه سجن وامتحن بسبب ذلك ومات في سجنه "رحمه الله" . والعجيب في الأمر أن هذا السب والشتم يتزامن مع خروج بعض إعلاميي وسياسي طهران على وسائل الإعلام , داعين أهل السنة للحوار معهم , وتناسي خلافاتهم وخصوماتهم , وتفويت الفرصة على المستفيد الأكبر من هذه الفتنة – أمريكا وإسرائيل - في تناقض بات يؤكد عدم جدية طهران بالحوار مع أهل السنة , بل ويشير إلى تقية تستخدم معهم للظهور بمظهر طالب السلام , و الساعي لوأد الفتنة المذهبية . والسؤال البسيط الذي يراود ذهن أي متابع : كيف يمكن تصديق ما يصرحون به وهم ينالون يوميا من مقدسات المسلمين , بدءا بالقرآن الكريم من خلال الادعاء بوجود قرآن غير الذي يتلوه ملايين المسلمين , وصولا إلى أقوال أئمتهم التي يعتبرونها أقدس من كلام الأنبياء والمرسلين , وليس انتهاء بشتم زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الطاهرين , بأبشع الألفاظ وأشنع المعاني . وبينما حاول أهل السنة مرارا وتكرارا تفادي أي صدام مع الشيعة في العقود الماضية , من خلال فتاوى أهل السنة بحرمة دم المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , نرى فتاوى الشيعة تتوالى بالتحريض على قتل المسلم السني لمجرد أنه سني , بل وزادت في الآونة الأخيرة منذ اندلاع الثورة السورية . وحين طالب الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رفسنجاني بإصدار فتوى بتحريم دم المسلم السني , وذلك في لقاء على الهواء مباشرة على قناة الجزيرة الفضائية , إثر حالات قتل أهل السنة على الهوية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي , تهرب رفسنجاني من الجواب ولم يصدر أي فتوى بهذا الخصوص . ولعل المتابع لما تفعله إيران يلحظ أمرا في غاية الغرابة والوضوح بآن واحد : فهناك تقارب إيراني أمريكي غربي واضح وظاهر , وهناك اختفاء لشعار (الشيطان الأكبر) - في إشارة لأمريكا وإسرائيل - من شوارع طهران , على الرغم من ادعاء طهران أنهما العدو الأوحد والأول لها طوال العقود الماضية , بينما هناك هجوم عسكري وميداني وإعلامي على أهل السنة والجماعة , في أكثر من بلد عربي وإسلامي , رغم ادعاء طهران أنها دولة إسلامية وتسعى للتقارب مع دول الجوار , وهذا هو الأمر الغريب والعجيب فيما يحدث . أما الوضوح فيما تفعله إيران في المنطقة , فهو أن عداءها الحقيقي لأهل السنة وليس لأمريكا وإسرائيل , وأن شعارات العداء المزعومة طوال الفترة السابقة ما هي استهلاك إعلامي لمصالح الطرفين , والدليل على ذلك اشتداد الهجوم على أهل السنة , وطي صفحة الخلافات المزعومة مع الغرب بأيام معدودة . ولو كانت إيران جادة فيما يردده بعض من يتكلمون باسمها على وسائل الإعلام , من رغبتها بالحوار مع دول الجوار , وسعيها لإقامة علاقات ودية طيبة معهم , لأوقفت – على الأقل – تحديها لمشاعر أهل السنة في العالم , من خلال موجات السب والشتم لزوجات الرسول والصحابة الكرام , التي باتت أمرا مكررا على معظم وسائل إعلامها , بل وفي بعض شوارع الدول العربية كما حصل منذ فترة. إن تأجيج الفتنة الطائفية في المنطقة تتزعمه طهران , بمباركة من الغرب وإسرائيل , وهو ما يحتاج إلى موقف موحد من قبل الدول العربية والإسلامية , لوضع الخطوات المناسبة لردع طهران عن الاستمرار في هذا النهج , وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على المنطقة بأسرها أكثر مما هي الآن .
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
من يثير الفتنة الطائفية في المنطقة ؟
تقليص
X
سحابة الكلمات الدلالية
تقليص
ما الذي يحدث
تقليص
المتواجدون الآن 0. الأعضاء 0 والزوار 0.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 182,482, 05-21-2024 الساعة 06:44.