الوضع القانوني لمضيق هرمز والخليج العربي سندا إلى القانون الدولي البحري
يتمتع كل من الخليج العربي ومضيق هرمز بمكانة اقتصادية واستراتيجية بالغة الأهمية على الصعيد العالمي، ويعود ذلك إلى أن كافة الدول الثمانية المطلة عليه، أي ايران ودول مجلس التعاون الخليجي، هي دول مصدرة للطاقة حيث أنها تؤمن تصدير 30 % من الاستهلاك العالمي من البترول، كما تحوي مياهه وأراضي تلك الدول 60% من احتياط النفط العالمي و40% من احتياط الغاز. فضلاً عن أن قلة اعماق مياه الخليج( 50 متر) تسهل عملية حفر الآبار وتقلل من كلفة استخراج البترول والغاز من قعره.
وتفاديا لحصول خلافات حول استثمار هذه الثروات عمدت دول الخليج بين العامي 1958 و1965 ، برعاية بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، على ترسيم حدود المناطق البحرية والجرف القاري العائدة لكل منها، على أساس خط الوسط الذي يعتبر كل نقطة فيه على مسافة متساوية من شاطئ الدولتين المتقابلتين أو المتجاورتين، ووقعت فيما بينها اتفاقيات رسمية بهذا الصدد. كما وقعت مذكرات تفاهم ثنائية فيما بينها بالنسبة لاستثمار الحقول الواقعة على حدود المناطق البحرية الفاصلة بينها.
تعتمد الدول الخليجية في اقتصادها على مداخيلها من الثروات البترولية بنسبة لا تقل عن 80% وقد انضمت جميعها الى منظمة الدول المصدرة للنفط “OPEC” .
وبغية التخفيف من الاعتماد على تصدير النفط عبر مضيق هرمز والذي يطلق عليه ايضا اسم "باب السلام"، حيث يشهد هذا المضيق من حين إلى آخر توترات وتهديدات من قبل إيران بإقفاله، لذا عمدت الدول الخليجية إلى مد خطوط أنابيب لتصدير النفط مباشرة عبر البحر المتوسط (العراق باتجاه الساحل السوري -"بانياس والساحل التركي "جيهان" ) والبحر الأحمر (السعودية باتجاه "ينبع") وبحر العرب (الإمارات العربية باتجاه "الفجيرة") .
إلا أن نسبة هذه الصادرات ضئيلة ولا تتجاوز 10% مقارنة مع تلك المصدّرة بحراً عبر مضيق هرمز بواسطة ناقلات نفط عملاقة( VLCC-very large crude carrier ).
تصل حمولتها إلى 320 000 طن.
ووفقا لاحصائيات وزارة الطاقة الاميركية يعبر مضيق هرمز سنويا حوالى 2400 ناقلة نفط وتنقل 17 مليون برميل نفط يوميا، يتجه 85% منها نحو آسيا. وتشكل واردات اليابان من النفط الخليجي 78% وواردات الصين 50% والولايات المتحدة الأميركية 12%.
ويعتبر مضيق هرمز الذي سمي كذلك نسبة إلى جزيرة هرمز (مساحتها 42 كلم مربع) من أهم الممرات المائية في العالم باعتباره الشريان الرئيسي الذي يغذي العالم بمواد الطاقة، ويتراوح عرضه ما بين 34 كلم في أضيق منطقة و63 كلم في اعرضها. ويقدّر عمقه بحوالى90 متراً عند مدخله الجنوبي لجهة خليج عمان، وحوالى 50 متر عند طرفه الشمالي. ويعبره يوميا حوالى 30 سفينة أو ناقلة نفط .
تم تنظيم حركة الملاحة في المضيق بموجب اتفاقية وقعت ما بين إيران وسلطنة عمان في 1/1/1975 بعد ترسيم الحدود البحرية بينهما، وهي ما زالت سارية المفعول لغاية تاريخه. وتم الاتفاق ان تتولى عُمان، من خلال غرفة عمليات بحرية مركزة في منطقة "مسندم"، تنظيم حركة الملاحة الدولية التي ستتم في القسم العُماني من المضيق، لأنه الأكثر عمقا وضمن ممر ملاحي عرضه 5.10 كلم. وتم تقسيم هذا الممر الملاحي الى 3 ممرات فرعية: ممر للسفن القادمة من خليج عمان ومتجهة الى الخليج العربي بعرض 5.3 كلم، وممر فاصل محظر للملاحة ( Traffic separation scheme) بعرض 5.3 كلم للفصل بين السفن الداخلة والخارجة من والى الخليج العربي، وممر للسفن الخارجة من الخليج العربي باتجاه خليج عمان بعرض 5.3 كلم.
بعد إقرار اتفاقية قانون البحار وتعميمها في العام 1982 من قبل المنظمة البحرية الدولية "IMO" التابعة للأمم المتحدة انضمت سلطنة عمان إلى الدول الموقعة على تلك الاتفاقية، في حين لم توقع عليها ايران.
وقد اعتبرت اتفاقية قانون البحار (لاسيّما المادة 42 منها)، المضائق جزءاً من أعالي البحار والمياه الدولية؛ حيث تتمتع السفن بحرية الملاحة والترانزيت مع الالتزام بعدم الإضرار بالدول الشاطئية أثناء مرورها البريء خاصة من الناحيتين السياسية والأمنية.
كما نصت المادة 44 منها انه يحظر على أي دولة شاطئية لأي مضيق منع الدول من استخدام حقها في عبور سفنها لهذا المضيق دون توقف (ترانزيت) .
بعد ما ورد أعلاه، أرى انه ووفقا للقانون الدولي البحري لا يحق لإيران إغلاق مضيق "هرمز" أمام الملاحة التجارية الدولية تحت طائلة اعتبار فعلتها تهديدا للأمن والاستقرار الدوليين. وبالتالي يندرج هذا الاعتداء في حال حصوله ضمن مفاعيل ومقررات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا سيما المادة 42 منه .
ويؤيد ما ورد أعلاه المحلل الاستراتيجي السعودي د .عبد العزيز بن صقر بقوله:
"تؤكد المادة 39 من الفصل السابع على مسؤولية مجلس الأمن الدولي في التعامل مع الأفعال التي تعد خرقاً مادياً وتهديداً للسلام الدولي، ويقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي ..." ويضيف: "تبيح المادة 42 استخدام القوة العسكرية في حال فشل الوسائل غير العسكرية".
قائد البحرية اللبنانية السابق*
يتمتع كل من الخليج العربي ومضيق هرمز بمكانة اقتصادية واستراتيجية بالغة الأهمية على الصعيد العالمي، ويعود ذلك إلى أن كافة الدول الثمانية المطلة عليه، أي ايران ودول مجلس التعاون الخليجي، هي دول مصدرة للطاقة حيث أنها تؤمن تصدير 30 % من الاستهلاك العالمي من البترول، كما تحوي مياهه وأراضي تلك الدول 60% من احتياط النفط العالمي و40% من احتياط الغاز. فضلاً عن أن قلة اعماق مياه الخليج( 50 متر) تسهل عملية حفر الآبار وتقلل من كلفة استخراج البترول والغاز من قعره.
وتفاديا لحصول خلافات حول استثمار هذه الثروات عمدت دول الخليج بين العامي 1958 و1965 ، برعاية بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، على ترسيم حدود المناطق البحرية والجرف القاري العائدة لكل منها، على أساس خط الوسط الذي يعتبر كل نقطة فيه على مسافة متساوية من شاطئ الدولتين المتقابلتين أو المتجاورتين، ووقعت فيما بينها اتفاقيات رسمية بهذا الصدد. كما وقعت مذكرات تفاهم ثنائية فيما بينها بالنسبة لاستثمار الحقول الواقعة على حدود المناطق البحرية الفاصلة بينها.
تعتمد الدول الخليجية في اقتصادها على مداخيلها من الثروات البترولية بنسبة لا تقل عن 80% وقد انضمت جميعها الى منظمة الدول المصدرة للنفط “OPEC” .
وبغية التخفيف من الاعتماد على تصدير النفط عبر مضيق هرمز والذي يطلق عليه ايضا اسم "باب السلام"، حيث يشهد هذا المضيق من حين إلى آخر توترات وتهديدات من قبل إيران بإقفاله، لذا عمدت الدول الخليجية إلى مد خطوط أنابيب لتصدير النفط مباشرة عبر البحر المتوسط (العراق باتجاه الساحل السوري -"بانياس والساحل التركي "جيهان" ) والبحر الأحمر (السعودية باتجاه "ينبع") وبحر العرب (الإمارات العربية باتجاه "الفجيرة") .
إلا أن نسبة هذه الصادرات ضئيلة ولا تتجاوز 10% مقارنة مع تلك المصدّرة بحراً عبر مضيق هرمز بواسطة ناقلات نفط عملاقة( VLCC-very large crude carrier ).
تصل حمولتها إلى 320 000 طن.
ووفقا لاحصائيات وزارة الطاقة الاميركية يعبر مضيق هرمز سنويا حوالى 2400 ناقلة نفط وتنقل 17 مليون برميل نفط يوميا، يتجه 85% منها نحو آسيا. وتشكل واردات اليابان من النفط الخليجي 78% وواردات الصين 50% والولايات المتحدة الأميركية 12%.
ويعتبر مضيق هرمز الذي سمي كذلك نسبة إلى جزيرة هرمز (مساحتها 42 كلم مربع) من أهم الممرات المائية في العالم باعتباره الشريان الرئيسي الذي يغذي العالم بمواد الطاقة، ويتراوح عرضه ما بين 34 كلم في أضيق منطقة و63 كلم في اعرضها. ويقدّر عمقه بحوالى90 متراً عند مدخله الجنوبي لجهة خليج عمان، وحوالى 50 متر عند طرفه الشمالي. ويعبره يوميا حوالى 30 سفينة أو ناقلة نفط .
تم تنظيم حركة الملاحة في المضيق بموجب اتفاقية وقعت ما بين إيران وسلطنة عمان في 1/1/1975 بعد ترسيم الحدود البحرية بينهما، وهي ما زالت سارية المفعول لغاية تاريخه. وتم الاتفاق ان تتولى عُمان، من خلال غرفة عمليات بحرية مركزة في منطقة "مسندم"، تنظيم حركة الملاحة الدولية التي ستتم في القسم العُماني من المضيق، لأنه الأكثر عمقا وضمن ممر ملاحي عرضه 5.10 كلم. وتم تقسيم هذا الممر الملاحي الى 3 ممرات فرعية: ممر للسفن القادمة من خليج عمان ومتجهة الى الخليج العربي بعرض 5.3 كلم، وممر فاصل محظر للملاحة ( Traffic separation scheme) بعرض 5.3 كلم للفصل بين السفن الداخلة والخارجة من والى الخليج العربي، وممر للسفن الخارجة من الخليج العربي باتجاه خليج عمان بعرض 5.3 كلم.
بعد إقرار اتفاقية قانون البحار وتعميمها في العام 1982 من قبل المنظمة البحرية الدولية "IMO" التابعة للأمم المتحدة انضمت سلطنة عمان إلى الدول الموقعة على تلك الاتفاقية، في حين لم توقع عليها ايران.
وقد اعتبرت اتفاقية قانون البحار (لاسيّما المادة 42 منها)، المضائق جزءاً من أعالي البحار والمياه الدولية؛ حيث تتمتع السفن بحرية الملاحة والترانزيت مع الالتزام بعدم الإضرار بالدول الشاطئية أثناء مرورها البريء خاصة من الناحيتين السياسية والأمنية.
كما نصت المادة 44 منها انه يحظر على أي دولة شاطئية لأي مضيق منع الدول من استخدام حقها في عبور سفنها لهذا المضيق دون توقف (ترانزيت) .
بعد ما ورد أعلاه، أرى انه ووفقا للقانون الدولي البحري لا يحق لإيران إغلاق مضيق "هرمز" أمام الملاحة التجارية الدولية تحت طائلة اعتبار فعلتها تهديدا للأمن والاستقرار الدوليين. وبالتالي يندرج هذا الاعتداء في حال حصوله ضمن مفاعيل ومقررات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا سيما المادة 42 منه .
ويؤيد ما ورد أعلاه المحلل الاستراتيجي السعودي د .عبد العزيز بن صقر بقوله:
"تؤكد المادة 39 من الفصل السابع على مسؤولية مجلس الأمن الدولي في التعامل مع الأفعال التي تعد خرقاً مادياً وتهديداً للسلام الدولي، ويقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي ..." ويضيف: "تبيح المادة 42 استخدام القوة العسكرية في حال فشل الوسائل غير العسكرية".
قائد البحرية اللبنانية السابق*