بسم الله الرحمن الرحيم
هناك حوادث فارقة قليلة في التاريخ الإنساني، منها الفتح الإسلامي للقسطنطينية في منتصف القرن التاسع الهجري، ووجه الأهمية التي اكتسبها هذا الحدث التاريخي الفذ أنه حول عاصمة "قسطنطين الكبير" إلى عاصمة الإسلام "إسلامبول".ولم يكن هذا مجرد تغيير في إسم مدينة، وإنما كان تغييراً في مجرى التاريخ الإنساني بأسره، إذ أن المدينة التي بناها الإمبراطور قسطنطين الكبير لتكون منافسة لروما في المكانة الدينية والتي تحوي كنيسة آيا صوفيا معقل النصرانية الأرثذوكسية الشرقية في وقتها والتي حاول المسلمون فتحها 11 مرة قد وقعت أخيراً في أيدي الفاتحين المسلمين الذين غيروا مستقبلها وتاريخها إلى الأبد لتصبح عاصمةً للإسلام بدلاً من عاصمة النصرانية الشرقية ولتصبح كنيستها الكبيرة آيا صوفيا مسجداً للمسلمين لا يدعى فيه إلا بالوحدانية لله عز وجل بعد حصار وقتال عنيف استمر لأكثر من شهر كامل معلنين بذالك نهاية الإمبراطورية البيزنطية التي استمرت لـ 1500 عام والتي ناصبت الإسلام العِداء منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
محمد الفاتح
ولد محمد الثاني بن السلطان مراد الثاني في القصر السلطاني في العاصمة العثمانية أدرنة في يوم الأحد 27 رجب سنة 835 هـ .. خصص والده السلطان مراد الثاني عدة معلمين للإشراف على تعليم وتنشأة ابنه محمد الثاني وكان منهم الشيخ أحمد بن إسماعي الكوراني الذي كان له عظيم الأثر في حفظه للقرآن في مدة وجيزة وهو لم يبلغ الثامنة بعد كما جعله يتقن منذ طفولته اللغة العربية والعثمانية والفارسية قراءةً وكتابةً ومحادثةً وترجمة. وقد كان من ضمن العلماء الذين أشرفوا على تعليم الفاتح الشيخ الشريف محمد بن حمزة الدمشقي الملقب بـ " آق شمس الدين " الذي كان كثيراً ما يأخذ الامير محمد الثاني ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية الشاهقة التي تلوح في الأفق من من بعيد ثم يقول له : أترى تلك المدينة التي تلوح في الأفق؟ إنها القسطنطينية، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أمته سيفتحها بجيشه، ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه:
" لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذالك الجيش "
.مرت السنون والأمير محمد يتربى ويتعلم على يد هذين الشيخين الجليلين وينهل من وافر علمهما عقداً من الزمان.ثم رحل السلطان مراد الثاني سنة 855 هـ فتولى بعده إبنه الأمير محمد الثاني الخلافة وعمره لا يتجاوز التاسعة عشرة. عندما تولى الفاتح الخلافة أصلح شؤون الدولة فرتب شؤون الصرف في بيت مال المسلمين ومنع البذخ والترف في الإنفاق واهتم بكتائب الجيش العثماني آنذاك فأعاد تنظيمها، ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم، وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوفرة في ذالك العصر، كما اهتم بالأقاليم فعزل المقصرين من الولاة وأقر الصالحين منهم وطور البلاط السلطاني فكان لجهود الإصلاح الداخلي التي قام بها محمد الفاتح أبلغ الأثر في جاهزية الجبهة الداخلية العثمانية لبدء الإستعدادات لتحقيق حلم الفاتح الكبير في فتح القسطنطينية وضمها إلى أمة التوحيد والإسلام والذي غُرس فيه منذ طفولته على يد الشيخ آق شمس الدين.
وأعدو لهم ما استطعتم من قوة
قبل ان نشرع في ذكر استعدادت السلطان محمد لابد ان نذكر ضخامة وشدة تحصين القسطنطينية حتى لا يصاب بعضنا بالتعجب من ضخامة الإستعداد العثماني لفتحها. كانت القسطنطينية محاطة بالمياة البحرية من ثلاثة جبهات، مضيق البسفور ، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم في دخول السفن إليه بالإضافة إلى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بالقسطنطينية من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة الى القرن الذهبي يتخللها نهر وكان بين السورين فضاء يبلغ عرضه 60 قدماً ويرتفع السور الداخلي منها 40 قدماً وعليه أبراج يصل ارتفاعها الى 60 قدماً وأما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه قرابة خمس وعشرين قدماً وعليه أبراج موزعة مليئة بالجند.
و بالتالي نستطيع أن نقول أن القسطنطينية كانت أحصن مدينة عرفها العالم القديم ولذالك استعصت على عشرات محاولات الغزو والتي كان منها 11 محاولة إسلامية سابقة. بذل محمد الفاتح جهوداً كبيرة في التخطيط والترتيب لفتح هذه المدينة الحصينة، فبذل جهوداً كبيرة في تقوية الجيش العثماني حتى أضحى واحداً من أكبر الجيوش في وقته، كما عُني عناية خاصة بتدريب ذالك الجيش على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للعملية الجهادية التاريخية المُنتظرة إتباعاً لقوله تعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ).
كما اعتنى الفاتح بإعداد جنوده إعداداً معنوياً قوياً، وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على الجيش الذي سيفتح القسطنطينية، وتحريضهم على ان يكونوا هم ذالك الجيش المقصود بالحديث، مما أعطاهم قوة معنوية هائلة وشجاعة منقطعة النظير. كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم، وربطهم بالجهاد وفق أوامر الله عز وجل كما اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية فأحضر مهندساً مجرياً خبيراً بصنع المدافع وأمده بكل ما يحتاجه من مال ورجال فصنع مدافعاً عدة كان منها المدفع السلطاني الذي ذُكر عنه انه كان يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه من مكانه والذي لم تشهد الدنيا له مثيلاً من قبل.
كما اعتنى السلطان بالأسطول العثماني حيث عمل على تقويته وتحديث سفنه لكي يكون قادراً على فرض الحصار على القسطنطينية من الناحية البحرية. كما مهد السلطان محمد الطريق من أدرنة حيث معسكرات الجيش العثماني وحيث مصانع المدافع نحو القسطنطينية حتى تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها نحو القسطنطينية.
التحرك المُنتظر
بدأت طلائع جيش الإيمان والتوحيد، جيش الخلافة العثمانية تتحرك نحو القسطنطينية وفور ان علم الإمبراطور البيزنطي بذالك أسرع يطلب الهدنة ويرسل الهدايا لمحمد الفاتح محاولاً ثنيه عن مبتغاه وبذل في سبيل ذالك الكثير من المحاولات لكنه لم يفلح أما اصرار السلطان محمد على ضم القسطنطينية إلى أمة الإسلام، وبعد شهرين اكتمل وصول الجيوش العثمانية امام القسطنطينية في يوم الخميس 26 ربيع الأول عام 857 واكتمل عدد الأسطول البحري خلف السلسة الذهبية التي كانت تحجزهم عن العبور فخطب فيهم السلطان محمد خطبة قويةً حثهم فيها على الجهاد، وطلب النصر،
أو الشهادة في السبيل الأكرم، وذكرهم بالتضحية، وصِدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم الآيات والأحاديث النبوية التي تحض على فعل ذالك، كما ذكر لهم الأحاديث النبوية التي تبشر بفتح القسطنطينية، وفضل الجيش الفاتح لها، وأميره، وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين، فارتفعت أصوات الجند بالدعاء وارتفعت أصواتهم بالتكبير والتهليل بصوت مرتفع انخلعت له قلوب النصارى خلف الأسوار الحصينة. وكان العلماء مبثوثين في صفوف الجيش مقاتلين ومجاهدين معهم، مما أثر في رفع معنويات الجند حتى كل فرد منهم ينتظر القتال بفارغ الصبر ليؤدي ما عليه من واجب.وفي اليوم التالي قام السلطان الفاتح بتوزيع قواته أمام الأسوار الخارجية المدينة، مشكلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار حول المدينة كما نصب المدافع أمام الأسوار وكان منها المدفع السلطاني الضخم. كما كان البيزنطيون على أكمل إستعداد في الجانب الآخر خلف الأسوار فوزعوا الجنود على الأسوار الشاهقة كما وضعوا الإمدادات التي وصلتهم قبل بدء الحصار من الإمارات الصليبية في البحر المتوسط على اضعف نقطة في الأسوار نظراً لكفائتهم الحربية وتعصبهم الديني وأحكموا التحصينات وأحكم الجيش العثماني قبضته على جميع مداخل ومخارج المدينة.
ثم أمر السلطان الفاتح فبدءت المدافع تدك الأسوار الحصينة بالكرات المعدنية الضخمة تارة وبالصخور العملاقة تارة أخرى لمدة أسبوع كامل ليلاً ونهاراً، وقد كان لهذه المدافع ضرر عظيم على الأسوار كما كان لصوتها عظيم الأثر في نشر الرعب بين المدافعين عن الأسوار إذ لم يسمعوا بمثل هذه الأصوات المرعبة في حياتهم من قبل خاصة صوت المدفع السلطاني الضخم الذي كان يطلق قذائفاً تزن الواحدة منهن نصف طن والذي تسبب صوته في إغماء بعض النساء خلف الأسوار. ثم قام العثمانيون بعد ذالك بهجوم كبير على الأسوار مستترين بظلام الليل نحو ثغرة في الأسوار سببتها قذائف المدافع فاندفع فيها الجنود العثمانيون ببسالة وشجاعة منقطعة النظير وأُقيم سوق الجنة، وفُتحت أبواب الشهادة وفاز بها العديد من الجنود العثمانيين ولكن نتيجة لضيق تلك الثغرة والسيل المنهمر من القذائف والسهام وطلقات البنادق البيزنطية القادمة من خلف الأسوار اجبرهم على التراجع بعد ان سببوا رعباً للبيزنطيين خلف الأسوار. وكان البيزنطيون يحاولون ترميم الاماكن المتضررة من الاسوار بملئها بالأكياس والأواني المليئة بالتراب بعد كل هجوم عثماني. ولمدة اسبوع آخر ظلت المدافع تقصف الأسوار بشدة وظلت دفعات من الجنود العثمانين تحاول تسلق الأسوار الضخمه بعد كل زخة مدافع.يقول نيقولو باربارو أحد الأطباء الذين أتوا لمساعدة القسطنطينية على الصمود في مذكراته التي كتبها عن تلك المعركة:
( ولم تخل تلك الفترة من سقوط القذائف المعتادة على الأسوار ليلاً ونهاراً وبعض الإشتباكات التي قام بها الأتراك بشكل دائم مع الحراس الموجودين أعلى أسوار المدينة، حيث وصل الأتراك إلى أسفل الأسوار، وهم يلتمسون القتال، وبشكل خاص جنودهم الإنكشارية، الذين مثلوا جند السلطان التركي نفسه، ولم يكن أحد منهم يهاب الموت، وكانوا مثل الأسود الضارية، وإذا ما قتل واحد منهم او اثنين، كان زملاؤه يحضرون في الحال، ويخطفون جثث قتلاهم من تحت الأسوار ويحملونها على اكتافهم، في روح عالية ودون حذر، على الرغم من كونهم على مسافة قريبة من اسوار المدينة وقام رجالنا بتصويب بنادقهم على الأتراك، وكذالك رميهم بالسهام، فكانوا يسددون الطلقات على الجندي التركي الذي يقوم بنقل جثة رفيقه، مما كان يؤدي إلى سقوط كليهما صريعاً على الأرض.وعلى الرغم من هذا، كان الأتراك يحضرون ثانية، ويقومون بنقل جثثهم بعيداً، دون خوف من الموت، فقد كانوا يفضلون أن يتم قتل عشرة منهم عن معاناة العار الذي سيلحق بهم إذا ما تركوا جثة واحد منهم تحت الأسوار ).
ثم استمرت المدافع تقصف الأسوار طوال الاسبوع الثاني بشدة بعد فشل الهجوم الأول وبعد كل موجة قذائف تنطلق موجات من المجاهدين العثمانيين نحو الاسوار ولسان حال كل واحد منهم:
كفاحاً مع الكفار في حومة الوغى * * وأكرم موت للفتى قتل كافر
فكان بعضهم يٌقتل بالبنادق وكان بعضهم يٌقتل بالسهام وكان بعضهم تُصهر عظامه بسبب الزيت المغلي الذي كان البيزنطيون يسكبونه على من يحاول تسلق الأسوار و لم يكتب لأي من موجات الهجوم تلك ان تنفذ إلى خلف الأسوار.
عبقرية حربية فذة
وفي الاسبوع الثالث ووسط تكسر موجات الهجوم العثماني على أسوار القسطنطينية الحصينة ووسط فشل محاولات الاسطول العثماني لكسر السلسلة الذهبية التي كانت تحجزهم من محاصرة القسطنطينية من الجانب البحري لاحت للسلطان العثماني فكرة بارعة وهي نقل السفن من مواضعها خلف السلسلة الذهبية التي تغلق مدخل القرن الذهبي إلى داخل مياه القرن الذهبي عن طريق جر تلك السفن بالحبال فوق ألواح من الخشب دهنت بالزيت والشحم ووضعت على الطريق البري الموصل للقرن الذهبي فسحبت السفن العثمانية تحت جنح الليل مسافة ثلاثة أميال تتخللها الحقول والتلال المرتفعة حتى استقرت في مياه القرن الذهبي ولقد كان منظر هذه السفن بأشرعتها المرفوعة تسير وسط الحقول تحت ضوء القمر كما لو كانت تمخر عباب البحر من أعجب المناظر، وأكثرها دهشة وإثارة، وقد تم كل ذالك في ليلة واحدة.
فاستيقظ أهل تلك المدينة البائسة في الصباح التالي على تكبيرات العثمانيين المدوية، وهتافاتهم المتصاعدة، وأناشيدهم الإيمانية العالية، ولكنهم هذه المرة لم يسمعوا هذه الأصوات من الجهة البرية من الأسوار كما اعتادوا طيلة مدة الحصار السابقة، بل فجعوا بها وهي تأتي من السفن العثمانية التي تسللت لمياه القرن الذهبي وفق تلك الخطة البارعة . يقول أحد المؤرخين البيزنطيين:
( ما رأينا، ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الثاني يحول الأرض إلى بحار، وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلاً من الأمواج، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل الإسكندر الأكبر ).
وبعبور السفن العثمانية لداخل مياه القرن الذهبي تمكنت من إحكام الحصار التام الكامل حول القسطنطينية من ناحية البحر ما اضطر البيزنطيين لسحب جزء من قواتهم من الجزء البري من الأسوار لنشرها حول الجزء البحري منها إذ كانت العثمانيين من تلك الجهة التي أصبحت مهددة بالسقوط في أي وقت.
إنهيار المعنويات
وبعد نجاح خطة نقل السفن إلى مياه القرن الذهبي وقصف المدينة من الجهتين البرية والبحرية شدد العثمانيون من حصارهم للمدينة وبدء السلطان الفاتح بشن حرب نفسية على المدينة فأخذت المدافع تقصفها بشدة وتوالت موجات الهجوم العثماني على الاسوار من الجهتين البرية والبحرية ما أصاب المدافعين عنها بإرهاق نفسي وبدني شديدين فأصبحوا بالكاد يستريحون دون سمع اصوات تكبيرات الجنود العثمانيين الذين يتدفقون نحو الأسوار بعد كل موجة من قذائف المدافع. وخلال ذالك قام الإمبراطور البيزنطي بعقد مؤتمر لمحاولة إيجاد طريقة لفك الحصار عن لكن السلطان محمد الفاتح لم يدعه يفعل ذالك فقام بتوجيه هجوم ضخم نحو ثغرة في الأسوار فاندفع فيها ومعه ثلاثون ألفاً من الجنود ما اضطر الإمبراطور البيزنطي ان يلغي اجتماعه وان يسرع ومعه جنود الإحتياط نحو تلك الثغرة لصد الهجوم العثماني فاستمر القتال في تلك الثغرة يوماً كاملاً حتى انسحب العثمانيون منها واستمرت محاولات العثمانيين لاقتحام الأسوار طوال هذا الاسبوع من الجهتين البرية والبحرية. ثم قام العثمانيون بمفاجأة البيزنطيين من جديد بأسلوب جديد في اقتحام المدينة. يقول نيقولو باربارو:
( في ليلة الثامن عشر من مايو قام الأتراك ببناء برج قوي للغاية حيث عملت أعداد كبيرة منهم طوال الليل، حتى نجحو في تشييد ذالك البرج بحيث يصل طوله إلى مستوى أعلى من الأسوار الخارجية. وتم عمل هذا البرج بطريقة معينة بحيث لا يصدق أحد انه كان من الممكن ان يتم عمله بهذا الشكل. ودعوني أخبركم انه إذا ما رغب كافة المسيحيين في القسطنطينية في اقامة أي برج على هذا المستوى، فإنهم لن يستطيعوا اقامته في شهر واحد، لكن الأتراك فعلوها في ليلة واحدة ).
وقد ملئ العثمانيون هذه القلعة المتحركة بالرماة الذين اعتلوها واوجعوا البيزنطيين برميهم بالسهام كما ملؤها بالمجاهدين الفدائيين الاشداء ثم اقتربوا بها حتى ألصقوها بالأسوار فاندفع من فيها من المجاهدين الفدائيين نحو الأسوار ودار بينهم وبين المدافعين عنها قتال شديد حتى ظن الامبراطور قسطنطين ان هذا الهجوم هو نهاية إمبراطوريته لكن المدافعين عن المدينة كثفوا من قذف هذه القلعة المتحركة بالنيران حتى تمكنوا من حرقها فوقعت على الأبراج البيزنطية المجاورة لها فدمرتها وقتلت من فيها من المدافعين. ولم ييأس العثمانيون من فشل هذا الهجوم وتجلى ذالك في قول السلطان الفاتح في روح معنوية تناطح هام الجبال: غداً نصنع اربعاً أخرى.
واستمرت محاولات اقتحام المدينة وقصفها طوال الاسبوع الخامس حتى وصلت معنويات البيزنطيين لأدنى مستوياتها على الإطلاق.
فتح من الله .. ونصر قريب
كان كلا الطرفين يعلمون ان الهجوم العام قد آن أوانه فقد كانت اسوار المدينة البائسة قد تهدمت وتصدعت نتيحة لقصف متواصل استمر لأكثر من شهر ولم يبق منها شيء يكفي لصد الهجوم العثماني الاخير فأرسل محمد الفاتح رسالة للإمبراطور البيزنطي يطلب منه تسليم المدينة وله ولكل سكانها الامان لكنه أبى ورفض فكان علماء المسلمين وشيوخهم يجولون بين الجنود، ويقرؤون على المجاهدين آيات الجهاد والقتال، وسورة الأنفال، ويذكرونهم بفضل الشهادة في سبيل، وبالشهداء السابقين حول أسوار القسطنطينية، وعلى رأسهم أبو أيوب الأنصاري فيقولون للمجاهدين: لقد نزل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على بيت ابو ايوب الأنصاري، وقد قصد أبو ايوب هذه البقعة، ونزل هنا، فكان هذا القول يلهب الجند، ويشعل في نفوسهم أشد الحماس والحمية كما خطب فيهم السلطان الفاتح وطلب منهم ان يلتزموا بتعاليم الإسلام في فتح المدن لا يمسوا الصبيان والرهبان والعزل من الناس . وكان العثمانيون يصلون طوال اليوم والليلة التي سبقت الهجوم العام ويتضرعون إلى الله طالبين منه النصر والشرف العظيم في فتح هذه المدينة.
وفي هذه الأثناء كان البيزنطيون خلف الاسوار يصلون طوال الليل ويدعون أوثانهم طالبين منهم النصر على العثمانيين. يقول نيقولو باربارو: ( وطوال الليل والنهار أخذ الأتراك في الصلاة إلى إلاههم، من أجل ان يجلب لهم النصر ولأجل غزو مدينة القسطنطينية، أما نحن المسيحيين، فظللنا طوال الليل والنهار نصلي للرب، ولكافة القديسين في السماوات. كنا نصلي لهم ونبتهل بالدموع إليهم لكي يمنحوننا النصر ولكي نفر من وجه أولئك الأتراك الذين يتملكهم الغضب الشديد ). وفي ليلة الهجوم الأخير زار السلطان العثماني خيمة شيخه شمس الدين آق الذي كان يرافق جيشه في تلك المعركة محرضاً ومقاتلاً لكن حراس خيمة الشيخ شمس الدين آق أخبروا السلطان برفض الشيخ دخول احد عليه في ذالك الوقت فغضب السلطان واستل خنجره وشق جدار الخيمة، ونظر إلى الداخل فإذا شيخه ساجد لله سجدةً طويلة، وعمامته متدحرجة من على رأسه، وشعر رأسه الأبيض يتدلى على الأرض، ولحيته البيضاء تنعكس مع شعره كالنور، ثم رأى السلطان شيخه يقوم من سجدته تلك والدموع تنحدر على خديه، فقد كان يناجي ربه ويسأله النصر والفتح القريب. فقرت بذالك عين السلطان وعاد إلى خيمته.
وعند طلوع فجر اليوم الاخير من ايام الحصار، وبعد ان قام الجيش المسلم ليلته تلك كلها في الصلاة والدعاء امتطى السلطان الفاتح صهوة جواده وقسم جيشه لثلاثة فرق كل فرقة تتكون من خمسين ألف جندي كانت مهمة المجموعة الأولى منهم هي نصب السلالم على الأسوار، فاندفعوا نحوها بعنف وسهام البيزنطيين تكاد تحجب ضوء الشمس من فوقهم حتى تمكنوا ببسالة من وضع السلالم في اماكنها ثم اندفعت الفرقة الثانية فحاولت تسلق الأسوار ببسالة وشجاعة نادرة لكن صمود المدافعين البيزنطيين حال دون ذالك فسقطت اعداد كبيرة من الضحايا من الجانبين واستمرت محاولة الفرقة الثانية ساعتين كاملتين لكنها لم تنجح في تسلق السلالم التي كان البيزنطيون يقلبونها فور وضعها فأمر السلطان محمد الفاتح بانسحاب الفرقة الثانية ثم دفع بالفرقة الثالثة التي تكونت من خمسين ألفاً من المجاهدين المحترفين في القتال وهم الإنكشارية الذين كانوا منذ صغرهم يتدربون في معسكرات خاصة ويلقنون فيها حب الجهاد وحب الشهادة في سبيل الله وفنون الحرب والقتال، اندفعت هذه الفرقة الثالثة نحو الأسوار البائسة فتسلقوها بسرعة واشتبكوا مع المدافعين بضراوة حتى ازاحوهم عن اماكنهم وبدأت الهزيمة الفعلية. يقول نيقولو باربارو:
( قامت الفرقة الثالثة بالهجوم على أسوار المدينة البائسة، ولم يكن جنودها يحاربون كالأتراك، بل كانوا يحاربون كالأسود الضارية، وكانت صيحاتهم تبدو كشيء له مثيل في هذا العالم. وتم سماع صيحاتهم في الأناضول على بعد اثني عشر ميلاً من معسكرهم. وتألفت الفرقة الثالثة من محاربين محترفين، وجدو ان الرجال المدافعين عن المدينة قد اصيبوا بالتعب والإرهاق الشديد، وعبر صيحاتهم وصراخهم المدوي الذي انطلق في ميدان المعركة، تسببوا في نشر الذعر في كافة أرجاء المدينة، وسلبوا من شجاعتنا بواسطة صراخهم والجلبة العالية التي احدثوها. وهكذا وفي خلال ربع الساعة، كان هنالك اكثر من ثلاثة آلاف تركي بداخل الحصون الامامية، مع صراخهم الهائل الذي بدا كأنه الجحيم بعينه حتى انه سُمع في الأناضول ).
وبعد هذا الاقتحام البطولي ادرك البيزنطيون انها النهاية الحتمية فدقت الكنائس نواقيسها وانهار الناس في الطرقات وامتلأت المدينة بصياح النساء والصبيان وضجوا بالدعاء نحو أوثانهم لكن أنى يستجاب لهم وهم يدعون مع الله احداً غيره. استمر القتال العنيف حتى استطاع احد الأبطال الإنكشارية من رفع رآية التوحيد فوق احد الأبراج الشمالية للمدينة بطريقة بطولية حيث تسلق ذالك البرج ورماة السهام على الابراج الأخرى يحاولون منعه برميه بالسهام لكنه تمكن من الصعود وغرس الرآية في أعلى البرج وسقط على الفور تحتها صريعاً وفيجسده عشرات السهام التي أطلقت عليه من الابراج القريبة في محاولة منعه الفاشلة. لما رأى الامبراطور قسطنطين رآية العثمانيين ترفرف فوق احد ابراج المدينة أيقن انها النهاية فخلع ملابسه لكي لا يُعرف ونزل عن فرسه وقاتل حتى قُتل.
ولم تأت ظهيرة ذالك إلا والسلطان محمد الفاتح في وسط المدينة يحف به جنده، وقواده، وهم يرددون: ماشاء الله!. ثم عامل السلطان الفاتح اهل تلك المدينة بعدل ورفق الإسلام فأمنهم على انفسهم وطلب منهم العودة إلى بيوتهم بأمان ثم توجه نحو كنيسة آيا صوفيا ففتح له بعض الرهبان الباب وكان قد هرب إليها الكثير من النساء والصبيان فقال لهم: لا خوف عليكم وأمنهم على انفسهم فخرج بعض القساوسة ممن كانوا مختبئين في السراديب واعلنوا إسلامهم لما رأوه من رحمة ورفق وعدل المسلمين ثم قام الفاتح محمدبتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد فطُمست الصور والأصنام والصلبان التي كانت فيها وصلى فيها صلاة الجمعة وجعلها مسجداً لعاصة الإسلام الجديدة التي أطلق عليها إسم " إسلامبول ". وانتهت بذالك قصة ذالك الفتح العظيم، ونال بذالك السلطان الفاتح محمد الثاني وجيشه العظيم الشرف والثناء الكبيرين الذين وردا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الامير اميرها، ولنعم الجيش ذالك الجيش ).
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصادر:
1- سلسلة الحروب الصليبية - مجلد الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط للدكتور علي الصلابي
2- كتاب يوميات الحصار العثماني للقسطنطينية للطبيب البندقي نيقولو باربارو ترجمة الدكتور حاتم الطحاوي
3- كتاب محمد الفاتح لرمزي المنياوي "لم اخذ منه سوى شيء بسيط جداً"
هناك حوادث فارقة قليلة في التاريخ الإنساني، منها الفتح الإسلامي للقسطنطينية في منتصف القرن التاسع الهجري، ووجه الأهمية التي اكتسبها هذا الحدث التاريخي الفذ أنه حول عاصمة "قسطنطين الكبير" إلى عاصمة الإسلام "إسلامبول".ولم يكن هذا مجرد تغيير في إسم مدينة، وإنما كان تغييراً في مجرى التاريخ الإنساني بأسره، إذ أن المدينة التي بناها الإمبراطور قسطنطين الكبير لتكون منافسة لروما في المكانة الدينية والتي تحوي كنيسة آيا صوفيا معقل النصرانية الأرثذوكسية الشرقية في وقتها والتي حاول المسلمون فتحها 11 مرة قد وقعت أخيراً في أيدي الفاتحين المسلمين الذين غيروا مستقبلها وتاريخها إلى الأبد لتصبح عاصمةً للإسلام بدلاً من عاصمة النصرانية الشرقية ولتصبح كنيستها الكبيرة آيا صوفيا مسجداً للمسلمين لا يدعى فيه إلا بالوحدانية لله عز وجل بعد حصار وقتال عنيف استمر لأكثر من شهر كامل معلنين بذالك نهاية الإمبراطورية البيزنطية التي استمرت لـ 1500 عام والتي ناصبت الإسلام العِداء منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
محمد الفاتح
ولد محمد الثاني بن السلطان مراد الثاني في القصر السلطاني في العاصمة العثمانية أدرنة في يوم الأحد 27 رجب سنة 835 هـ .. خصص والده السلطان مراد الثاني عدة معلمين للإشراف على تعليم وتنشأة ابنه محمد الثاني وكان منهم الشيخ أحمد بن إسماعي الكوراني الذي كان له عظيم الأثر في حفظه للقرآن في مدة وجيزة وهو لم يبلغ الثامنة بعد كما جعله يتقن منذ طفولته اللغة العربية والعثمانية والفارسية قراءةً وكتابةً ومحادثةً وترجمة. وقد كان من ضمن العلماء الذين أشرفوا على تعليم الفاتح الشيخ الشريف محمد بن حمزة الدمشقي الملقب بـ " آق شمس الدين " الذي كان كثيراً ما يأخذ الامير محمد الثاني ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية الشاهقة التي تلوح في الأفق من من بعيد ثم يقول له : أترى تلك المدينة التي تلوح في الأفق؟ إنها القسطنطينية، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أمته سيفتحها بجيشه، ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه:
" لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذالك الجيش "
.مرت السنون والأمير محمد يتربى ويتعلم على يد هذين الشيخين الجليلين وينهل من وافر علمهما عقداً من الزمان.ثم رحل السلطان مراد الثاني سنة 855 هـ فتولى بعده إبنه الأمير محمد الثاني الخلافة وعمره لا يتجاوز التاسعة عشرة. عندما تولى الفاتح الخلافة أصلح شؤون الدولة فرتب شؤون الصرف في بيت مال المسلمين ومنع البذخ والترف في الإنفاق واهتم بكتائب الجيش العثماني آنذاك فأعاد تنظيمها، ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم، وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوفرة في ذالك العصر، كما اهتم بالأقاليم فعزل المقصرين من الولاة وأقر الصالحين منهم وطور البلاط السلطاني فكان لجهود الإصلاح الداخلي التي قام بها محمد الفاتح أبلغ الأثر في جاهزية الجبهة الداخلية العثمانية لبدء الإستعدادات لتحقيق حلم الفاتح الكبير في فتح القسطنطينية وضمها إلى أمة التوحيد والإسلام والذي غُرس فيه منذ طفولته على يد الشيخ آق شمس الدين.
وأعدو لهم ما استطعتم من قوة
قبل ان نشرع في ذكر استعدادت السلطان محمد لابد ان نذكر ضخامة وشدة تحصين القسطنطينية حتى لا يصاب بعضنا بالتعجب من ضخامة الإستعداد العثماني لفتحها. كانت القسطنطينية محاطة بالمياة البحرية من ثلاثة جبهات، مضيق البسفور ، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم في دخول السفن إليه بالإضافة إلى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بالقسطنطينية من الناحية البرية من شاطئ بحر مرمرة الى القرن الذهبي يتخللها نهر وكان بين السورين فضاء يبلغ عرضه 60 قدماً ويرتفع السور الداخلي منها 40 قدماً وعليه أبراج يصل ارتفاعها الى 60 قدماً وأما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه قرابة خمس وعشرين قدماً وعليه أبراج موزعة مليئة بالجند.
و بالتالي نستطيع أن نقول أن القسطنطينية كانت أحصن مدينة عرفها العالم القديم ولذالك استعصت على عشرات محاولات الغزو والتي كان منها 11 محاولة إسلامية سابقة. بذل محمد الفاتح جهوداً كبيرة في التخطيط والترتيب لفتح هذه المدينة الحصينة، فبذل جهوداً كبيرة في تقوية الجيش العثماني حتى أضحى واحداً من أكبر الجيوش في وقته، كما عُني عناية خاصة بتدريب ذالك الجيش على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للعملية الجهادية التاريخية المُنتظرة إتباعاً لقوله تعالى: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ).
كما اعتنى الفاتح بإعداد جنوده إعداداً معنوياً قوياً، وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على الجيش الذي سيفتح القسطنطينية، وتحريضهم على ان يكونوا هم ذالك الجيش المقصود بالحديث، مما أعطاهم قوة معنوية هائلة وشجاعة منقطعة النظير. كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم، وربطهم بالجهاد وفق أوامر الله عز وجل كما اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية فأحضر مهندساً مجرياً خبيراً بصنع المدافع وأمده بكل ما يحتاجه من مال ورجال فصنع مدافعاً عدة كان منها المدفع السلطاني الذي ذُكر عنه انه كان يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه من مكانه والذي لم تشهد الدنيا له مثيلاً من قبل.
كما اعتنى السلطان بالأسطول العثماني حيث عمل على تقويته وتحديث سفنه لكي يكون قادراً على فرض الحصار على القسطنطينية من الناحية البحرية. كما مهد السلطان محمد الطريق من أدرنة حيث معسكرات الجيش العثماني وحيث مصانع المدافع نحو القسطنطينية حتى تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها نحو القسطنطينية.
التحرك المُنتظر
بدأت طلائع جيش الإيمان والتوحيد، جيش الخلافة العثمانية تتحرك نحو القسطنطينية وفور ان علم الإمبراطور البيزنطي بذالك أسرع يطلب الهدنة ويرسل الهدايا لمحمد الفاتح محاولاً ثنيه عن مبتغاه وبذل في سبيل ذالك الكثير من المحاولات لكنه لم يفلح أما اصرار السلطان محمد على ضم القسطنطينية إلى أمة الإسلام، وبعد شهرين اكتمل وصول الجيوش العثمانية امام القسطنطينية في يوم الخميس 26 ربيع الأول عام 857 واكتمل عدد الأسطول البحري خلف السلسة الذهبية التي كانت تحجزهم عن العبور فخطب فيهم السلطان محمد خطبة قويةً حثهم فيها على الجهاد، وطلب النصر،
أو الشهادة في السبيل الأكرم، وذكرهم بالتضحية، وصِدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم الآيات والأحاديث النبوية التي تحض على فعل ذالك، كما ذكر لهم الأحاديث النبوية التي تبشر بفتح القسطنطينية، وفضل الجيش الفاتح لها، وأميره، وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين، فارتفعت أصوات الجند بالدعاء وارتفعت أصواتهم بالتكبير والتهليل بصوت مرتفع انخلعت له قلوب النصارى خلف الأسوار الحصينة. وكان العلماء مبثوثين في صفوف الجيش مقاتلين ومجاهدين معهم، مما أثر في رفع معنويات الجند حتى كل فرد منهم ينتظر القتال بفارغ الصبر ليؤدي ما عليه من واجب.وفي اليوم التالي قام السلطان الفاتح بتوزيع قواته أمام الأسوار الخارجية المدينة، مشكلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار حول المدينة كما نصب المدافع أمام الأسوار وكان منها المدفع السلطاني الضخم. كما كان البيزنطيون على أكمل إستعداد في الجانب الآخر خلف الأسوار فوزعوا الجنود على الأسوار الشاهقة كما وضعوا الإمدادات التي وصلتهم قبل بدء الحصار من الإمارات الصليبية في البحر المتوسط على اضعف نقطة في الأسوار نظراً لكفائتهم الحربية وتعصبهم الديني وأحكموا التحصينات وأحكم الجيش العثماني قبضته على جميع مداخل ومخارج المدينة.
ثم أمر السلطان الفاتح فبدءت المدافع تدك الأسوار الحصينة بالكرات المعدنية الضخمة تارة وبالصخور العملاقة تارة أخرى لمدة أسبوع كامل ليلاً ونهاراً، وقد كان لهذه المدافع ضرر عظيم على الأسوار كما كان لصوتها عظيم الأثر في نشر الرعب بين المدافعين عن الأسوار إذ لم يسمعوا بمثل هذه الأصوات المرعبة في حياتهم من قبل خاصة صوت المدفع السلطاني الضخم الذي كان يطلق قذائفاً تزن الواحدة منهن نصف طن والذي تسبب صوته في إغماء بعض النساء خلف الأسوار. ثم قام العثمانيون بعد ذالك بهجوم كبير على الأسوار مستترين بظلام الليل نحو ثغرة في الأسوار سببتها قذائف المدافع فاندفع فيها الجنود العثمانيون ببسالة وشجاعة منقطعة النظير وأُقيم سوق الجنة، وفُتحت أبواب الشهادة وفاز بها العديد من الجنود العثمانيين ولكن نتيجة لضيق تلك الثغرة والسيل المنهمر من القذائف والسهام وطلقات البنادق البيزنطية القادمة من خلف الأسوار اجبرهم على التراجع بعد ان سببوا رعباً للبيزنطيين خلف الأسوار. وكان البيزنطيون يحاولون ترميم الاماكن المتضررة من الاسوار بملئها بالأكياس والأواني المليئة بالتراب بعد كل هجوم عثماني. ولمدة اسبوع آخر ظلت المدافع تقصف الأسوار بشدة وظلت دفعات من الجنود العثمانين تحاول تسلق الأسوار الضخمه بعد كل زخة مدافع.يقول نيقولو باربارو أحد الأطباء الذين أتوا لمساعدة القسطنطينية على الصمود في مذكراته التي كتبها عن تلك المعركة:
( ولم تخل تلك الفترة من سقوط القذائف المعتادة على الأسوار ليلاً ونهاراً وبعض الإشتباكات التي قام بها الأتراك بشكل دائم مع الحراس الموجودين أعلى أسوار المدينة، حيث وصل الأتراك إلى أسفل الأسوار، وهم يلتمسون القتال، وبشكل خاص جنودهم الإنكشارية، الذين مثلوا جند السلطان التركي نفسه، ولم يكن أحد منهم يهاب الموت، وكانوا مثل الأسود الضارية، وإذا ما قتل واحد منهم او اثنين، كان زملاؤه يحضرون في الحال، ويخطفون جثث قتلاهم من تحت الأسوار ويحملونها على اكتافهم، في روح عالية ودون حذر، على الرغم من كونهم على مسافة قريبة من اسوار المدينة وقام رجالنا بتصويب بنادقهم على الأتراك، وكذالك رميهم بالسهام، فكانوا يسددون الطلقات على الجندي التركي الذي يقوم بنقل جثة رفيقه، مما كان يؤدي إلى سقوط كليهما صريعاً على الأرض.وعلى الرغم من هذا، كان الأتراك يحضرون ثانية، ويقومون بنقل جثثهم بعيداً، دون خوف من الموت، فقد كانوا يفضلون أن يتم قتل عشرة منهم عن معاناة العار الذي سيلحق بهم إذا ما تركوا جثة واحد منهم تحت الأسوار ).
ثم استمرت المدافع تقصف الأسوار طوال الاسبوع الثاني بشدة بعد فشل الهجوم الأول وبعد كل موجة قذائف تنطلق موجات من المجاهدين العثمانيين نحو الاسوار ولسان حال كل واحد منهم:
كفاحاً مع الكفار في حومة الوغى * * وأكرم موت للفتى قتل كافر
فكان بعضهم يٌقتل بالبنادق وكان بعضهم يٌقتل بالسهام وكان بعضهم تُصهر عظامه بسبب الزيت المغلي الذي كان البيزنطيون يسكبونه على من يحاول تسلق الأسوار و لم يكتب لأي من موجات الهجوم تلك ان تنفذ إلى خلف الأسوار.
عبقرية حربية فذة
وفي الاسبوع الثالث ووسط تكسر موجات الهجوم العثماني على أسوار القسطنطينية الحصينة ووسط فشل محاولات الاسطول العثماني لكسر السلسلة الذهبية التي كانت تحجزهم من محاصرة القسطنطينية من الجانب البحري لاحت للسلطان العثماني فكرة بارعة وهي نقل السفن من مواضعها خلف السلسلة الذهبية التي تغلق مدخل القرن الذهبي إلى داخل مياه القرن الذهبي عن طريق جر تلك السفن بالحبال فوق ألواح من الخشب دهنت بالزيت والشحم ووضعت على الطريق البري الموصل للقرن الذهبي فسحبت السفن العثمانية تحت جنح الليل مسافة ثلاثة أميال تتخللها الحقول والتلال المرتفعة حتى استقرت في مياه القرن الذهبي ولقد كان منظر هذه السفن بأشرعتها المرفوعة تسير وسط الحقول تحت ضوء القمر كما لو كانت تمخر عباب البحر من أعجب المناظر، وأكثرها دهشة وإثارة، وقد تم كل ذالك في ليلة واحدة.
فاستيقظ أهل تلك المدينة البائسة في الصباح التالي على تكبيرات العثمانيين المدوية، وهتافاتهم المتصاعدة، وأناشيدهم الإيمانية العالية، ولكنهم هذه المرة لم يسمعوا هذه الأصوات من الجهة البرية من الأسوار كما اعتادوا طيلة مدة الحصار السابقة، بل فجعوا بها وهي تأتي من السفن العثمانية التي تسللت لمياه القرن الذهبي وفق تلك الخطة البارعة . يقول أحد المؤرخين البيزنطيين:
( ما رأينا، ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الثاني يحول الأرض إلى بحار، وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلاً من الأمواج، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل الإسكندر الأكبر ).
وبعبور السفن العثمانية لداخل مياه القرن الذهبي تمكنت من إحكام الحصار التام الكامل حول القسطنطينية من ناحية البحر ما اضطر البيزنطيين لسحب جزء من قواتهم من الجزء البري من الأسوار لنشرها حول الجزء البحري منها إذ كانت العثمانيين من تلك الجهة التي أصبحت مهددة بالسقوط في أي وقت.
إنهيار المعنويات
وبعد نجاح خطة نقل السفن إلى مياه القرن الذهبي وقصف المدينة من الجهتين البرية والبحرية شدد العثمانيون من حصارهم للمدينة وبدء السلطان الفاتح بشن حرب نفسية على المدينة فأخذت المدافع تقصفها بشدة وتوالت موجات الهجوم العثماني على الاسوار من الجهتين البرية والبحرية ما أصاب المدافعين عنها بإرهاق نفسي وبدني شديدين فأصبحوا بالكاد يستريحون دون سمع اصوات تكبيرات الجنود العثمانيين الذين يتدفقون نحو الأسوار بعد كل موجة من قذائف المدافع. وخلال ذالك قام الإمبراطور البيزنطي بعقد مؤتمر لمحاولة إيجاد طريقة لفك الحصار عن لكن السلطان محمد الفاتح لم يدعه يفعل ذالك فقام بتوجيه هجوم ضخم نحو ثغرة في الأسوار فاندفع فيها ومعه ثلاثون ألفاً من الجنود ما اضطر الإمبراطور البيزنطي ان يلغي اجتماعه وان يسرع ومعه جنود الإحتياط نحو تلك الثغرة لصد الهجوم العثماني فاستمر القتال في تلك الثغرة يوماً كاملاً حتى انسحب العثمانيون منها واستمرت محاولات العثمانيين لاقتحام الأسوار طوال هذا الاسبوع من الجهتين البرية والبحرية. ثم قام العثمانيون بمفاجأة البيزنطيين من جديد بأسلوب جديد في اقتحام المدينة. يقول نيقولو باربارو:
( في ليلة الثامن عشر من مايو قام الأتراك ببناء برج قوي للغاية حيث عملت أعداد كبيرة منهم طوال الليل، حتى نجحو في تشييد ذالك البرج بحيث يصل طوله إلى مستوى أعلى من الأسوار الخارجية. وتم عمل هذا البرج بطريقة معينة بحيث لا يصدق أحد انه كان من الممكن ان يتم عمله بهذا الشكل. ودعوني أخبركم انه إذا ما رغب كافة المسيحيين في القسطنطينية في اقامة أي برج على هذا المستوى، فإنهم لن يستطيعوا اقامته في شهر واحد، لكن الأتراك فعلوها في ليلة واحدة ).
وقد ملئ العثمانيون هذه القلعة المتحركة بالرماة الذين اعتلوها واوجعوا البيزنطيين برميهم بالسهام كما ملؤها بالمجاهدين الفدائيين الاشداء ثم اقتربوا بها حتى ألصقوها بالأسوار فاندفع من فيها من المجاهدين الفدائيين نحو الأسوار ودار بينهم وبين المدافعين عنها قتال شديد حتى ظن الامبراطور قسطنطين ان هذا الهجوم هو نهاية إمبراطوريته لكن المدافعين عن المدينة كثفوا من قذف هذه القلعة المتحركة بالنيران حتى تمكنوا من حرقها فوقعت على الأبراج البيزنطية المجاورة لها فدمرتها وقتلت من فيها من المدافعين. ولم ييأس العثمانيون من فشل هذا الهجوم وتجلى ذالك في قول السلطان الفاتح في روح معنوية تناطح هام الجبال: غداً نصنع اربعاً أخرى.
واستمرت محاولات اقتحام المدينة وقصفها طوال الاسبوع الخامس حتى وصلت معنويات البيزنطيين لأدنى مستوياتها على الإطلاق.
فتح من الله .. ونصر قريب
كان كلا الطرفين يعلمون ان الهجوم العام قد آن أوانه فقد كانت اسوار المدينة البائسة قد تهدمت وتصدعت نتيحة لقصف متواصل استمر لأكثر من شهر ولم يبق منها شيء يكفي لصد الهجوم العثماني الاخير فأرسل محمد الفاتح رسالة للإمبراطور البيزنطي يطلب منه تسليم المدينة وله ولكل سكانها الامان لكنه أبى ورفض فكان علماء المسلمين وشيوخهم يجولون بين الجنود، ويقرؤون على المجاهدين آيات الجهاد والقتال، وسورة الأنفال، ويذكرونهم بفضل الشهادة في سبيل، وبالشهداء السابقين حول أسوار القسطنطينية، وعلى رأسهم أبو أيوب الأنصاري فيقولون للمجاهدين: لقد نزل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على بيت ابو ايوب الأنصاري، وقد قصد أبو ايوب هذه البقعة، ونزل هنا، فكان هذا القول يلهب الجند، ويشعل في نفوسهم أشد الحماس والحمية كما خطب فيهم السلطان الفاتح وطلب منهم ان يلتزموا بتعاليم الإسلام في فتح المدن لا يمسوا الصبيان والرهبان والعزل من الناس . وكان العثمانيون يصلون طوال اليوم والليلة التي سبقت الهجوم العام ويتضرعون إلى الله طالبين منه النصر والشرف العظيم في فتح هذه المدينة.
وفي هذه الأثناء كان البيزنطيون خلف الاسوار يصلون طوال الليل ويدعون أوثانهم طالبين منهم النصر على العثمانيين. يقول نيقولو باربارو: ( وطوال الليل والنهار أخذ الأتراك في الصلاة إلى إلاههم، من أجل ان يجلب لهم النصر ولأجل غزو مدينة القسطنطينية، أما نحن المسيحيين، فظللنا طوال الليل والنهار نصلي للرب، ولكافة القديسين في السماوات. كنا نصلي لهم ونبتهل بالدموع إليهم لكي يمنحوننا النصر ولكي نفر من وجه أولئك الأتراك الذين يتملكهم الغضب الشديد ). وفي ليلة الهجوم الأخير زار السلطان العثماني خيمة شيخه شمس الدين آق الذي كان يرافق جيشه في تلك المعركة محرضاً ومقاتلاً لكن حراس خيمة الشيخ شمس الدين آق أخبروا السلطان برفض الشيخ دخول احد عليه في ذالك الوقت فغضب السلطان واستل خنجره وشق جدار الخيمة، ونظر إلى الداخل فإذا شيخه ساجد لله سجدةً طويلة، وعمامته متدحرجة من على رأسه، وشعر رأسه الأبيض يتدلى على الأرض، ولحيته البيضاء تنعكس مع شعره كالنور، ثم رأى السلطان شيخه يقوم من سجدته تلك والدموع تنحدر على خديه، فقد كان يناجي ربه ويسأله النصر والفتح القريب. فقرت بذالك عين السلطان وعاد إلى خيمته.
وعند طلوع فجر اليوم الاخير من ايام الحصار، وبعد ان قام الجيش المسلم ليلته تلك كلها في الصلاة والدعاء امتطى السلطان الفاتح صهوة جواده وقسم جيشه لثلاثة فرق كل فرقة تتكون من خمسين ألف جندي كانت مهمة المجموعة الأولى منهم هي نصب السلالم على الأسوار، فاندفعوا نحوها بعنف وسهام البيزنطيين تكاد تحجب ضوء الشمس من فوقهم حتى تمكنوا ببسالة من وضع السلالم في اماكنها ثم اندفعت الفرقة الثانية فحاولت تسلق الأسوار ببسالة وشجاعة نادرة لكن صمود المدافعين البيزنطيين حال دون ذالك فسقطت اعداد كبيرة من الضحايا من الجانبين واستمرت محاولة الفرقة الثانية ساعتين كاملتين لكنها لم تنجح في تسلق السلالم التي كان البيزنطيون يقلبونها فور وضعها فأمر السلطان محمد الفاتح بانسحاب الفرقة الثانية ثم دفع بالفرقة الثالثة التي تكونت من خمسين ألفاً من المجاهدين المحترفين في القتال وهم الإنكشارية الذين كانوا منذ صغرهم يتدربون في معسكرات خاصة ويلقنون فيها حب الجهاد وحب الشهادة في سبيل الله وفنون الحرب والقتال، اندفعت هذه الفرقة الثالثة نحو الأسوار البائسة فتسلقوها بسرعة واشتبكوا مع المدافعين بضراوة حتى ازاحوهم عن اماكنهم وبدأت الهزيمة الفعلية. يقول نيقولو باربارو:
( قامت الفرقة الثالثة بالهجوم على أسوار المدينة البائسة، ولم يكن جنودها يحاربون كالأتراك، بل كانوا يحاربون كالأسود الضارية، وكانت صيحاتهم تبدو كشيء له مثيل في هذا العالم. وتم سماع صيحاتهم في الأناضول على بعد اثني عشر ميلاً من معسكرهم. وتألفت الفرقة الثالثة من محاربين محترفين، وجدو ان الرجال المدافعين عن المدينة قد اصيبوا بالتعب والإرهاق الشديد، وعبر صيحاتهم وصراخهم المدوي الذي انطلق في ميدان المعركة، تسببوا في نشر الذعر في كافة أرجاء المدينة، وسلبوا من شجاعتنا بواسطة صراخهم والجلبة العالية التي احدثوها. وهكذا وفي خلال ربع الساعة، كان هنالك اكثر من ثلاثة آلاف تركي بداخل الحصون الامامية، مع صراخهم الهائل الذي بدا كأنه الجحيم بعينه حتى انه سُمع في الأناضول ).
وبعد هذا الاقتحام البطولي ادرك البيزنطيون انها النهاية الحتمية فدقت الكنائس نواقيسها وانهار الناس في الطرقات وامتلأت المدينة بصياح النساء والصبيان وضجوا بالدعاء نحو أوثانهم لكن أنى يستجاب لهم وهم يدعون مع الله احداً غيره. استمر القتال العنيف حتى استطاع احد الأبطال الإنكشارية من رفع رآية التوحيد فوق احد الأبراج الشمالية للمدينة بطريقة بطولية حيث تسلق ذالك البرج ورماة السهام على الابراج الأخرى يحاولون منعه برميه بالسهام لكنه تمكن من الصعود وغرس الرآية في أعلى البرج وسقط على الفور تحتها صريعاً وفيجسده عشرات السهام التي أطلقت عليه من الابراج القريبة في محاولة منعه الفاشلة. لما رأى الامبراطور قسطنطين رآية العثمانيين ترفرف فوق احد ابراج المدينة أيقن انها النهاية فخلع ملابسه لكي لا يُعرف ونزل عن فرسه وقاتل حتى قُتل.
ولم تأت ظهيرة ذالك إلا والسلطان محمد الفاتح في وسط المدينة يحف به جنده، وقواده، وهم يرددون: ماشاء الله!. ثم عامل السلطان الفاتح اهل تلك المدينة بعدل ورفق الإسلام فأمنهم على انفسهم وطلب منهم العودة إلى بيوتهم بأمان ثم توجه نحو كنيسة آيا صوفيا ففتح له بعض الرهبان الباب وكان قد هرب إليها الكثير من النساء والصبيان فقال لهم: لا خوف عليكم وأمنهم على انفسهم فخرج بعض القساوسة ممن كانوا مختبئين في السراديب واعلنوا إسلامهم لما رأوه من رحمة ورفق وعدل المسلمين ثم قام الفاتح محمدبتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد فطُمست الصور والأصنام والصلبان التي كانت فيها وصلى فيها صلاة الجمعة وجعلها مسجداً لعاصة الإسلام الجديدة التي أطلق عليها إسم " إسلامبول ". وانتهت بذالك قصة ذالك الفتح العظيم، ونال بذالك السلطان الفاتح محمد الثاني وجيشه العظيم الشرف والثناء الكبيرين الذين وردا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الامير اميرها، ولنعم الجيش ذالك الجيش ).
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصادر:
1- سلسلة الحروب الصليبية - مجلد الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط للدكتور علي الصلابي
2- كتاب يوميات الحصار العثماني للقسطنطينية للطبيب البندقي نيقولو باربارو ترجمة الدكتور حاتم الطحاوي
3- كتاب محمد الفاتح لرمزي المنياوي "لم اخذ منه سوى شيء بسيط جداً"
تعليق